|
ستانسلافسكي من رواد فن التمثيل العالمي
عامر موسى ألربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1912 - 2007 / 5 / 11 - 06:54
المحور:
الادب والفن
ستانسلافسكي ، اسم معروف في أنحاء العالم ، وخاصة في مجال الفن المسرحي ، ( كوسنانتين سيرجيفيتش ستانسلافسكي ، 1863- 1938 ) ممثل روسي ، مخرج مسرحي ، معلم المسرح الحديث ، مدير مسرح موسكو الفني ، حاز على لقب فنان الشعب في الاتحاد السوفيتي آنذاك ، رفض أسلوب الحماس الخطابي للتمثيل من اجل مدخل أكثر واقعية ، ركز على القواعد النفسية لتطور الشخصية ، وأسس أستوديو الممثل على طريقته و منهجه ، الواقعية لا ترتبط كاتجاه في الفن المسرحي بكاتب أو مخرج من رجال المسرح الحديث ( مسرح القرن الحديث ) مثلما ارتبط باسم ستانسلافسكي وطريقته ومنهجيته في الواقعية السايكلوجية فهو أكثر من حققوا عن جدارة صفة العالمية بصورة عملية ، وحاز ستانسلافسكي على مكانته ليس بسبب عروضه التجريبية الرائعة أو أرائه السياسية الساخنة ، بل لأنه كان و بحق أول معلم تمثيل حقيقي ، أي أول من امتلك طريقة ومنهج في تدريب الممثل ، وقد كان ظهور ستانسلافسكي هو خطوة مهدت لها كافة خطوات التطور السابقة للمثل الجمالية ، للواقعية الروسية خلال القرن التاسع عشر ، فقد جاء إبداع المنهج تأسيساً على أفضل ما في التقاليد الفنية الروسية ( تقاليد إبداع جوحول ، بوشيكن ، لير منتوف ، ليو تو لستوي وغيرهم ) ألا انه يبدو أن التأثير الخاص على الصياغة الجمالية لنظرة ستانسلافسكي هو ماكان لكتابات ( تسيخوف وغور غي ) الدرامية ، وهي الواقعية التي تختلف بالمرة عن الطبيعة التي سادت المسرح الأوربي وحتى ذلك الوقت ، والتي فرضت على الكل مناهضتها لما فيها من سطحية وشكلية فارغة ، وكما يشير وكما يشير أن الواقعية ( لم تعد هي واقعية البيئة ، أو الصدق الخارجي بل واقعية الصدق الداخلي في حياة النفس الإنسانية ، واقعية المعايشة الطبيعية التي تتماشى بطبيعتها مع مشارف المذهب الطبيعي الروحي ) في أولى مراحله الفنية الأولى ، كان ستانسلافسكي ( ككل المبتدئين ) يقلد العديد من الممثلين الكبار ، وقد مثل في حياة عشرات الأدوار الكوميدية الغنائية الراقصة في الفودفيلات ، الاوبريتات التي كانت تقدمها حلقة الهواة التي كونتها عائلته ، وكان لهذا ميزة ، انه سرعان ما أدرك انه تقليد النماذج الأخرى مهما يكن فانه يقود إلى ثوابت شكلية ، أكليشيهات ) ، و أن البحث في الحياة و الطبيعة هو ما يقود الفنان إلى طريق واسع إلى الفن الحقيقي المتسع ، وهكذا قرر رفض الأسلوب الخطابي والحماسي للتمثيل من اجل مدخل أكثر واقعية ، مركزاً على القواعد النفسية لتطور الشخصية ، و على هذا الأساس أقام منهجه ( طريقته ) من خلال عمله في مسرحه ، مسرح الفن ( 1898 ) موسكو ، و لكن ما هي حقيقة هذا المنهج الذي أورثه ستانسلافسكي إلى تلامذته في العالم اجمع ، ليس في روسيا فقط ، يتألف المنهج وفق الخطة التي وضعها ستانسلافسكي نفسه لمؤلفاته في مدخل و قسمين : المدخل هو كتاب ( حياتي في الفن ) حيث يعرض فيه منطلقاته الأساسية في الفن المسرحي معتمداً على تجربته الذاتية. القسم الأول ويتألف من جزئين بعنوان ( عمل الممثل مع نفسه ) و هما : 1- أعداد الممثل في المعاناة الإبداعية ( الداخلية ). 2- في المعايشة و التجسيد ( الخارج ).
القسم الثاني هو كتاب ( عمل الممثل مع الدور ) أو ( إعداد الدور المسرحي ) ، هذا عدا أبحاثه و كتاباته النقدية في الفن المسرحي ، فن الأوبرا وأيضا رسائله ، ونشرت ( مجلة أفاق المسرح ) المصرية العدد 21 أن ( د. شريف شاكر المخرج والباحث السوري ، قام بترجمة هذين القسمين إلى العربية عن الروسية ، بعد أن كان متوفر من منهج ستانسلافسكي هو الجزء الأول في القسم الأول والمترجم عن الانكليزية ، وهو ما أدى لفترة طويلة إلى انتشار فهم منقوص و خاطئ لمنهج ستانسلافسكي من جانب المسرحيين العرب خاصة ). وتختلف طريقة أو منهج ستانسلافسكي عن غالبية الطرق المسرحية السابقة عليها ، كونها لا تطمح إلى دراسة النتائج النهائية للإبداع ، ولكن إلى تفسير الدوافع المؤدية إلى هذه النتائج أو تلك ، فمن خلالها تحل مشكلة ( السيطرة الواعية ) على العملية الإبداعية اللاواعية ، وتتبع خطوات عملية التجسيد العضوي التي يجريها الممثل للشخصية ، والمهم أنها لم تكن مجرد نظرية صرف بمعزل عن التجربة الكلية الإبداعية و التعليمية لستانسلافسكي نفسه ، ولمسرحه ، وقد سماها ( فن المعايشة ) ، ولا يعني هذا الاصطلاح الذي عانى من التباسات كثيرة ، أن يفقد ( الممثل نفسه في الشخصية ، بل يعني إلى ما اشرنا إليه في عملية ولادة أو خلق الممثل لـ ( شخصية إنسانية جديدة ، على أساس من الصفات الفردية الخالصة ، أي يخضع الممثل ذاته و أفكاره ومشاعره لجميع الدقائق وخصائص إنسان أخر ). فالصدق الذي يسعى إلى تحقيقه الممثل وفقاً لهذه الطريقة ، وليس هو بالمرة صدق واقعي ، بل هو الصدق الفني ، الذي يؤمن الممثل بوجوده في نفسه وعند الآخرين من فريق العمل المسرحي وبدون هذا الصدق لا وجود للعمل الفني الخلاق على المسرح ، فهو يؤكد على ( المنحى الخيالي ) الذي يرتبط به ، حيث أكد على العمليات الداخلية لدى الممثلين ، وأكد على الوسائل التي يستطيع الممثلون من خلالها استحضار في مجال خبراتهم و المواقف والانفعالات التي يمر بها الكاتب المسرحي ومحاولة أن يجعل من الشخصيات المسرحية التي تشعر بها ، وتمثيل الممثل ما يمكن أن يكون عليه هذا الدور في الموقف الدرامي على المسرح ، ويفكر قائلا ( ما الذي ينبغي أن افعله ) واستخدام ( لو) السحرية التي يعتبرها ستانسلافسكي هي المفتاح الخاص الذي يفتح باب التجسيد الخيالي للمشاعر والانفعالات وعلى نحو يتم بالكفاءة ، وهناك أيضا ( المذاكرة الانفعالية ) التي توكد على محاولة الممثل والممثلين تذكر المناسبات التي حدثت فيها ، أو من خلال حياتهم والظروف المماثلة لها في المسرحية ، بعدها يعيدوا تكوين أو إيقاظ ذلك الانفعال الذي كانوا يشعرون به من خلال ذلك الزمن الماضي ، و دمج الانفعال والإيماءات التي احى بها أو استثارتها في المشهد الدرامي الآني وبشكل مناسب ، أي تكيف ما في داخله بما يتناسب مع الدور ، مع التأكيد على تجنب ( الإحساس المتطرف ) الذي يبديه الممثل على خشبة المسرح ، لما له من تأثير سلبي في إيقاف التواصل مع المشاهد ( المتلقي ) ، كما يقول ( لكل لحظة فعل يرتبط بشعور محدود ، وكل شعور يستدعي بدوره فعلاً محددا ، أي يعرف من أين هو آت و لأي سبب موجود ، وعكسه فان ما يقوم به عبارة عن شعوذة وليس فعلا نموذجيا ، أي انه أدرك أن عليه جعل منهجه يعمل وفق ( من الداخل إلى الخارج ) ، والفعل ألبدئي الفيزيولوجي هو نقطة الانطلاق في خلق أو تخليق الشخصية ، إذ كيف يمكن البدء مع الممثل من ( الخارج إلى الداخل ) بدون دور مكتوب ؟ ، أن الارتجال الوسيلة الناجحة التي اكتشفها ستانسلافسكي أنها قوة دافعة لخيال الممثل ، وهو تأكيد للدخول إلى الحياة الشخصية الداخلية ، بصورة أكثر صدقا و هو الأساس في حل المقارنة القائمة في فن الممثل ، الوهم – الحقيقة / الخيال – الواقع . أي بالانتصار للواقعية وللحقيقة السايكلوجية ، وجعل الشخصية الخيالية تصبح شخصية واعية ، بواسطة خلق ( حياة الروح الإنسانية ) من روح الممثل. وفي قميص الشخصية أي ( موّلد كائن أنساني لا سيما في هذه الحالة الخاصة ، الإنسان – الدور ).
1- أعداد الممثل . 2- أعداد الممثل ، في المعاناة الإبداعية ، د.شريف شاكر – مجلة آفاق المسرح. 3- نظرية المسرح الحديث ، اريك بنتلي .
#عامر_موسى_ألربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سينوغرافيا.... تشكيل ألصورة ألمسرحية
-
سينوغرافيا...تشكيل ألصورة ألمسرحية
-
ألمسرح و ألمسرحيون في ألبصرة
-
منظمات ألمجتمع ألمدني في ألبصرة - واقع و تساؤلات
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|