أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الحجاب الإسلامي.. وفساد المجتمع















المزيد.....

الحجاب الإسلامي.. وفساد المجتمع


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 11:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في المقال السابق تمت الإشارة إلى مسألة ارتداء الحجاب الإسلامي والتأكيد على أنها من عرضيات الدين وليست من ذاتياته، وأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالسلوك الاجتماعي للمجتمع العربي الذي نزلت أثناءه الآيات القرآنية، وأنها تتماشى مع الظروف الحياتية للإنسان العربي آنذاك. كما تمت الإجابة على سؤالين أساسيين بالنسبة لموضع الحجاب وهما: هل يعتبر الحجاب الحصن الحصين للمرأة؟ وهل له علاقة مباشرة بحفظ كرامتها وإنسانيتها؟
وسوف نستكمل هنا الإشارة إلى المحور الأخير المتعلق بتأثير عدم ارتداء الحجاب الإسلامي على سلوك المجتمع، وهل يؤدي عدم الالتزام به إلى فساد المجتمع، أم أن "فرضه" يؤدي إلى الفساد؟ وهل كل مجتمع غير ملتزم بالحجاب هو في المحصلة مجتمع فاسد؟ وهل توجد مجتمعات فاسدة أخلاقيا رغم أن غالبية نسائها محجبات؟
لو تمعنا في الجرائم التي تؤدي إلى فساد المجتمعات أخلاقيا، لوجدناها جميعا لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بلبس أو عدم لبس المرأة للحجاب. فجميع الذين يدعّون أن ترك الحجاب هو أحد أسباب الفساد، فشلوا في طرح أمثلة تثبت مزاعمهم. فمثلا، لا علاقة للحجاب بالمشكلات التي تكون المرأة عنصرا رئيسيا فيها، كقضية الدعارة التي تبيّن الصور والمشاهد التي توردها الصحف في الكويت حين القبض على بعض شبكاتها أن العديد ممن يتم اعتقالهن يضعن الحجاب على رؤوسهن.
وعلى الرغم من أن مفهوم الفساد نسبي، ويختلف تفسيره من مجتمع إلى آخر ومن زمن إلى زمن، إلا أن جميع تلك المتغيرات لم تكن سببا في ربط الفساد بترك الحجاب، وإنما الفساد الأخلاقي له أسبابه المتعلقة بعوامل مختلفة ومتباينة يأتي على رأسها الاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي والظلم الاجتماعي. ففي المجتمعات العربية والإسلامية، والمجتمع الكويتي بالذات، لا أدلة أو أرقاما تثبت أن "فرض" الحجاب على الخادمات القادمات للعمل في المنازل ساهم في التقليل من الفساد الاجتماعي والأخلاقي، بل سوء معاملة الأسر للخدم يبدو، حسب تقارير المنظمات الدولية، هو السبب الرئيسي لانفلات عقال الهدوء الاجتماعي المسبب في مرحلة لاحقة إلى الهروب من المنزل والتعدي على قانون البلاد، من أجل التخلص من ظلم المخدوم وصولا في بعض الأحيان إلى التسفير من البلاد وفي معظم الأحيان إلى حالة من اللامبالاة بل والفساد في المجتمع للحصول على القوت اليومي.
من جانب آخر، فإن "فرض" الحجاب كان ولا يزال من الظواهر المسببة في الفساد بالمجتمع. وقد طرق باب مجتمعات عربية وإسلامية، ومنها المجتمع الإيراني الذي "فرض" على نسائه لبس الحجاب استنادا إلى نظامه السياسي الديني ودستوره القائم على فقه شيعي، وذلك بهدف الدخول في منطقة أدى خلالها هذا "الفرض" إلى فساد اجتماعي، وهو خير مثال على ما نقول، حيث تتشابه تلك التجربة مع العديد من التجارب العربية والإسلامية.
ففي إيران بدأت حملة الشهر الماضي ضد كل امرأة لا تلتزم بأسس اللباس الإسلامي وفق القوانين الدينية الواردة في الدستور الإيراني. ووصف مسؤولو أمن إيرانيون يديرون هذه الحملة النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإسلامي بأنهن إما مريضات نفسيا، أو يفتقدن هويتهن الدينية ويسعين لنشر الفساد الأخلاقي، أو متهيجات ويسعين لإخراج هياجهن بعدم التزامهن بقوانين اللباس الإسلامي. وفي نظر هؤلاء المسؤولين فإن أي امرأة تضع على رأسها قطعة قماش صغيرة لا تغطي كامل شعرها، أو أن بنطالها قصير بحيث يظهر جزءا من رجلها، وأن لباسها الإسلامي (المانتو) قصير أيضا، فإنها تعتبر من النساء المنحرفات ومن المريضات نفسيا وفاقدات الهوية الدينية!!. (هل مواصفات اللباس هذه لها علاقة بالفساد الاجتماعي والأخلاقي؟).
وعلى الرغم من أن مسؤولين إيرانيين قالوا إن الحملة ضد غير الملتزمات بالحجاب تهدف إلى تأمين الأمن الداخلي والمحافظة على أخلاق المجتمع، إلا أن الباحثة الإيرانية فريبا داودي مهاجر (وهي بالمناسبة محجبة) قالت في تعليق لها في موقع "روز" الإلكتروني منتقدة الحملة: "لماذا لم يوجه أفراد وزارة الداخلية وقوات الأمن ضرباتهم (بدلا من الحملة ضد "مسيئي" لبس الحجاب) نحو القوى التي تستغل المرأة الإيرانية أكبر استغلال وتصور منها أفلام فيديو خلاعية (أفلام البورنو الإيرانية) وتبيعها وتنشرها في المجتمع لتستفيد منها اقتصاديا؟". فالباحثة الإيرانية توجه أصابعها نحو قضية الفساد الحقيقية لا المزيفة، مؤكدة أن على وزارة الداخلية الإيرانية أن تركز على مواجهة قوى الفساد الاجتماعي والأخلاقي الرئيسية، بدلا من تركيزها على قضية لا ترتبط بذلك الفساد. وتضيف مهاجر: "لماذا لا توجه وزارة الداخلية الإيرانية هجومها على العصابات التي تختطف البنات والنساء الإيرانيات وتعتدي على شرفهن؟ فأخبار تلك الحوادث تنتشر في صفحات الجرائد كل يوم".
وتقول مهاجر، في إشارة إلى ضرورة وضع الأصبع على جرح الفساد، وهو جرح لا صلة له بلبس الحجاب أو بتركه: "إذا كان نوع لباس المرأة وحجابها يساهمان في تأمين الوضع الداخلي والأمني للمجتمع، فلماذا في مدينة قم المقدسة (المدينة الدينية)، والتي يعكس مظهرها الخارجي اللباس الإسلامي المتشدد والشادور الأسود وما يسمى بالحجاب الأمثل، تم في الشهر الماضي العثور على أكبر شبكة من شبكات تهريب الفساد ونشر الخلاعة؟ ألا يدل ذلك على أنه يجب الإشارة إلى عوامل أخرى لا إلى الحجاب لبيان أسباب الفساد الاجتماعي والأخلاقي". ثم تتساءل، موجهة سؤالها إلى القيادات الأمنية الإيرانية: "المسؤولون الأمنيون يتوعدون البنات والنساء اللائي لا يلتزمن باللباس الإسلامي بمواجهة متشددة، لكن هذه المواجهة لم نرها حتى ضد متعاطي المخدرات الذين نراهم عند كل حارة وطريق". إن المثال المتعلق بمدينة قم يثبت بما لا يدع مجالا للشك وجود مجتمعات فاسدة أخلاقيا رغم أن غالبية نسائها محجبات.
إن مهاجر توجه سؤالا آخر إلى قيادات بلادها الأمنية، فتقول: "لماذا لم تقم أجهزة الأمن في وزارة الداخلية الإيرانية بدورها في وضع خطط واقعية وصارمة لتعقب شبكات الدعارة التي تستغل البنات والنساء اقتصاديا وتهربهن إلى دبي وبعض دول الخليج من أجل الاستفادة منهن في تجارة الرقيق الأبيض". وتضيف أنه "حينما تتمنى القيادات الأمنية أن تؤدي الحملة ضد المسيئين للباس الإسلامي إلى التقليل من ظاهرة اللباس غير الإسلامي، ألا تتساءل تلك القيادات لماذا يتوجه المجتمع الإيراني بسرعة نحو عدم الالتزام باللباس الإسلامي؟ وفي ظل وجود رقابة حكومية على مسألة اللباس الإسلامي والحملات الدورية للشرطة ضد غير الملتزمات بالحجاب وتأكيد الحكومة على أهمية احترام اللباس الإسلامي، لماذا كل ذلك لم يؤد إلاّ إلى نتائج عكسية؟". إن الإجابة باختصار هي أن علة الفساد الاجتماعي في المجتمعات لا تتعلق لا من بعيد ولا من قريب بالحجاب.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاب الإسلامي.. من عرضيات الدين
- الدبلوماسية تؤتي أكلها بين طهران وواشنطن
- من أجل دين يرفض الوصاية على العقل
- حول انفتاح الديمقراطيين على طهران ودمشق
- الدين ضحية لصراع -الهوية- السني الشيعي
- تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته
- تأشيرة نجاد تزيد عزلة ايران
- عصر البدعة.. لا التبعية والتقليد
- الحداثة والتفسير الغيبي.. والتقليد
- . الفقهاء ورجال الدين مساهمون نشطون في تخلف المجتمعات
- لماذا يعارض الفقهاء التجدد؟
- الحب العنيف.. المتطرف
- الدين حينما يكون غير إنساني
- الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد
- الفهم الديني غير المسؤول: الموقف من حزب الله نموذجا
- بوش يتخبط.. لكن ماذا عن الإسلاميين؟
- التعددية في بعدها السياسي
- التعددية في بحر وجودها وتعريفاتها
- مناخ التعددية عبر التاريخ
- متى يتوقف نبض الحياة المتحرك


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الحجاب الإسلامي.. وفساد المجتمع