أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - بين نقص الغذاء وتلوثه أي غد ننتظر؟















المزيد.....

بين نقص الغذاء وتلوثه أي غد ننتظر؟


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في افتتاح الاجتماعات الدولية لمنظمة "الأيزو" العالمية لسلامة الغذاء "اللجنة الدولية واللجنة الأوروبية" التي أقيمت لأول مرة في مصر قبل أيام ( من 23 إلى 27 ابريل). أكد المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة وزير التجارة والصناعة إن الحكومة المصرية تولى اهتماما خاصا بتوفير غذاء صحي وآمن للمواطنين وفقا لمواصفات الجودة العالمية. وقال الوزير إنه يجرى حاليا الإعداد لإنشاء الهيئة المصرية لسلامة الغذاء التي ستتولى عملية الرقابة على إنتاج وتداول وتوزيع الأغذية... وذلك على نمط منظمة الأغذية العالمية .
وفي نفس الفترة تقريبا، تقدم إبراهيم أبوعوف عضو مجلس الشعب بطلب إحاطة عاجل يطالب فيه بالتحفظ داخل مطحن سندوب على كميات من القمح تم التصريح بدخولها محافظة الدقهلية وطحنها، بعدما أثبت تقرير لجنة الخبراء العليا المشكلة بقرار من النيابة العامة بالمنصورة وجود عينات مثقوبة بنسبة 25% من إجمالي الكمية تحتوى على بذور حشائش سامة تقدر بنسبة 75 حشرة للكيلو الواحد من بينها خنفساء الدقيق التي تفرز مادة تسبب سرطان الكبد. تقرير المركز القومي للبحوث منذ أيام قليلة وتحديدا في 17 أبريل الجاري ليؤكد أن القمح لا يصلح للاستخدام الآدمي والحيواني نظرا لتعفن القمح وتحلله. ولا شك أن الحديث عن وجود قمح مسرطن داخل مطاحن البلاد أمر يدعو للفزع، خصوصا وأن رغيف العيش أمر لا يستطيع المواطن المصري ـ مهما كانت طبقته الاجتماعية ـ الاستغناء عنه، ناهيك عن أنه أصبح تقريبا الغذاء الرئيسي لملايين المصريين الذين لم يعودوا يجدون "الغموس" (تفيد تقارير متعددة أن نسبة المواطنين المصريين الين يعيشون تحت خط الفقر تتراوح بين 33 و39 في المائة). ويزيد الأمر سوءا أننا لا نستطيع أن ننصح من لا يجدون رغيف العيش الصحي، باستبداله بالكرواسان أو "الجاتوه" وفقا للنصيحة المشهورة لخالدة الذكر ماري أنطوانيت، لأنه من المحتمل أن تتسرب إلى بعض المخابز التي تنتج هذه الأنواع، كميات من القمح المسرطن التي دخلت محافظة الدقهلية، وهي تبلغ وفقا لما أعلنه النائب المذكور ثلاثة آلاف طن.

أرقام مفزعة

ومنذ عدة أسابيع بشرتنا حملة صحفية بأننا وأولادنا نتغذى، منذ سنوات، على ألبان وأجبان مغشوشة بمواد تسبب السرطان، وقبلها كان الحديث الذي لم ينته حتى الآن عن دخول مبيدات حشرية وبذور زراعية إلى مصر وهي تحتوي عل قدر لابأس به من المواد المسببة للسرطان وغيره من الأمراض العضال كالفشل الكلوي وأمراض الكبد وما إلى ذلك.
فلم يكن مستغرب أن تنتشر الأمراض المهلكة هذا الانتشار الملحوظ وبهذه الكثافة التي نشهدها منذ نحو عقدين تقريبا. فعلى سبل المثال نقلت جريدة الدستور قبل أيام تصريح للدكتور مصطفي طلبة ـ وهو أول رئيس لأكاديمية البحث العلمي و سكرتير مساعد المنظمة الدولية لحماية البيئة و رئيس لجنة المبيدات في وزارة الزراعة ـ أن عدد المصابين بالسرطان في مصر يساوي نصف عدد المصابين بنفس المرض في البلدان النامية مجتمعة، وأرجع الدكتور طلبة ارتفاع هذه النسبة إلى انتشار المبيدات الزراعية المغشوشة، مشيرا إلى وجود 5000(خمسة آلاف) منفذ لبيع المبيدات المغشوشة بعيدا عن أجهزة الرقابة. كما لم يعد من المستغرب أيضا أن تزيد معدلات الإصابة بالفشل الكلوي من 10 حالات في المليون عام 1974 إلى 225 حالة في المليون عام 2004، وفق إحصائيات وزارة الصحة، التي قدرت أن حوالي 20% من وفيات الأطفال تحت سن الخامسة في المناطق الريفية بسبب مرض الإسهال، ومما يضاعف من خطورة الأمر تأثر النمو العقلي والعصبي والنفسي والاجتماعي للأطفال الذين يبقون على قيد الحياة؛ فتقل قدرتهم على الإدراك والتحصيل الدراسي وبالتالي يتعرض رأس المال البشري للتدمير.

فإذا أضفنا إلى الكوارث الصحية التي تهدد المواطن المصري بفعل الفساد وضعف أو انعدام وجود آليا الرقابة الفعالة، عاملا آخر هو ارتفاع معدلات الفقر ـ التي لم يعد من الممكن إنكارها أو التغاضي عنها بعدما سجلت مصر رابع أكبر معدلات الفقر في أفريقيا والشرق الأوس وفقا للإحصاءات الدولية ـ سنجد أن نسبة كبيرة من المصريين باتوا يعانون من أمراض سوء التغذية الناتجة عن قلة الحال ـ دع جانبا ضعف الثقافة الغذائية ـ ففي دراسة للدكتور مصطفى أحمد صالح الباحث في الكيمياء الحيوية وأمراض النقص الغذائي ورئيس معمل أبحاث صحة الحيوان بالوادي الجديد جاء ما يلي "أجريت العديد من دراسات التغذية في مصر على نقص عنصر اليود منذ عام 1932م حتى عام 1992م عن طريق معهد علوم الأغذية والمعهد العالي للصحة العامة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية حيث استنتجت هذه الدراسات توطن التورم الدرقي في مناطق محددة في مصر وخاصة الوادي الجديد وبعض محافظات الجنوب." ويبدو الأمر أكثر خطورة عندما يتعلق بالأطفال حيث يعانى عدد كبير من الأطفال من نقص الوزن بالنسبة للسن خاصة فى الصعيد وهو ما يرجع ـ كما يقول بيان لمركز حقوق الطفل المصري ـ لعدم توافر الطعام الصحي ونقص شهية الأطفال وإصابتهم بالطفيليات، هذا بالإضافة إلى أن 5.14% من أطفال المدارس يعانون من قصر القامة مقارنة بالسن وهو ما يرجع إلى عامل التغذية بجانب عامل الوراثة حيث أثبتت الدراسات العلمية أن الأطفال الذين يعانون من قصر القامة يحصلون على أقل من 50% من احتياجاتهم اليومية من الغذاء، هذا بالإضافة إلى انتشار تسوس الأسنان بين أطفال المدارس والذي وصلت نسبته إلى 5.67%.
ففى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتل مصر المرتبة الخامسة كأعلى معدل للوفيات دون الخامسة ولا يفوقها في معدل الوفيات دون الخامسة إلا ثلاثة من أفقر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وهى جيبوتى والسودان واليمن بالإضافة إلى العراق الذي كان يعانى من العقوبات ثم تداعيات الاحتلال وأعمال العنف! فيما أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن نسبة انتشار مرض الأنيميا فى مصر قد وصل إلى 40% بالنسبة لأطفال المدارس، في حين ارتفعت معدلات أمراض السمنة في مرحلة ما بعد سن البلوغ. وتوضح التقديرات أن هناك طفلا من كل عشرين طفل يموت في مصر قبل الخامسة من عمره بسبب أمراض سوء التغذية ، وحسب البيانات المتواترة من عدة مصادر، تبين إن معظم الأطفال الذين يموتون دون الخامسة والذين تعثر نموهم نتيجة إصابتهم بواحد أو أكثر من الأمراض التي تصيب الأطفال بسبب نقص الغذاء أثناء مرحلة طفولتهم الأولى يقعون بين الفقراء . أضف إلى ذلك، أن 38.2 مليون نسمة من سكان مصر لا تصلهم خدمات الصرف الصحي حتى الآن ومعظمهم من سكان الريف البالغ عددهم 41.629 مليون نسمة، بما يعادل 57.36% من جملة تعداد مصر.


بركان خامد إلى حين

وهكذا، يجتمع الفساد الآمن من الرقابة والحساب، مع الفقر ليسلطا حزمة من الأمراض الفتاكة على جسد الملايين من المصريين. ويجري هذا في الوقت الذي تسحب الدولة فيه يدها من كل ما تعارفت عليه المجتمعات ـ شرقا وغربا وشمالا وجنوباـ من مسئوليات اجتماعية. ولا يحتاج الأمر للكثير من القدرة على التخيل لتصور قتامة الصورة بالنسبة لمستقبل جيل من الأطفال والشباب الذي تفتك بجسده أمراض ناتجة عن سوء التغذية إما بسبب الفساد الذي أدى إلى تلوث ما نتناوله من غذاء أو الفقر الذي حال بين أبنائنا وبين الحصول على احتياجاتهم من المكونات الغذائية السليمة. وذا كنا ندرك جميعا دقة العبارة التي كانت تكتب على ظهر الكراسات المدرسية، وعلى جدران ملاعبنا المدرسية ـ أيام كانت المدارس تحتوي ملاعب ـ "العقل السليم في الجسم السليم"، فأي نوعية من الشباب نعدها لولي مسئولية النهوض بهذا البلد؟ أي نوعية من العلماء والرياضيين والفنانين والمفكرين والساسة ورجال الاقتصاد والفكر والتعليم والقانون والجيش، نرجوها من جيل لم ينعم بجسم سليم حصل على احتياجاته من الغذاء الصحي؟ ولا شك أن التذرع بالزيادة السكانية لم يعد مقنعا مع ما نراه من دول تملك أعدادا أكبر من السكان، لكنها حولت هذه الزيادة إلى نعمة بدلا منها نقمة، واستطاعت استثمارها كأيد عاملة تضيف إلى موارد البلاد بدلا من أن تنتقص منها.

ومن هنا تبدو أهمية تصريح وزير التجارة والصناعة الذي بدأنا به حديثنا، وضرورة أن تتحول هذه التصريحات إلى واقع ملموس في أسرع وقت ممكن ـ الآن وليس غدا! ـ فالرقابة على ما يتناول المواطنون من طعام صارت حاجة ملحة تمس أمن البلاد القومي وتمس صحة الأجيال الحالية والقادمة، وتؤثر على نوعية الثروة البشرية التي نأمل أن تنهض باقتصاد البلاد. على أن تتولى هذه الرقابة هيئة تابعة للدولة يهمها في المقام الأول حماية المواطنين. غير أن إنشاء هذه الهيئة لا بد أن يواكبه في نفس الوقت، بذل كل الجهود لمكافحة الفقر، وتوفير الحد الأدنى من المعيشة الكريمة للمواطنين، فليس أخطر على أمن الوطن من زيادة أعداد الجوعى والمرضى والفقراء.. الذين ليس لديهم ما يخشون فقدانه، وقست قلوبهم بفعل اليأس من إمكانية الحصول على أية حقوق أو تحقيق أية أحلام.. وهؤلاء بالتحديد هم البركان الخامد إلى حين، وعندما يثور، لن يفيد وقتها ندم.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دع الشعارات.. وابحث عن النفط
- العنف المسلح يكشف وجها آخر للديمقراطية الأمريكية
- العراق الذبيح على درب الآلام
- هل يصلح الاقتصاديون ما أفسده الساسة؟
- نجيد إطلاق المبادرات ونفشل في مواصلتها
- عندما تتخلى الدولة عن الرعاية ويختفي الدور الاجتماعي لرأس ال ...
- ..إلا طعام الفقراء!
- ..شاهد من أهلها
- الذهب الأسود الإثيوبي والذهب الأبيض المصري
- زيارة بوتين.. وفرصة لعلاقات متكافئة مع الكبار
- تركمانباشي ..ديكتاتور تغافلت عنه واشنطن
- هل اتخذت مكانك في الطابور؟
- بينوشيه.. رجل زعم السيطرة على أوراق الشجر
- ليس دفاعا عن الوزير.. لكن رفضا لاحتكار الدين
- تأملات في مسألة طرح ورقتي نقد جديدتين ..سقى الله أيام -أم مئ ...
- بعد تساقط الأقنعة تباعا.. الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكي ...
- بعد تساقط الأقنعة تباعا.. الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكي ...
- بعد تساقط الأقنعة تباعا.. الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكي ...
- الفساد.. غول يتهدد الأخضر واليابس
- مطلوب وقفة من القانونيين والمجتمع المدني العربي


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - بين نقص الغذاء وتلوثه أي غد ننتظر؟