أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - في ذكرى النكبة الفلسطينية - من مفكرة لاجئ - يوم صمتت مدافع القاوقجي















المزيد.....

في ذكرى النكبة الفلسطينية - من مفكرة لاجئ - يوم صمتت مدافع القاوقجي


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:22
المحور: القضية الفلسطينية
    



كان الفرح يغمر كافة أرجاء القرية، والزغاريد والتكبيرات تتعالى مع صوت كل قذيفة مدفع، ودوي كل انفجار يسمع من صوب مستعمرة مشمار هعيمك.. اعتلى سكان أم الزينات أسطح منازلهم، وصعد البعض منهم إلى الجبال والمرتفعات، ليشاهدوا تلك المستعمرة اللعينة وهي تحترق بفعل نيران جيش الإنقاذ العربي.. واستمر هدير المدافع وصوت الانفجارات من مساء ذلك اليوم إلى ظهيرة اليوم التالي.. ولم ينم في تلك الليلة كل سكان قرية أم الزينات.. وكانوا طيلة الوقت على أحر من الجمر متشوقين لمعرفة ما حصل.. وهل دمرت مشمار هعيمك أم لا.. وهل دخلها فوزي القاوقجي بجيشه العربي أم لا..؟؟ ( وفوزي القاوقجي سوري الأصل عيّن من قبل جامعة الدول العربية ليكون قائدا لجيش الإنقاذ، الذي أرسلته الجامعة لنصرة فلسطين وشعبها ).. واستمر نبض الحياة قويا في القرية حتى الصباح.. وجلس شيوخها وأكابرها في ساحة الجامع، ليحللوا ويتخيلوا كيف ستكون الحياة في عموم منطقة الروحة والكرمل والمرج بدون مشمار هعيمك..!!
ومشمار هعيمك مستعمرة صهيونية يعني اسمها باللغة العربية حارس المرج.. أقيمت قبل النكبة الفلسطينية الكبرى بعدة سنوات.. وتقع على الجهة الشرقية من وادي الملح-- الكائن على بعد 17 كم شرقي مدينة حيفا.. وهي تشرف من جهة على مرج ابن عامر، ومن جهة أخرى على سهل الروحة والسفوح الشرقية لجبال الكرمل.. وقد شكلت هذه المستعمرة كابوسا اسودا ومصدر رعب وإرهاب، لكل القرى العربية المجاورة لها.. بفعل تحولها مع الأيام إلى مركز ومنطلق لعصابات الهاجاناة التي قررت شن حرب الإبادة والتهجير على كل العرب ساكني قرى المنطقة ( ضمن ما كانت تسميه تلك العصابات بحرب التحرير ) وابتدأت بشن الهجمات، وقطع الطرق بين القرى وبينها وبين مدينة حيفا.. وسقط جراء هجماتها العشرات بل والمئات من الفلاحين البسطاء العزل، الذين وقعوا في كمائن تلك العصابات..
وبعد ظهر اليوم التالي لبدء الهجوم، توقف هدير المدافع، وحل مكانه صمت رهيب-- احتار فيه أهالي أم الزينات-- وهم الذين كانوا يودون لو تواصل، وفتت والى الأبد حتى حجارة عدوتهم اللدودة مشمار هعيمك.. وكانوا مستبشرين ويعدون العدة للزحف عليها، وتطهيرها من دنس أولئك الذين ساموهم سوء العذاب، وقتلوا أطفالهم ونساءهم بدم بارد-- ليس لسبب إلا لكونهم عربا-- ولان استمرار وجودهم وبقائهم على أرضهم يهدد المشروع الصهيوني..
وبعد أن صمتت مدافع القاوقجي وحل السكون المريب-- قرر أهالي أم الزينات إرسال العيون لترصد ما أسفر عنه ذلك القصف-- الذي استمر عنيفا لساعات عديدة، وليعرفوا هل اقتحم القاوقجي المستعمرة أم انسحب..؟؟ وهل سيواصل زحفه نحو باقي المستعمرات وصولا إلى حيفا أم انه توقف وتراجع..؟؟ وفي التو والحال تم اختيار شابين من أبناء البلدة هما-- محمد الفروة وفضل أبو خليل-- وحزم الشابان أمرهما على عجل، وسارا مسرعين باتجاه تلك المستعمرة، التي لم تكن تبعد عن بلدتهما ( أم الزينات ) سوى بضعة كيلومترات، ومع غروب الشمس كانا قد وصلا منهكين إلى حدود المستعمرة.. وعندما كانا يعبران وادي الملح، سمعا من بعيد صوتا يناديهما، فالتفتا إلى مصدر الصوت، فإذا برجل يلبس قمبازا وكوفية يجلس تحت صخرة، ويلوح لهما بيديه طالبا منهما الاتجاه نحوه، في البداية ارتابا-- وخصوصا أن تلك المنطقة خطرة، وكان عبور الوادي باتجاه المستعمرة يكلف العرب أرواحهم، ولكنهما اطمأنا بعد أن رأيا ملابسه العربية، فتقدما نحوه بخطى بطيئة، ولما اقتربا كثيرا تعرفا عليه-- وكان احد العرب البدو المعروفين جيدا لأهالي أم الزينات وكل القرى المجاورة، وهو يعيش مع أغنامه في تلك المنطقة الوافرة العشب، وقد تعرف البدوي على الشابين، فناداهما إلى مسكنه حيث يعيش ببيت شعر، نصبه هناك منذ مدة، وسألهما بعد أن رحب بهما عن غايتهما، ولم يتجهان صوب المستعمرة.. فأطلعاه بصدق على مهمتهما الاستكشافية.. فقال لهما البدوي لا داعي للمخاطرة بالاقتراب من المستعمرة، وأنا سأطلعكما على كل شيء، وبدا البدوي بسرد تفاصيل الهجوم الذي شنه القاوقجي على مشمار هعيمك، قائلا أن مدافع جيش الإنقاذ كادت أن تدمر المستعمرة برمتها، وأنها ألحقت بها أضرارا مهولة-- وأكد انه كان يمكن للهجوم والقصف أن يؤديا إلى استسلام المستعمرة فيما لو استمرا لمدة أطول ببضع ساعات فقط، وفيما لو تعزز الحصار وسدت كل المنافذ عليها.. ولكن-- وكما قال البدوي-- فقد قام مختار المستعمرة والذي كان يتسم بالدهاء الكبير واسمه ( سليم شوفر ) بإرسال موفد سري عنه إلى فوزي القاوقجي، حيث عرض عليه مبلغ 15 ألف جنيه مقابل أن يوقف هجومه على المستعمرة ويرحل بقواته عنها.. وأكد البدوي أن القاوقجي قد قبل العرض، وأوقف القصف وسحب قواته بعيدا.. وقد استضاف البدوي الشابين عنده وأولم لهما، وناما عنده حتى الصباح، وودعهما وهو يقول-- ابلغوا أهل أم الزينات أن المستعمرة مازالت باقية، وان شرها لم ينتهي بعد، وعلى سكان القرى العربية الاستعداد الآن أكثر، لان عصابات الهاجاناة ستشدد من هجماتها في المستقبل وستكون أكثر دموية.. وسار الشابان مذهولان نحو الغرب-- باتجاه بلدتهما-- وعند الظهر كانا قد وصلا إلى أراضي البلدة.. وكان أول شخص من بلدتهما يلتقيان به هو حسين الحمد المنصور-- ابن عم محمد الفروة-- الذي سألهما عن نتائج مهمتهما، فابلغاه بحزن شديد أن المستعمرة مازالت باقية، وان القاوقجي قد خان الأمانة، وعقد صفقة مالية مع مختار المستعمرة يوقف بموجبها زحفه وهجومه عليها، وهنا فكر حسين الحمد قليلا، وطلب من الشابان أن يخفيا هذا الأمر كليا عن أهل البلدة-- الذين كانوا ينتظرون بشغف شديد عودتهما، وقال لهما اكذبا على الناس، وقولا أنكما رأيتما المستعمرة وقد دمرت وحرقت بالكامل، وانه لم يعد فيها أحياء نهائيا.. فدهش الشابان لهذا التصرف، فقال لهما حسين الحمد أن السكان لو عرفوا بخيانة القاوقجي وبان المستعمرة مازالت قائمة وتستعد لاستئناف هجماتها على القرى والسكان العرب، فان معنويات الجميع ستنهار وسيصابون بالإحباط، وقد تبدأ عملية هجرة مكثفة، فوافق الشابان على فعل ذلك، وعندما وصلا ساحة القرية وأمام الجامع-- كان معظم رجالات البلدة ينتظرون عودتهما، كي يعرفوا الحقيقة، وبداخل كل واحد منهم أمل كبير بان يكون القاوقجي قد سحق المستعمرة، وأزالها كليا من الوجود، وبدأ الشابان بالحديث، واتقنا قلب الحقائق وأبدعا في سرد التفاصيل من خيالاتهما، وبالغا في ذلك كثيرا.. إذ قال محمد الفروة فيما قال: انه رأى دبابات اليهود وهي مازالت تشتعل، ورأى بيوتهم وقد دمرت، والجثث تملأ الشوارع وتتناثر على أبواب البيوت وفي كل مكان.. وقد أحب أن يثير جوا من الضحك بين الجميع، الذين كانوا ينصتون بإمعان شديد لكل حرف يقوله-- فادعى كاذبا انه رأى احد العرب وهو يحاول نزع حذاء من قدم جندي يهودي ميت.. عندها صاح أبو عباس وهو صاحب ملحمة في البلدة وكان مشهورا بحلف الطلاق قائلا ( طلاق بالثلاثة أن ما تقولونه يا شباب صحيح وصادق مائة بالمائة، لأنني ومن خبرتي بالناس اعرف أن العرب يفعلونها – في إشارة إلى الفعل الدنيء أي نزع الحذاء من الميت بقصد الاستيلاء عليه ).. وعند هذا الحد ضغط حسين الحمد بقدمه على قدم محمد الفروة في إشارة له كي يتوقف عند هذا الحد خوفا من انكشاف الكذبة.. وانفض الجميع وقد انطلت عليهم الكذبة ولم يعرفوا بخيانة القاوقجي، وعادوا إلى بيوتهم.. وصمدت البلدة أياما وأسابيع، قبل أن تداهمها عصابات الهاجاناة من جديد، وتمعن في أهلها العزل تقتيلا وتهدم البيوت، وتجبر سكانها بالقوة وبالتهديد بالموت-- على الرحيل النهائي عن أرضهم وارض آبائهم وأجدادهم، وليتحولوا من حينها إلى لاجئين مشردين في كل بقاع الأرض.. يعيشون مرارة اللجوء وقسوة التشرد، ويحلمون بالعودة... إلى يومنا هذا..

خالد منصور
مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين
5/5/2007



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة كفاح ومعاناة عامل فلسطيني - من اجل لقمة عيش
- وزير يحترم نفسه
- حكومة للوحدة ام حكومة للفلتان
- في عيد الام - اه يا امي .. ما احوجني اليك
- لا صوت يعلو فوق صوت المحاصصة
- ليسمح لنا الاستاذ حافظ البرغوثي
- لا بد من إسماع رايس كلمة لا كبيرة
- الرفاق حائرون
- الشعب يتهم
- أشكال الاحتجاج الحالية ضد الاقتتال الداخلي لم تعد كافية
- سبل الخروج من المازق الفلسطيني
- مسيرة التنمية تتواصل رغم التحديات
- باي حال عدت يا عيد
- بدنا حل
- يا هيك النساء يا بلاش - حانونيات فلسطينيات
- المتمردون
- - شهداء وضحايا
- الانروا تكافح الارهاب الفلسطيني..!!
- من حق المضربين رفض توجيهات الرئيس
- الاضراب ليس كفرا ولا خيانة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - في ذكرى النكبة الفلسطينية - من مفكرة لاجئ - يوم صمتت مدافع القاوقجي