أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - أقواس المتاهة مجموعة عدنان حسين أحمد القصصية المغزى في النص القصصي















المزيد.....

أقواس المتاهة مجموعة عدنان حسين أحمد القصصية المغزى في النص القصصي


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1915 - 2007 / 5 / 14 - 05:56
المحور: الادب والفن
    



يشكل المغزى الجوهر العميق للنص الأدبي. وإذا كانت الرواية تبني عالمها المتفرع لتصل إلى مغزاها بعد إتمام النص وعالمه، فأن القصة القصيرة تحكم كاتبها بالكشف عن مغزى قصته في صفحات مكثفة أو أسطر قليلة كما هو الحال في الأقصوصة. وعلاقة المغزى ببنية العمل علاقة لا فصام فيها. فمجرد انتقاء مادة النص ووجهة نظر الراوي للأحداث ينكشف المغزى سطراً بعد سطر، ليخلف طعماً للنص بعد إتمام القراءة مدة طويلة. هذه المعضلة الفنية تواجه العديد من الكتاب الشباب ولا سيما بغياب تقاليد نقدية تعتمد الصراحة والعلمية وتحفر بالنص لا على طريقة تيار من الكتابة النقدية تبلور في داخل العراق في سنين الحرب والحصار والذي عندما نقرأه لا نفهم عن النص الذي يتناوله شيئاً. بل نجد حشداً من المقولات المجتزئة من الكتب المترجمة التي تضبب رؤية كاتبها إلى النص ليضيع في متاهة التأويل، عارضاً عن صنعة صياغة النص ولغته ومدى متانة أو هشاشة بنيته. وهنا سأتناول في التحليل "أقواس المتاهة" للكاتب العراقي " عدنان حسين أحمد". تحوي المجموعة القصصية وهي الثانية للقاص على عشرة نصوص تخوض في موضوعات مختلفة، علاقات حب، صداقات، أوضاع معوقي الحرب، وبعضها تشبه الحكاية أو اللقطة، ففي أولى هذه النصوص " شيرونا" نحات في مشغله يحاول أن يستعيد جسد حبيبته التي هجرته، بتخليقها من جديد من الطين متوحداً مع عملية الخلق. يزوره الصعلوك المعروف "جان دمو" فيخرج النحات لشراء قنينة خمر، ثم يعود ليجد أن الصعلوك يضاجع المنحوته التي تستحيل إلى كائن حي وتغادر المكان، التغريب في لقطة النص الأخيرة بدا غير متناسب مع طبيعة السرد الواقعي وشخوصه. في " تداعيات ذاكرة مبهمة" يزور الراوي وهو صحفي عراقي يعيش منفياً في امستردام معرضاً للرسم، وفي الطريق يتبادل الحديث مع أمراه هولندية تقصد المعرض أيضاً عن العراق وحرب الخليج الثانية. وفي صالة المعرض يظل الصحفي يشهيها بكل حرمان الشرقي وخيالاته فيصب غضبه شاتماً "ديفيد" الهولندي طاعناً بأصله المنحدر من أب ألماني ضاجع أمه وقت الاحتلال مسقطاً هوسه الجنسي على الهولندي الذي يسمعه يطلب الزواج من تلك السيدة في تفاصيل تكشف عن جهل السارد بطبيعة العلاقات بين الجنسيين في أوربا، لكنها تفضله على الهولندي وتأخذه معها في سيارتها إلى بيتها، يتلمس جسدها في الطريق ويقضي الليلة معها، لكنه يكتشف في الصباح أنه في فراشه، فيتصل هاتفياً بزميله "يوسف" الذي يؤكد له عدم وجود تلك السيدة، لكن السارد يختم النص باكتشافه أن صاحبة التنورة الحمراء كانت ملامحها في اللوحات التي صورها. رغم محاولته التغريب أيضاً في نهاية النص، ورغم موضوع النص الحيوي حول أحلام يقظة الشرقي المحروم جنسياً إلا أن النص يحتشد بالمقاطع الخطابية التي لا تناسب المشهد وشخوصه، كالمقطع الخطابي على لسان الهولندية وهي تعريه " قبّلْ حدقة عيني التي سحرتك، والتهم مبسمي الذي أغراك، ومشط شعري المنساب بأناملك الطويلة السمراء"(ص25) ويستمر هذا المقطع الطويل يتخلله وصف تفصيلي للعملية الجنسية يبدو واضحاً أنه مستقى من الأفلام الإباحية التي تعرضها بعض القنوات التلفزيونية الأوربية، ويبدو أن هذا الحلم أو القصة تجسيد لأخيلة الشرقي المستثارة من رؤية تلك الأفلام الرخيصة، كان من الممكن اختزال العديد من المشاهد الزائدة، وتكثيف اللغة بما يتناسب مع طبيعة العلاقة بين الشرقي وامرأة غربية التي أفقدت اللقطة والحالة الإنسانية العميقة جمالها، فتخيل امرأة أية امرأة تنطق بهذه الجملة الإنشائية الطويلة وهي في قمة هياجها ـ أغرز … في أحشائي كي تسكت ديدان اللذة التي أكلت بدني كله"(ص26).

تغلب على نصوصه تفاصيل يومية، لا تركز على ثيمة بعينها، مما يفقد النص مغزاه، فيبدو أقرب إلى اليوميات العادية منه إلى بنية القصة، ففي "أقواس المتاهة" يحكي لنا كيف تمكنت فتاة من زيارة حبيبها السجن متملصة من رقابة البيت، بسفرها إلى خالتها في كركوك والعودة في اليوم التالي باكراً إلى سجن أبو غريب في بغداد، فيركز على مشاقها في الوصول متأخرة، فيتم اللقاء بمساعدة ضابط السجن وتنتهي القصة هكذا، كذلك الحال مع نص "كائنات مبعثرة" التي تحكي لنا عن شخصيات مختلفة بعضها غريب الأطوار وبعضها معوقي حرب، ينضم السارد إلى طاولتهم في الحانة ويسرد لنا تفاصيل طريفة عن سكرهم وحياتهم المبعثرة، والتفاصيل عادية أيضاً، أي غير منتقاة بحيث تشي بما يشير إلى عذاب أولئك الضحايا. بل بالعكس ثمة مسحة من السخرية منهم.

في مناخ أخر يختلف عن الانشغال بيوميات البشر، ينتقي القاص لحظات حاسمة، ففي "وليمة لطيور الصباح" يصور لنا محاولة هروب شخص بصحبة دليل إلى مناطق لا يسيطر عليها جلاد المدينة في ليلة مظلمة، لكن القصة لا تفصح عن غرضها، أي تخلو بنيتها من المعلومات الخبرية المهمة التي تلقي الضوء على طبيعة التجربة وأبعادها، فبدا النص مجرد وصف لحالة الخوف ولأخيلة المرعوب الذي لا نعرف عنه وعن الدليل وعن المكان شيئاً. والحالة الموصوفة بحد ذاتها هي لبنة من لبنات بنيان النص القصصي. ووحدها لا تكفي لإنجاز النص. في "سيدة الغزلان" يبني لنا حكاية خرافية عن جد السارد وخاتمه المسحور وسيفه والصبية الساحرة التي ظهرت قرب عين ماء وتبخرت ما أن قبلها، وعن سرقته لخاتم جده المسحور والجني الذي أتاه بالصبية، التي سلمها الخاتم فتحولت إلى عجوز. للنص بنية حكاية تنهل من حكايات ألف ليلة وليلة، لكن حكاية "سيدة الغزلان" ليس لها مغزى بعكس حكايات الليالي التي تخبئ خلف بنية نصها وحكايتها مغزى عميقاً هو من أسرار نضارتها وإدهاشها الدائم.

في "انتحار جثة" ينتقي القاص مادة خام لا تستوعبها قصة قصيرة بالكيفية التي سرد فيها حكايته إلا وهي عن أسير عراقي لدى إيران ـ كان أهله يعتقدونه مفقوداً ـ يعود بعد انقضاء الحرب فيجد أخاه قد أقترن بزوجته، فينتحر، وتلحقه الزوجة فتنتحر أيضاً. تفتقد القصة إلى منطقية الأحداث التي بدت سريعة، بدا فيها تدخل الكاتب في مصائر الشخصيات مباشراً مما أفسد النص.

في "المتاهة الثالثة" و "متوالية الغياب" يحكي لنا الراوي في الأولى عن زوج يطلق زوجته المقترن بها منذُ خمسة وعشرين سنة والتي هددته بقص عضوه الجنسي ويتعلق بمعلمة تحب الشعر لكنها أي المعلمة تنتقل إلى المدينة حتى لا تهدم عائلة العاشق. وفي الثانية تدعي فتاة أن حبيبها السابق أغتصبها، فيقوم أخوتها الثلاثة بخطفه وقتله في الغابة. والأحداث مروية بلغة هي أقرب إلى الأسلوب الصحفي. حيث يضطر إلى إلحاق ملحق يشبه تقرير الشرطة بنهاية القصة.

في النص الأخير " تمائم لمهرة الريح" يصور الراوي جده العجوز والذي كان صاحب فندق كسد بسبب الحرب العراقية الإيرانية إذ كان ينزل فيه الزوار الإيرانيون في طريقهم إلى العتبات المقدسة، فيتحول إلى "دون جوان" يغوي أحلى بنات المدينة ويقضي وقته في الحانة. ويحدثنا عن سطواته كل ليلة وعشيقاته الكثيرات ولم يخبرنا القاص إذا كان بطله العجوز يأخذ حبوب "الفياغرا" أم ماذا ومن أين يجلب كل تلك الطاقة على السكر اليومي والنكاح بلا حدود.

رغم انسياب جملته القصصية بسبب عمل الكاتب الطويل في الصحافة الأدبية إلا أن القاص عمد إلى استخدام تراكيب تضعف السرد مثل:"كان يردد في أويقات خلواته"(ص11). "مستعيناً بأعتلاجات روحه التي تشظت"(ص12) أو استخدام تشبيهات لا تتناسب البتة مع الحالة المشبه بها: "كل المعجبات به وبموهبته الفنية اللواتي يتكسرن على زنديه مثل حطب الشتاء"(ص12). وكما يلاحظ القارئ أن الشواهد التي أوردتها من صفحتين فقط وهي كثيرة في نصوص المجموعة. يضاف إلى هذه الملاحظة ملاحظتان الأولى تتعلق باستخدام الكثير من الجمل الجاهزة الشائعة كثيراً في المقالات الصحفية المنشورة في الصحف الأدبية اليومية، والثانية بضعف الحوار في غالبية النصوص إذ لا يتناسب مع الشخوص ومستوياتها الاجتماعية من ناحية، كما أنه لا يتناسب مع الموقف في القصة، مثلا الحوار بين السجان والفتاة التي تريد مقابلة حبيبها السجين (ص32) حيث يطغى الإنشاء ولغة القاص لا لغة الشخصيات القصصية. وهذا تجده في معظم النصوص. حيث ينوب الكاتب عن شخوصه في الحوار .

ــــــــــــــــــ
* أقواس المتاهة ـ دار أزمنة ـ الأردن



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنية روائية تؤسطر الوقائع وتدفعها إلى حافة الجنون قلعة محمد ...
- المنفى هو منفى أبدي بعد مجيء الطير مجموعة إبراهيم أحمد القصص ...
- بنية قصصية تبحث عن دلالتها بالرمز -ما يمكن فضحه عن علاقة أبي ...
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا مصاطب الآلهة مجموعة محم ...
- مجلس جالية أم مجلس أحزاب الجالية؟!
- المولود في المنفى كائن مكونٌ من الحكايات -أمسية صيفية-* مجم ...
- المنفي ميت حي -البيت الأخضر - مجموعة عبد جعفر القصصية
- قاب قوسين مني- مجموعة -هدية حسين- القصصية تصدع بنيان المجتمع ...
- أصغي إلى رمادي لحميد العقابي الذات حينما تدمرها الطفولة والح ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة5
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة 5
- ما بعد الحب رواية هدية حسين 1
- ما بعد الحب رواية هدية حسين2
- الحرب خربت كل شيء كم كانت السماء قريبة- رواية -بتول الخضيري-
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة2
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة4
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا -مصاطب الآلهة- مجموعة - ...
- عن معاناة اللاجئين في الشمال الاسكندنافي التأليف بين طبقات ...
- المنفي كائن مشطور بين ثقافتين العنكبوت- مجموعة -علي عبد العا ...


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - أقواس المتاهة مجموعة عدنان حسين أحمد القصصية المغزى في النص القصصي