أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - مازن كم الماز - الخلاف على صفات الله بين الخطابات الدينية المختلفة















المزيد.....

الخلاف على صفات الله بين الخطابات الدينية المختلفة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:42
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


كان من العسير على المفكرين العرب الإسلاميين القروسطيين أن يشكلوا صورة نهائية عن الذات الإلهية خالية من التناقضات و اتضح أن كل المحاولات و التعديلات التي قاموا بها محاولين حل التناقضات الداخلية و الصريحة لصورة الإله كانت دوما قابلة للنقد من الخصوم نقد يكشف تناقضات جديدة و لهذا توصلت بعض المقاربات التي أصرت على القبول و الإقرار بالنص كما هو إلى أن الذات الإلهية عصية على الفهم البشري كانت هذه المقاربات هي الأقدر على حل تناقضات صورة الإله بحظر الجدل في هذه التناقضات و نعرف أن هذا يبدأ من أول رد فعل عقلي بشري أولي على مفهوم الإله و هو السؤال عمن خلق الله و الذي أمر المسلمين بالتوقف عنده و التعوذ من الشيطان الرجيم..كانت كل الفرق الإسلامية قادرة و بكل بساطة على أن تدحض بعضها بعضا دون عناء و أن تكشف تناقضات صورة خصومها عن المقدس ذلك لأن كل الفرق سواء التي أصرت على صحة النص المطلقة و تلك التي سمحت للعقل البشري أن يتأول في معاني النص كل تلك الفرق فشلت في حل تناقضات صورة وصفات الإله..كانت الفرق التي حرمت الجدل و النظر في هذه التناقضات في صورة و صفات الإله قد أقرت و لو ضمنا بعجزها بل بعجز أية مقاربة عن فهم كيفية الوجود الإلهي و تقر بالتناقضات التي لا يمكن حلها في هذه الصورة عن الإله و ألحت بالتالي على حظر الجدل في صفات الله في إطار قبول الصورة و الصفات التي يعرضها النص كما هي دون أية محاولة لشرح أو تأويل صفات الله هذه المحاولة التي لم تكن قادرة على إنتاج صورة خالية من التناقضات مما سهل على هذا الخطاب ممثلا بعلم الكلام السني الذي وضعه الأشاعرة نقد كل تلك الخطابات و البناء على تناقضاتها..كانت هذه التناقضات تبدو أنها تتوالد في سلسلة لا تنتهي مع كل محاولة جديدة لتأويل صفات الله أو إعادة تشكيل صورة الذات الإلهية..هذا ما نجده في سجالات الفرق الإسلامية تلك السجالات التي حفلت بهذا النقد "الناجح" للصورة التي أنتجها الآخر عن الإله..يبقى الخلاف أو الفرق الأساسي هو في المرجعية التي تتبناها هذه الفرقة أو تلك هذا الخطاب أو ذاك بين من اختار الموقف التسليمي إزاء الغيبيات الذي كان ينطلق من موقف سفسطائي بمعنى أنه يشكك بقدرة العقل البشري على مقاربة النص فشرع بذلك لقدسية النص الشكلانية المطلقة مصرا على ظاهر النص الذي يجب أخذه كما هو مع عجز العقل البشري عن كشف مضامينه و اعتبار هذه التناقضات الداخلية فيه بسبب طبيعته المقدسة التي تصدر عن و تصور عالم الغيب أما من شرع تأويل النص و استخدمه لإعادة تشكيل النص بهدف حل تناقضاته كان يشعر بالحرج أولا من هذه التناقضات و يستشعر و يتضمن في مقاربته أحقية العقل البشري في التدخل في تفسير النص من جهة و فرض منطق العقل البشري على النص هذا المنطق الذي ينكر وجود تناقضات في نص يفترض أن يحمل الحقيقة و يوجب تأويلها هذا الذي أنكره أصحاب الخطاب التسليمي و كفروه لقيامه به معتبرين النص خارج دائرة التفسير الإنساني..عندما أول المعتزلة صفات الله كان هدفهم نفي ذلك الجزء من صورة الإله المستمدة من عالم الواقع كان هدفهم تجريد صورة الإله عن الواقع كانوا يهدفون لتأكيد فرادة الإله بالقدم و الأزلية لذلك أولوا الصفات بحيث لا تشاركه في القدم و الأزلية ( من أثبت معنى و صفة قديمة فقد أثبت إلهين ) و عندما كان الحديث يدور حول العدل الإلهي كان من الطبيعي عندهم أن عدل الله يعني أنه لا يجوز أن يضاف إليه ظلم و لا يجوز أن يريد من العباد خلاف ما يأمر فأصبح العبد هو الفاعل للخير و الشر على الحقيقة لا على المجاز كما سنرى عند خصومهم..لقد أثبت النص صورة الإله بحيث يندمج فيها التشبيه بعالم الشهادة أو العالم الواقعي بل بما يحمل ملامح إنسانية صريحة حيث أن النص يذكر أن الإله خلق آدم على صورته فالإنسان هو الكائن الوحيد العاقل المتوفر لتكوين هذه الصورة لذلك كان الإله يغضب و يمكر و يتكلم و كان له سمع و بصر و قدرة و يدين و كان قابلا للرؤية و ما إلى ذلك لكن هذه الصورة كان عليها أن تضم أيضا تلك الصفات التي تتجاوز الوضعية الهامشية للإنسان الذي يشعر أنه ضعيف عاجز أمام القوى الباطشة كلية القدرة التي تعبث بمصيره و حياته كان على صورة الإله أن تحمل تلك المعاني التي تجعل منه في النهاية سوبرمان أي صفات الخلود التحكم المطلق بمصيره كشفه لكل طلاسم الحياة كما كان عليه أن يحمل قيم العدالة القدرة و سواها بمضمون أقرب إلى المطلق أو إلى الفهم الإنساني الآني لمفهوم المطلق ( مثال ذلك مثلا الاستواء على العرش الصورة المستعارة من ملوك الأرض ) كانت صورة الإله تجمع بين التجسيد الإنساني الوحيد الممكن من حيث أن الواقع هو مصدر صورة الإله و صفاته و من حيث أن هذه الصورة كان عليها أن تكمل ما يشعر به الإنسان من ضعف و عجز و بين التجريد الذي لا بد منه لتشكيل صورة الإله القادر المطلق..كان إصرار المعتزلة على حل تلك التناقضات بين دنيوية و فوق دنيوية صورة الإله بين واقعيته و لا واقعيته قد انتهى عندهم إلى القول بصورة إله ذا دور كوني محدود مسؤول أساسا عن خلق البشرية فيما يبقى الفعل الدنيوي هو فعل إنساني ينسب إلى العباد و أولوا تلك الصفات التي كان يفترض أن تجعل الإله واقعيا بالنسبة للمؤمنين لصالح صورة أكثر تجريدا و بعدا عن الواقع الدنيوي لقد سحب هذا التجريد من الإله الكثير من دوره الدنيوي و نسبه إلى الإنسان..كان هذا بالتأكيد ذا معنى استثنائي بالنسبة للإنسان لدوره الدنيوي الذي اكتسب مساحة واسعة لا يسمح بها الخطاب التسليمي للإنسان على حساب دور الإله في إعادة توزيع جذرية للأدوار في الكون بين الإله و الإنسان..لم يعجب هذا بالتأكيد من أصر على مركزية دور الإله في الكون و الذين اعتبروا الحل الذي اقترحه المعتزلة لتناقضات النص تفجيرا له من الداخل فأنكروا النتيجة التي انتهى إليها و أخيرا كفروا المعتزلة و كل من حاول تعديل النص من داخله..لم تتوقف القضية عند بدعة المعتزلة و القدرية فقد جاء الفلاسفة العرب فيما بعد مع تبنيهم لصورة الإله عند أرسطو بصورة إله اقتصر دوره على كونه المحرك الأول لهذا العالم حتى أنهم ذهبوا في قولهم عن علم الله أنه يقتصر على الكليات و من بعدهم الفلاسفة المتصوفة القائلين بوحدة الوجود الذين نسفوا صورة الكون عند أصحاب الخطاب التسليمي و وحدوا الخالق و المخلوق فأنسنوا الإله و ألهوا الإنسان الموقف الذي كان أيضا محل غضب و تكفير الخطاب التسليمي..من الواضح أن دور الدين الاجتماعي و دور المؤسسة الدينية يعتمد أساسا على دور الإله في الكون..فإذا كان الإله عبارة عن المحرك الأول فقط كما قال الفلاسفة العرب و أرسطو فهذا يعني أن دور الدين و المؤسسة الدينية محدود للغاية خاصة في مجال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الموجه ضد الأفراد أو بشكل أصح ضد كينونة الفرد الإنسان أمام وحدانية الإله الفعلية عند أصحاب الخطاب التسليمي..عملت المؤسسة الدينية على تشريع دورها المركزي في المجتمع إلى جانب السلطة تاريخيا في ذات الوقت الذي كانت تصر فيه على مركزية دور الإله كونيا مع إصرارها على النص كمعطى مطلق صحيح خارج إمكانية مقاربة العقل البشري..لم يتمكن المعتزلة و لا المتصوفة أو الفلاسفة من حل تناقضات صورة الإله و يمكن للمهتم أن يعود إلى كتب التراث التي أرخت للمساجلات التي دارت بين هؤلاء و أصحاب الخطاب التسليمي ليتأكد من أن أصحاب الخطاب التسليمي كانوا قادرين على إحراج خصومهم و مواجهتهم بإشكاليات جديدة في مفهومهم عن صفات الله و دوره الكوني و لعل أهمها النقد الأشعري للمعتزلة و نقد الغزالي للفلسفة العربية القروسطية لكن هذه المقاربات مثلت محاولة لإعادة بناء فهم النص على أساس عقلي ثم عقلاني مما أدى إلى مشاركة الإنسان للإله في مركز الكون و إضعاف نفوذ المؤسسة الدينية في المجتمع كانت المواجهة مع هذه الخطابات حاسمة بالنسبة للخطاب التسليمي و المؤسسة الدينية التي رفعت سلاح التكفير سابقا و راهنا بوجه خصومها كآلية سيطرة و إعادة إنتاج لهذه السيطرة على المجتمع..يقدم لنا هؤلاء أمثلة على إمكانية بناء مقاربة مختلفة للنص الذي صادره الخطاب التسليمي معتبرا أن أية مقاربة مختلفة للمقدس هي هرطقة..





#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على إعلان تجمع اليسار الماركسي في سوريا
- قراءة في قضية الحرية
- أمام التراجعات و حروب أمريكا و إسرائيل نعم للإنسان
- اليسار و الإسلاميون
- في البحث عن طريق التغيير
- الإنسان و التعذيب بين السلطة و الدين
- الحرية و الطائفية و كبار الزعماء
- الآخر
- النظام و البديل و الديمقراطية
- السياسة و الفكر مرة أخرى
- قمة عربية أخرى
- في شرعية الحاكم المطلق - الملك العضعوض
- خطاب مدرسة النقل و السلف
- من دروس الحروب الأهلية
- رد على مقال الأستاذ زهير سالم : المجتمع المفكر و نظرية المعر ...
- إلى عبد الكريم سليمان
- عن تحولات الجسد
- في حقوقنا كبشر
- الإنسان و الحرية
- رأي في الحرب


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - مازن كم الماز - الخلاف على صفات الله بين الخطابات الدينية المختلفة