أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ناهده محمد علي - أطفال تحت الأنقاض














المزيد.....

أطفال تحت الأنقاض


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:40
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


حينما جاء المحتلون فرِح الأطفال وتخيلوا أن ( السوبرمان الحديدي) قد جاء ليخلصهم من وحوش الغابة , وليجعل من عُلب الحليب متوفرة في كل مطبخ وفي كل صباح , أذكر أنى في طفولتي كنت أفتح الباب فرحةً ( لأُم الحليب ) , ثم أصبح الحليب واللبن الرائب متوفراً في كل حانوت ودكان , ثم جاء زمن آخر إختفى فيه كل شئ وأصبحت عيون الأطفال جافة بلا بريق , وإختفى من البيوت كثير من الآباء والأخوة , وإستبدل الطفل حقيبته المدرسية بحقيبة أُخرى للمسامير والمفكات , وأصبح يعمل في ورش ومعامل صغيرة بين النار والحديد ليحمل الطعام لإمه واُخوته , لا فرح ولا اغاني للعيد والجيران يتقابلون في المآتم فقط . ثم جاء زمن آخر رأيت فيه الأطفال أو ما يُسمى بأطفال الشوارع والبعض منهم لُقطاء !! , يحومون حول فنادق الدرجة الأولى وحول مزابلها ليلتقطوا بيضة مسلوقة مرمية أو قطعة ساندويج محشوة ب (الهام ) على الطريقة الأمريكية ويمسكون ذكورا وإناثاً بأعقاب السكائر المرمية هنا وهناك , وينفثون منها دُخاناً أسود ليزيد وجوههم صفرةً وليصبغ شفاههم بأللون الرمادي , أحدهم قال حينما سأله أحد الصحفيين ( لماذا ؟ ) , قال : (خلص كَلبي من القهر ) , تُرى كم هو كم القهر الذي تناوله هذا الصبي في سنواته العشر ولماذا !؟ , لماذا يعيش أطفال بلد بمستوى ثروات العراق في مستوى هو أقل من الحد الأدنى للفقر !! , ولماذا يفيض باطن الأرض من نفط وجثث ؟ وهل ستكون النقطة الأخيرة في هذا المدار هي الأرض والنفط , أم الجثث ؟ . إن الجيل الذي سيخلف هذه المجزرة الطويلة المدى هو بالتأكيد جيل يخاف من موضع قدمه ويخاف من فتح شبابيك منزله , وحركته الى الأمام ستكون مهزوزة وسيراوح مكانه لسنين , وأعتقد أن هذا مرسومٌُ له مسبقاً .
إن الذى يُهمنا حالياً هو طفل الحاضر , والذي يعاني من ظواهر محزنة كثيرة منها التسول والبغاء وهما رأسان لإفعى واحدة إسمها الفقر .
إن في كل منطقة عراقية الآن مجموعة من المتسولين الصغار يختص كل منهم بمجموعة من البيوت ويصبح زبوناً دائمياً لهم خاصة في يوم الجمعة , حيث تُقدم لهم بقايا الطعام والكسوة الشتائية , وكثيراً ما يكون المتسول فتاة صغيرة لتجلب عطف المتصدق , ولا يخفى ما تتعرض له هذه الفتاة الصغيرة من مخاطر في مجتمع فقد القيّم الأصيلة وإستبدلها أو اُستبدلت له بشريعة الغاب , وقد يخلط الأطفال أحياناً مهنة التسول إذا جاز أن نسميها حالياً مهنة , بمهنة السرقة , ومن المضحك المبكي أن الكثير منهم يستبدل التسول بالسرقة لأنها تدُر ربحاً اكثر في حال الدخول الى البيوت بسهولة وسرعة بحجة التسول , وكثيراً ما يكون مُعيل العائلة عاطلاً عن العمل ويعيش على صدقات بناته .
أما مهنة البغاء فقد اصبحت ايضاً شائعة في داخل العراق وخارجه وذلك لأسباب كثيرة منها سوء الأحوال المعيشية والفقر وصعوبة تحمل تكاليف الزواج . وكثيراً ما ينخرط في هذه المهنة فتيات صغيرات دون سن الرُشد , ويحدث هذا ايضاً لأسباب كثيرة منها قلّة الوعي .
لقد أصبحنا نحن العراقيون ننظر بخجل الى ما نقرأه عن شبكات الدعارة للفتيات العراقيات والتي تعمل في الدول المجاورة للعراق بعد أن كان المجتمع العراقي معروفاً بصلابة العلاقات الأُسرية وقوة تحمل الفئة الفقيرة لأعباء الفقر , وإنخفضت قوّة التحمل هذه الى درجة الصفر , ولنتساءل أي ضغط وصهر جرى خلال هذه السنوات للبنية العراقية المتينة لتصل الى هذه الحالة .
حينما رأيت فلم ( العليين ) , رأيت أطفال العراق وهم مقطوعي الأيدي ومشوهي الوجوه آمنت بأن هذا الوضع لن يشمل طفلاً أو طفلين , بل أن شريحة بكاملها ستكون مبتورة الاعضاء إن لم تكن من الخارج فهي من الداخل , وبدلاً من قطع الحلوى ( والجكليت ) والتي كانت المعلمات تشُد من خلالها الطفل الى الدرس , فإنه يتلقى اليوم الرصاص على الجدران وعلى الزجاج , وكذلك الخطف والموت السريع , واصبح الطفل غير قادر على إقامة أية صداقات , وأصبح وحيداً بعد أن كان متميزاً بألصداقات المخلصة والتي تدوم الى آخر العمر , وأين هو آخر العمر هذا ؟ , بعد أن إختصر الوضع الحالي عُمْر الأطفال وإمتلأت المدافن بموتى بأعمار الورود . وذكرت لي إحدى الصديقات بأنها وقفت عند قبر اُمها العجوز ولم تذرف دمعة , لا لأنها لا تحب اُمها المتوفية حديثاً , بل لأن الكثير من قبور الأطفال أحاط بقبر المرأة , وكأنها مدينة كاملة من الأطفال الأموات , ثم لاحظت صديقتي قبراً كبيراً بِلا إسم , فإقتربت منه بخشوع ووجدت عنده قطعة فحم صغيرة , فكتبت فوق القبر -
الأسم - بغداد الجميلة
الميلاد - ماقبل التاريخ
سنة الوفاة - 2003



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطالب الأشد عنفاً - الجزء الثالث
- الطالب الأشد عنفاً - الجزء الثاني
- الطالب الأشد عنفاً - الجزء الاول
- من كتاب - العنف والشباب والعقاب- - الادمان والعدوانية
- بمناسبة الذكرى الاولى لرحيل القاص العراقي المعروف مهدي عيسى ...
- قصة تسجيلية مستمدة من احداث واقعية حدثت في مدينة بغداد في ال ...
- ?ماذاعن اطفال العراق
- مشكلة العنف_نتائج هذه المشكله في العالم
- العنف والشباب والعقاب / الجزء الثاني
- من أغضب من في 11 سبتمبر !؟
- العقاب البدني والعقاب المعنوي
- مقدمة كتاب العنف و الشباب والعقاب


المزيد.....




- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ناهده محمد علي - أطفال تحت الأنقاض