أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالقادر حميدة - ايحاءات التفاح و مغامرة التجريب















المزيد.....

ايحاءات التفاح و مغامرة التجريب


عبدالقادر حميدة

الحوار المتمدن-العدد: 1901 - 2007 / 4 / 30 - 11:39
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


إيحاءات التفاح ومغامرة التجريب

تعددت إيحاءات ياسين عدنان في مجموعته القصصية ( تفاح الظل ).. بداية من مدلول عنوان المجموعة الذي هوعنوان للقصة السادسة أيضا.. المقترن بالخطيئة الأولي، التي ظلت خطيئة سرمدية، تتجلي كل حين في أشكال الكتابة ومضامينها ودلالاتها.. فياسين عدنان يتلهي بتجريب يدنومن الشك ، ويجتهد في الابتعاد عن اليقين ، لأنه ليس رجل اليقين الذي قال عنه كونديرا في الوصايا المغدورة ( .. رجل اليقين هوإنسان قصير النظر، الفكرة التجريبية لا تتوق إلي الإقناع إنما إلي الإيحاء، الإيحاء بفكرة أخري وتحريك التفكير.. ).. وهاهي العبارة مربط الفرس ترد علي لسان قلم كونديرا .. الإيحاء .. فما الذي فعله ياسين عدنان خلال قصصه العشر هذه ؟ بما أوحي ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟ ولمن ؟
الإيحاءات لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد ، ومع كل قراءة لقصة من قصص المجموعة العشر .. تداهمك إيحاءات أخري.. إنها حياة النص الذي لا يموت، نص مربك، تقترب منه فيوحي لك، وتبتعد عنه لترمي الكتاب جانبا، فيبدأ مهرجان إيحاء جديد.. ويتجدد الإيحاء حتي وأنت تقرأ النقد أوالرواية، وتترك خطيئة التفاح لمرتكبها وقاضمه.
أفكار وإيحاءات ياسين عدنان في القصة الأولي ( فرح البنات بالمطر الخفيف ) تشعرنا بقلق الكاتب إزاء الشكل الذي سيحكي به هواجسه المختلفة حول عازف العود الذي يتوحد بآلته ... ويتوغل فيها.. .. وتلك العبارة التي بجانب العنوان والتي يقول فيها صديقي سعد .. ما رأيك بالعنوان ؟ .. كأنه يقول له ما رأيك بالشكل ؟ لقد اهتديت أخيرا إلي بناء يوافق هواجسي المتتالية وتداعياتي حول ذلك الفرح الغامض الذي ينتابنا.. لكن.. ها أنا أضيف متوغلا في هواجس الكاتب التي نقلها بتدفق .. وتتال .. وبفرح غامر كأنه موسيقي توحي بالفرح والانطلاق .. أضيف ما قاله جيرار جنيت ( كتب بروست في كتابه contre Saint­beuve عن قلعة كرمانت : لقد أخذ فيها الزمن شكل الفضاء ) الفضاء الروائي ترجمة عبدالرحيم حزل ، فما الشكل الذي أخذته إيحاءات ياسين في هذه القصة .. خاصة أنه وبعد أن جال بفكره، وجسده مهصور داخل تلك الحافلة المكتظة بالركاب ، متسائلا حول الشكل المناسب لهواجسه بين قصيدة التفعيلة أولقطة السينما الأخاذة ، بعد كل هذا السفر الطويل داخل الهواجس يفصح قائلا : فاستسلمت للظلمة والعرق والزحام وبدأت أفكر .. ..
وفي فرح البنات بالمطر الخفيف .. بالمناسبة ما رأيكم في العنوان ؟ .. يجزم أنه يكتب شيئا ما ، ولم يفصح أنه يكتب قصة ليترك للقارئ مساحته وتداعياته ، وليولد النص ألف مرة كلما قرئ مصرا علي أنه لا يتساءل سوي حول العنوان .. وأن الشكل لا يؤرقه.. وبماذا سيشبه ياسين هذا الشيء الرومانسي الذي كتبه ..إذا علم من خلال جيرار جينيت أن بروست كان .. يشبه أعماله بكاتدرائية.. الفضاء الروائي.

***

أما في قصة ( حاطب حب ) فإنه يحكي رحلة البحث عن دفء ما ، بعد أن كره المدينة التي فشل فيها في كل شيء ، والشيء الوحيد الذي بقي مضيئا هوحبه لأمينة الحب كصلاة الظهيرة يا عزيزتي ، يجب أن نحتفي به في السر .. . وهوحب موجود لكنه مختلف.. معاش لكنه مستتر.. حب بطريقة ما.. طريقة تشبه حياة بطل هذه القصة.. حياة رتيبة .. وهكذا بحكم العادة صارت أمينة تتردد علي شقتي وتقول لي: أحبك، ولأنني لطيف بطبعي ومجامل قلت لها: وأنا أيضا.. .. فهومن ذوي طبع خاص، بحيث أنه يكره أن يطلب منه أحد أن يعترف له بشيء.. ، فهويصر علي أنها ليست حبيبته إذ أنه ما إن ينطق بهذه الكلمة حتي يتراجع.. لكن مع ذلك من حق الواحد منا أن يمزح مع حبيبته، أقصد الفتاة التي تتردد علي بيته من حين لآخر وتعتبر نفسها حبيبته.. ، إنها قصة البرد والصقيع والنقائض.. قصة رسالة مشفرة، ففي اللحظة التي نكون فيها غامضين فنحن في أجلي صورنا.
أما في ( درس عذري )، فإننا نكتشف تفاصيل رحلة البحث عن حكاية تنهي الحكاية . رحلة أرقت الأستاذ الذي استفاض في الشرح يوما، وخرج عن الموضوع.. إلي درجة أنه فرق بين اثنين متلازمين وهما نعمان ومنيرة ، وظل الأستاذ يبحث عن حكاية المحو الحكاية التي تمحوما ارتكبه ولعه بالقص ونسيانه للتفاصيل أمام المستمع ، الحكاية التي ترأب صدع إهماله للمستمع / القارئ .. وقد اكتشف بعد عناء، أن الثقة لا يمكنها أن تستعاد..اكتشف أنهما لم يفترقا إلا في حصته أما في بقية الحصص، وعند الأساتذة الآخرين الذين لم يهملوا الجدار الآخر فقد كانا يدخلان معا ويجلسان معا.. .. ثم ترك الكاتب القصة لقارئها.. تركها تحيي نفسها أوتفنيها.. تطيل عمرها أوتعجل موتها .. لينتقل إلي قصة فيلم حلمي طويل ليتحدث عن حب الطفولة وأحلامها الأولي.. قصة لا يمكنها أن تنكتب _ إذا صح التعبير _ إلا علي شكل حلم .. حلم طويل.. لأنه يولد معنا .. ويرافقنا .. ويكبر معنا .. إنه الحلم الذي حلمناه صغارا .. واستفقنا علي خيباتنا كبارا .. إنها طفولة الأحلام المتجلية صخبا وعنفا .. إنها السؤال المفجع ماذا يمكن لكاتب أن يفعل في نهاية قصة تحكي عن حلم سوي أن يستيقظ في الأخير.. ..
ولعل في قصة ( تفاح الظل ) تبلغ لذة التجريب أقصاها، حين تبدأ بقلق الكاتب إزاء نقطة البداية تجاه هذا الشكل الذي ارتضاه.. وأسئلة البداية عند ياسين عدنان ، هي الأسئلة الحقيقية ، وذلك لما في الشكل من حواش تحتاج العمق من البداية حتي لا ينفرج الكلام علي زوايا غير محمودة .. إنها ليست منهجة بقدر ما هي احترافية القول والكتابة.. ألم نقل أنه يلغي من أجل البناء.. فهاهويبدأ بقتل المسلمات وتحطيمها لم يكن حبا في الحقيقة.. بل فرحا أبيض دافئا ولذيذا .. .. وقد تعمد ذلك ليربكنا .. ليحدث ثورته في المفاهيم .. ويزرع الشك الذي منه تبدأ كاتدرائية هذه القصة.. لتليها تساؤلات فصل الجسد عن العاطفة .. اللفظ عن المعني .. ليفكك ..ثم يعيد البناء مثلما يشاء ..لعبة شهية كتفاح الظل .. يختتمها بتساؤله فمن يجرؤ فصل الجسد عن ظله ؟ من ؟ ثم إن تفاح الظل أشهي لوتعلمون.

***

الكتابة عن مجموعة ( تفاح الظل ) تغري بقراءتها، ولن تغني عن ذلك، فالقراءة جسم يتصل وينفصل، قد يكون مشوها، وقد يكون إضافة، إلا أنه في كل الحالات خلق آخر .. لذة التجريب التي تنتابك تدعوك للقراءة وللكتابة عن هذا التفاح.. هذه اللذة هي التي تنقلك من وهم اليقين إلي جنة وجحيم الأسئلة.. وقد لا يروقك كل ما مضي من قصص، فتتطلع للمزيد، وتتساءل عن التميز وحوله، والذي لن تعدمه طبعا في القصتين الأخيرتين ( عبدوالمسعوف ) و( الصدمة والترويع ).. ف ( عبدوالمسعوف ) قصة من فصلين.. لكل فصل زاويته الخاصة لتناول هذه الشخصية المهمة .. تاريخيا وسياسيا علي سبيل الصدفة .. ف عبدو شخصية لها سيئاتها ، وأوهامها ، وانتفاخاتها ، كما أن لها جانبا اجتماعيا ، وقد تفنن الكاتب أيما تفنن في رسم لوحات وبورتريهات عبدووزوجته ..
أما في ( الصدمة والترويع .. يوميات الحرب ) .. فتلك تجربة أخري .. إنها لوحات ويوميات .. مكثفة.. مقتصدة.. موخزة .. تقيم وزنا لكل شيء .. وتجتهد في القبض علي هوامش .. لا نعيرها اهتماما في أحيان كثيرة .. لكنها هي الحقيقة.. هي الواقع .. الحقيقة هي الهامش .. لا تلغي هذه اليوميات أي شيء ابتداء بالرسالة الإلكترونية المرسلة من لدن شاعر يحاكم من أجل ديوان شعري.. إلي كلام شعبوي مأخوذ من اليومي .. إلي عناوين نشرة الأخبار بالتلفزة .. إلي شعارات المسيرة المعارضة للعدوان علي العراق .. إنها إيحاء بالرفض الممكن، العبث الممكن، الحقائق المفجعة، الانكسار الممكن، الذكاء الممكن، الهزائم الممكنة.. ولعل ما أورده ياسين عدنا بجانب عنوان هذه القصة يشكل خلفية الصورة بتعبير المصورين .. هوقمة النقد والرفض.. إنها عبارة كافكا التي نختم بها هذه الجولة من الكلام .. والتي من غير الممكن أن نضيف بعدها أي كلام..
14 غشت 1914 : ألمانيا تعلن الحرب ضد روسيا .. قضيت زوال اليوم في المسبح ص 61 ..


عبدالقادر حميدة
الجلفة / الجزائر



#عبدالقادر_حميدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجر بري
- للخطوة الصحيحة .. تجل أكيد
- مشارف .. تمحو الأرض
- رشا
- الحكاية لا تنتهي
- ثلاث قصائد
- طفلة
- رقش
- أيهن تصلح مسودة لعارضة القصيدة ؟
- يوم 5 يوليو
- الجميع يعرف القصة
- توابل أخرى .. في شوارع الكلام و المدن المشجرة
- عن نعمات البحيري .. اشجار قليلة و منحنى
- سمر يزبك : القراءة هي الكلمة السحرية الأهم في حياتنا
- الكاتبة المغربية مليكة مستظرف في قائمة الراحلين (عام الحزن)
- هكذا تحدث حميد ناصر خوجة
- حوار مع الشاعر ابراهيم نصرالله
- أسرار الشاعر الكوني (قراءة في ديوان الشاعر طه عدنان )
- حوار مع الكاتبة المغربية فتيحة أعرور
- أشواق أبي فراس الحمداني


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالقادر حميدة - ايحاءات التفاح و مغامرة التجريب