أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الجزء الثاني --- تحولات المنظومة القيمية















المزيد.....

الجزء الثاني --- تحولات المنظومة القيمية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 1900 - 2007 / 4 / 29 - 03:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الثاني
إن بناء الإنسان على مفاهيم الخوف والرعب والعقاب (والعبادة حصراً التي خلق الإنسان والجن من أجلها) تساهم في تشكيل وتجسيد إنساناً عصابياً مقيداً بنصوص مقدسة يقود الخلاف فيها إلى الكفر والإلحاد وبالتالي إلى نار جهنم ،في هذا المستوى كيف يجب التعامل مع القوانين الوضعية التي كرسها العقل البشري في سياق تطوره الموضوعي والتي تتناقض في كثير من الأحيان مع المفاهيم الإلهية أو تخالفها بالحدود الدنيا ، ألا يفضي هذا إلى تكفير أبناء المجتمع الواحد الذي يفترض أن يكون القانون المدني الذي يتساوى أمامه الجميع هو الضابط لممارستهم اليومية ، إضافة إلى تكريس القوانين المدنية الوضعية بكونها تمثيلاً موضوعياً عن التطور الإنساني الموضوعي وبالتالي يفترض أن يكون القضاء المدني الجهة الوحيدة المخولة للفصل بين أفراد المجتمع لكي لا يتحول الإنسان المسلم العصابي إلى سيف الله الدنيوي (من وجهة نظر بعض المسلمين ) ، متحولاً بذلك إلى وريثا ً لله على الأرض يقوم بشكل مباشر على تنفيذ أوامره ، محولاً بذلك فكرة العقاب والحساب من فكرة سماوية منتظرة تبعث على الرعب عند غالبية أفراد المجتمعات البشرية ، إلى ممارسة دنيوية ينفذها بعض المتشددين والمتعصبين بما يتوافق مع ميولهم وأهوائهم الشخصية والسياسية في تطبيق الشريعة السماوية بكونها ديناً ودولة ، إضافة إلى توفر إمكانية توظيف بعض النصوص الدينية لخدمة بعض الميول والتوجهات السياسية لبناء أشكالا مستحدثة من الدولة دينية .
إن ما عرضناه سابقاً لا يلغي دور الأديان ومساهماتها من خلال منظومتها الثقافية والقيمية في التماسك الإجتماعي بصرف النظر عن بعض الجوانب التي من الممكن توظيفها بأشكال سلبية .
ما نود التأكيد عليه في هذا النص يتمثل في التحولات الإشكالية التي اعترت المنظومة القيمية المحددة بالضرورة لمجمل المسلكيات الفردية ، وتحديد دور المنظومة القيمية الدينية في هذه التحولات ، وهل بقيت بمنئ عن التلوث والتحلل الذي أصاب البنى الاجتماعية بشكل عام . أم أن الانفتاح الفضائي والفساد في البنى الاجتماعية عامة ساهم في خلخلة وتشظي منظومة القيم الاجتماعية ، وماذا يشكل غياب أو تراجع مفهوم المطلق في الذهن الإنساني في ظل فساد وانحلال مستحكم يتوّجه غياب القانون إلا على الفقراء والمعارضين ليكون القانون أداة ووسيلة للقمع خدمةً لمصالح نخب محددة .
نؤكد مرة أخرى بأنه من الصعوبة بمكان عزل أو فصل الدين بمستوياته الفكرية ـ الثقافية ــ القيمية ـ عن الحياة الاجتماعية ، و أن العلمانية في سياق سيرورتها الراهنة لا تفترض التخلي عن مجموعة القيم الدينية أو رفضها أو محاربة تموضعاتها الاجتماعية لأنها مازلت حتى اللحظة الراهنة تشكل الملاذ الإنساني في مواجهة الانحلال الأخلاقي الراهن بل تطرح تحييد الخطاب الديني عن الممارسة السياسية ، وحصر الدين في سياق ممارسة الطقوس الدينية اليومية بعيداً عن سياسة الدولة ، ونؤكد بأنه لايمكن أن تكون المنظومة القيمية الدينية سبباً في الانحلال الأخلاقي ( باستثناء مظاهر التعصب الإشكالي المعبر عن أزمة الوعي الديني الذي يقود إلى الكبت الإجتماعي بكافة تجلياته ..) ، إن الدور القيمي للأديان في الحفاظ على التماسك الإجتماعي على المستوى الأخلاقي لا يبرر بالمطلق بعض الأشكال السلوكية لبعض المتعصبين والمتشددين المتجلية من خلال تمسكهم القروسطي بالتقاليد الدينية التي لم تعد تنسجم مع مجريات التطور الراهن وفي ضوء ذلك يتم تكفير الخارجين عن سياق منظومتهم الفكرية العصابية والمغلقة والتي يفُترض مواجهتها ، وبالتالي رفضهم للعلمانية بكونها تمثل من وجهة نظر الكثير من المتدينين ثقافة غربية مستوردة تقوم على رفض الدين وتدعو إلى الإلحاد والانحلال الأخلاقي ........ وهذا يفترض منا التأكيد على موضوعية الأديان لكونها تمثل حتى اللحظة الضمير والمخيال الإجتماعي العام و التأكيد على ضرورة التمسك بالجوانب الإيجابية لمنظومتها القيمية بكونها مازالت تعكس وتمثل القاع الأخلاقي للمجتمع ، وفي هذا السياق يجب التنويه على أن تجاوز أشكال الوعي الإجتماعي لايتم بانقلاب سلطوية في لحظة محددة ، بل من خلال تطور ثقافي وعلمي ومعرفي و.... تراكمي يكون نتاجه الطبيعي تجاوز من الوعي السائد بأشكاله السلبية .
تكمن الإشكالية الراهنة بمستواها القيمي ذات الطابع الإسلامي في ميولها نحو مزيد من الانغلاق والتي تنحو بأشكالها الظاهرية والبنيوية الداخلية بأشكال من الممارسة ذات الطابع الأقلوية رغم أن المسلمين يشكلون الأكثرية الاجتماعية على المستوى المحلي و الإقليمي ويمكن أن يكون مرد ذلك شعور المسلمين بكونهم يشكلون أقلية على المستوى العالمي ، إضافة إلى أن المنظمة الفكرية الإسلامية نفسها لم تعد تواكب تطورات اللحظة الراهنة ،وبحكم انغلاقها فهي غير قادرة على التفاعل مع باقي المنظومات المعرفية الراهنة مما يزيد من حدة تزمتها وتخلفها ، وهذا يدلل بأن أشكال الأزمة الظاهرية ليست محلية بل هي تعبيراً عن أزمة بنيوية مترابطة مع أزمة عالمية تتبدى من خلال تكريس الصراع الراهني بأشكال إيديولوجية وحضارية بين المنظومة الثقافية المسيحية وبين المنظومة الثقافية الإسلامية ، وتشكل هذه الميول الظاهرية لأشكال الصراع الراهني انحرافاً حقيقياً عن أشكال الصراع الإجتماعي بمضامينه الطبقية والذي يتجلى بوضوح بين رأس المال وأدواته ومفاعيله وبين قوى الإنتاج عالمياً في ظل مناخ رأسمالي معولم على قاعدة التباين والتناقض في مستويات التطور ، إن ميول التناقض والصراع العالمي بأشكاله الإيديولوجية الدينية والمدعوم من قبل الدول الرأسمالية الكبرى والتي ساهمت فعلياً في تشكيل ودعم بعض التنظيمات والبؤر الدينية المتعصبة والإرهابية .. يشكل تضليلاً للوعي الإجتماعي ، وذلك عبر حرف مجرى التناقض والصراع العالمي القائم على أساس التناقض الطبقي .
إن هذه الإشكالية تؤسس بالضرورة وكما هو ملموس إلى زيادة حدة الانغلاق والتعصب و تقود المجتمعات الإنسانية التي ما زالت فيها الأديان تشكل الأساس الموضوعي للمعرفة والممارسة إلى الدخول في دورة من العنف والاقتتال الداخلي وفق أشكال من الصراعات المذهبية على قاعدة انعكاس الأزمة العالمية على المستوى المحلي ، إضافة إلى أنها توسع دائرة الصراع العالمي بأشكال عنفية ذات سمات إرهابية في سياق إيديولوجي يدعو إلى المحافظة على الذات وعلى المنظومة الثقافية والقيمية وبعض الميول الثقافية والقيمية المتخالفة أو المتناقضة مع المنظومة القيمية والثقافية السائدة المستهدفة من الخارج ، وإن أولى أسباب هذه الإشكالية القيمية والثقافية ذات الميول الانغلاقية إضافة إلى الأسباب العالمية يكمن في عجز المنظومة القيمية السائدة المؤسسة موضوعياً على المفاهيم والنصوص الإسلامية عن مواكبة التطورات والمتغيرات العالمية على مختلف المستويات ،ويمكن أن يكون النص الديني المغلق والمقدس بنفس الوقت والذي لايحمل في بنيته النظرية إمكانات التغيير الموضوعي أحد الأسباب في الأزمة الراهنة .
تشكل الميول الراهنة لتحولات المنظومة القيمية المرتكزة على قاع معرفي إسلامي في سياق ٍ من التطور والتغيير المؤدي إلى الانحلال القيمي بأشكال ومستويات متنوعة ومختلفة هاجساً حقيقياً ، ويمكن القول بأن المنظومة الثقافية الإسلامية ساهمت في التأسيس لثقافة بطريركية ذكورية تقوم على تراتبية اجتماعية هرمية اعتمادها الأساس على السلطة الأبوية ، إضافة إلى تكريسها مبدأ العنف المبرر إيديولوجياً والقائم على مفاهيم عقائدية تكفيرية وإقصائية للآخر تصل في كثير من الأحيان حدود القتل جراء الخروج على المفاهيم الدينية المطلقة أو على قاعدة أخلاقية تبرر جرائم الشرف .
إن ازدياد حدة العنف الإجتماعي يمكن أن يكون أحد المظاهر الدالة على جذر الإشكالية القيمية والثقافية ( العقائدية الدينية والسياسية المعتمدة على سلطة العقيدة والقوة المقوننة المتحكمة في تقييم شرعية العنف المتفاوتة تبعاً للزمان والمكان والبيئة ، والتي يمكن أن تكون مبررة اجتماعياً في لحظات محددة ) التي تشرعن ثقافة الرفض القائم على التكفير و الثقافة الذكورية القائمة على مفاهيم الاغتصاب المعنوي الرمزي والملموس المكرسة لمفهوم الفرد البطل الذي يساهم ويؤسس في بيئتنا الاجتماعية الراهنة في بناء منظومة ثقافية وقيمية مغلقة تقود في سياق تطورها الموضوعي إلى تكريس مفاهيم الكبت والقمع المؤدلج دينياً ومذهبياً ، والتي تقود نتيجة التفارق والتناقض بين منظومتين ثقافيتين (غربية منفتحة قابلة للتطور في سياقها الجغرافي والثقافي ، وشرقية إسلامية منغلقة عصية على التغيير والتطور والتي تقود إلى المزيد من التخلف والتقوقع والانحلال نتيجة التفسخ الداخلي والصدام مع المنظومة الثقافية الأكثر تطوراً ) إلى المزيد من الانحلال الأخلاقي القيمي ، ليتقاطع موضوعياً الانحلال الناتج عن أزمة البنية الذاتية القائمة على الكبت والتمييز والقمع الذاتي والموضوعي في البنى المحلية المغلقة ، مع الانحلال المستند والناتج عن الانفتاح الغير المنضبط معتمداً على مفاهيم ومنظومات قيمية غربية تعبر بشكل أو بآخر عن بنى اجتماعية متخالفة في بنيتها الذاتية وسياق تطورها الموضوعي عن البنى الاجتماعية العربية والمتخلفة عموماً .
من جانب آخر يتلازم تأثير البنى الثقافية والقيمية العقائدية الدينية والسياسية المغلقة ، والغير قادرة على مواكبة المتغيرات العالمية مع إشكاليات الواقع الإجتماعي العياني الملموس الذي يتجلى من خلال الأزمة الاجتماعية العامة والمركبة المتحددة بأزمة سياسية ( أزمة شرعية النظم السياسية المسيطرة ، أزمة الخطاب السياسي العلماني المعارض) و أزمة اقتصادية تتجلى من خلال ارتفاع معدلات الفقر والبطالة الناتجة عن تراجع معدلات التنمية الصناعية والزراعية.. نتيجة لفشل المشاريع التنموية بفعل سيادة الفساد والنهب ... والمترابط موضوعياً كسبب ونتيجة مع التبعية الاقتصادية والارتهان السياسي للنخب السياسية المسيطرة مع الخارج ، والتي ساهمت في تشكيل وتأسيس بنى اجتماعي وسياسية واقتصادية هامشية و تابعة ...



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات المنظومة القيمية
- العراق بين سندان الاستبداد ومطرقة الاحتلال
- العراق من الاستبداد إلى الاحتلال
- بحث في إسكاليات المعارضة السياسية في سوريا الجزء الرابع وال ...
- إشكاليات المعارضة السياسية في سوريا الجزء الرابع الأخير
- إشكاليات المعارضة السياسية في سورية الجزء الثالث
- إشكاليات المعارضة السياسية في سوريا الجزء الثاني
- بحث في إشكاليات المعارضة في سوريا
- بحث في إشكاليات المعارضة في سوريا: 24
- خطوة في المكان خطوات للخلف
- أثر التغيرات السياسية على البنى الإجتماعية
- الميول الليبرالية وانعكاساتها
- الإعلام المعاصر
- أزمة الوعي الإجتماعي
- تجليات العولمة الثقافية
- المناهضة في زمن العولمة
- تحديدات أولية في العولمة ونمط الإنتاج المتمحور حول الذات
- قراءة في الخارطة الجيوسياسيةواحتمالات المرحلة المقبلة
- جدل اللحظة الراهنة
- الوهم الديمقراطي


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الجزء الثاني --- تحولات المنظومة القيمية