أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - من يشتري الهوية العربية؟














المزيد.....

من يشتري الهوية العربية؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1898 - 2007 / 4 / 27 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتفاخر الإعلام التعبوي الدعوي الدجال، بمصطلح الهوية العربية الفضفاض، ويتغنى بها، ويقدمها باعتبارها هبة السماء لهذا الإنسان الغاطس في وحول التخلف والمجاعات والنزاعات من رأسه إلى أخمص قدميه. وفي الحقيقة، حاولت كثيراً، وأعياني التعب، وأضناني السهر، وأنا أحاول أن أحدد الملامح الأساسية لهذه الهوية التي يتشدق بها العروبيون، والقومجيون، والمتأسلمون، علني أجد سبباً أو تفسيراً واحداً مقنعاً بتفرد هذا العطاء الذي منـّـت به الطبيعة، ويتغزلون بها آناء الليل وأطراف النهار. أو أن أعثر على مكسب واحد فقط أستطيع من خلاله أن أقدم برهاناً واحداً على لغز مؤامرات الصهيونية والاستعمار وبورما وبنغلادش والنيبال، على هذه الهوية لإخفائها عن الوجود، وأنا أرى كيف تحاول هذه الشعوب فرادى، ومثنى، وجماعات الفرار الجماعي للتخلص من روع وهول هذه الهوية نظراً لما لها من سمعة وموروث مخجل، لم يكن، وعلى مر تاريخه الطويل، على ما يرام. ولم أجد سبباً مقنعاً لدعوة الناس للتمسك بهذه الهوية، إلا لرغبة غامضة وشريرة، ولا تخلو من سوء نية، للتشفي بهم، والنصب عليهم، وإبقائهم على ما هم عليه من بؤس، وترد، وتواضع في الحال.

فلقد أصبحت هذه الهوية، تعني فيما تعنيه، الظلم، والاستبداد، والقهر، والقمع، والسجون، والمقابر الجماعية، والمطاردات الأمنية، والاستغلال والاضطهاد، والنهب المنظم للثروات الوطنية، والتمييز العنصري البغيض ضد الأقليات والنساء، واحتقار الفكر والمواهب والإبداع، والتنكيل بالأحرار، وتنطوي على كثير من العلامات الفارقة، كالفساد، والتفكك، والحروب، والنزاعات القبلية، والعشائرية، والثارات، والعداوات المتأصلة التي لا يعرف لها أساس من رأس. هذه الهوية التي لم تعد تعني أكثر من بؤر مستعرة بشتى أنواع الحروب والصراعات، ومناطق منكوبة بالدجل والأباطيل والخزعبلات والخرافات، وجغرافيا هشة ومفككة يتطاحن أهلوها من مئات السنين حول قضايا خلافية وجدلية مزمنة ولا تنتهي بانتهاء الزمان، ويسود فيها البسطار العسكري، والمهاترات الإعلامية الرخيصة، وقصر النظر السياسي، وضمور العقل الجمعي، والإعاقة الدماغية والفكرية السارية، والزعيق والبعيق، والتعصب والتشنج في المواقف، والرفض الفارغ، والديكتاتورية، والديماغوجية، والغوغائية، والانقلابات العسكرية، وتأليه الزعماء، وبدون هذه السمات الفريدة تفقد الهوية العربية سماتها وبريقها ورونقها المألوف والمعتاد.

ويشعر العربي الذي يغضب الله عليه، ويزور أي بلد عربي آخر، بأنه منبوذ، وملاحق، وعيون "الأشقاء"، وأجهزته تلاحقه في كل مكان، وأنه موضع شك وارتياب. . ولن أنسى تلك المعاملة القاسية والمهينة للهوية العربية في المنافذ الحدودية العربية والتقديس والتأليه الذي تحظى به الهوية والجواز الأجنبي، بنفس الوقت، في ذات المكان. وفي نفس الوقت حين يسافر إلى عواصم النور والألق والضياء، يشعر بعقدة النقص وبالفارق الحضاري الذي يفصله عن بقية خلق الله، ولا يفارقه ذاك الإحساس المريب، والعيون تتابعه بسبب تلك الهوية العظيمة التي اقترنت بالإرهاب، والسواد، والضحالة والتهافت العام. ويشعر المرء، في تلك الحالة، بأن الأرض تضيق، ويتمنى لو تخسف به خسفاً، وتمحقه محقاً لتخلصه من هذا الورطة التي تلازمه بفعل الهوية إياها. ويتعرض للتوقيف والمساءلة والتمحيص والتفتيش أكثر من سكان الأدغال، فقط بسبب ذاك الكنز النادر الذي يسمونه الهوية العربية.

ألا يهرع العرب بقضهم وقضيضهم، بشيبهم وشبابهم، ورعاعهم وأشرافهم، لكسب أية جنسية غربية، ويضعون كل ما نهبت يمينهم وشمالهم في البنوك الأجنبية؟ ويتدافع كثير منهم حالياً، وبالقوارب الخشبية، ويقطعون المحيطات ويتحدون الأعاصير والأخطار، باتجاه الدول الاسكندينافية، وأمريكا، وكندا، وأوروبا، لاكتساب شرف تلك الهويات التي تعني أنهم أصبحوا، فعلاً، من الفرقة الناجية من جحيم القهر والاستبداد، رامين بهويتهم العربية على أقرب مزبلة متوفرة، ومتخلين بذلك عن أوطانهم وهوية آبائهم وأجدادهم التي لم تجلب لهم سوى المهانة، والذل الأبدي، والجوع، والإملاق، والعار. ويدفع البعض ما تحته وما فوقه للحصول على فيزا والسفر إلى أي مكان للتخلص من شرور وعواقب هذه المصيبة النكداء. فيما لا نرى أياً من شعوب العالم لا المتحضر، ولا حتى البربري والهمجي يسعى لنيل لهوية العربية لأنها ستضعه في أسفل الترتيب الإنساني، وستأتي على ما تبقى لديه من أحلام ورصيد إنساني، ومشاعر بالعز والافتخار. هل رأى أي منكم نرويجياً، أو سويسرياً، مثلاً، أو حتى بورمياً وبنغالياً، يحاول جاهداً، ويتوسل لاكتساب الهوية العربية كما يتوسل أبناؤنا التعساء على أبواب جميع السفارات بما فيها سفارة منغوليا، والتيبيت، ومنشوريا، وتركمانستان؟

والآن وفي ظل هذه المعطيات المؤلمة والقاهرة، لو عرضنا هذه الهوية، التي أصبحت مع صاحبها أرخص من التراب، للبيع على سكان الأدغال، وأكلة لحوم البشر في الغابات، والمنبوذين، والمشردين، والغجر والنور، فهل يقبل أي منهم على شرائها؟ وهل لأحد مصلحة، بعد الآن، في اقتناء هذا الشرف الرفيع؟ والجواب عندكم بطبيعة الحال.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع آفاق
- لماذا لا يكرهوننا؟
- هل العولمة شريرة؟
- هل كانت الأديان ضرورية؟
- الاتجاه المعاكس
- وزير تربية سوري بحاجة لتربية!!!
- توضيح حول مؤتمر زيوريخ
- أنظمة الاستبداد: من يزرع الرياح الأصولية يحصد العواصف الإرها ...
- حوار مع أصولي
- حذارِ من الضحك والابتسام !!!
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح - 2
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح 1
- مؤتمر زيوريخ: لماذا؟
- كلمة نضال نعيسة في مؤتمر الأقليات - زيورخ
- مؤتمر القمة العربي: من يحيي العظام وهي رميم؟
- الانهيار الطبقي
- إمارة غزة-ستان: مغول العصر يحرقون التراث !!!
- بأيّ ذنب حجبت؟
- حوريات الحوار المتمدن !!!
- العرب وخطر الديمقراطية الداهم !!!


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - من يشتري الهوية العربية؟