أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مرزوق الحلبي - عن قمع المرأة من باب آخر!















المزيد.....

عن قمع المرأة من باب آخر!


مرزوق الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 1895 - 2007 / 4 / 24 - 12:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أمكننا أن نأتي إلى مكانة المرأة في مجتمعنا من خطاب "البطريركية" فنفسر به كل الظواهر التي نُكبنا بها، من قمع المرأة وحرمانها حريتها وحقوقها، وتعنيفها وصولا إلى اغتيالها بحجة الحفاظ على الشرف. وأمكننا أن نقرنه بخطاب علم النفس الفرويدي بشأن الذكورة والأنوثة وما في الثانية من مكامن تهديد للرجل المحكوم لمفاهيم الفحولة وخوف من فقدانه ذكورته في حال تعززت الأنوثة وانتشت. وأمكننا أن نضيف على هذا وذاك من لدن الجندر وما توفره من إدراك لمفهوم الصراع حول النوع الاجتماعي وتقاسم الأدوار المعهود في مجتمعنا والتغيرات الحاصلة عليه. وفي كل الحقول الآنفة الذكر إضاءات وتفسيرات هامة للظواهر التي أشرنا إليها ووصلت حد العبث من إيذاء للمرأة يصل حد القتل أو مصادرة حرياتها ووجهها وصوتها. لكن رأينا أن نقترح فيما يلي أداتين إضافيتين للتحليل تأتيان من حقل تحولات الهوية ومن حقل الطفرة الجنسية ومفاعيلهما. ونعتقد هذه وتلك، فاعلة بقوة في حياة مجتمعنا. وسندّعي في ضوء هذه المرحلة من حركة هوية الجماعة العربية هنا وربما في أماكن أخرى، أن شروط هويتنا الراهنة من شأنها أن تكثف المشهد الكارثي وتزيد من عدد الضحايا من النساء في كل مستويات الضحوية، وكوننا دخلنا مراحل الطفرة الجنسية فإن ردود فعلنا يُمكنها أن تضيق الخناق أكثر على المرأة. وقبل أن نفعل نشير إلى حقيقة أننا نخوض في هذه المسألة مدركين أننا بشأن ظواهر متحولة وأن الوضع الاجتماعي سائل غير ثابت يتسع لظواهر مشرقة في هذا الحقل وليس فقط لما ينهك الروح. ونشير إلى أن مفهومنا للهوية هنا واسع الأرجاء يتسع لكل الأنشطة التي تقوم بها الجماعة بما فيها ثقافتها ومنظومة القيم والأنماط والأنساق في الفعل والتفكير. أما عندما نتحدث عن الفرد في هذا السياق فبوصفه منتميا لجماعة ويشتق عالمه من عالمها وفضاءاتها وبالأساس، من قيمها وتوجهاتها. أما الطفرة الجنسية فهي هذا الكم الهائل من الإيحاءات والإشارات والتمثيلات والأفعال الجنسية التي تحصل لنا وحولنا والحاصلة مع غياب متسع اجتماعي لاحتوائها أو حصولها بغياب المدينة الأمر الذي يؤدي إلى تشويهات وخلل في تجسيدات الظاهرة غالبا ما تكون المرأة ضحيته.

تعيش الجماعة العربية هنا مواجهة مباشرة على جبهة الهوية تشعر في إطاره إنها في حالة دائمة من الدفاع عن ذاتها. في المستوى السياسي ـ الثقافي ـ الحضاري. وكونها امتدادا لهوية ذات عمق جغرافي وثقافي أوسع بكثير فإنها لا تعيش مواجهاتها هي فحسب بل كل مواجهات مجموعة انتمائها الأكبر وعلى كل الجبهات. وباعتقادي أن الجماعة العربية هنا هزمت على عدة مستويات، في مستوى التاريخ بفقدان الوطن وحتى الأرض، وفي مستوى الجغرافية بفقدان حريات التنقل الحر، وبالمستوى الوجودي، بفقدان السيطرة على المصير، وفي مستوى الحداثة، بفقدان فرص التطور وتحقيق الذات. فهي إذن ليست مواجهة متعادلة المحصّلة لا غالب فيها ولا مغلوب بل من الواضح أننا الخاسرون فيها راهنا على الأقل. وكأن الجماعة تسير من خسارة إلى أخرى وتتراجع من خط نار إلى خط خلفي آخر نحو آخر ما تبقى لها. وهي حالة تفترض أن يكون الدفاع فيها عما تبقى من الحصن/الهوية أكثر ضراوة وحدة. وهنا يصير الدفاع عن العرض/المرأة هجاسا متطرفا باعتباره خطا أخيرا أو من الخطوط الأخيرة التي تبقت لنا. وهنا فإن الحاصل هو في التمثيلات التي ننتجها للعرض/المرأة وما نحمله له/ها من دلالات تختزل الجماعة وتنوب عنها في ساحة المواجهة. ومن هنا كل الحديث المدجج بالآيات أو بالموروث عن أهمية حماية العرض أو الشرف أو المجتمع أو كيانه أو سمعته أو وجوده من الأذى أو من انقلاب



الزمن عليه. أي أن المرأة هذا المكون الاجتماعي المغيب يُستحضر كخط دفاع عن المجتمع الذي نراه أخفق في المواجهات، من قبل ومن بعد، وعلى كل الجبهات، فيشرع باستعراض قوته المفقودة على حساب المرأة المغيبة أصلا بافتعالها جبهة جديدة مع العدو الخارجي! وفي معمعان معركة الهوية هذه، وباسمها، طبعا لا ينقضّ المجتمع المهدد ـ مجتمعنا ـ على من يهدده فعلا من خارجه بل على التمثيل لهويته هو. وعلينا أن ننتبه إلى أننا نتحدث هنا عن المرأة كما يتحدث الوطنيون عن الوطن بمصطلحات الذود والدفاع والحماية والتضحية وما إلى ذلك. وربما من هنا الحاجة اللاواعية إلى حجبها عن الآخر بإبقائها في الحصن/البيت أو تضييق راديوس تنقلها أو تقييد مدة بقائها في الخارج أو ـ إذا تعذّر ـ فمن خلال ترميزات في نمط ملبوسها وأرديتها. يُخيل إلينا أننا بهذا الزيّ أو ذاك نضمن الشرف من الأذى والعرض من غائلات الدهر وطمع الآخر. ولن يفاجئنا أحد إذا ما جرى الحديث عن الموضوع بمصطلحات القداسة والشهادة. فمن شدة "حرصه" على العرض فهو على استعداد لينتهكه بنفسه ـ ربما على أن ينتهكه الآخر افتراضا ـ بقتل المرأة أو مصادرة حرياتها وحقوقها! والملاحظ مثلا أن المجتمعات العربية في مراحل الاستقلال والتحرر والعزة القومية بدت أكثر انفتاحا وأقل تعصبا وتشددا فيما يخص المرأة مما هي عليه الآن، وكذلك في مرحلة النهضة العربية التي أسست لمرحلة الاستقلال. وينسحب الأمر علينا هنا ربما بوصفنا جزءا من عالم عربي هويته مهزومة مأزومة.

وقد تتطور الحالة إلى إنتاج تمثيلات وتهويمات مفادها أننا على هذه الجبهة لا بد أن ننتصر لأننا في موقع أفضل من الآخر! وقد رصدنا هذه الحالة على مدار سنوات طويلة في اللقاءات اليهودية العربية حين يُخيل للشاب العربي أنه في مسألة المرأة يتفوق على اليهود لأن مجتمعنا "لا انحلال فيه ولا فسق ولا فجور مثل المجتمع الآخر" ـ كما يقول للمجموعة ليقنع نفسه أكثر مما ليقنعها. وعليه، سنرى تشددا في الموقف من التخلف ومن القمع من خلال قلبه إلى مفخرة ومثار عزة وتفوق من خلال تمثيلات وصور ومواقف مُتخيَّلة. ومن هنا فإن التفوق على الآخر يقتضي توكيد القمع الذي يصور على إنه الفضيلة وتكريس دونية المرأة باعتبار ذلك تمايزا عن الآخر وأفضلية عليه. أي أن النقيصة في حوار الهويات تتحول إلى فضيلة تخاض لأجلها المعارك. ومن هنا فإن أي تطور قد يكسر التمثيل بمعنى الصورة أو النموذج الناشئ للمرأة في مخيال "المدافعين" عن الهوية وهو تمثيل يبعث على العزة، يُواجه بحدة وحزم وبالمزيد من القمع للمرأة العربية. يحدث هذا لأن هؤلاء لا يستطيعون ـ على الأقل عندنا ـ أن يوقفوا تدفق الحياة على ما نرغب فيها ولا نرغب، على ما نتفق معه وما نختلف معه، على ما يُشبهنا وما يختلف عنا. كما إنهم لا يستطيعون أن يغيّروا المختلفين والآخرين ولا أن يغيروا من حقيقة هزائمهم/نا أو أن يقلبوا معادلات المواجهة، وإن خُيّل لهم. وهذا ما سيردّهم إلى حصنهم ( وتجسّده المرأة) يحصّنون فيه المرأة رمز هويتهم المهددة. أما "التحصين" فيكون الوجه المُعلن للفعل بينما الوجه المحجوب هو القمع وصولا إلى القتل. بل تتحول المرأة رمز "العزة" و"الهوية" و"المفخرة" التي يُفترض "صونها" إلى موضوع يذكرنا بالعدوّ أو الآخر مصدر التهديد والتحدي! وهنا يتراكم القمع طبقة أخرى فتفرض على المرأة أنواع وصنوف من فنون القهر!

ومما يزيد من تفاقم الحالة الهجاسية بالمرأة على صعيد الهوية، أيضا، هو دخولنا، وإن متأخرين، زمن الطفرة الجنسية. وهي فيما تعنيه الإدراك الجمعي بأن الإنسان "مخلوق جنسي" يسعى إلى تحقيق ذاته في هذا الجانب من وجوده من خلال بروز مسلكيات وإشارات وإيحاءات ولغة وتمثيلات جنساوية. أي بروز جانب الجسد "الشيطاني" فيه ومتطلباته كنقيض لما اعتبر الروح والأخلاق و"المقدّس"، وهو ما تشيّع له أنماط الترويج والتسويق والميديا الفائقة الحداثة. صحيح


أن الجنس كهاجس وجودي موجود منذ الأزل. وكل الذين يدعون أن لا حياء في الدين يدركون أنه قضية فلسفية وجودية كانت ولا تزال وفي كل مجتمع ودين. لكن الطفرة الجنسية هي حالة تُستظهر فيها الهوية الجنسية وتتطلع إلى التحقق بكل ما أوتيت من فرص، وفي كل مستوى ممكن. من أنماط اللباس والتزيّن والتبرّج وصولا إلى الاتصال الجنسي المحدود أو التام. لكن علينا أن نقرّ أنها طفرة محدودة بمعنى مسقوفة لأننا مجتمع ريفي أو "بوست ريفي" لا يتسع لتجسيدات هذه الطفرة كما اتسعت لها نيويورك النصف الأول القرن العشرين أو باريس! ومع هذا فهي كافية بوصفها، بروز الهوية الجنسية في مرحلة ضعف الهوية الجمعية أو هزيمتها في المواجهة مع الآخر، أن تقضّ مضجع القوامين على المجتمع/الحصن ويستدعي ردّ فعل منهم. وفي هذه المرة، أيضا، يتجندون للمواجهة حيث يستطيعون الظهور بمظهر المستنفرين الذائدين عن الحياض والحوض والحيض ،أيضا! ولأنها معركة خاسرة هي، أيضا، نراهم متحمسين للاشتغال بالطفرة الجنسية بتغطيتها عبر شقّها الأنثوي بزيادة ضبط المرأة وشدّها إلى الغرف الداخلية، مجازا طبعا. فهي خلف أردية وأردية وقد لا تخرج من البيت ولا تشارك في العملية الاجتماعية. يحرمونها من خوض الحيز العام إمعانا في الضبط. وتصير ركبة المرأة عورة أو كتفها أو حركتها أو صوتها.

وليس صدفة أن الزيّ المحتشم يتناسب مع الهوية الجنسية المستفيقة في زمن الطفرة الجنسية. فنراه زيا لطفلات لا يتعدين الرابعة أو ربما أصغر. لكننا رغم هذه الهرطقات في معالجة ظاهرة إنسانية مرّت بها مجتمعات الدنيا من قبل سنجد أن ما غطيناه وتغطينا به لا يمنع فتح المزيد من الملفات لدى مكاتب الشؤون الاجتماعية في كل قرية وقرية/مدينة من قرانا تتعلق بجرائم الجنس وصلة المحارم واعتداءات الرجال الأقارب الأقارب على فتيات وطفلات ونساء. وتعج مراكز مساعدة ضحايا الاغتصاب بالمراجعات والشكاوي. هذا ناهيك عما يصل الشرطة أو ما يُُدفن سرا في النفوس بتدخل "وجيه" أو بقمع أو بتهديد.

دالية الكرمل



#مرزوق_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مرزوق الحلبي - عن قمع المرأة من باب آخر!