أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ينما تمتد الأصابع الأمريكية يرتفع الدخان وتقام الجدران العازلة!















المزيد.....

ينما تمتد الأصابع الأمريكية يرتفع الدخان وتقام الجدران العازلة!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أ
في العام 1954 كتب الأستاذ المناضل والراحل محمد شرارة مقالاً قيماً ما زال في الذاكرة تحت عنوان "أينما تمتد الأصابع الأمريكية يرتفع الدخان". ولو كان هذا الأستاذ الجليل حياً لكتب مقالاً آخر تحت عنوان استكمالي هو : "أينما تمتد الأصابع الأمريكية يرتفع الدخان , وأينما تنهض الطائفية تقام الجدران العازلة". والمصيبة أننا ابتلينا بالعلتين معاً , وبالتالي ارتفع الدخان ووصل إلى عنان السماء , وبدأت جدران العزل الطائفي تنهض وتؤسس حالة جديدة لم يجرأ حتى الطاغية والمجرم صدام حسين على ممارستها رغم كل العذابات والمآسي وجرائمه ضد الإنسانية التي ألحقها بالشعب الكردي, لم يجرأ أن يقيم جداراً عازلاً بين كُردستان العراق والعراق العربي. إنها لمأساة حقاً أن يعمد "المحررون المحتلون !" و"الطائفيون السياسيون !" إلى بناء جدار يعزل مدينة الأعظمية الحبيبة عن بقية الأحياء البغدادية الأخرى الحبيبة أيضاً.
لقد بنيت في العالم ثلاثة جدران. كان الجدار الأول هو جدار برلين الذي بنته حكومة ألمانيا الديمقراطية باتفاق مع الاتحاد السوفييتي لتعزل برلين الشرقية عن برلين الغربية وتتخلص من النفوذ الغربي على سكانها وشراء سلعها بأسعار رخيصة واستيراد كفاءاتها العلمية من الغرب دون مقابل, وكانت النتيجة معروفة هي سقوط جدار برلين ووحدة المدينة في ظل الدولة الألمانية الاتحادية واختفاء ألمانيا الديمقراطية من خارطة العالم , وكما عبر عنها الكاتب الشيوعي المعروف شتيفان هايم بأن هذه الجمهورية أصبحت هامشاً صغيراً في كتب التاريخ ألألماني. إذ أن هذه الدولة الغائبة لم تدرك بأن الجدران لن تنفع إذا كانت السياسة غير سليمة وإذا كانت الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان غائبة أو معطلة أو مصادرة.
والجدار الثاني بنته الولايات المتحدة على حدودها مع المكسيك لتمنع الهجرة إليها من قبل المكسيكيين العاطلين عن العمل , في وقت يمكن اعتبار جميع الأمريكيين , في ما عدا الهنود الحمر , من أصول مهاجرة أساساً , وهو موضع خلاف في الولايات المتحدة ذاتها وفي المكسيك. وشارك هذا الإجراء على توتر في العلاقة بين البلدين وإلى استمرار الهجرة غير الرسمية مع سقوط ضحايا على الحدود بسبب مطاردات الشرطة لهم.
والجدار الثالث هو الجدار العنصري الذي لا تزال إسرائيل تستكمل إقامته على الأرض الفلسطينية لتنهب المزيد من الأراضي الفلسطينية من جهة , وتكرس العزل العنصري ضد العرب من جهة ثانية , وتفرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي من جهة ثالثة, بذريعة حماية الإسرائيليين من هجمات المقاومة العربية. وقد أقيم هذا الجدار , الذي لم ينته تشييده بعد , بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية , وإلا لما تجرأت إسرائيل على إقامته واغتصاب أراض فلسطينية جديدة متحدة المحكمة الدولية في لاهاي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن حول القضية الفلسطينية.
واليوم تقوم الإدارة الأمريكية وبموافقة من القوى الطائفية في العراق بإقامة جدار طائفي عازل, يعزل سكان وحي الأعظمية الذي يحتضن قبر ومزار الأمام الأعظم أبو حنيفة (نعمان بن ثابت) إمام المذهب الحنفي وأعظم أئمة مذاهب المجتهدين الأربعة بالشرع الإسلامي السني عن بقية أحياء بغداد باعتباره أحد الأحياء الذي تقطنه أكثرية عراقية عربية سنية بذريعة إبعاد الأذى عن السنة من بعض الجماعات الشيعية المتطرفة التي تقطن الأحياء الأخرى, أو بذريعة منع المتطرفين من السنة في تنظيم الهجمات الانتحارية على المناطق الشيعية. إنها لذريعة بائسة وخطيرة في آن واحد هذه التي يتذرع بها الأمريكيون والطائفيون السياسيون العراقيون لإقامة هذا الجدار الطائفي العازل, رغم رفض الشعب وقواه السياسة العاقلة له. وإذا بدأوا بهذا الجدار فعليهم إذاً أن يقيموا فيما بعد المزيد من الجدران العازلة الأخرى في ما بين الأحياء الأخرى التي تقطنها أكثرية شيعة, إذ أن الصراع بين الجماعات الشيعية – الشيعية قد بدأ في البصرة وسيمتد إلى بغداد لا محالة أن استمر الحكم الطائفي والمحاصصة الطائفية هما المعمول بهما في العراق, وسيتعذر تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في أرض السلام.
إن الجدار الرابع في سلسلة الجدران الحديثة في العالم سيسقط لا محالة كما سقط جدار برلين, وعلينا أن نرفضه منذ الآن , لكي لا نقيم المزيد من الجدران في بغداد ونخلق المزيد من الجيتوات العازلة للسكان الطيبين. إنها المأساة والمهزلة بعينهما إن وافقت الحكومة العراقية على إقامة مثل هذا الجدار, خاصة وأنها تتحدث عن قرب تسلمها للملف الأمني من القيادة العسكرية الأمريكية في العراق. إن محاولة عزل السكان السنة وكأنهم جميعاً يتحملون مسؤولية الإرهاب , ينسون تماماً بأن الذي يغذي الإرهاب في العراق ليس جمهرة من البعثيين من أيتام صدام حسين ولا جمهرة التكفيريين من أتباع المجرم الدولي أسامة بن لادن فحسب, بل ومن أتباع إيران في العراق بشكل خاص وقوى عربية وأجنبية أخرى وكل من له مصلحة في بقاء الفوضى والموت في العراق. فإيران تقوم الآن بتأمين السلاح والعتاد والمال والرجال للقوى الإرهابية الشيعية والسنية في آن واحد, رغم طائفيتها الشيعية السياسية, إذ أن همها الأساسي إشاعة الفوضى في العراق. وسوريا تمد يد العون لها أيضاً. وعلى القوات الأجنبية في العراق والحكومة العراقية أن تساهما في منع وصول تلك المساعدات لتنشيف إمكانيات الإرهابيين على القتل وليس إقامة جدار طائفي يعزل السكان العرب السنة عن بقية مكونات الشعب العراقي السنية والشيعية, العربية والكردية وغيرها من مكونات الشعب القومية غير العربية.
إن من حق كل العراقيات والعراقيين الديمقراطيين والعلمانيين واللبراليين, وكل المواطنات والمواطنين من أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق أن يقفوا ضد هذه السياسة الخبيثة واللعينة التي تريد عزل مكونات المجتمع عن بعضها. من حقنا أن نطالب السيد رئيس الجمهورية ونائبيه والسيد رئيس مجلس النواب ونائبيه والسيد رئيس الحكومة ونائبيه وكل المسؤولين الأمناء على وطنهم ومكونات شعبهم برفض هذا المشروع الطائفي ومنع إقامة الجدار العازل, فهو البداية لدق أسفين الفرقة الفعلية وتكريسها في المجتمع وهو ما يسعى إليه أولئك الذين يمارسون الإرهاب في العراق أو من يريد أن يستفيد من فرقة العرب في العراق, وهو ما يفترض منع وقوعه. إنها الخطوة التالية للمحاصة الطائفية المقيتة التي كرسها الأمريكيون والطائفيون السياسيون من قيادات الأحزاب الإسلامية السياسية القائمة على أساس المذهبية والمليشيات المسلحة التابعة لها. إن من حقنا أن نطالب حكومة إقليم كُردستان أيضاً برفض هذا الإجراء المقيت وإلا سيتكرر المشهد نفسه في مناطق ومواقع أخرى من العراق, بما في ذلك كُردستان وكركوك وبين المكونات القومية والدينية, وهي مصيبة جديدة تمس كُردستان والعراق كله.
على كل العراقيات والعراقيين تحمل مسؤولية ومهمة رفض هذا المشروع الجهنمي الذي سيدخلنا في نفق لا نخرج منه أحياء وآدميين نشعر بهويتنا الوطنية العراقية, مع احترامنا لكل ألهويات الطائفية الثانوية, وعلينا أن نرفض هذه ألهويات الثانوية التي تحتقر الهوية الوطنية العراقية وتدعو إلى مسخها, وهي المصيبة اللاحقة بعد إقامة الجدار العازل ضد سكان الأعظمية. إذ أن حل المعضلة في العراق لا يأتي بإقامة الجدران العازلة, بل عبر العملية السياسية والمصالحة الوطنية, وهو ما ينبغي أن نعمل ونناضل من أجله.
نيسان/ابريل 2007 كاظم حبيب
جريدة المدى



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من سبيل لمواجهة الإرهاب في العراق؟
- هل من سبيل إلى ممارسة النقد في الحياة السياسية العراقية؟
- هل من ثقة قائمة بين الدولة الإسرائيلية والدول العربية؟
- هل السلطات الثلاث في العراق في غيبوبة تامة؟
- لقاء صحفي بين صحيفة آلاي آزادي الأسبوعية والدكتور كاظم حبيب
- حول مشروع القانون الجديد لحقوق وامتيازات مجلس النواب!
- !مشروع قانون اجتثاث البعث والعملية السياسية في العراق
- هل من قرع متواصل لطبول الحرب في منطقة الشرق الأوسط؟
- القمة العربية ومشكلات المنطقة؟
- ندوة لندن ومشروع قانون النفط العراقي الجديد؟
- هل مجازر الأنفال ضد الشعب الكردي تشكل جزءاً من جرائم الإبادة ...
- هل بدأ الإرهابيون القتلة يستخدمون خزينهم الاحتياطي في القتل؟
- نحو معالجة جادة ومدنية للمشكلة الأمازيغية في الدول المغاربية
- هل يمكن اعتبار مؤتمر بغداد خطوة إيجابية على الطريق الصحيح؟
- واقع المرأة في المجتمع العراقي وضرورات التغيير
- هل يتعلم المستبدون من دروس من سبقهم في الاستبداد؟ السودان نم ...
- ما الجديد في الدبلوماسية الأمريكية حول العراق؟
- هل من علاقة بين قناة الجزيرة والقاعدة؟
- هل المظاهرات هي الطريق لتصحيح خطأ ما في العراق؟
- هل من تنسيق بين الخطة الأمنية وعملية المصالحة الوطنية؟


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ينما تمتد الأصابع الأمريكية يرتفع الدخان وتقام الجدران العازلة!