أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الكفائي - إزدواجية المعايير حتى في الأحتلال















المزيد.....

إزدواجية المعايير حتى في الأحتلال


رياض الكفائي

الحوار المتمدن-العدد: 1894 - 2007 / 4 / 23 - 12:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من ابرز تداعيات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي في القرن الماضي كانت الحرب الكورية التي اندلعت في عام 1950 إثر إحتلال القوات الشمالية وبمساندة عسكرية من قبل الصين الشعبية العاصمة سيئول وأجزاء كبيرة من أراضي كوريا الجنوبية بهدف توحيد الأمة الكورية.
وكعادة الولايات المتحدة الامريكية قادت تحالفاً يضمّ عدداً من دول العالم تحت مظلة الامم المتحدة لتدخل في إتون حرب مدمرة استمرت ثلاث سنوات حصدت فيها الملايين من المدنيين والعسكرين بين قتيل وجريح ، وقد بلغت خسائر الأمريكان 33 الف قتيل حسب مصادرهم واكثر من 400 الف قتيل حسب المصادر الكوريه الشماليه . انتهت الحرب دون تحقيق أهدافها فأعلنت الهدنة بين الطرفين عام 1953 ولا تزال القوات الامريكية جاثمة ًفوق الاراضي الكورية الجنوبية حتى يومنا هذا ، وتقدر اعدادها بأكثر من 33 الف جندي وهو ثاني اكبر إنتشار للقطعات العسكرية الامريكية في اسيا بعد العراق .
قمت بزيارة كوريا الجنوبية في ثمانينات القرن الماضي ، ففوجئت بمستوى ا لتقدم الذي عمّ بلد الزهوربعد أن خطا خطوات واسعة في مجالات التطور التقني والحضاري حتى اصبحت كوريا من الدول الرائدة في الكثير من حقول المعرفة كالصناعة والزراعة والعلوم الاخرى فضلا ً عن اسهاماتها الواضحة في حقول البحث العلمي .
كل هذاالتطور والنمو كان بفضل الدعم الامريكي والاستقرار السياسي والامني الذي وفرته الحماية الامريكية و تماسك البينة الداخلية والالتفاف حول القيم الوطنية غير متناسين امالهم في التوحد والعودة الى احضان الوطن الكبير كوريا الموحدة مملكة الهان الكبيرة كما كانت تسمى سابقا.
ولكن اللافت للنظر العلاقة الحميمة انذاك بين المواطن الكوري الجنوبي والمحتل الامريكي , فمشهد جنود المارينز وهم يجوبون طرقات سيئول لا يثير اي استغراب ، سوى فضول السائحين. بل ان منظر الجندي الامريكي وهو يتأبط ذراع فتاة كورية امرا مستحب و مدعاة للفخر، فحلم اي فتاه كورية هو ان يعشقها احد ابناء العم سام حتى لو كان مرتزقاً. في حين ظهر استحباب الشباب لجنود المارينز في ازيائهم وتسريحاتهم ونظاراتهم وأنديتهم والكثير من طرائق السلوك البعيدة عن تقاليد المجتمع الكوري.
وعند التحليق في اجواء سيئول أوالاطلالة على معالمها من خلال برجها الدوار فوق جبل نامسان ، سيتيح للزائرين التمتع بمنظر رائع للمدينة التي أضحت تضاهي اعرق واجمل حواظر العالم .
والحياه في كوريا الجنوبية هي مزيج بين التراث الكوري الاصيل والحداثة المتمثلة بالغزو الثقافي الغربي لهذا البلد. أما الكوريون فهم شعب متسامح يعشق السلام ويحترم القيم ويترجم اداب السلوك بانحنائة رقيقة وابتسامة رائعة. ومن كرمهم أن سمحوا لي بزيارة محطة كوري النووية لتوليد الطاقة الكهربائية. والبرنامج النووي في هذا البلد يشبه البرنامج النووي الايراني المثير للجدل، فهو برنامج للأغراض السلمية فقط، ولكن بدون اي ضجة اعلامية أو تهديدات أممية.
على الجانب الاخر نرى ان القوات الامريكية قد حطمت كامل البنى التحتية للعراق من خلال حربين كارثيتين وحصاراً دام 13عام , وعندما أحتلت بغداد قامت بتقسيم بلد الرافدين الى كانتونات طائفيه متناحرة مع اهمال تام لكافة الخدمات والحاجات الاساسية للمواطن. ورغم تأسيس بعض البنى والمؤسسات الديمقراطية الا انهااستحدثت على أسس طائفية مقيته تنذر بعواقب لا ترحم .
ومع ظهور ا لدبابة الامريكية في شوارع وأزقة بغداد ظهر فجأة الارهاب ليفعل فعلته ويدلي دلوه في ما تبقى من رفاة العراق الدامي.
ولكن ما يثير الاشمئزاز حقاً تلك المعاملة الاستعلائية التي تتمتع بها القوات الامريكية في التعاطي مع الشعب العراقي وتلك السلوكيات التي تنم عن حقد واستخفاف بكل قيم هذا الشعب العريق سليل الحضارات واول من خط بالقلم وعلم البشرية الكتابة.
إن ثقافة العنف الوافدة الى العراق هي احدى بشارات المحتل الذي وطأت أقدامه المنطقة مبشرا بمشروع جديد جعل جلّ المحيط الاقليمي يقرع ناقوس الخطر ليسهم في رفد العنف وتحويل العراق الى ساحه تصفيات سياسيه واقتتال طائفي.
لقد مضى أكثر من نصف قرن على الحرب الكورية ولا تزال سيئول تحقق طفرات نوعية في نموها الأقتصادي بسبب التوافق الوطني والدعم الأمريكي. أما ما هو الثمن الذي يتوجب على كوريا الجنوبية دفعه مقابل هذه الخدمات فهذا لا يعلمه الا الضالعون في السياسة ومن له حظٌّ كبير، فانا أقرأ ظاهر الكتاب كما يفعل التكفيريون دون الغوص في ثنايا الحروف والكلمات والجمل لذلك سوف أتوقف عن إصدارأية أحكام لأنها ستفصح عن جهلي وعدم شمولية رؤيتي كما هي رؤى و أحكام التكفيريين وتداعياتها الكارثية في العراق وبقية أنحاء العالم .
وكذلك مضت أربع سنوات لإحتلال بلد الامام علي وهو يحترق ويحقق طفرات نوعية في التمزق والتشرذم والإنحدار الى أسفل دركات جهنم ، وهذا كله بسبب الإحتلال الأمريكي و تمزق النسيج الإجتماعي للعراق ومرجعيات الأحزاب الأجنبية.
وإذا اضحينا نتفهم إزدواجية المعايير في القرار الأمريكي الذي أصبح جزءاً من المنهج السياسي العام في التعامل مع البلدان العربية والإسلامية أو الضعيفة وتلك هي معايير موازين القوى التي تتحكم بالمعادلات الإقتصادية والسياسية والعسكرية ، فثمة حاجة للإعتراف بأننا سلّمنا لهذه القاعدة التي ما فتأت أن تكون الشماعة التي نعلق عليها ضعفنا وتردينا.
ولكن الغريب أن إزدواجية المعاييرأضحت في منهجية الاحتلال أيضا . فما هي الحكمة التي تدفع بأمريكا لإحتلال بلدين تبني أحدهما وتدمر الأخر. تساؤل مشروع ،ولكني لا أجيد الإجابة عليه،و لم أجد التفسيرالأكثر تناغما مع الواقع سوى تعليقه على شماعة ثانية ، وهي إسرائيل التي ليست لديها أية مصالح في كوريا الجنوبية. أو لربما كون العراق بلداً إسلامياً أو الإثنان معاً. أيها الأخوه
" من يبحث عن المساواة ، فليذهب الى المقبرة " هكذا تقول الحكمة الألمانية. فليس ثمة مساواةٍ حتى في إحتلال الشعوب وقهرها.
يقول المفكر والكاتب الفرنسي لاروشفوكو " نحن لا نلوم الخطيئة ، ولا نشيد بالفضيلة إلا بدافع المصلحة " وهذا هو ديدن العالم الغربي . فأين نحن من هذا الفكر،وما هي آليات الولوج لمصالحنا وإسترداد حقوقنا .
نحن نواجه تحديات حقيقية ومصيرية متمثلةً بهذا الغزو الفكري والعسكري والنهب المبرمج للثروات، وخلق التناقضات بين المكونات، والتهجيرالقسري للعقول والكفاءات، وجعل العراق ساحة للصراعات وتصفية الحسابات لكن الأمة ليست بتراء،
العراق بحاجة الى مهاتما جديد.أما ترجمة الواقع فقد صدح به حافظ إبراهيم في وصفه للأمة .
أمة قد فتَّ في ساعدها
بغضُها الأهل وحب الغربا
تعشق الألقاب في غير العلا
وتَفدي بالنفوس ِ الرتبا
وهي والأحداثُ تستهدفها
تعشق اللّهو وتهوى الطربا
لا تبالي لعب القومُ بها
أم بها صرف الليالي لعبا





#رياض_الكفائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصرافيه والهارثه والبرلمان
- من الاستبداد الى الاحتراب
- الترادف والمعاصره


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الكفائي - إزدواجية المعايير حتى في الأحتلال