أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - ابتسم .. أنت في غزة














المزيد.....

ابتسم .. أنت في غزة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 1894 - 2007 / 4 / 23 - 12:15
المحور: كتابات ساخرة
    



لا تندهش عندما تحسُّ بأن [ بخاخا ] عطريا رطبا قد انتثر فوق رأسك وملابسك وأنت تسير في شارع العطور بالقرب من بلدية غزة ، فتقف لتتعقبه ،فتكتشف مصدره بخاخٌ بين إصبعي بائع العطور ينثره فوق رؤوس المارين كلون من ألوان الدعاية الجميلة .
ولا تستغرب بعد لحظات من بخة العطر السابقة حينما تدخل السوق الرئيسي المجاور تماما لشارع العطور فتغرق قدماك في [ لابا] سوداء أو [ لاصة] بالدارجة الفلسطينية ، وهي مزيج من ماء المجاري ، وماء تنظيف السمك ، فأنت تكون بالضبط في وسط سوق فراس ، حيث أكوام النفايات تحيط بالبضائع من كل جانب ، والناس يتجولون ، يشترون ويعودون إلى بيوتهم سعداء ...
ابتسم أيضا ..........فأنت في غزة .
ولا تستغرب حين تقابلك سيارة ، تسير في الاتجاه المعاكس ، لا لأن الطريق في الاتجاه الآخر مغلقٌ ، بل لأن سائقها أراد أن يخالف المعتاد ويتحدى ، فيشرع في تفرّس وجوه السائقين المحتجين منتظرا أن يسمع كلمة احتجاج بصوت عالٍ لتبدأ معركةٌ ، لا تنتهي في الغالب إلا بقتيل أو قتيلين !
وبعد لحظاتٍ أيضا تمر عند إشارة المرور فتجد سيارات كثيرة واقفةً احتراما للإشارة ، على الرغم من خلو الطريق تماما من المرور ....
فافرح وردد [ أنتَ في غزة] .
ولا تستغراب أيضا عندما تشاهد امرأة ناضجة تسير أمامك وهي تلبس السواد والنقاب الكامل ،والقفازات والجوارب الطويلة السوداء وهي تمسك بيدها ابنتها أو أختها أو قريبتها الشابة التي تلبس لباس الجينز وتضع كل المساحيق والأصباغ والروائح العطرة الجذابة !
فابتسم أيضا لأنك تكون بالضبط في غزة !
ولا تشعر بالضيق حينما تمرُّ في شارعٍ مملوء بعمال النظافة الناضجين، ممن يلبسون طاقيات (اليوأن دي بي) ويضعون يافطة على الطريق تقول: مشروع تشغيل البطالة تنفذه وزارة الأشغال بالتعاون مع (اليو أندي بي ) وهم يزيلون الرمال من على الإسفلت ويكومونها بجوار الإسفلت نفسه في انتظار هبوب الرياح في اليوم التالي ، أو في اليوم ذاته : فتعود (ريما إلى حالتها القديمة) بعد ساعة أو أكثر!
وبعد أن تصل آخر العاملين من جيش النظافة ، لا تمتعض أيضا عندما تشاهد أحدهم يرمي من سيارته زجاجة العصير التي شربها وسط الإسفلت فتتحطم أمامك بالضبط ،على بعد أمتار من عمال النظافة فما عليك إلا أن تبتسم ....فأنت تكون في عمق غزة .
ابعد عنك أيضا الإحباط والتعاسة وأنت تشاهد قافلة صغيرة من سيارات زفات العرس وأصوات الطبول والزغاريد تخرج من سيارة قصف الآذان الآذان ، وهم يغلقون الشارع بالكامل ،غير آبهين بالمارين والعابرين لأنهم ببساطة سعداء منتشين بإغلاقهم الطريق أكثر من سعادتهم بالفرح نفسه ، وإمعانا في [ الفرحة ] ينزلون وسط الطريق ويرقصون وهم يصورون [ الزحمة] مما يجعل مشاهدي الفرح يظنون أن كل السيارات التي تقف مكرهة ، تشارك هي أيضا في حفل الزفاف ، وان كل السيارات المحبوسة رغم أنفها هم أهل العريس والعروس .... فمبروك للعروسين !!
وغير بعيد عن هذا المنظر منظر سرادق [عزاء] يسد الطريق الوحيد ، على الرغم من وجود مساحة جانبية كبيرة وواسعة في المكان نفسه ، وذات يوم تساءلتُ في عزاء أحد معارفي : لماذا نصبوا السرادق في الشارع وأغلقوه بإحكام على الرغم من أن الفراغ في بيتهم أوسع بكثير من الشارع ؟
فأجاب أحد الخبراء في فن العزاء قائلا :
كيف يكون العزاءُ عزاءً إذا لم نغلق الطريق ؟
وإذا رأيت المنظرين السابقين .......فتبسَّم لأنك تكون في غزة هاشم !
لا تستغرب كثيرا أيضا وأنت ترى صرافي النقود المتجولين في الأسواق ، وهم يحملون في أياديهم آلاف الدنانير والدولارات بلا اكتراث أو خوف ، وأنت تراقب عشرات محلات الصرافة غير المحروسة ، ومحلات بيع الذهب المكشوفة ، وغير بعيد عن المنظر السابق ترى عصابةً من المسلحين أو الملثمين تجبرُ سائقا على التوقف وتسلبه سلاحه وسيارته وهاتفه الجوال أيضا ، وفي المكان نفسه تجد تجار السلاح وتجار النحاس الذائب من أسلاك الهاتف المسروقة يبيعون ويشترون بجوار سيارات الشرطة الزرقاء .... فقهقه من كل قلبك لأنك تكون في غزة أيضا !
وأخيرا لا تندهش حينما تسمع حوارا سياسيا في سيارة أجرة عن حجم الأمل المرتقب في حكومة الوحدة الوطنية ، ويأمل المتفائل بأننا سنعود كسنغافورة من جديد على يد تلك الحكومة ، وأن بساط الريح الفلسطيني يوشك أن يُقلع في سماء العالمين !
وفي السيارة نفسها من ينقبض صدره من الحديث السابق ، ويرد بعنف وبتحدٍ يقول :
القادم كقطعٍ من الليل الأسود ، نهاره ليل ، وليله أحمر ، وليست حكومة الوحدة الوطنية سوى حكومة [ الوحلة] الوطنية .....
وأخيرا فلا تستغرب وأنت تقرأ على أحد الجدران حديثا منسوبا إلى الرسول الكريم يقول:
( من ماتَ ولم يغزُ ، ولم يحدثْ نفسه بالغزو ، مات ميتة جاهلية) وفي المقابل بخط كبير تهنئة بعرسٍ تقول : [ بالرفاء] للعروسين وليس بالرفاه والفرق بينهما كبير ، وإلى جوار التهنئة دعاية انتخابية قديمة تقول : " إذا انتخبتم الحاج يزيد ... مرتبكم يتضاعف ويزيد ... وكل همومكم بعون الله تبيد " وغير بعيد عن اللوحتين مجموعة من الشباب والشابات يرسمون على الجدران لوحات انطباعية وسريالية بألوان زاهية ! فابتسم أيضا بنقاء وصفاء لأنك تكون في قلب غزة !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجادلهم ..... بالمتفجرات
- علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
- هل الإحباط مرض عربيٌ ؟
- هل أنظمة الاختبارات التقليدية إرهاب ؟
- المرأة بين الحقيقة والخيال
- المبدعون قرون استشعار
- إحراق الكتب في فلسطين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - ابتسم .. أنت في غزة