أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - لماذا لا يكرهوننا؟














المزيد.....

لماذا لا يكرهوننا؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1894 - 2007 / 4 / 23 - 12:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقوم جزء كبير من الخطاب الدعوي والإرشادي "الصحوي" الناري البار على أن الغرب "الكافر" هو العدو اللدود الأول لنا، ويكرهنا أيما كره، ولا يفوّت فرصة لحبك المؤامرات والانقضاض علينا. وأن كل ما يحصل، وما هو حاصل في العالمين العربي والإسلامي، من تخلف، وبؤس، وترد وانحطاط، وهزائم وتواضع في الحال، هو بسبب سيل الدسائس التي لا تنقطع من أولئك الكفرة الأشرار. وهم يستهدفون ديننا ووجودنا، لأن لا دين لهم، ولأننا أفضل منهم عند الله، ويحسدوننا لهذا الأمر بالذات. وأننا نشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لهم، ونحن هاجسهم الأوحد الذين يخافونه. وأن "المارد " الأخضر اليوم، هو لهم بالمرصاد، بما يمتلك من قدرات استثنائية من فقر، وجوع، وفساد، واستبداد، وجهل، وسجون، وتخريف وخرافات ووعّاظ. وهو لذلك الوحيد القادر على تقويض الحضارة الغربية، وهزيمتها في عقر دارها، ومسحها عن الوجود بـ"كم حزام ناسف" لا يقتل ولا يستهدف إلا أطفال العرب والمسلمين، ودمائهم البريئة، وأن أم الحواسم والمعركة المصيرية مع الكفار الزنادقة العصاة تمر عبر أولئك الأبرياء. ولولا إسرائيل اللعينة، وأمريكا الشريرة والكفار وحفدة القردة والخنازير، الذين يتربصون بنا ، ليل نهار، لكانت بلداننا وأوطاننا مثل كوبنهاغن، واستوكهولم، وهيلسني، وأوسلو. وأن العالم لا يحسب حساباً اليوم إلا لأولئك المليار ونصف المليار الذين يرتعون في بنغلادش، وباكستان، ومصر، وإندونيسيا وأفغانستان والسودان، ويخشاهم ويحسب لهم ألف حساب. وحين يتخلص الله لنا من هؤلاء الملاعين الأشرار سنعيش في نعيم، وهناء، وثبات، ونبات، ونخلف صبيان، وبنات نلبسهم الشادور والنقاب والحجاب.

وفي الحقيقة ينطوي هذا الكلام على كثير من المفارقات، والألغاز، بقدر ما يحتوي على فيض مدرار من المغالطات. وأعتقد أن هؤلاء "الكفرة" الأشرار يحبوننا بأكثر بكثير مما نكرههم. ولولاهم لاستحالت الحياة جحيماً ونار. وقد ساهموا إلى حد كبير، وعبر المساعدات العينية، والخبرات الفنية، والمساعدات الاستشارية في كثير مما ننعم به من رفاهية في الحياة. ،فلقد استفاد عشرات الملايين من أبناء البشرية من العلوم التي توصل لها الغرب، وفتحت الجامعات الغربية أمام جحافل الطلاب القادمين من دول العالم كافة. ومنحت الجنسية والإغراءات المادية الأخرى للإقامة في تلك البلدان لكل المتفوقين والموهوبين والمبدعين، وحتى المطاردين من بلدانهم. وأصبحت عاصمة النور لندن، مثلاً، مرتعاً، للأصوليين الفارين من جحيم الاستبداد الشرق أوسطي، ويطلقون منها بياناتهم النارية لتدمير الغرب الكافر، واعتباره مجرد "مرحاض" أعزكم جميعاً، العزيز القهار. وصدقت النبوءة، وصاروا، فعلاً، هم الفرقة الوحيدة الناجية من سعير القهر، وجحيم القمع، ونار الاستبداد.

فالغرب الكافر، مثلاً، هو من استخرج النفط من الصحراء العربية، وحولها إلى جنان خضراء، وواحات فيحاء تدب بها الحياة وتزدهر بها أوجه النشاطات الاقتصادية والفكرية والرياضية والفنية، وتقام فيها الندوات والمؤتمرات لشتم الغرب الكافر، وتخوين الناس في "الأجواء المكيـّفة" في قلب الصحراء. ولولا تلك المساعدات التكنولوجية الهائلة لكانت تلك البلاد تعيش الآن كما في سابق عهدها في التاريخ التليد العظيم "إياه"، وقبل أن يكون هناك غرب وكفار. كما وقدم ذاك الغرب الكافر خلاصة، وعصارة جهده وتفكير أبنائه في المجال الطبي، وقضى على كثير من الأمراض السارية والمعدية التي كانت سائدة في العالم. وهو نفس الغرب الذي يقدم لهم الطاقة الكهربائية ليـُحـَلـّوا بها المياه التي "جُعـِل منها كل شيء حي". وهو الذي أطلق الأقمار الصناعية لـ"تسبح في الفلك"، والساتيلايتات التي يطلـّون منها يومياً على الشاشات وينثرون "روائعهم" الفذة على العباد. ولو أراد الغرب وتصرف بنفس المنطق العدواني السافر، لمنع عنهم النور بكبسة زر واحدة، وأعادهم إلى الدياجير السحيقة السوداء، وإلى عصر البعير الأول، والظلمات.

وأعتقد أنه من باب التحليق العبثي فوق عوالم مهجورة، والاستطراد اللغوي الأجوف، في هذا المحور والاتجاه لتقديم كافة "الدوامغ" الساحقة على إنسانية الغرب، وسمو مسعاه، ونبل نواياه. ويمكن تلخيص مجمل الفكرة بأن الغرب لم يبخل بإنسانيته وحضارته على الآخرين، ولا يستحق منهم سوى قليل من الصمت إن لم يكن من الوفاء، والاعتراف، ورد الجميل، وذلك بغض النظر عن ممارسات بعض من سياسييه المجانين الأوغاد المسكونين بأضغاث أحلام توراتية وأسطورية جوفاء. وإنه ليس من باب المفاضلة العادلة، والمنطق، أبداً، القول إذا كان هناك بعض القتلة والمجرمين الموتورين في الغرب، أن يتبنى البعض نفس الخطاب، ويأخذ به ويصبح قاتلاً ومجرماً أفاك. بل الأحرى هو الكشف عن الجانب الأروع والأجمل والإنساني الأخلاقي العظيم، وتكريس القيم العليا التي تحض على التسامح والحب والوداد. ولن نذهب، هنا، في تثبيت الأبعاد، والعواقب القانونية لترويج مثل ذاك الخطاب، طالما أن البعض يعتقد أنه مازال يعيش خارج نطاق المحاسبة والمساءلات، ولا يعترف، البتة، إلا بشريعة الغاب.

العالم، وقد أصبح زقاقاً "ضيقاً"، في قرية كونية صغيرة، يسمع، ويتابع، ويتفكر ويتأمل، ويحلل، ولا يمكن له، مطلقاً، أن يتفهم بواعث، وغايات هذا الخطاب التحريضي العدواني الأشرس الذي يدأب البعض على تسويقه مستغلاً تحالفه مع أنظمة الاستبداد. إلا أنه يمكن الخروج بنتيجة مؤلمة واحدة في ضوء كل ذاك، وفي ظل هذه المعطيات والممارسات والعظات، ليصبح السؤال الأكثر منطقية وحضوراً عندها، وفي هذه السياقات، بالذات، هو ليس لماذا يكرهوننا، إن كان هناك ثمة كره ما، بل لماذا لا يكرهوننا، ويكنون لنا مشاعر التوجس، والشك، والارتياب؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل العولمة شريرة؟
- هل كانت الأديان ضرورية؟
- الاتجاه المعاكس
- وزير تربية سوري بحاجة لتربية!!!
- توضيح حول مؤتمر زيوريخ
- أنظمة الاستبداد: من يزرع الرياح الأصولية يحصد العواصف الإرها ...
- حوار مع أصولي
- حذارِ من الضحك والابتسام !!!
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح - 2
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح 1
- مؤتمر زيوريخ: لماذا؟
- كلمة نضال نعيسة في مؤتمر الأقليات - زيورخ
- مؤتمر القمة العربي: من يحيي العظام وهي رميم؟
- الانهيار الطبقي
- إمارة غزة-ستان: مغول العصر يحرقون التراث !!!
- بأيّ ذنب حجبت؟
- حوريات الحوار المتمدن !!!
- العرب وخطر الديمقراطية الداهم !!!
- وعّاظ الماركسية بين التشييع والتوهيب !!!
- الخليفة المنتظر


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - لماذا لا يكرهوننا؟