أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام إبراهيم - الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة 5














المزيد.....

الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة 5


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1899 - 2007 / 4 / 28 - 11:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أليس تاريخ العراق المعاصر ما هو إلا مقاتل وسبايا تتناص مع فاجعة المقتل ؟

أليس ما حدث ويحدث من قتل وقمع وتشريد وخراب ما هو إلا تعميم لفاجعة الشيعة الأبدية على باقي الطوائف والأديان والأقوام القاطنين بوادي الرافدين ؟

النص انبجس دون تخطيط تخلق في لعبة موجعة – ممتعة كنت فيها أجرب استحضار أرواح أحبة وأمكنة غادرتها أو غادرتني إلى الأبد . دفعت النص إلى النشر على أنه رواية صدرت عن دار المدى عام1996 وماذا بعد أيضاً؟ ماذا أفعل لمقاومة عزلتي ووحشتي وأختناقاتي الليلية؟

انغمرت منذ أشهر عدة في رحلة جديدة متتبعاً دروب الحب في جحيم التجربة ، أخوض في فوضى روحي المضطربة، وأعيد ترتيب مشاعري إزاء حبيبتي – حواء – الأنثى ، النص الآخر لمعنى الكينونة، قصة حبي في مخاض مجتمع مغلق، وبين رجال عصابات هاجسين بموت قريب، أعيد صياغة أمكنة عشتها، حلمت بها، عبرتها مسرعاً ، أحاور أشجان ومآزق بشر قتلوا اندثرت ذكراهم، ما زالوا أحياء. أنزوي في مكتبة روسكلدة غير شاعر بوطأة المنفى.. أنا المنفي منذ الطفولة.. فقر وقسوة – واضطراب صباي ومأزق مراهقتي العنيفة قمع عائلة محافظة ، وقيم مجتمع منغلق، ثم قمع سلطة قاسية – دموية، ضخمت رعبي المقيم وأرتني الويل في أقبية العذاب الرطبة التي كنت أتخيلها معتمداً على حواس السمع والشم واللمس دون النظر الحبيس في حلكة القماش ، والأقبية استضافتي لمرات أربع بين 1970 – 1980 أنحفرت بروحي وجعلتني أدمن الكوابيس، أقفز من نومي صارخاً مرعوباً من وقع أحذيتهم الخفيفة على بلاط الممرات، من صوت محرك سيارتهم الفخمة أنط من الفراش لحظة إحاطتهم بي لاهثاً مرتعداً، ثم قساوة رجال العصابات المساكين والمؤسسة الحزبية – الأيدلوجيا – التي لا تختلف عن قمع السلطة إلا بالموقع من الحكم!. .

لي علاقة حميمة مع الموت منذ الطفولة، ثلاث مرات أغرق بنهر الديوانية وينقذني المارة.. لا زال طعم الماء المتسرب إلى قصباتي الهوائية طرياً في روحي صدمتني سيارة نقل وفقدت الوعي لأيام ثلاث.. رأيته يحطم أجساد زملائي الجنود في جبهة الحرب الإيرانية – العراقية وحرب العصابات في الجبل، ثم رأيته يهبط عليَّ من سماء غروب صيفي رائق ألقته آلهة الحديد المزمجرة التي مرقت للحظة خاطفة فوق وادي زيوة المظاهر لمدينة العمادية لتأرجحني على حافة موت حقيقي ظل يزورني كل شتاء فكيف لي إذن الشعور بوطأة المنفى .

أعتبر نفسي محظوظاً – على حد تعبير البرفسور الدنمركي الذي أشرف على فحصي وقرر عدم صلاحيتي لسوق العمل في الدانمارك – بمطاف رحلتي الأخيرة مكتفياً في عزلتي بطفلي الحبيبين وزوجتي التي ترافقني منذ عشرين عاماً وأدويتي اليومية أغزل أحاسيسي في نسيج الكلمات وكأنني في العراق ليس لدي علاقة بأحد ولا يسألني أحد بعد أن أحالوني على التقاعد وجعلوني أعيش فعلاً إحساس ظل يراودني كل غبش منذ الطفولة ظهر في نص – رؤيا الغائب – على لسان الجندي الهارب الذي أضطر إلى تسليم نفسه للسلطات العسكرية لحظة استيقاظه في غبش أول ليلة له في السجن .

ـ أختنق بأسى الفجر كحاله في مطلع كل فجر منذ الطفولة حيث يصيبه مبدأ الغبش بوهن ينبعث من حب غامر، غامض، مطلق، مستحيل يمتلك كيانه، يجرفه نحو الأشياء كلها، فيتخدر في اللحظات التي تسبق صحوة الأشياء شاعراً بودٍ شجن حتى لأعدائه ينصت ويحملق بالحيوات وهي غارقة في غفوتها تبكيه الرغبة المستعرة بمعانقة الشجر والجدران، الماء والتراب، الشرطي والحبيبة، الضوء والفيء، العصافير والجنود، رغبة مفعمة غير مثقلة بالأسئلة والمبررات، الأسباب والمعاني .. و .. سرعان ما تتوارى مع استيقاظ الأشياء وضجيجها، هاهو الآن مغموراً بسلام اللحظة مسكوناً بالأدعية وضجة العصافير وخرير الماء المنسكب من حنفية الحوض وصياح الديكة. يدفق وداً طيباً ـ.

هاأنذا أعيش سلام اللحظة تلك ناصيتي التي أطل منها وأحاور أحتدامات الإنسان في بقعة تراب عمري الدامي، أحاول التعبير نثراً أو سرد قصة ذلك العراقي المحب الحائر المحاصر والذي قال عنه الشاعر العامي العراقي الراحل طارق ياسين في قصيدة مكثفة فذة

(( وين رايح بالمحبة ؟ !!!

بروح ما خضر سعفها

والديوجة الغبشت بتالي حنينك محد إشكالت

عرفها

وإمتله بدمك عرفها

أشكثر رغباتك ؟ .. إمنين تفوت ؟

والدنية شكصفها ))

أنا لست سوى مشروع ينوي التحقق تجربة في طور التخلف والتكوين هل سأستطيع تجسيد فوضى الروح في حصارها الدامي بالنص ؟

هل سأعقل آلامي وأتطهر من وطأتها بإلقائها على كاهل الورقة ؟

هل سأصمد مقاوماً ضيق أنفاسي واختناقي الليلي بهواء الكلمات ؟

لا أدري.. سأسعى إلى ذلك، وإذا لم أبلغ غايتي يكفيني أنني حاولت* .





سلام إبراهيم


8-3-2004 أعيدت كتابته

النص بالأصل مساهمة الكاتب في مؤتمر القصة العراقية الذي عقد في لندن صيف 1996






--------------------------------------------------------------------------------



* من رواية رؤيا الغائب





#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الحب رواية هدية حسين 1
- ما بعد الحب رواية هدية حسين2
- الحرب خربت كل شيء كم كانت السماء قريبة- رواية -بتول الخضيري-
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة2
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة4
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا -مصاطب الآلهة- مجموعة - ...
- عن معاناة اللاجئين في الشمال الاسكندنافي التأليف بين طبقات ...
- المنفي كائن مشطور بين ثقافتين العنكبوت- مجموعة -علي عبد العا ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة1
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- المتاهة قصة قصيرة
- رؤيا المدينة
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- السفارة العراقية ومجلس الجالية في الدنمارك: ظروف مريبة في أن ...
- فلم جلجامش 21 للمخرج العراقي طارق هاشم حكاية العراقي التائ ...


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام إبراهيم - الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة 5