أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الكيانات السياسية والمسالة الدينية














المزيد.....

الكيانات السياسية والمسالة الدينية


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1892 - 2007 / 4 / 21 - 11:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


باتت علاقة الكيانات السياسية بالمسالة الدينية من المسائل الشائكة والعسيرة حيث سيظل العالم الاسلامي يتخبط في ظلالها ولا يتمكن من احراز اي خطوة الى الامام في سبيل دخوله مضمار الحداثة العالمية ، ولان الكيانات السياسية لاتتمكن كما يبدو من ارضاء الجماهير او كسبها لتجمعاتها الا تحت هذه المعاطف الماكرة ، المعاطف التى تؤكد المرة تلو المرة بانها اسلامية وبرامجها نابعة من النصوص التاسيسية المقدسة ولا سبيل الىالتسليم بابتعاد النص عن الواقع ، وانه ينبغي تغيير هذا الواقع والرجوع به الى عهد السلف الصالح ، ولا يجوز فهم النص فهما تاريخيا حتى تعود الموائمة بينه وبين الواقع ، مثل هذا التصور يهدر البعد التاريخي ويلغي الفهم الانساني المتعدد للنصوص لان النص (حمال اوجه )كما يصف الامام على عليه السلام النص القراني ويوضح ذلك بشرحه المشهور عن القران الكريم (انما هو خط مسطور بين دفتين لاينطق ، انما يتكلم به الرجال ) الطبري / تاريخ الرسل والملوك ج/5 ، لذا نرى عمليا سعي هذه الكيانات الى تكفير بعضها البعض واراقة دماء الاخر وتمزيق الانسجة الاجتماعية من خلال التعصب والنعرات الطائفية والزعم بامتلاك الحقيقة الدينية ومن ورائها الاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية اضافة الى نقص مكونات ثقافتها الى الشروط الحضارية الاساسية للانخراط في عالم التحضر ، ومن هذه الشروط الاساسية قبول الاخر وهضم مبدا التسامح بمعناه الحديث ، بمعنى الاعتراف الكلي بالاخر كخيار وجودي في اطار مبدا ما نسميه بحق الاختيار وحقيقة التعددية البشرية ، اي تقبل الاخرين كما هم وان من حقهم (كما هو حقي )ان يعتنقوا ما يشاءون من الاديان وينتموا الى ما يريدون من المذاهب ، التسامح بمفهومه الحديث يعني اولا واخيرا الاعتراف بالاخر والتعايش والتحاور معه علىاساس حرية المعتقد وحرية الراي وحرية التعبير لكي يتمتع جميع البشر بحقوق انسانية متساوية من حيث هم بشر ليس الا . الشيء الاهم الذي يتناقض مع الفهم الحديث للتسامح هو ان تزعم كل واحدة من هذه الكيانات بانها هي المكوّن الاجتماعي الاوحد الصحيح والصالح لقيادة الامة والمجتمع وتحتكر فهم النصوص التاسيسية وتاويلها ومن ثم تعادي التعددية الفكرية والسياسية وبهذا المعنى يشير سيد قطب :((بان هناك حزب واحد لله لايتعدد واحزاب اخرى كلها للشيطان والطاغوت ))(معالم في الطريقة ) .
واذا كان خطاب هذه الكيانات يستهدف في ظاهره القضاء على تحكم البشر واستبدادهم واستعبادهم لبعضهم البعض فاءنه ينتهي على المستوى التطبيقي الى تحكيم بشر من نوع خاص ، يزعمون لانفسهم حق فهم النصوص وشرحها وتفسيرها وتاويلها ، وانهم وحدهم ينوبون عن الله وينطقون باسمه ، وبالتالي تنصب هذه الكيانات قياداتها اميرة على الجماعة والناطقة الوحيدة باسم الرب في حين تؤكد النصوص الدينية بانّ جلّ وعلا لم يخول احدا (مهما كان) من البشر نائبا وناطقا عن نفسه ، ولم يمنح لاحد صلاحية محاكمة الناس وتكفيرهم فهو القائل سبحانه وتعالى : ((فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب )) الرعد /40 . هذا نص واضح لا عسر فيه ولا فيه تاويل ، يفصل بين الوظيفة البشرية والوظيفة الالهية ، فاذا كان عزّ وجل نفسه لا يخول نبيه الكريم (وهو المصطفى من الله ) صلاحية الحساب والعقاب ولا يمنحه سوى صلاحية التبشير والتبليغ والتذكير ، فكيف ببقية البشر وخاصة اولئك المنضوين تحت تجمعات سياسية يسمون انفسهم ((احزاب الله ))؟!!

لم يعد مقنعا وذات حجة وبرهان هذا الشعار التبسيطي : ((الاسلام هو الحل ))الذي تتبناه علانية او سرا معظم الكيانات السياسية الدينية، وتحاول به وعن طريقه كسب رضا الجماهير وايهامها واغرائها عاطفيا بصحته وانه الحل الوحيد لاخراجها من بؤسها وتمزق هوياتها وضياعها واستلابها على كل الاصعدة ، وان نجحت بذلك(وهي فعلا نجحت لاسباب تتعلق بالوعي الاجتماعي المتردي ) فانما تتحمل (خاصة تلك التي وصلت للامساك بالسلطة )على عاتقها مسؤولية ما الت اليه اوضاع الناس في المجتمعات الاسلامية من اندحار وضعضعة وطردهائل بكل المكونات الثقافية والاقتصادية والتنموية والسياسية خارج نطاق حضارة الالفية الثالثة التي تزدهر بها مجتمعات المعمورة وتحقق المزيد من المكتسبات سواء على مستوى الازدهار الاقتصادي والرفاه المعيشي او مستوى حقوق الانسان والحريات وتداول السلطة ديمقراطيا في حين ظلت مجتمعات ((الاسلام هو الحل ))تنخرها الفاقة المعيشية والاستبداد السياسي وغياب الحريات والتصادم الاجتماعي .

لذا من والراهنيات الشديدة والملحة ان تراجع الكيانات السياسية الدينية لنفسها ولتاريخها مراجعة نقدية صارمة والاعتراف بوجود اكثر من مرجعية غيراسلامية ،مرجعيات مدنية انسانية نشات وتطورت وفق الحاجات التاريخية البشرية ثم الاخذ بالصالح من مباديء هذه المرجعيات واستنباتها في بيئة المجتمعات الاسلامية وفق المبدا الذي جاء به الحديث الشريف : ((انتم اعلم بشؤون دنياكم ))هذه المراجعة النقدية الصعبة لذات الكيانات السياسية الدينية تتطلب اول ما تتطلب خطوة شجاعة وحاسمة مفادها خلع المعاطف المقدسة ورمي العصا التي تتوكأ عليها حتى لا يتشابه على الناس الخيط الابيض من الخيط الاسود ، ولكي لا تستمر مكيدة رفع المصاحف على أسنة السيوف ينبغي التخلي عن اضفاء المواصفات والشرعيات الدينية على الكيانات السياسية باعتبارها كيانات مدنية تسعى الى تطوير المجتمع ونقله الى الحالة المتحضرة بما فيها من رفاه معيشي وعدالة اجتماعية ومن احترام للانسان وحريته ورد الاعتبار للعقل واعتماد الحجج والبراهيين للحوار مع الاخر وجعل الدين رافدا عظيما لرقي حياة الفرد والمجتمع بما فيه من روحانيات رائعة تنزه الانسان من المآرب الدنيئة والاغراض الدنيوية الرديئة وبما فيه من نصوص كونية توجه الحياة نحو الصواب .




#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابات البرية
- العقل وخطأ السكين
- المازق الطائفي في العراق
- شاهد من ازمنة التزوير الثقافي
- الطبري :الاسطورة والتاريخ
- / كتاب شهر اذار/ كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- القيم الذكورية في الذهنية الاسلامية
- اليهودي في الذهنية الاسلامية
- الكيانات السياسية والمعاطف الماكرة
- الف ليلة وليلة والحقبة الكسولة
- الحداثة ومازق الهويات
- السلطة في التاريخ الاسلامي
- التدين الاسطوري قبل الاسلام
- الاسلام بين ثقافتين:العنف والتسامح
- مذكرات غابرييل غارسيا ماركيز
- الصخب وثقافة العولمة
- الوقائع المزورة والام الحلاج
- النداءت المضيئة لرقي الانسان
- عن ماذا يكتب المثقفون
- جدليات ابن خلدون


المزيد.....




- باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع لتعجيل ظهور المسي ...
- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الكيانات السياسية والمسالة الدينية