أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - يسير بلهيبة - أبطال أماجد في كتاب : - أبطال بلا مجد-















المزيد.....


أبطال أماجد في كتاب : - أبطال بلا مجد-


يسير بلهيبة

الحوار المتمدن-العدد: 1891 - 2007 / 4 / 20 - 12:34
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


" لا ننجو من العقاب عندما نحرك الماضي ، لاسيما عندما يقضي هدا الماضي على بعض الاساطير ويفسح المجال اما ابطال لم يكن احد يعرف وجودهم ، استقبل البعض هدا البحث الدي وصل الى نهايته بتردد وشك ، واستقبله البعض الاخر بحماس واهتمام ..ص249"المهدي بنونة

كلمات لا بد منها

في الأدب :
من النادر أن يجتمع في الأدب المكتوب وفي تراثنا السياسي والثقافي ، أدب المقاومة المبني على كتابة الاحتراف وفنية التعليق و خصوبة المشاعر ودقة المعلومات والمصادر ،فقد يسهل إلى حد ما تليين الكتابة بالعزف على استقلالية المقروء ادا ما تعلق الأمر بالكتابة الروائية أو بالسيرة الذاتية (المتخيل)، إلا أن الأمر هنا في مؤلف المهدي بنونة يحتمل كل معاني الإتقان و الجرأة و المكاشفة السياسية والأدبية ، فأن تنظم كتابة عن الماضي بأسلوب أدبي وحكائي متميز محافظ في نفس اللحظة والفضاء الحكائي على مصداقية النص ومضمونه ، مغامرة تستحق من كل متتبع أن يقف إجلالا لمجهود الرجل ف " أن تحكي ثانية مسار ثورة أجهضت ليس بالأمر اليسير .لا سيما إن كان المراد هو اجتناب شوائب ونتوءات الخطاب النضالي .وخطاب المغالطة والطرائف ص 7"
في السياسة وصون الذاكرة :
يبحث المهدي طيلة رحلته (خمس سنوات من البحث الدؤوب) عن كنز ضائع ، أتلفته رياح المتغيرات فوق صحراء النسيان وعلى ممر مساحات شاسعة من الوقائع و التراجعات والخيانات و الفشل الدريع الذي رافق تجربة اليسار، في مسيرته إبان وبعد تجربة المواجهة والتحدي ، ويحاول من خلال تسلسل الاحدات وتراتبيتها وأحيانا رتابتها كشف الخيانات و خيبات الأمل لجيل ناضل من اجل الحرية ، وتشبث بحلمه حتى جرفته تجربة المواجهة إلى نكران الذات من جهة ومن جهة أخرى إلى خجل بعض رفاق الثورة من الاعتراف بالمناضلين الحقيقيين وتاريخهم المشرف ، ربما يتعلق الأمر بمتاهة جيل أرهقته السجون ففضل عدم حكاية الحكاية ...أو كما أراد لها محمود البطل ان تظل حكاية تاريخ يهوس حفاري قبره.. ،وفي دلك إشارة إلى ضرورة أن يستعد كل مناضل صنديد أن يتحمل مسار اختياراته ، كما تحملها المهدي بنبركة حينما كتب " الاختيار الثوري " فدفع ثمن الاختيار غدرا واختفاءا و قتل تقتيلا ، كما لم يتردد أهل الحسين المانوزي المختفي من الوقوف إجلال لذكرى رجل عانق الثورة واقسم ألا يغادر ترابها إلا منتصرا أو منتصرا .كون حياته انتصار وموته انتصار ، ليرثه فيما بعد موناصير إبراهيم مشويا بطريقة المخزن في معالجة ملفات الماضي ، في حين زغردت أم الدريدي افتخارا بإهدائها فلذة كبدها احتفاءا بالثوار، وابتسمت النساء افتخارا بسعيدة المنبهي ....

الأدب السردي عند المهدي بنونة: شاهد تاريخ.

في كتاب " أبطال بلا مجد " تنهار الشخصيات كما تنهار جبال من الثلج ، ليس هده المرة مجرد متعة فكرية او أدبية على ضفاف ملحمة عبد الرحمن منيف في خماسية " مدن الملح " حيث يموت أبطال ويولد أبطال في زمن متخيل أو في روايته " مرة أخرى ..الشرق الأوسط " حيث يصف متاهات عذابات داخل المعتقلات ...انها رواية واقع تنطلق أحداثها وشخوصها من واقع مرير لجيل حلم بالتغيير ..ومند خط الحروف الأولى للكتابة التي تابى التواطؤ مع التاريخ الرسمي- التوطئة - تظهر معالم احترافية قل نظيرها في الوصف الأدبي لوقائع حدثت:
" يوم الثلاثاء ..في مكان ما بالأطلس الكبير بالمغرب.."إن" ما "تفيد الجهل الملتبس والمعرفة المسبقة للكاتب حيث المكان والزمان يكاد يكون ميتا في أدهان من يصرون على نسيانه وعند شهود العيان ويكاد يكون محسوسا عند المهدي بنونة و عند القارئ لحظة القراءة وبعدها ..
أ-السرد الأدبي عند المهدي بنونة :
بطريقة تصويرية محكمة وغير جامدة، يشرع الكاتب في وصف المكان حيث الحضور المشترك بين المهدي ومحمود الوالد هو شهادة الطبيعة و أحادية العداوة مع نظام قاتم " يهوى التراب الرملي الرطب في صمت.وحدها ضربات مجرفة حفار القبور تنظم إيقاع سكون الفجر ، رائحة التراب الرطب تفوح في الهواء اللحاد . يحفر قبرا وعلى جانبه جثمانان يغطيها كفن مدعوك وعلى مقربة يقف رجلان إنهما من رجال الشرطة ..وها هو عمر جبيهة يتذكر..ص 5" يحضر جنازة والده بروحه وبقلمه وبألم مكتوم كمسدس تتبخر طلقاته في صدر مأزوم بلهفة الشوق إلى بطل صنعه التاريخ ليكون نفسه وساما كونه ابنه. .لم تشأ الأقدار ان يحظرها جسدا ، لكنه ظل كلما لامس الذاكرة واسر على معرفة خباياها أن يستوعب حجم الألم و لمناضل غض الطرف عنه رفاقه وناضل غيفاريا إلى أن آواه التراب ، حتى الوصف يشير إلى لغة الجنائزية المكسو بالاعتزاز الذي رافقه دفن أبيه محمود ،والكفن والصمت وحدهما احتضنا جثمان البطل،وانحنيا إكبارا لتضحياته.
وفي سرد الكاتب الموفق ، ينطبق الأدب الروائي الحكائي بالتفكير والتحليل السياسي ، إلا انه ليس نمطي وفق ملامح الكتابة الروائية المغاربية كما نجدها مثلا في سيرة إدريس :"أوراق " لعبد الله العروي أو عند الطاهر وطار .." هده الحكاية التي أود تركيبها من جديد واقعية .فهي تسرد سردا وافيا أمينا قدر الإمكان أحداث مغامرة رجال حملوا أمل الثورة في المغرب : القليلون هم الدين يعرفون هده الاحداث معرفة حسنة كافية .ص7" فلا احد يستطيع طمر الوقائع وبطولات الثوار الاماجد مهما تعددت أشكال الطمر والإخفاء : سواء بسلحهم بمواد كيماوية أو ببتر أياديهم أو بشنقهم أو بإعدامهم رميا بالرصاص أو دفنهم وهم أحياء...كون الأفكار والمبادئ والقيم تفضح الجلاد أينما حل وارتحل ، يبقى على الكتاب وحملة أمانة الأقلام أن لا يترددوا في كشف الوقائع و المساهمة في إعادة التاريخ إلى مساره الحقيقي لا كما أراد محرفوه ف " لقد اخدت هده الحكاية تظهر للوجود مند زمن قريب وشيك .وهي في مستوى الصمت الذي لفها فيه مند سنوات طوال واضعو التاريخ الرسمي .إنها حكاية فريدة ومأساوية في آن واحد... ص7".
يعيد المهدي بنونة قراءة البعيد القريب ، من منطلق الاحتفاء بكل محاولة تحرر وتضحية ، وفي دلك يعيد الى التاريخ صدقيته ، فعادة ما يحتفى بالثورات الناجحة ، فيمجد ثوارها و صناعها ، احياؤها وموتاها ، في حين تلعن الثورات الفاشلة ويغض عنها الطرف ، وكأن الفشل جريمة ، و الانتفاضة الغير مظفرة جلباب رث لم يحسن حائكه مهنة الحياكة ..فقط باسلوبه المتمكن ، وبطريقة السرد النافدة في رسم معالم وحيثيات الحدث استطاع الكاتب اعادة النبض للتاريخ اليساري وللثورات الفاشلة ، محولا اياها من مجرد احداث عابرة ، موؤودة عن عمد الى ملحمة ابطال حقيقيين ، لم تصنعهم كتابات المهدي بقدر ما صنعهم التاريخ كحقيقة ، بل لم يعمل المهدي بنونة سوى بعث الشهداء من التراب ليقولوا كلمتهم النهائيةاتجاه الواقع والمستجدات والخيانات المتراكمة لعائلة اليسار " فانني ان سمحت لنفسي بغرض ان تكتسي الاحداث المحكية القوة الايجابية الافضل .باظافة بعض التفاصيل .واخيرا فان هم الحفاظ على راحة القارئ فرض علي ان اسرد الاشخاص الدين يضيء مسارهم نسيج الاحداث الحكاية الا بالاسماء التي عرفوا بها .ان هدا الاختيار الاعتباطي وغير عادل في الان نفسه بالنسبة الى اولئك الدين يستحقون ان يروا هاهنا اسماءهم مدكورة واخلاصهم مشكورا ...ص9".
ب-الشخصيات في ادب المقاومة والسرد:
*شخصية النمري عبد الله او التيزيني ، ابراهيم نفي الى سوريا ثم الجزائر ، عاد سرا الى المغرب سنة 1971من القيادات العليا لجيش التحرير الوطني ، استشهد في معركة 8ماي 1973 بميسور، وارث لقضية الحرية التي اغتالها او "غلطها" الاستقلال الزائف : ..سريع التنقل ، لا يمل من المبادرة و الحدر ، عندما حل جيش التحرير الوطني بالجنوب لم يتوقف النمري عن الحلم بالعودة غادر دمشق ودخل الجزائر ثم المغرب ..أراد أن يكون قريبا من رائحة تراب بلده كما أن ثراء قدرته على الانسجام و الدوبان تؤهله للتعايش مع اي محيط بيئي " ان شساعة الصحراء اللامتناهية والتي تعني عند البعض القفار و الضياع .تعني عند النمري الارض النافحة بالكفاح التحرري ...ص14" .
*شخصية سيدي حمو عبد العليم ، او كما يصفه الكاتب بمتمرد الأطلس ،احد معالم الحركة الثورية السرية ، نجا بأعجوبة من اعتقالات 1973، توفي في تنغير في شهر شتنبر 2001، يقول عنه المؤلف بنبرة احترام لكاتب هده المرة لايصنع شخصياته من رسم الخيال انما من الواقع والتاريخ الاصم وفي ارتباط عضوي بين الحواريات و التلاقي العيني و الشخصي للكاتب /والبطل " بعد ان روى سيدي حمو تعطشي وفضولي خلال اللقاءات الثلاثة الطويلة .ودعني ورحل الى الرباط يوم 31غشت 1996 وقال لي :-في المرة المقبلة ، زرني في تنغير ، انني اسكن منطقة يحبها السياح كثيرا لان بها الكثير من الاشياء التي يجب اكتشافها " يظل سيدي حمو في كلامه وفي ملامحه رجل الرفض حتى في دعوته الاستهزائية بواقع المنطقة التي يسكنها والتي قدمت وانجبت الثوار، لولا ان القدر عصف بحياة الرجل بعد ثلاثة ايام من لقائه بالكاتب في 3شتنبر 1996 ..رجل صلب لا تفارقه عصاه وجلبابه، رجل يوجد في كل مكان ، ولا يوجد في اي مكان ،..سيدي حمو الثوري رجل وقور ، نحيل ،دو نظرات حادة ، لا يتردد في الاستهزاء " ان القمع لم يعمل سوى على استبدال الشاشية بالطربوش العسكري ...ص16".
* شخصية محمود، محمد بنونة : من مواليد الرباط ، احد مسيري اوطم ، عضو اساسي في فترة 1968-1973 بحزب ا و ق ش ، دخل الى المغرب سرا ، وقاد عمليات مسلحة من اجل تحرير المغرب من الطغمة الحاكمة ، واستشهد في 5مارس 1973. مهندس ،مثقف مناضل : "كان طموح محمود يوحي مسبقا بطبيعة الكفاح الدي سوف يخوضه .وكيف يكون الامر غير دلك والنظام الملكي المرمم يقوم على تفاني الرعايا في خدمته ؟..ص30"تتدكر زوجته إلك صفاته ، فتجري مقارنة بسيطة إبان زيارتها إلى دمشق ، لتكتشف اسلوبه المتقشف كصوفي في الاهتمام بمحيطه وعدم "اكتراثه" بشكليات الحياة ، وبين هدا وداك تظهر ملامح شخصيته الجادة والهادئة في تعايش غريب ، بين عزمه على النجاح والانتصار وبين تدمره من واقع الحياة السياسية والشرط الحزبي الغارق في كارزما الفقيه البصري و سوء تقدير المحطات...
عمل محمود على إعادة تنظيم خلايا الحزب ، ولم شتات مقاوميه واشكال بناء تكتيكات قادرة على تدارك العجز الحاصل في بنياته(راجع رسالته المنشورة بموقع المناضل –نونبر2005 العدد9 ) و بما أنه يحكى ان القناص الماهر الذي كان على ظهر الهيلكوبتر يصطاد سمك التمرد التلاميدي بالبيضاء في 1965 هو المسمى المقرف اوفقير ويساعده في دلك المدير العام للأمن الوطني الدليمي. فلم يخل ببال محمود، ان يبرم البصري اتفاقا مع الدليمي ،عدت بالصفعة او طعنة خنجير في الظهر ..
أبلى محمود ومجموعته المقاتلة بلاءا حسنا ، حيث كلف القوات المساعدة خسائر كثيرة ، " فهم الملازم اوعرجي ان المجابهة المباشرة ستفشل لا محالة .كان فريكس متخندقا وراء نافدة في البناية .وكان يحمي رفيقيه المتمركزين في شكل كمين في الخارج .فيمنع كل محاولة لتطويقهما ..احس الملازمورجاله الدين بدات تتناقص اعدادهم .سيتعرضون لمجزرة ..ص207" .
*شخصية دهكون عمر المعروف بزهير من مواليد أغادير ، مناضل في الانوية السرية ،درب في الجزائر ثم سوريا ، قاد عمليات مسلحة في البيضاء والرباط ، اعتقل وسلاحه في يده حكم عليه بالإعدام ونفد في القنيطرة يوم فاتح نونبر 1973 دوت عباراته الشهيرة ، واجه قدره ورفاقه بشراسة كمناضل مؤمن بمصيره ومصير قضيته : الحرية او الموت ، قال لعمر الخطابي – المناضل الوحيد الذي تضامن مع الثوار تضامن الشجعان - في آخر عبارات له إبان المحاكمة ، عبارات تزلزل التراب و تعيد للحنجرة غصتها وهي تستحضر كلماته ، وكان كلامه موجه إلى جيلنا :
- أنت الذي سوف تخرج، كن شاهدا علينا .أما نحن .فإننا سوف نموت .ولكن مسيرينا سوف يخرجون من هنا لينهو أيامهم في الوزارات .قل للرفاق إن العدو يوجد بيننا .
دهكون شخصية محبوبة بمجرد معرفة صفاته الأولية ومواقفه: دكي ويجيد التقلب وسط شخصيات أخرى قد تكون موضوعا أدبيا لروايات من نسج الخيال ، ألا انه على ضفاف التجوال في تاريخ اليسار تجده أكثر تجسيدا للشخصية التي من اجل نجاح ثورتها. تلبس أي لباس للتخفي ،انه "رجل قليل الكلام ، لا يثير الانتباه ، لطيفا بشوشا.كان يلمح إلى الأمور أكثر مما يتحدث عنها ...هكذا يصفه عبد الحميد الجماهري في يومية الاتحاد الاشتراكي 12غشت 2001" إنها شخصية لا توجد في متخيل عبد الرحمن منيف " متعب الهدال " إنها شخصية ولدت ووجدت في تاريخ المغرب وأبطاله..لان شخصية متعب الهدال بعد تدميره وادي العيون تظهر وتختفي لتتحول إلى أسطورة كشاكلة عيشة البحرية التي قاومت الاستعمار البرتغالي أو أبو زيد الهلالي ..كتبرير عن حلم بانتصار لم يكتمل ، في حين تتشبث شخصية دهكون رجل المقابر دو الذقن الكثيف وساكن الأحياء الشعبية والحوانيت ..والمحرض على الكفاح المسلح ضد النظام السياسي وأجهزته البوليسية السرية والعلنية وان يظهر في التاريخ من جديد في كتاب " أبطال بلا مجد " ليس بجلباب الأساطير إنما في زمن التاريخ ودروسه وحفظ ذاكرته الجماعية من التلف ، بل في الحقيقة كل الحقيقة انه محرض حتى وهو خلف التراب .

التيهان : المؤامرة والاختزال او من هم الأبطال الاماجد؟

أ-المحاكمة في أدب المهدي بنونة :
يصف الكاتب شخصياته بالعنيدة وبالغير القادرة على القبول بالغبن والانكسار ..ولدلك نجده في العديد من القضايا والاحداث لا يتردد في افراز معالمها وخصالها بالرغم من التشنجات التي قد ترتبط بلحظة حاسمة في العلاقة مع مكوناتها ، فشغبها هنا لا ينتظم مع الفهم المخزني للشغب ، اد ان شغبها هنا يعني عدم الاستسلام و رفض الواقع السياسي الفاسد ...انها مبدئية قلما وجدناها تتكرر في التاريخ التحرري للشعوب ..ولدلك فهي تلتقي في قبول الموت عن طيب خاطر على ان ترمي بنفسها في احضان الجلاد ، تقاتل الى اخر لحظة وتستميت في الدفاع عن راية الثورة على ان تهدي نفسها لمن يمتهن ويهين كرامة شعب باكمله وعلى ممر حكاياته سوف نرى الفرق الهائل في المواقف و القرارات الحاسمة بين الدين قبلو الحياة بعيدا عن الثورة وبين الدين قبلو ان يضحوا من اجلها ، شخصيات قال عنها احد الدين حكم عليهم بالسجن عشرون سنة –عبد الرحمان مازين " كانوا يواجهون الموت بعزة وكرامة ، ولكنهم كانوا يشعرون بالمرارة ، كانوا يحسون أن هناك من غدرهم وخانهم .فهم قد قاتلوا داخل صفوف الفلسطينيين.ونجو من معارك قاتلة، وهنا في المغرب، سوف يموتون دون أن يحاربوا.اوكدب عليهم ...ص239" بل وفي حقيقة الامرستطارد شخصيات وورث خلف التراب شخصيات في الواجهة من القيادات أساءت استخدام إمكانياتها في الوقت المناسب كما ستشكل رسالة محمود الموجهة إلى الفقيه البصري لعنة الفراعنة التي ستطارد ظلهم " الرجل الذي ثاب واخد يطالب بالشرعية التاريخية ...إن همه سوف يبقى الثار المستحيل .تكسو مساره سلسلة من الأعمال الفاشلة التي كانت عديدة وفيرة مما جعل البعض ، ممن انتابهم الشك .يقولون بان هدا الفشل لم يكن محض صدفة ...ص251".كما ذهل الدين اعتقدوا أنهم كانوا يقاتلون من اجل مبادئ :
- كيف يسمح الفقيه البصري لنفسه أن ينكر دوره ومسؤوليته في حين أن
أكثرنا مازال حيا (في حوار للمهدي مع احمد بنجلونص253).
تأقلم عبد الرحمن اليوسفي مع "شر اخد في الزوال " ليقبل في 1998 نصيحة الملك الحسن الثاني ، محاولا انقاد البلد من السكتة القلبية ، فكان أن وقعت في شلل دماغي مريب ..مات عمر بنجلون الرجل القدير الذي لم يتوقف عن فضح البيروقراطية النقابية ، وخرج أخاه من السجن احمد بنجلون يوم 12دجنبر 1975 وتشبث بذكرى رفاقه فعاد إليه في 1980و1981و 1983 واعترف في أن النظام قد تراجع عن أخطائه وانه لا حاجة لمراجعة مواقف الماضي أمام الاستمرارية ؟..
ب- وبعد ياجيل ...
قد يرصد عبد الرحمن منيف صيرورة التضاد بين الجلاد والمقاومة، وبين التاريخ الرسمي و تاريخ الأبطال الحقيقي،على لسان بطل روايته الآن هنا.. شرق المتوسط مرة أخرى "الجلاد لم يولد من الجدار. ولم يهبط من الفضاء. نحن الذين خلقناه، كما خلق الإنسان القديم آلهته، ثم بدأنا نخاف منه إلى أن وصلنا إلى الامتثال والطاعة والرضا، وأخيرا إلى التسليم".إلا أن عالم محمود والنمري وسيدي حمو ودهكون وآخرون يجددون رفضهم لهدا المنطق ويحثون شعوبهم على مقاومة الجلاد طالما أن لا وطن للثوري سوى الحرية ..ويكابدون مختلف الاكراهات و التضحيات ، اغتيالات ، تصفيات ، خيانات ، عذاب نفسي وجسدي ، منفى ، تشرد ..وهدا ما يحاول الكاتب رصده بأسلوب لا يمكن إلا أن أصفه بالملحمة التاريخية، حينما يصف معانات الثوري قائلا " يعيش الإنسان المنفي على ما هو مؤقت .والانتظار بالنسبة إليه هو البديل الذي يحل محل الحياة المنتظمة .ولان المنفى يرفض مسبقا كل فكرة لها علاقة بالدوام فانه يتوجس ويترقب علامات التغيير التي سوف تمكنه ثانية من العودة إلى وطنه مرفوع الرأس .ولكن مع مرور الوقت وامتداده .يزداد المؤقت ضغطا وحضورا ويتشابه البعد والمنفى مع الموت البطيء.ويصبح من اللازم على المناضل الثوري أن يعمل بنشاط من اجل تحقيق الشروط الضرورية لعودته .بل وان دعا الأمر دلك .إلى استباق هده الشروط." يصف المهدي بنونة حكاية الجلاد ، بطريقة تمثل الحضور الذهني والنفسي للمؤلف ، بكل ما تعنيه الاحترافية من معاني حيث تصبح الادان في الزنازين هي لغة التواصل التي يتشدق بها المعتقل بالسجان : " صوت خطوات تقترب من مكان ضليل .كان الجو ثقيلا .الجو حار ورطب .ايت قدور (رئيس ديوان وزارة السكنى في 2002 داخل حكومة التناوب )جامدا لا يتحرك .بعد أن أمضى دقائق طويلة يستجمع أحاسيسه المشتتة .انتبه انتزعه نهائيا من خموله صياح .انه يوجد بدار المقري "
ومند لحظتها تنطلق البدور الأولى للاستسلام المستقبلي بين رفض المغريات الحكومية و الوفاء للخطوط النضالية ، فغالبا ما يشرعن المنهزمون في رحلة نضالاتهم تراجعاتهم بدعوى الاجتهاد الإيديولوجيات وتحول الإطار العام ، في حين أن المتغير الحقيقي يكمن في كينونة الإنسان وفي نضاليته وصموده. يصف المهدي بنونة حكاية الجلاد ، بطريقة تمثل الحضور الذهني والنفسي للمؤلف ، بكل ما تعنيه الاحترافية من معاني حيث تصبح الادان في الزنازين هي لغة التواصل التي يتشدق بها المعتقل بالسجان : " صوت خطوات تقترب من مكان ضليل .كان الجو ثقيلا .الجو حار ورطب .ايت قدور (رئيس ديوان وزارة السكنى في 2002 داخل حكومة التناوب )جامدا لا يتحرك .بعد ان أمضى دقائق طويلة يستجمع أحاسيسه المشتتة .انتبه انتزعه نهائيا من خموله صياح .انه يوجد بدار المقري " انه أدب المعتقل الذي ظهر في مؤلف " درب مولاي الشريف " وتعبيراته السينمائية في جوهرة ..حيث تتوقف الأفكار التائهة في أدب المهدي ويدخل أضوء بغتة إلى الزنازين، فتقشعر الأبدان وتتصلب الثورة في العروق، يسقط الرفاق رفيقا رفيقا..أرجلا دامية مندملة، ومنهم من يصمد ويخرج رافعا رأسه قائلا " لا تراجع لا تراجع " ومنهم من يتفنن في التبرير وكان للتاريخ عين واحدة إن فقعت ضاعت حقائقه ، التاريخ لعنة تطارد كل محرف ومقصر ، وربما يواري التراب رفاق خانوا الثورة وآخرون بدلوها تبديلا ، إلا أن مرارة الضمير تظهر في أعينهم و في نقمتهم على أنفسهم كونهم لم يظهروا أبطالا أماجد، ربما بفعل التحريف قد يظهرون أمام الناس أبطالا إلا أنهم أمام مرآة أنفسهم يظهرون أقزاما ، ولا شيء اكره إلا الذات من أن تحتقر نفسها بنفسها ، فلا الخمارة تطفي لهيب خيانتها ولا النسيان والذوبان وسط المحيط يرخي من مشنقة الذاكرة والخيانة ، أيا كان حجم الخيانة ..فالموت ارحم من وضع كهدا ..
يستكمل جيل دائما مسيرة الجيل الذي من قبله ، ليس بمنطلق القطيعة الكلية في معناها الابستملوجي ، ولكن بمنطق تراتبية التجارب و حضور التاريخ النضالي و الإصرار على انتظام صيرورته ، في حين يعمل الجيل الجديد على تنقيح أثار ومساوئ الجيل القديم في صراع مصيري مع بقاياه .." أصبح جيل الجديد ، قلبه مفعم بالأمل ، مستعد ليحل محل الجيل السابق ليكتب بقية القصة التي بدأت بداية غير موفقة .لم يكن هدا الجيل الجديد أكثر طوباوية ، ولا أكثر تطوعا من الجيل السابق .بل ان شباب هدا الجيل الجديد وبكل بساطة قرروا ان يوحدوا مصيرهم .عن قناعة ، وبدافع الضرورة ، ان يواصلوا هدا الكفاح الذي غدا ضروريا لتغيير الأقدار .
..ص70"



#يسير_بلهيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكمة غير علنية
- مذكرات مطلبيه لامرأة
- مدخل :في فهم جيل جديد على الابواب
- قصيدة : سنة الجياع
- يا شباب اطاك تجمعوا
- النضال النقابي بالجماعات المحلية الجزء 8
- النضال النقابي بالجماعات المحلية الجزء7--الاكراهات-
- -النضال النقابي بالجماعات المحلية - الجزء6
- -النضال النقابي بالجماعات المحلية - الجزء 5
- النضال النقابي بالجماعات المحلية الجزء 4
- النضال النقابي بالجماعات المحلية الجزء3
- النضال النقابي بالجماعات المحلية2
- اطلاق سراح معتقلي ابن جرير التسعة
- الحركة الاجتماعية بالمغرب
- حملة تضامن مع الشهيد مصطفى لعرج ..لا للافلات من العقاب ...اي ...
- تقرير مركب: حول احداث انتفاضة اهالي ابن جرير الثالثة
- نداء التضامن الدولي مع تسعة معتقلي الحركة الاجتماعية بابن جر ...
- يوم لنضال العمال الأممي ضد الاستغلال بابن جرير
- المسرح العراقي الصدامي و ازمة البديل السياسي
- حكاية صوفيا حكاية الف عائلة فقيرة ...حكايتي انا وانت والاخر


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - يسير بلهيبة - أبطال أماجد في كتاب : - أبطال بلا مجد-