أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج ابراهيم - مجتمعات تحكي قصة الأمس














المزيد.....

مجتمعات تحكي قصة الأمس


محمد الحاج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1889 - 2007 / 4 / 18 - 12:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أخلاق الناس أو المجتمعات تُحددها نواظم ترسم مسارها، وتبعث من دواخلها قيم ترتبط بالقيمة دينيا أو دنيويا، وهو الشكل الطبيعي لحياة المجتمعات عامة،وعلى ذلك تكون العلاقات قائمة على الروابط القيمية من زاوية الحق، أو الملكية، أو الحرية,لكننا اليوم نسمع تذمرا من العلاقات القائمة حاليا، وذلك بالإشارة إلى كل مكونات هذه المجتمعات الأخلاقية أو المادية، ومنها العلاقات الاقتصادية.
ما يلفت في التذمر الناشئ هذا ،أنه يحدث بأسباب كسر العلاقة الأخلاقية الأسرية، ويتصعد باتجاه الدوائر الأكبر(العائلة،القرية،المدينة،الوطن)، وبالتالي يحدث خلل كبير في بنية هذه العلاقات، وتحدث أزمة الثقة بين الناس، وبالتالي يقل التعاون المجدي، وهذا بحد ذاته كفيل برسم الحدود التي ينجم عنها الغنى الفاحش والفقر المدقع في مجتمع ما.
بالتدقيق سببيا حول التحول الجاري في الدوائر هذه من حالة الدفء إلى الجفاء في العلاقات، يتبين أن نوازعها وبواعثها ومُكوناتها اقتصادية بحتة، وذلك بحكم الفوضى الاقتصادية العالمية وخاصة بعد انهيار السوفييت باتجاه روسيا الفوضوية، هذه الفوضى التي دفعت البعض باتجاه الثراء السريع كيفما كان مصدره، وهو ما جعل الروس يعانون الويل بعد انهيار النظام الاشتراكي الداعم لعلاقات و"حميميات" لم يعد لها من وجود في زماننا هذا.
في المجتمعات المضطربة اقتصاديا أي التي ليس بها من ضمانات لمواطنيها، تتفكك العلاقة بحكم البحث عن الخلاص الفردي الاقتصادي، وبالتالي ينغلق الناس على اقتصادياتهم الضعيفة أو القوية، ويُحدث ذلك أزمة ثقة بين الفقير والغني أخا كان أو ابن عم أو ابن بلد،وحتى ضمن دوائر الصداقات إن وُجدت، وبالتالي يتم نسف العلاقات بكل أشكالها، فيخضع الناس لمفاهيم جديدة بمقياس ما حملوه وعرفوه خلال حياتهم البسيطة، وذلك حين كانوا يجتمعون على الأكل والشرب والنزهات، إذ أنه حتى هذا الشكل من "الحميميات" يُفقد ويتم خسرانه،وهذا ما يدفع الأكبر سنا للتذمر من الواقع المعاش بأسباب معرفته المقارنة بين ما عاش وما يعيشه اليوم،إذ يفقد المرء فيه أي دفء مادي أو معنوي اعتاد عليه سابقا ، ويشعر بوحدته وهي معاناة الجميع،بينما الجيل الجديد يسعى للتأقلم مع المعطى الجديد عبر حالة جهادية لإثبات الذات،ويسخر من ذاكرة الجيل السابق التي يعتبرها تحليقاً رومانسياً قائلا: ((اليوم يُقاس المرء بما يملك))، واعتماد هذا المبدأ يؤسس لاجتثاث القيم من العلاقات ومن دواخل الذات الفردية والمجتمعية،فيضيع المجتمع في حضيض العلاقات المادية بأقذر أشكالها حين يختفي البعد الإنساني منها.
غياب الضمانات التي تُحققها مؤسسات الدولة عادة، يفتح الباب واسعا أمام هذا الشكل من المُنتج البارد، الذي يُصقع أبناء المجتمع في الحاضنة التاريخية، فتتولد تنافسات تقوم على الحقد المصنوع في صقيع العلاقات، وبذلك تنهار أُسروتتفكك مقومات وجودها الطبيعي، وعلى أنقاضها تقوم غيرها،وتنهار عائلات وقرى ومدن وأوطان.
يمكن أن يكون التحريك الاقتصادي أحد المحاولات الباحثة عن حل لإيقاف الكسر الأخلاقي ،وذلك من منطلق أن الكفاية الاقتصادية تلغي الحاجة للآخر، وتحفظ الكرامة أمامه، لكن كيف يكون ذلك؟
اقتصاد السوق في الوقت الذي يدفع باتجاه التنافس لتقديم الأفضل من الإنتاج ليأخذ المنافس دورا في حلبة الصراع الإنتاجي ،فهو يقوم أيضاً بالتأسيس لعلاقات مضطرية وحاقدة، بين من ينهار بأسباب دخوله حلبة التنافس على قاعدة من الضعف،وبين المنتصر بسبب قوته الاقتصادية /بغض النظر عن مصدر القوة هذه أو طريقة تشكلها/،أي أنه يُعزز التأسيس للاقتتال عندما يكون الصراع في مناطق متنوعة،والمتنافسين من ملل متباينة، وهذا ما يمكن تسميته بفوضى الحرية الاقتصادية التي تصنع فوضى اجتماعية وفوضى أخلاقية أيضاً.
اقتصاد الدولة لو وفر الحماية الفعلية للمنتج والمستورد وحدد أسعار السلع ووحّدها يمكن أن يعيد شيئا مما فقدته المجتمعات من دفئها الداخلي الذي يكفل "" بتجبير"" الكسور التي حدثت للأسباب المذكورة.
عوامل عديدة تلك التي يمكنها " ضعضعة" العلاقات الاجتماعية، لكن أهمها القل الاقتصادي أو نقيضه،إذ أنه الأكثر فعلا في حفر الشروخ وتعميقها لتتجذر نفسيا بعد المُعطى الاقتصادي بين الأهل في البيت والقرية والمدينة والوطن،والتوازن الاقتصادي هو الأكثر حيوية بعودة الدفء والحميمية اللتان تصنعان العزة وتحميان الكرامة وتصنعان الحياة.......... وهذا كله يكون من أولى المهمات الأخلاقية والسياسية والإدارية للدولة عبر مؤسساتها فقط.




#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلفيات العصبيات في مجتمعاتنا الحاضرة ( مداخلة على الندوة الأ ...
- أعظم ماقدمه الصراع السياسي في لبنان
- ثقافةالإلغاء بين الذهني والنفسي
- إذا تشرنق الحاكم أعلن الوداع
- أقذر اغتيال للديمقراطية في التاريخ
- هل انتصرت المقاومة اللبنانية فعلاً،أم هُزمت؟
- بين حزب الله والأحزاب السياسية العربية
- الضامن الدولي لو تم نزع سلاح حزب الله
- أسطورةٌ تنسخ أسطوره
- شرق أوسط جديد!!..لكن.. لمن؟!
- أمّةٌ تتزلزل
- نتائج الهجرة المدنية اليهودية على إسرائيل
- هل يستمر حزب الله.. ؟
- شرق أوسط جديد مأزوم
- من الذروة إلى أين؟حزب الله × إسرائيل
- يابسطاء العرب اتحدوا
- نخوة الأمة بين الماضي والحاضر
- جندي مأسور-وشهيدة العراق اغتصاباً
- المعارضة السورية:أمر واقع، أم فقدان رؤيه؟!
- قراءة خاصة للعلمانية


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج ابراهيم - مجتمعات تحكي قصة الأمس