أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي قاسم مهدي - العنف سياسة ام عقيدة















المزيد.....

العنف سياسة ام عقيدة


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1890 - 2007 / 4 / 19 - 07:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن ما يجري في العراق جعل المشهد السياسي من الصعب تصوره أو فهمه ، وقد بدا وكأنه لوحة سيريالية لا يتفق اثنان على شرحها أو تفسيرها وخاصة ما استجد بعد سقوط الطاغية في نيسان 2003 . فرغم إن السقوط أدى إلى تخليص العراق وشعبه من نظام استبدادي ارتكب بحقه العديد من الجرائم الفردية والجماعية ، إلا أن تقييم هذا السقوط اختلف بشكل مريع في الأوساط العربية ، فهناك من ما يزال يبكي على سقوط ذلك النظام ويصوره على انه نظام وطني ، وهناك من يعترف باستبداده وجرائمه ولكنه لم يعجبه سقوطه بمساعدة قوى أجنبية دون أن يجيب على سؤال : وهل بدون مساعدة تلك القوى ،كان من الممكن إسقاطه وقد استمر على قلب الشعب العراقي قرابة أربعة عقود ، دون أن تبدو أية إمكانيات لتحرك داخلي يؤدي إلى إسقاطه، لان الوحشية الهمجية التي يتصرف بها النظام إزاء أي تحرك جعل من شبه المستحيل التفكير القيام به ، وعلى الرغم جرائم ذلك النظام وتعدياته على الشعب العراقي ، وعلى جيرانه من دول إسلامية وعربية إلا أن الكثير من العرب لا يريد أن يصدق ما حصل وان ما حصل لفائدة الشعب العراقي اجمعه . مما دفع بهم لحشد الطاقات السياسية والبشرية والمادية لإيقاف عجلة الاستمرار والتغيير التي بدا يتلمسها الشارع العراقي بعد سقوط الصنم.. وجاءت ردة الفعل تلك نتيجة العقلية العربية المتشددة صاحبة الخلفية الغير واعية والتي استوعبت الكثير من المفاهيم الخاطئة، مفاهيم ( سياسية – عقائدية ) امتزجت بثقافة العنف حيث أوجدت لها المبررات لتضرب بكل قوة على الحاضر المتحرر بالماضي المتحجر والمتزمت " المثقل بالكثير من التعصب السياسي والعقائدي ( اقصد هنا الماضي المنحرف عن الخطوط والثوابت الحق) كي تستمر بنهجها المتسلط ،ومنها ، مدعية في ذلك إنها تستمد واقعها من القران والسنة محاولين إيجاد خلفية إسلامية للعنف حتى ولو عبر لوي عنق الحقائق وتفسيرات قصرية لآيات القران الكريم ووقائع من التاريخ الإسلامي فلو رجعنا إلى الوراء بعض الشيء لتمكنا من استنتاج واضح هو إن الإرهاب ارتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة ففي الستينات من القرن المنصرم ظهرت الكثير من الأفكار عن طريق بعض الأحزاب والحركات الإسلامية السياسية تمجد العنف في قتال الدولة الكافرة ( مصر وسوريا في ذلك الوقت ) وجاءت تلك الأفكار في كتاب معالم في الطريق لسيد قطب الذي كان يرى إن الفكر يواجه بالفكر ، ولكن النظام الكافر ومنه النظام الناصري حسب وجهة نظره . يستخدم الفكر والقوة المادية لصرف الناس عن الحق ، ولذا كان من العقل والحكمة استخدام المواجهة الثنائية المنافقون بالموعظة والكافرون بالفكر والصدمة المادية والإعداد المسلح لحين شعور التنظيم بالقدرة على قلب نظام الحكم بالقوة المسلحة ، وأطلق على هذا التنظيم اسم القاعدة الصلبة الواعية كما يردد الاسم حاليا في أفغانستان ، والذي نقله الظواهري من مصر إلى أفغانستان . فلو ناقشنا موضوع العنف بنظرة تاريخية مفتوحة نجد ( إن أول تساؤل وجهته الملائكة لحظة الخلق عن جدوى وجود هذا الكائن القاتل " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " فلم تقل أتجعل فيها من يكفر بك، بل أتجعل فيها من يقتل ؟ وهذا يعني أن مسالة العنف واللاعنف مسالة وجودية . وأول جريمة قتل حدثت على الأرض كانت بين ولد ادم ، فقال الأول : لا قتلنك وقال الثاني : لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لا قتلك إني أخاف الله رب العالمين.ويقول صاحب كتاب الإسلام والعنف د – خالص جلبي " ويرجع صراع الأفراد إلى تركيب الدماغ ، فدماغ احدنا مركب من ثلاثة طوابق ، أعلاه الحديث وعمره نصف مليون سنة ، إما الدماغ السفلي والمتوسط وهما مسئولان عن المراكز الحيوية والعواطف فعمريهما أكثر من مائة مليون سنة ، وبينهما قدر من التفاهم ، وبذلك فان دماغ احدنا فيه ثلاثة أدمغة وليس واحدا وبثلاثة لغات وبدون ترجمان ، والانسجام موجود بين الدماغين السفلي والمتوسط منذ مائة مليون سنة ، خلافا للدماغ الجديد المتشكل منذ نصف مليون سنة وغير المنسجم والمتفاهم مع الدماغين الآخرين .... وهذا يعني إن العدوانية مغروسة في البيولوجيا ولسبب حيوي فالغضب والانفعال آليتان للحفاظ على الحياة ، ولولا الغضب ما عاش الإنسان ، ولكن المشكلة كما جاء في كتاب ( الذكاء العاطفي ) إن تكون العاطفة أو العواطف بما فيها الغضب تحت سيطرة الدماغ العلوي ، الأحداث والأكثر تطورا والتي تميز الإنسان عن البهيمة ، وهو أمر تربوي ، وهذا الوعي الخاص كسبي ، كما يقول (إقبال) الفليسوف المسلم في كتابه تجديد التفكير الديني ، والإنسان يولد من بطن أمه لا يعلم شيئا ، ثم يبدأ العقل ألسنني في التكون ، وهذا يحتاج إلى تأسيس كل مرة ، ومن ينظر في كيفية أكل الحيوانات بعضها بعضا ، يدرك اثر هذا في تصرف البشر ، الذين هم ثلثان من تمساح وسبع ضاري ، فوقه ثلث من كائن عاقل يحاول ضبط الوحشين . وحسب كتاب ( الذكاء العاطفي ) لـ (دانييل جولمان ) فان الدماغ المتوسط موضع العواطف مهم جدا للتصرف ، ومركزه في (الا ميجدالا) في الفص الصدغي / ولكنه مرتبط بالدماغ العلوي ، وعدم انضباط هذا المركز العاطفي مع قشرة الدماغ العليا ، هو الذي يقود للانفجار العاطفي وكوارث الانفعال وبالتالي يفسر (لا منطقية ) الإنسان ، كما وجد الصراع وعدم الانسجام في البيولوجيا في علم الاجتماع اشد، فالفرد حينما خرج من الغابة ودخل الدولة لم يعد في مقدوره حل نزاعاته مع الآخرين بالقوة ، مع كل زخم اندفاع القوة الحيوانية من التمساح والسبع ، بسبب أن الدولة تحتكر القوة فتحكم بين الأفراد فيما كانوا فيه هم مختلفون . ولكن كما يقول عالم الاجتماع العراقي على الوردي فان هذا لم يوجد بين الدول فالدولة تملك الأفراد ، ولكن لا يوجد دولة عليا تملك الدولة . وهنا وفي هذه النقطة تنشب الحروب وصراعات الدول).
نتخلص من كل هذا:
أولا : العنف لا يحل المشكلات بل يزيدها تعقيدا لان كل دورة تنتهي بتحطم احد الطرفين .
ثانيا : العنف مشحون بالمشاعر السلبية التي تثقل النفس وهي ضارة بالعضوية . ليسال الإنسان جسده في حالات التوتر هل هو بخير ؟ العنف يقوم على التوتر الذي يعصر المعدة ويضخ الأدرينالين إلى الدم فيرفع الضغط ويحبس المثانة . إما مشاعر السلام فهي تغمر الروح بفيض من السعادة الداخلية كما وصفها الشاعر الألماني جوته في أبيات " ألاف من الأقواس تتواثب وتتلاقى من النجم الوضيء إلى الطين الوضيع تتزاحم وتتدافع لتجد سلامها الأبدي وأمنها الأزلي في الله" .
ثالثا العنف يقوم على تحطيم إرادة الآخر وإلغاءه وتصفيته جسديا بالقتل وهذا يصلح تفسيرا لتعضل ولادة الديموقراطية في العالم العربي .
رابعا : العنف شجرة خبيثة جذورها الكراهية وثمرتها الخوف والجريمة . واللاعنف شجرة مباركة جذورها الحب وثمارها الأمن والسلام .
إن العنف وعلى الرغم من انه سياسة وجدت لها المنافذ والمداخل العقائدية ، وبات من شبه المستحيل الفصل ، هل هو سياسة أم عقيدة . فإذا قلنا انه سياسة محضة نستطيع أن ندرك أنها تعطي الحق لمنفذيها وتبعدهم عن دائرة القتل للقتل ، لان ارتباط العنف جاء وثيق بالدولة (أي لايمكن قيام دولة دون عنف يبرر استمرارها ) ، ولان الدولة هي التي تمارس العنف منذ أن اخترع البشر الدولة وصنعوها .. بسبب بسيط إن الدولة باحتكارها العنف توفر الأمن للأفراد كي يتمكنوا من إقامة الحضارة . فلولا الأمن ما نشأت الحضارات ،لأنها تحتاج إلى القوة للدفاع عن مشروعها . إن ارتباط العنف بالدولة له الكثير من الأدلة ، فعندما قامت الدعوة الإسلامية بقيادة النبي محمد صلى الله عليه وال وسلم كانت دعوة سلمية ولم تستخدم العنف.. واستمرت كذلك إلى قيام دولة ، وكان النبي يوصي إتباعه في المرحلة المكية بعدم الدفاع عن النفس ، ونزل القران يقول : كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة . ويكرر النبي لأتباعه : لم نؤمر بقتال . أما بعد قيام الدولة فان تلك المبأديء أخذت بالتغير . لهذا اولَ الكثير من المتعصبين تاويلات لا تنم عن معرفة معمقة بالدين، الكثير من الآيات تنحى منحى العنف وتأخذ به على انه من الدين وكما قلنا سابقا حتى ولو لوي عنق الحقائق . وتلك طامة كبرى شوهت وجه الدين، وان ما بناءه محمد صلى الله عليه وال وسلم من تسامح ، وحرمة دم الآخر واحترام الإنسان وعدم المساس به لأنه وحدة متكاملة من الله ، لا يجوز حتى احتقارها لأنها من خلقه وان الله ما احتقرها حين خلقها ، تهدم وتلاشى ، بسبب أولئك الذين يظنون أنهم يدافعون عن الدين لكنهم وللأسف خرقوا المنظومة المتكاملة لذلك الدين وجعلوا منها مثار سخرية من قبل الآخرين . وبات المسلمون يعانون الأمرين، فهم في نظر المتعصب( المسلم ) كفرة ويجب قتلهم لمجرد أنهم يختلفون معه في تأويل أية أو حديث ، وهم إرهابيون في نظر غير المسلم . من جراء ما يحصل في ارض المسلمين . إن العنف سياسة أم عقيدة ،هو في النهاية لا يمثل ديناً ،أي دين سوى كان سماوياً أم وضعياً، ولا يمثل خلفيات سياسية تمت للإنسانية بصلة ، انه القتل، انه الشيطان ،انه العدو للإنسان، انه إرادة بائسة ليس لها وجه سوى اللثام والحقد .





#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة الانحدار العربي
- استراتيجية الانسحاب
- الخلافات السياسية عامل من عوامل نهوض المجتمع المدني
- قصيدة
- النفط العراقي وصراع القوى الستعمارية-القسم الثاني
- العقل العربي وممارسة النقد السياسي
- المرحلة الراهنة والدور الإعلامي المطلوب
- النفط العراقي وصراع القوى الاستعمارية-القسم الاول


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي قاسم مهدي - العنف سياسة ام عقيدة