أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر عبد زيد - نقد بنية الذهنية العراقية - عند علي الوردي-















المزيد.....



نقد بنية الذهنية العراقية - عند علي الوردي-


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 1887 - 2007 / 4 / 16 - 12:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المقدمة :
هناك جوانب مختلفة تناولتها الدراسات التي حاولت نقد التأخر الحضاري العربي فقد توزع بين نقد السلطة ونقد المجتمع ونقد البنية الثقافية ويأتي نقد علي الوردي ضمن النقد الاجتماعي الثقافي .
إذ يمكن الحديث عن التوصيف الذي قدمه المفكر الاجتماعي علي الوردي الذي يمثل مرحلة متقدمة لم تنل الفرصة الكافية يؤدي إلى تفعل أثارها الإصلاحية بشكل الذي يساهم في عقلنة تفعيل مسيرة النهضة في العراق ، فهذه الأفكار كانت وليدة الواقع الذي يتشكل ويتحول فهي لم تتعال على هذا الواقع بالرؤية النظرية بل عبرت عن نفسها بالفكر والممارسة من أجل التحرر من الأفكار المسبقة وكسر النماذج الجاهزة ،فهي لم تمارس النقد بصفته التقويض والهدم بل قدمت إمكانيات جديدة وقتها للقول والتفكير والتعبير ونظرت إلى التراث لا بوصفه ماضياً توارت أثاره بل بوصفه جزءا من بنية الحاضر يمارس فعاليتة وحضوره على السلوك والقيم والاعتقاد عبر النصوص والخطابات لهذا عملت أعادة النظر إليه انطلاقا من الواقع العراقي الذي يترك مساحة واسعة من معوقات النهوض ،تحول دون بلوغ حقبة التقدم، والحديث والديمقراطية . ولم تفعل هذه الأفكار النقدية على المستويات السياسي والثقافي والمؤسسات الدينية بل على العكس أقصيت أفكاره ،فالمثقف وليد فضاء معرفي متنام وتملكه أدوات الوعي كيفما كانت.. مرجعية الثقافة والدين؛ وهو منتج للأفكار لكن إذا كان هذا المثقف يمثل ثورة على تلك المؤسسات والمرجعيات كيف يكون ناطقا؟ هذه هي محنة المثقف التنويري الذي يختلف عن المثقف الداعية .فالمثقف التنويري الناقد لا يكتفي بتفكيك (النصوص مجّردة،بعيدة عن الواقع إنما تفكيك ابني الفكر وقوالبه،انطلاقا من هذا الميدان الذي يؤدّي العمل فيه إلى كشف الاستراتيجيات السلطوية ا فضح ألاعيب الخطابات في حجب الحقيقة وتحوير المعنى ،و تعرية الآليات اللامقعولة التي تمارسها أنظمة المعرفة وبنى الثقافة)(1)
هذه هي محنة المثقف التنويري الذي يتعامل مع ارث اجتماعي ثقيل يجعله محل رفض اغلب المؤسسات وقتها ،وهذا قد يعود إلى المرجعيات الحداثوية التي اعتمدها فرغم عمله على تنبئها داخل الحاضنة الثقافية والاجتماعية عبر العودة إلى مرجعيات إسلامية –عربية والى ارث سياسي واجتماعي عربي من اجل إيجاد حلول للواقع الذي مازال متشابكا في إحداث الماضي فكرا وسياسة مع كل مشكلة معاصرة لأبدان يجدلها صلة بمعنى ما تبريرا وتسوغا للشرعية لها وهذا ماادركه الوردي عبر غياب تاريخية تلك الأفكار التي تتفاعل مع التاريخ على هذا جاءت رؤيته باستقلالية وعقلانية تنويرية والإصلاحية في تناول قضايا ودها تمثل عوائق إمام التحول الحد اثوي من ذهنية البداوة إلى ذهنية التحضر والتعددية والديمقراطية التي ربطها بإحداث تحول قيمي اجتماعي وفكر يتجاوز (الماورائي )المرتبط بالماهيات الثابتة وهذا ما عولج في مستوين الا ول الرؤية والثاني في البنية القيمية للبداوة.

المستوى الأول :الروية والمنهج:

الحقيقة لا تتفق مع المنطق الوعظي الذي اخذ من أرسطو إذ يصف البيئة التي جاء منها بقوله:-( لقد كان فلاسفة اليونان يعيشون معزولين عن الحياة يحيط بهم تلاميذهم )إلا إن ذلك التراث ظهر داخله من تقاطع معه مع ظهور السفسطائية ( لقد ظهر اتجاه هولاء الفلاسفة مفكرون آخرون أقرب إلى منطق الحياة الواقعية منهم ،وهم الذين اشتهروا في تاريخ الفلسفة باسم السفسطائية ،فكان من رأيهم إن ليس في الدنيا حقائق مطلقة ،إنما حقائق نسبية ،فما يراه بعض الناس حقا قد يراه البعض الآخر باطلا ،والإنسان مقياس الحقيقة في نظرهم)(2)
فقد ساد النموذج المثالي على النموذج السفسطائي الواقعي ( هذا جعل التفكير الاجتماعي الواقعي نادرا في تراث الفلسفة القديمة )(3)
ولهذا كان له اثر على فلاسفة الإسلام الذين تأثروا بمنطق أرسطو الذي اتسم بصفتين :
الأولى - انه منطق صوري والثانية انه منطق استنباطي .إما كونه صورياً ( نقصد بذلك انه يهتم بصورة الشئ ويهمل مادته فهذه الصورية أهملت الوقائع الجزئية المحسوسة إذ يعدونها من الأمور التي لا تؤدي إلى علم يقيني صحيح ،فالعلم الصحيح في رأيهم هو الذي نتج عن النظر في الأمور الكلية العامة ،إذ هي أمور ثابتة لا تتغير ،وهي إذن حقيقية بعكس الوقائع المحسوسة المتغيرة)(4). وهذه الرؤية نلمس تأثيرها على مفكري الإسلام ( ومما يجدر ذكره إن غالبية المفكرين المسلمين في عصورهم المتأخرة كانوا يجرون في تفكيرهم على هذا المنوال )(5).إذ هم يحافظون على صورة الأمر الشرعي ولا يبالون إن يخالفوا محتواه أو مادته )(6)
ويحاول الباحث تناول جانب اللامفكر منه من قبل النهج المثالي الذي كان سائدا والذي يضع بين الواقع مثال عقلي تجريدي في وقت كان ابن خلدون رغم سيرته الذاتية المرفوضة من قبل الوردي إلا انه طور منهجا قياسيا هو ثمرة النقد الذي ابتدأ به الغزالي وابن تيمية من بعده وانتهائها بابن خلدون .فالوردي ينظر إلى التراث وهو ينطلق من الثقافة المعاصرة في علم الاجتماع تلك الثقافة التي ترفض التصور المثالي الافلاطوني الارسطي وامتداداته الافلاطونية المحدثة ،وأيضا نقدا لحدود العقلانية المثالية ونقد تمركزات العقلية في تباين حدود العقل وأوهامه التي انطلقت من مز الق عرقية كما ظهرت في التمركز الأوربي حول ألذات هذا الأمر وجد في نقد السببية الذي كان الغزالي قد وضعه رغم التباين الشاسع بين الاثنان . فالوردي هنا يتناول اللأمفكر به الواقع أو المنهج الاستقرائي الذي سوف يظهر بوضوح في دراسته للمنهج المثالي لدى "وعّاظ السلاطين" الذي ينتقدهم به نقد ذهنية الوعاظ بقوله: (يكون الوعظ ذا ضرر بليغ في تكوين الشخصية البشرية ،إذا كان ينشد أهدافا معاكسة لقيم العرف الاجتماعي ،فإذا ذهب الإنسان إلى المسجد،أو إلى المدرسة ،وأخذ يسمع وعظًا افلاطونيا يحضه على ترك الدنيا ،مثلا ،أدى ذلك إلى تكوين أزمة نفسية فيه لان الإنسان حين يسمع الواعظ يعظه بترك هذه الدنيا الخلابة ،يمسي حائرا .فضميره يأمره بإطاعة الواعظ من ناحية ونفسه تجذبه من الناحية الثانية نحو الدنيا جذبا لا خلاص منه . فهو إذ وقع بين حجري الرحى ،لا يستطيع إن يترك الدنيا ولا يستطيع إن يترك الجنة" التي وعد بها المتقون" (7)

خطاب الواعظ: يؤكد هنا حقيقة اجتماعية غابت عن الواعظين وهي ( إن المجتمع عبارة عن منظومة متفاعلة من العلاقات والمصالح ،وهو في صيرورة دائبة وتغير مستمر(8) ويقوم على خطاء فهو يفارق الواقع صوب المثال الافلاطوني أو ألقيمي عبر نموذج متخيل لإيمان تحقق ( إن الواعظ يجعل الناس شديدين في نقدهم ، فالمقاييس الافلاطونية التي يسمعونها من أفواه الوعاظ عالية جدا .وهم لا يستطيعون تطبيقها على أنفسهم فيلجون إلى تطبيقها على غيرهم .وبذا يكون نقدهم شديدا)(9)
يلاحظ أنهم بارعون في انتقاد غيرهم .فهم يحفظون عددا كبيرا من المقاييس الأخلاقية الدقيقة ، إذ الوعاظ يعتقدون بأن السلف كان معصوما من العيب . أو في حالة السلوك الشخصي فقد صنع الواعظون لنا أنماطاً من السلوك فوق تناول البشر وتركونا نركض وراءها من غير جدوى، كمن يركض وراء السراب)(10) المصدر السابق،ص60. وبهذا يريدون من الناس جميعا إن يكونوا من طراز السلف الصالح .(11).
إذ هم يكررونها على مسامع الناس صباح مساء ،ولذا فهم يستعملون هذه المقاييس سلاحا ضد الذين يكرهونهم.فلا يكادون يلمحون في أحد قولا أو فعلا منافيا لما وعظوا به حتى ينثالوا عليه لعنا وذما .وربما أعلنوا عليه الجهاد في سبيل الله.
فهذا الأسلوب يكون لدى الناس مقاييس مفارقة لايمكن إن تنطبق كما هو حال الزعامة ( وعند ما يظهر زعيم بيننا نراه لا يليق بالزعامة . وذلك لأننا نقارنه بتلك القدوة التي صنعها لناس الواعظون)(12) .
أراد علي الوردي التأسيس إلى علم اجتماع عربي وهي محاولة عللها بقوله:-" إن علم الاجتماع ليس كعلم الفيزياء أو الكيمياء أو غير هما إنما هو في حالته الراهنة لما يصل إلى مثل هذه العلوم من النمو والنضوج.وقد بحث في أمور نجد لها أثرا في علم الاجتماع الخلد وني.إلا إن علم الاجتماع الغربي كان مشغولاً بالقضايا التي كان المجتمع الغربي يتساءل عنها ويثير حولها الجدل ؛إما ابن خلدون فقد كان ذهنه مشغولا بقضايا التي كانت الحضارة الإسلامية تعنى بها ،كقضية الصراع بين الدين والدولة ،أو بين العرب والعجم ،أوبين البداوة والحضارة ،أو أشبه، وهو يشير إلى هذه المواضيع على أنها كانت موضوع أطروحته في الدكتوراه .
إذ يؤكد الباحث على أهمية علم الاجتماع الخلد وني فيجب إن ندرسه من وجهة نظره دراسةً علمية تنفعنا في عصرنا هذا ،لاسيما مجتمعنا العربي الراهن ،فنحن إذن نقارن بين أحوال المجتمع العربي في أيام ابن خلدون وأحواله في أيامنا ،نجد شبها كبيرا .
وهو يقارن بين ابن خلدون والدراسات الاجتماعية المعاصرة فيرى إن العلماء الحديثين في هذا الصدد هو المقارنة بين المجتمع الحركي والمجتمع ألسكوني ،ويجوز القول إن هذه ألمقارنه الاجتماعية الحديثة تلك التي أجراها ابن خلدون بين البدو والحضر . (13) (14) منطق ابنً خلدون،علي الوردي ،.
بل انه في هذه ألمقارنه يتناول الدراسات الاجتماعية بالتحليل في تناولها السكون والحركة فيرى الأتي:
1- فلم يحدث في التاريخ إن هاجر الريفيون أو البدائيون أحدى الحضارات المجاورة وأسسوا فيها دولة .
2- المجتمع البدوي يختلف في كثير من خصائصه عن أي مجتمع سكوني أخر .إن الصحراء التي يعيش فيها البدو ،تختلف عن المناطق التي يعيش فيها البدائيون أو الريفيون أو غيرهم من أهل المجتمع ألسكوني .
3- اصح وصف للبداوة هو الذي جاء به ابن خلدون حيث قال عن البدو "إن رزقهم في ظلال رماحهم"(15)
4- حياة البادية ليست سوى حياة غزو وحرب ، ومن العار كل العار على البدوي أن يكسب رزقه بكد يده .فهو صاحب سيف يغزو به ويدافع به من يغزوه، ولا مكان في البادية لمن هو جبان أو ضعيف .
5- قوام الحياة البادية هو المراعي .والمراعي لاينبت من جراء عمل بشري كما هو الحال في الزراعة مثلا .انه يعتمد في نموه على المطر الذي ينزل من السماء ولا يد لبدوي في صنعه أو توجيهه.
6- إن المراعي قليلة لا تكفي إلا عددا محدودا من سكان الصحراء ولما كان البدو يتكاثرون فلابد من وسيلة وهي الغزو والقتال .
7- إن الدراسات المعاصرة ترى إن البداوة مرحلة اجتماعية مرت بها جميع الأمم الاان "علي الوردي" يبين خطأ هذا الرأي" إن البداوة نظام اجتماعي يلائم حياة الصحراء وهو لا يظهر إلا فيها على الأكثر."(16)
من اجل هذه الأسباب التي تبدو فيها الدراسة الخلد ونية اقرب إلى البيئة العربية المعاصرة من الدراسات الاجتماعية الغربية .
ويرى الباحث أصالة الدراسة الخلد ونية في الأفكار آلاتية:
1) منشأ الدولة :ينقل عن {جومبلوتز}إن نظرية "العقد الاجتماعي" غير صحيحة تاريخيا ( إنما هي بالا حرى نشأت من جراء النزاع بين الجماعات البشرية المختلفة وسيطرة إحداها على الأخرى لان النزاع صفة أصلية)(17) .وجاء {اوبنهايمر} وجعل هذه النظرية أكثر قربا إلى ابن خلدون ( فان الدولة نشأت من جراء النزاع بين البدو والحضر ،وقد حدث هذا عندما ظهرت الحضارة وان اكتشاف الزراعة مكنت الإنسان الأول في التاريخ من إنتاج فضلة تزيد على حاجته الضرورية ،وبذلك اخذ ينتج معالم الحضارة من مسكن وملابس وأوعية وما أشبه.وجاء البدو يرومون الاستحواذ على فضلةالانتاج هذه ،فحاربوا الحضر وغلبوهم . وكان من نتائج ذلك نشوء الدولة في التاريخ.)(18)
2) المنطق الجديد:مما يجدر ذكره إن ابن خلدون فطن إلى هذا وتطرق إلى بحثه في مواضع من مقدمته .وقد كان يجري في بحثه حسب منطقه الجديد الذي يرى في كل شئ وجهين :حسن، وقبيح.فقد ميزوا بين الرئيس المتبوع والملك المسيطر،وكيف إن الأول منها يستمد رئاسته من طاعة قومه له والتفاف عصبيتهم حوله فلا قهر له عليهم ،وكيف إن الثاني يقوم على التغلب والحكم بالقهر(19) ،ويقول ابن خلدون إن الرئيس المتبوع لا يظهر آلافي البداوة قبل تأسيس الدولة.أما بعد تأسيسها فيصبح الناس فيها طبقات يعلو بعضها على بعض ،ويكون الملوك في أعلى تلك الطبقات .وبهذا يتم التعاون بين الناس في إنتاج الحضارة. (20) الذي يخرج به علي الوردي الأتي:
1- الإطلاع على التصور الاجتماعي الخلد وني يعود إلى الأمرين:
الأول- منهما انه مازال يمثل موقفاً قريباً من التصورات الحديثة حسب ما سبق عرضه .
إما الأمر الثاني- هو إن ابن خلدون مازال قريباً من الحال العربي المعاصر الذي مازال يمثل تلك القيم البدوية .
2- العمل على تجاوز ابن خلدون بعد ما كانت( البداوة قديما تمثل دور الغالب في صراعها مع الحضارة أصبحت اليوم مغلوبة على أمرها،لا تدري ماذا تصنع .لقد اختفى الخطر الذي كان يهدد الحضارة دائما تجاه غزو البداوة لها ،وحل محله خطر معاكس حيث صار البدو مهددين به في عقر دارهم ... كانت مشكلة الحضر قديما هي كيف يصدون عنهم غزوات البدو .أما ألان فقد أصبحت مشكلتهم كيف يحضرون البدو وكيف يساعدونهم على تبديل صفاتهم التي غدت لا تلائم حياة الحضارة الجديدة . )(21)
المستوى الثاني:نقد البنية القيمية:

جدلية النقد والتحديث في فكر علي الوردي تكمن في "صراع القيم "بين قيم البداوة وقيم الحضارة ألحديثه،والتي تظهر بالشكل الأتي:-يحاول الوردي إن يقدم تصوراته لمنظومة البداوة التي تقوم بالثالوث (العصبية ،والغزو،والمروءة)فالبدو(يتعصبون قبليا ،ويغزون بعضهم بعضا ،ويتبعون قيم "الدخالة" والنجد والجوار ...)(22) وبالتالي تعد هذه البداوة أنموذجاً ثقافياً تحقق من خلاله تلك القوى الاجتماعية أهدافها ودوافعها بالبقاء والمحا فظة على وجودها داخل بيئة تفرض نمط معين من التعاطي وهذا ما يكشفه سلوك البدوي (الذي لا يفهم التوفير أو الادخار (..) انه لا يفهم هذا ولايستسيغه (...) إن يفضل إن يدخر السمعة بدلا من ادخار القروش ،ومن هنا جاء قول حاتم الطائي :
أمأوى إن المال غاد ورائح إن ويبقى من المال الأحاديث والذكر
فالسمعة تساعد البدوي على نيل الرئاسة وكثرة الأعوان والمناصرين ،فيستطيع إن يغز بهم ويغنم ،وهي أيضا تجعل الناس يسرعون إلى اغاثتة عند الشدة حسب المثل القائل (ارحموا عزيز قوم ذل) (23)
إن الكرم هنا يغدو رأسمال رمزي يضيف للفرد مكانة اجتماعية وهذا الأمر أيضا يربط بين المروءة /الغزو (لأتنكر إن الرجل البدوي نهاب ،فهو يحب الغنيمة حبا جما ،إنما في الوقع لا يحب الغنيمة من اجل قيمتها المادية ،بل هو يحبها من اجل ما تمنحه من قدرة على المروءة والكرم ،انه نهاب وهاب في إن واحد)(24) إن هذا السلوك مرتبط بالقوة والمباشرة مما جعله يصف سلوك البدو (صدق/قوة) (إن البدوي يأنف من الكذب والنفاق والخداع والمكر والمجاملة لأنه يعدها من أخلاق الذي ابتلى به الحضر فالبدوي ذو فروسية ورجولة وهي أخلاقه تناقض أخلاق الضعفاء والأذلاء)(25)
(ولاء/قوة) وهذه الثنائية هي الأخرى لها معنى خاص في منظومة البدو (معنى الولاء إن يلتزم الإنسان جانب حليفه أو جماعته فلا يفارقهم ... إلا إن هذا الولاء له سمات بدوية مرتبط بقوة الحليف ) مما يجعله يزول بزوال قوة الحليف لان البدوي( يميل إلى الغلبة ويدور معها أينما تدور)(26).انه يربط هذه القيم بزمان قد تغير ومكان إلا إن الزمن قد تغير وأصبح الإنسان يعيش بين قيم البداوة وقيم الحضارة وهذا جعله مزدوجاً في سلوكه.إن الباحث في نقده للذهنية والتمركزات القيمة البدوية
فالحضارة القديمة كانت تعتمد البداوة من أهم عوامل الحركة الاجتماعية،فقيم القوة في البداوة تقابلها قيم الإنتاج في الحضارة.... وتفاعل ذينيك النوعين من القيم ظهرت الدولة الكبرى.إما الحضارة اليوم ليست في حاجة إلى عامل يأتيها من خارجها ليحركها ويؤسس فيها الدولة.إن الديمقراطية الحديثة جعلت الحركة الاجتماعية تنبعث من داخل الحضارة حيث تظهر بها الأحزاب المتصارعة.(27)
وبالتالي لم تعد هناك حاجة إلى أخلاق البدو على أخلاق الحضر لم تبق له الأهمية التي كانت له في الأزمنة القديمة.(لان الظلم الذي كان يعاني منه سكان الحضارة قديما بدا يختفي تدريجيا.وكذلك اخذ التفاوت في الترف بين طبقات المتمع يتقلص بحيث أصبح لا يؤدي إلى التفكك الخلقي كما كان يؤدي إليه قديما).(28)

التحويل :

إذ كان الفكر اليوم يشترط به إن يكون له صله بالواقع ومن هنا تبرز أهميته ومهمته وفعاليته وهويته ومهنته ولذته .ومن هنا فان الممكنات التي طرحها علي الوردي والتي نجد هناك إمكانيات للتفكير بها آلاتية :
1- نقد المنطق:
فالمنطق لم يعد على مطابقة التصور مع الواقع ،لان المسألة ليست ماهيات ثابتة يحتاج دراكها إلى تصورات مطابقة ،بل مسألة علاقات متغيرة ،تولد دلالات مغايرة ،أنها مسألة مركبات مفهومية تعيد تشكيل الموضوعات ،بقدر ما تحدث تغييراً في العلاقات بين الأشياء .... فالحقيقة لا بوصفها مما هات مع الواقع أو تملك له ،بل بوصفها لعب الخلق والتشكيل أو القدرة على الإحداث والتغييراذ لا سبيل إلى اختزال الموجودات إلى مجرد تصورات مطابق لما هو واقع ،أو مجرد روايات تسجل بأمانة مجريات العالم ،وإنما يتعلق الأمر بنصوص وتشكيلات تجسد عوالم ممكنة أو تفتح أبواباً موصدة .(29) هذا المنطق يتجاوز المنطق العلموي"الوضعي" الذي يحاول التعالي العقلي تجريدي الذي يسقط الأخر في مجال اللاعلميه عبر الصور النمطية مثل البداوة بوصفها بنية ذهنية للعرب ،ضمن هذه الإلية ثم إنتاج صور تمثيلية عن العرب وقد تنوعت الصورة المتخيلة عن العرب في جغرافية شرقية صحراوية ويمكن أدراج نماذج لتلك الصورة رافقت التطور التاريخي الذي ولده الصراع السياسي والذي أنتج بالتالي إشكالاً جديدة من التخيل .صورة العربي التي تمثل شيخا صحراويا يحيط به حريم من الفتيات الصورة وليدة ذهنية الاستشراق . صورة العربي ( المتوحش ) أو غير المتحضر و ( ذي النزعة العسكرية) في علم الميثولوجية:ظهرت أسطورة "الإنسان الوحشي الطيب"في عصر النهضة كانت معبره عن الاصالة والأخلاق بامتياز .وهكذا لكون الثروات في المناطق الاستوائية تكسب بدون مجهود وغير محكومة بلعنة العمل مقابل بؤس الحياة في أوروبا.لقد ترسخت هذه التصورات في الأذهان إلى حد أصبح الاستعمار يعتبر عملا إنسانيا يخول غزو الشعوب المسماة "الوحشية". وفي علم التاريخ وفلسفته:كان هناك طموح غربي يتضمن بناء خطاب كوني بوصفه سلطة عليا لكل فكر ولكل فعل وهذا ما حققه هيجل الذي ينطلق من اطروحة ذات شقين:في الشق الأول يشيد بالتاريخ كمرجع معتبروحيد،أما في الشق الثاني فيحط من شأن تاريخ الحضارت الشرقية ويعتبرها كمرحلة زائلة.ذا يقول هيجل:( نستطيع تعريف الاختلاف مابين الحرية في الشرق ومابين الحرية في اليونان ونظيرتها في العالم الجرماني في الشرق ليس غير فرد أوحد هو حر "المستبد"،في اليونان الكثرة هي حرة ،في الحياة الجرمانية كل الأفراد هم أحرار ،إي الإنسان حر لكونه إنسان..)(30).علم اللغات المقارن "رينان":ارنست رينان حاوله دائما الربط بين فقه اللغة كعلم مقارن والعرق حيث حاول من خلال بحوثه حول العرق السامي مما أدى به إلى رد الآريين والسامين إلى عرقين نبياين كبيرين لكن( بمجرد انتهاء هذه المهمة "التوحيد" ينحط العرق السامي بسرعة ويفسح المجال للعرق الآري أن يسير لوحده على رأس مصائر الإنسانية... خاصة بعد أن أصبح مسار الحضارة معروفا في قوانينه ،واللامساواة مؤكدة بين الأعراق حيث قال في 1883: ( كل شخص عنده شئ من التعلم في عصرنا ،يلاحظ بوضوح أن دونية المسلمين الراهنة وانحطاط الدولة والانعدام لدى الأعراق ،ناجمة عن تلقي ثقافتها وتربيتها من الدين الإسلامي فقط) ..)(31)
.البايلوجيةالتطور:هنا تظهر نماذج من التصورات العلموية منها: سان سيمون 1803 يحتج باسم العلم ،ضد مبدأ تطبيق المساواة على الأفارقة السود بحجة أن هذا الأجراء يسبب الكوارث في المستعمرات .فوجه إنذارا إلى رفاقه يقول:( لقد قام الثوريون بتطبيق مبادئ المساواة على السود : فلو استشاروا علماء وظائف الجسم ،لكانوا تعلموا بأن الأسود،بسبب تعضيته ،غير قابل لشرط مساو في التربية حتى ينشأ على نفس مستوى علو لدى أي أوربي ... لقد كانا مخطئين في اعتاق عرق أدنى منهم )(32).
إما دارون في كتابة"اصل الأنواع" الناطق بسم جيله والكاشف عن النزعات القومية في الغرب ومنظراتها العرقية حول الشرق في القرن التاسع عشر . إذ من خلال نظريته حول التطور القائمة على مبدأ النشوء والارتقاء ،أفسح المجال أمام النظام الرأسمالي الجديد لضم الفكرة القديمة عن تفوق الأعراق التي دعيت بالتقدمية إلى فكرة التقدم الإنساني التي راجت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ،على سبيل المثال عند كوندورسيه.كان دارون مرتاحا لهذه النزعة التفاؤلية كما أنه كان مؤيدا لفكرة التمايز البشري مابين عرق أعلى وعرق أدنى لاشك أن هذه الأفكار كانت متفرقة ولم تتصدر نتاج الاانها تشكل بمعنى ما المحرك الأساسي لرؤياه.(33)
لاشك إن لهذه التصورات العلموية متآزرا مع بعض الممارسات السلطوية أثرت في نشوء السر ديات التاريخية وفلسفة التاريخ والتي ساهمت في خلق هوية غربية تقابل ماهو غير غربي معتمدة على اختلافات جغرافية من التباينات التي تسهم في تقديم تعريف للذات الاوربيه عبر التباين بين ألانا والأخر هذه تساهم في خلق الهوية التي في بنائها لا تنفصل عن الغيرية (إن بناء الهوية يكون بمنزلة مخزن الأضداد )(34).ولهذا التاريخ وفلسفته دور كبير في تعميق ذلك الوهم بالهوية الغربية مقابل الأخر فدراسة التاريخ سواء أكان في المدرسة أم في الجامعة إذ تشكل أساس الذاكرة وهي تعد ما تكون عن دراسة الحياة في الواقع والحقائق الأساسية بلا انها إلى حد كبير كسعي قومي يقوم على التسليم بضرورة إن تبنى فهم المطلع ولاءه المروم للوطن والإرث والمعتقد)(35) وهذه السر ديات التاريخية تمثل عملية مماهاة تامة خالية من الاختلاف والتعارض فهي تؤدي إلى انغلاق حضاري وإرهاب فكر يعبر عن الاقصاءات الفكرية والعسكرية .


2- نقد منظومة القيم :
فان المنطق الجديد يتجاوز تلك النصوص بوصفها قراءات وليدة فضاء استعماري تقوم على منطق الثبات والهوية بالمقابل فن المنطق الجديد يقدم ممكنات تقوم على مفهوم نقد الثبات والقول بالنسبي والعلاقة المتغيرة بحسب تغير المحيط ، فالقيم البدوية هي قيم ليس في ذاتها سلبية بل هي قيم كانت تستجيب لتحديات معينه لم تعد تستجيب لمنطق الحداثة والعلم لهذا تحولة إلى عائق إمام بناء ثقافة تعددية.
في الوقت الذي نرى المجتمع الديمقراطي ينظر إلى الحرية مقترنة بمسؤولية الالتزام بقيم المساواة والديمقراطية والعدل والحياة الانسانيه واحترام شخص الإنسان وحريته والحفاظ على المجتمع وعلى وجوده نظيفاً صحيحاً خاليا من كل تلوث تسعى إلى تغير الواقع عقلانيا فهي لا تطلب السلطة لذاتها, بل لأجل انماءالانسان وتحقيق أهدافه (36). بالمقابل المجتمع العصبوي الذي ينطلق من مفهوم العصبية وهي شعور فئوي بوحدة ألجماعه المتميزة , بشوكتها يكونها سلطة واحده وجسما واحداً , ومصلحة واحدة , قوية التضامن والتماسك , يشد أفرادها بعضهم إلى البعض , شعور بالانتماء إليها لا إلى غيرها من الجماعات وشعور الانتماء هذا يولد في أفرادها التزاما قيما فئويا نحوها , بكل مالها وما عليها التزاما واجباً ومسئولا يجعل الأخ ينصر أخاه ظالما أو مظلوما ويجعل جماعة العصبية ترى " أشرارها أفضل من أخيار غيرها " وان وحده الشعور بعصبية الجماعة هي في أساس التعصب الديني والوطني والقومي والعرقي , والتميز بين الناس والشعوب(37) والتقارب بين الهوية والعصبية كبير " فالعصبية " إنما تكون من " الالتحام بالنسب اوما في معناه " ومن الولاء والتحالف والصحبة . وابن خلدون يرى " إذ النسب أمراً وهمياً لا حقيقة له , ونفعه إنما في هذه ألوصله والالتحام (38) في الوقت الذي يبدو النسب أمر وهمي كذلك الهوية فهي تخضع للاختلاق والتلفيق عبر تغييب الأصول في العملية , وان تقصى كل فرص الاعتقاد بأن هذه العملية من صنع الإنسان . وتعي الجماعة خصوصيتها واختلافها عن الجماعات الأخرى . عندئذ تبدأ هذه الجماعة في تشكيل إطار ثقافي بموضعها وتتموضع فيه إي تبدأ في تشكيل هويتها الثقافية (39) ثم تحول تلك العصبية أو الهوية إلى بنية قيمية توجه السلوك وتخلق تصورات ألجماعه حول ذاتها وعلاقتها مع الآخرين .
فالعصبية ، نعرة فئوية ، دموية ، رحمية ، ملازمة ، لنمو النوازع الاوليه يتربى عليها الطفل , وتبدأ مع ألام في الاسره .. وهذه الفئوية وقوتها تشكل شوكة الجماعة , ثم تسجيل
, بفعل التطور إلى فئوية طائفية ، دينية أو عرقية تستمد نعرتها لا من الدم فحسب ، بل أيضا من الشعور الديني أو المذهبي أو العرقي الفئوية ، ثم تستحيل إلى فئوية إيديولوجية من الفكر الطائفي عرقي والانتماء الحزبي وعلاقات تنشأ منها فئوية متعدد في المجتمع العصبية(40). يقوم على ولاء فئوي أهلي بالمقابل فان المجتمع الديمقراطي إنتاج الحداثة السياسية القائمة على التعاقد وفكرة المواطنة بوصفها علاقة بين المواطن والمجتمع ـ دوله هو تميز المجتمع عن الدولة بالمقابل المجتمع العصبي ينظم اجتماع الجماعة على أساس الشعور بالانتماء إلى جماعة معينة على أساس قرابة الدم أو الاشتراك في الدين أو في المذهب وهذه العصبية كما لاحظنا هي الدرجة الدنيا والأولية في البناء العصبوي ، وقد لا تكون دائماً مبعث مشاكل اجتماعيه أو سياسية طالما بقيت في حدود التضامن الذي يؤسسها بوصفها علاقة طبيعية وليست مدنية وتبدأ بالظهور من بنية إلى سلوك عندما يبدأ ولاء الناس للكيان الوطني للدولة بالاضمحلال يغدو ولاؤهم لعصبياتهم أعلى اشد من الأول.
ومن ملاح المجتمع الذي تسوده الو لاءات العصبية المتصارعة إن يتصف بأنه " بلا إجماع سياسي " منقسم على ذاته بفعل هيمنة احد العصبيات على الحكم وتحويلها إلى سلطة تحكم بفعل القوه والإكراه تعمل على فرض أرادتها على غيرها بالقوة بعد إن تحول إلى السلطة .
لكن الملاحظ في سلوك تلك العصبيات أنها على المستوى السياسي والفكري تعيش انفصالا على مستوى العقيدة أو المذهب أو الدم ،إما على المستوى الاقتصادي حيث يزول ذلك الانفصال حيث يتحدث تعاون وتبادل المصالح لهذا نرى الفئة فيما بينها تفاوت اقتصادية يحولها إلى طبقات لكن الفكر يوحدها اتجاه غيرها . .
لذلك نلمس الدول في الوقت الذي يعيش اغتراباً عن واقعها المنقسم إلى عصبيات طائفية وفئوية وقومية تحاول إن تغلب علية باعتمادها أحدى العصبيات المهنية التي تعتمد الإكراه مع غيرها فان الدول رغم عصبيتها إلا أنها تعمل الخطاب الديمقراطي ولزيف التجربة الديمقراطية
سعياً إلى كسب الشرعية التي يراها الكثيرون في إما هيمنة القانونية التي هي ذات طابع عقلي , والهيمنة التقليدية طبعاً للعرف ( أو العصبية ) والمهيمنة الكاريزما نية أي ذو القدرة الخارقة على سحر الجماهير التي هي ذات طابع انفعالي وتتطلب الثقة الكاملة برجل استثنائي (41) .
ألملاحظه إن سعي الحكومات العربية أنها تحاول إن تحوز على الشرعية عبر انتسابها الاجتماعي ذي الطابع العصبي سلوكاً وطريقة تفكير عصبوية تقوم على التمركز حول ألذات وإقصاء الأخر.
ومن ناحية ثانية تحاول إسباغ الشرعية عليها عبر ادعائها الديمقراطية ولتحقيق هذه الشرعية لكن الملاحظ من تلك التجربة في تطبيق الديمقراطية أنها تتصف باختزال التجربة الديمقراطية بعزلها عن العمق الشعبي وجعلها مجرد تجربة لا تجد أي تأثير لدى القاعدة الشعبية .و سطحية وهشاشة التجربة الديمقراطية بوصفها نظرية سياسية في الواقع العربي مما حولها إلى مجر ديمقراطية شعارات استهلاكية ، غياب المؤسسات الدستورية ، تحت وطأة الدول السلطوية الاستبدادية ، التي تكرس حكم الفرد في مقابل حكم الأغلبية ، وقانون الرئيس أو الزعيم أو القائد على حساب حكم ألجماعه آو المؤسسة ، أو الأحزاب وهذا ما ظهر في الشكل " الكاريزما نية "، و تأسيس الثقافة الديمقراطية وجعلها ثقافة تبشيرية للنظام الحاكم ، بدل تثقيف السياسة الديمقراطية ، بإسناد مهمة تطبيقها ورعايتها وتعميق مفاهيمها لدى أبناء المجتمع كي تنمي فيه روح ألحاجه إلى الديمقراطية الصحيحة وتخليص الديمقراطية من كل أساليب الزيف التي يقود إلى الكتب (42) تكريس غياب الديمقراطية في الحياة السياسية العربية هو استبعاد منطق التعددية السياسية بحجة إن هذه التعددية تؤدي إلى تكريس الخصوصيات في حين المطلوب دمج هذه الخصوصيات في ورقة ألدوله لكن كل المحاولات القسرية لم تؤدي إلى انصهار الخصوصيات في بنية ألدوله وبالتالي فان العجز عن تحقيق دوله ألمواطنه(43 إن أدق تعريف للنظام السياسي الممارس في أدبياتنا السياسية ،انه نظام لا عنوان له . فهو مزيج من العشائرية ، والطائفية والقبلية والجهوية ، والمذهبية ، والسلطوية ،والديمقراطية والإسلامية والجمع بين هذه فالاستبداد آفاقه ممثلة في السلطوية ، وغياب المراقبة على الحاكم ، ومزاجية الحكام وتهمش الكفاءات وإقصاء النزهاء ، إضافة إلى الاعتقال والاختطاف والتعذيب وغير ذلك من آفاق الحكم المستبد

كما إن الديمقراطية عناوينها من الدستور ومؤسسات ومحاكم وانتخابات ونواب وحكومات وصحافة ولكنها عناوين أفرغت من محتوياتها وهذا الأمر انعكاس إلى تلك البنية العصبيويه التي تقوم على الإقصاء والتمويه وإبقاء الكل في حالة صراع الهدف السلطة لذتها داخل العصبية الواحدة أو مع باقي العصبيات، عبر خلف تحالفان مع بعضاهما ضد بعضها الأخر وسرعان ما ينتهي هذا التحالف بمجازر دموية تعمق الصراع حول المناصب وتوغل في الإقصاء لقد أقامت تلك السياسة الاقصائية بإنتاج الرفض الفكري من الكثيرين المفكرين الذين تم زجهم في المعتقلات لأنهم يعارضون أفكار السلطة،هذا قاد السلطة إلى إنتاج العنف المضار الذي كان يشكل رفض لسياستها لعل التكثيف الذي قدمه المفكر "حسن حنفي" البليغ في وصفه العلاقة بين الدولة والموطن " فالدولة في ذهن المواطن هي الشرطة والمواطن في ذهن الدولة هو العاق أو الخائن أو العميل " (44. لهذا تبحث تلك الحكومات عن الآليات والوسائل التي تمهد لها تحقيق حيازة الشرعية وهذا لا يتحقق إلا عير صياغة رأى عام ( فان الرأي العام الذي تبلوره رسائل الاتصال هو ذلك الرأي الذي تؤسسه الدولة ، أي المؤسسة السياسية ، وفق ما يخدم المصالح الآنية والمستقبلية )(45)




1. علي حرب ،أوهام النخبة ،المركز الثقافي العربي ،ط1،بيروت 1996،ص 11).
2. علي الوردي،منطق ابن خلدون ، منشورات سعيد بن جبير،قم المقدسة،ط 1،2000ص17.
3. المصدر السابق، ص18.
4. المصدر السابق،ص29.
5. المصدر السابق،ص29.
6. المصدر السابق،ص31.
7. علي الوردي وعاظ السلاطين،ص 15.
8. منطق ابن خلدون، المصدر السابق ،ص16.
9. وعاظ السلاطين،ص58 .
10. وعاظ السلاطين المصدر السابق،ص59.
11. وعاظ السلاطين المصدر السابق،ص60.
12. علي الوردي ،منطق ابنً خلدون، ص 244 ،
13. المرجع السابق ،ص245.
14. المرجع السابق،245-246.
15. مقدمة ابن خلدون ،ص454، منطق ابنً خلدون،علي الوردي ،المصدر السابق،ص246.
16. المرجع السابق،ص247.
17. المرجع السابق،ص249.
18. المرجع السابق،ص289.
19. ابن خلدون المقدمة ،ص909.
20. ابن خلدون المقدمة،ص909-910.بواسطة، منطق ابنً خلدون،علي الوردي، المرجع السابق،ص251.
21. منطق ابنً خلدون،علي الوردي، المرجع السابق،ص255.
22. علي الوردي ،المجتمع العراقي ، ، منشورات سعيد بن جبير،قم المقدسة،ط1، 2000، ص146.
23. المرجع نفسه،ص71-72.
24. المرجع نفسه،ص71.
25. المرجع السابق،ص78.
26. المرجع السابق،ص84.
27. المرجع السابق ،ص256.
28. منطق ابنً خلدون،علي الوردي ،المرجع السابق ،ص257.
29. علي حرب ،لماهية،والعلاقة ،المركز اثقفي العربي،ص41-43.
30. غريغوارمرشو،أيديولوجيا الحداثة،ط1،2000،الأهالي،عمان ص25.
31. المرجع السابق،ص31-32.
32. المرجع السابق، ص29.
33. المرجع السابق ،ص34.
34. ارفن جميل شل ،الاستشراق جنسيا ،ت: عدنان حسن،ط1،2003،شركة قدمس للنشر ،بيروت،ص81.
35. ادوارد سعيد ،التلفيق ،والذاكرة،والمكان ،م/كرمل ،ص93.
36. عبد العزيز قباني ،العصبية بنية المجتمع العربي ،دار الافاق الجديد ،بيروت ،ط 1،199، ص19.
37. المرجع السابق،ص42.
38. ابن خلدون ،المقدمة ،بيروت ،دار القلم ،1989.ص130.
39. نادر كاظم ،الهويات بين التحبيك السردي والتشكيل الايديولوجي ،م/نزوى ،ع(33) البحرين ،ص103.
40. عبد العزيز قباني ،العصبية بنية المجتمع العربي،ص45.
41. جورج بالا نديه ،الانتروبولوجية السياسية،مركز الإنماء القومي،بيروت،1986.ص40.
42. عبد الرازق قسوم ،عوائق الديمقراطية في تجربتها العربية ،م/التعددية ،لندن،ص27. )
43. مسلم عبد الله ،غياب الشرعية وتحديات الديمقراطية في الدولة العربية ،م/التعددية ،ص10. )
44. حسن حنفي ،الحكومات المستبدة تغتال استقلال الشعوب ،جريدة الزمان ،ع/1899،اراء ومقالات ،لندن ص15.
عبد الرحمن عزي ،دراسات في الاتصال نحو فكر إعلامي متميز،ص69.




#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطوفان بوصفه حدثاً
- فرويد والقراءة الطباقيه
- منهج التأويل الرمزي
- جماليات المكان في نص -مكابدات زهرة اليقطين
- المتخيل السياسي في العراق القديم
- الخطاب السياسي وراغامات الوعي
- المثقف ورهان الاختلاف
- الجذور الحضارية لمدينة الكوفة
- رابطة المواطنه
- مقاربة نقدية في السرد الروائي
- الأعلام والعولمة
- مهيمنات السلطة وإثرها في تشكيل الوعي الغربي


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر عبد زيد - نقد بنية الذهنية العراقية - عند علي الوردي-