أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مهند عبد الحميد - أجمل الزهور لتانيا رينهارت














المزيد.....

أجمل الزهور لتانيا رينهارت


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 1887 - 2007 / 4 / 16 - 07:58
المحور: حقوق الانسان
    


يوم ربيعي أنيق، تزدان فيه الأرض بأبهى حلة، زقزقة عصافير مبتهجة بالربيع، وشدو حجل يطير بتثاقل مألوف، وفراشات تكشف زهورا مختبئة. سرت مع صديقي في هذه القطعة الحرة من الأرض بعيدا عن حواجز الاحتلال وطرق المستوطنين.
هذه زهور (عصا الراعي) تنمو وادعة في قلب صخرة وفي شقوق ونتوءات تداعب المشاهد، وهذه (شقائق نعمان) تعلن عن حضورها الصريح وتلون الأرض بالاحمر، وقرن غزال (توليب ) تتسلل بكبرياء، (وأقحوانات) صفراء وبيضاء، وأنواع أخرى كثيرة بكل ألوان الطيف الربيعي التي لا يعثر المرءعن أسماء لها.
صعدت فوق صخور وهبطت الى المنحدر اخترت زهرة أو أكثرمن كل نوع، وجمعت أجمل باقة زهور برية لاقدمها إلى الراحلة تانيا رينهارت. كنت أرى صورتها فوق كل زهرة، وأسمع صدى لحكايتها تتردد في المكان.
باقة تليق بعنفوان امرأة تمردت على المستحيل، منذ قصة حب "ريتا" التي طاردتها بندقية، ونهاية بقصة ضمير "تانيا" الذي نفاه الإرهاب الفكري الى نيويورك.
موت تانيا المفاجيء طرح أزمة النضال الإسرائيلي الفلسطيني المشترك، الذي يفتقد لأسس موحدة، كما كان عليه حال النضال المشترك في تجارب مماثلة في جنوب أفريقيا والجزائر. فثمة مراكز واتجاهات مقررة في الجانبين لا تعترف بأهمية ولا حتى بوجود مثل هذا النضال، وهذا نابع من موقف الانكار المتبادل، الذي يقود إلى ترانسفير للشعب الفلسطيني في ظل ميزان القوى القائم، ويقود إلى طرد كل اليهود الذين قدموا إلى فلسطين منذ بداية المشروع الصهيوني عندما يتغير ميزان القوى في المستقبل. ولا شك في أن الإنكار المتبادل يشبه تماما من يدعو الى مجتمع للذكور بلا إناث، أو مجتمع من الإناث بلا ذكور، وهذا شيء مستحيل.
هناك من يطرح نضالا مشتركا بإملاءات من الطرف الأقوى الذي يقود الى نظام أبارتهايد كولونيالي مموه يكرس السيطرة على شعب آخر، وهذا النوع من " النضال" أخفق ووصل الى طريق مسدود، وتراجع "معسكر السلام الإسرائيلي" الذي تبناه إلى موقع أبارتهايد صريح.
النموذج الذي طرحته تانيا رينهارت ونواة إسرائيلية صغيرة، يشكل قاعدة صلبة لاطلاق نضال مشترك إسرائيلي – فلسطيني وعربي. أهم ما يميز هذا النموذج هو التكافوء والمساواة بين الطرفين بعيدا عن ميزان القوى. التكافؤ والمساواة تعني رفض الاحتلال الكولونيالي والحرب والعدوان والتمييز العنصري، وتعني الاعتراف بالحقوق المتساوية وتصويب كل إجحاف سابق. لا يمكن لاي نضال مشترك حقيقي أن يستمر ويحقق أهدافه في ظل التسليم بالكولونيالية والعنصرية واعتبارهما أمرا طبيعيا. غير أن هذه المفاهيم تعتبر من وجهة النظر الحكومية الإسرائيلية معادية ومتطرفة، ولا تتورع الحكومة عن معاقبة أصحابها بالعزل والحصار باعتبارهم يهددون مصالح الشعب اليهودي، وواقع الحال لانهم يهددون الأطماع الكولونيالية ومصالح المؤسسة الأمنية المهيمنة. على سبيل المثال عندما طرحت تانيا رينهارت مقاطعة أكاديمية للجامعات الإسرائيلية التي تؤيد سياسة الاحتلال البشعة، أقامت السلطات الإسرائيلية جدارا عازلا حولها وحول كل الاكاديميين الاسرائيليين الذين أيدوا الفكرة، واعتبرها معسكر اليسار "متطرفة" بل ومعادية.
يوجد نخبة إسرائيلية صغيرة من شعراء وأدباء وأكاديمين ونشطاء سلام وما بعد صهيونين يؤيدون المساواة وفي مقدمة ذلك حق العودة للفلسطينيين. كان تأثير الفتاة الإسرائيلية من "منظمة يتذكرن " مثيرا لاحترام وحب هذا النوع من الاسرائيليين، عندما وقفت على أنقاض بلدة لفتا ودعت إلى إعادة بنائها وعودة أصحابها إليها. هذه الفتاة وتانيا وشبتاي وآرنا ومئات آخرون،هؤلاء الإسرائيليون يبنون جسور الثقة بين الشعبين ويصنعون الأمل والمستقبل.
مقابل ذلك هناك إسرائيليون أكثر عددا وتأثيرا يؤيدون إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، ويناهضون الحصار وهدم المنازل وإقتلاع الأشجار وانتهاك حقوق الانسان الفلسطيني، لكن هؤلاء يرفضون حق العودة ولا يعترفون بالطبيعة الكولونيالية والعنصرية للدولة. فهل يجوز إدارة الظهر لهم في شروط المعاناة الفلسطينية. الجواب لا، لأن الإتفاق على إنهاء الاحتلال يشكل الحد الأدنى للعمل المشترك.
لدينا نخب فلسطينية تكتفي بعمل علاقات عامة ومشاريع نفعية مشتركة مع إسرائيليين تحت يافطة السلام، وبمعزل عن عمل مشترك ضد الاحتلال، هؤلاء يطبعون مع الإحتلال ويشكلون جسرا للتطبيع العربي مع دولة الاحتلال. ولدينا نخب أخرى تريد فقط العمل مع النواة الاسرائيلية الجذرية( نموذج تانيا رينهارت) وترفض كل تقاطع مع الاسرائيليين المناهضين للاحتلال.
في كل الأحوال العمل المشترك الإسرائيلي الفلسطيني ضرورة لا يمكن تجاوزها، النواة الصلبة نموذج تانيا مهمة جدا، والمعسكر الذي يدعو لانهاء الاحتلال مهم، ويبقى تحديد المهمات وآليات العمل في المستويين. فقدان تانيا يطرح هذه القضية على محمل الجد. وستبقى مواقف تانيا المبدئية الشجاعة وأفكارها الإنسانية داعما كبيرا لمشوارنا الطويل.



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة الحجاب
- السيكولوجية الفلسطينية
- الجندي الذهبي
- الترابي بين نارين
- الحريات العامة ..مخاوف ومحاذير
- جرائم الشرف
- ارفعوا ايديكم عن اطفالنا
- لم ينتصــروا.. ولم ننهزم
- يوم واحد للمرأة ... لا يكفي
- الطيارون الرافضون: نقطة مضيئة في ظلام اسرائيلي
- ماذا لو فشلت خارطة الطريق؟
- النجاح والإخفاق في عامي الانتفاضة
- الصمت المريب


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مهند عبد الحميد - أجمل الزهور لتانيا رينهارت