أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامح عوده - فصل امني ام فصل عنصري ؟















المزيد.....



فصل امني ام فصل عنصري ؟


سامح عوده

الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 11:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


جدار الفصل العنصري .. كما يسميه الفلسطينيون .. فكره جديدة لانتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني في العصر الحديث ، وهو الجدار الوحيد في العالم الذي يقام في عصرٍ يتم الحديث فيه عن كرامة الإنسان ، وحقه في الحياة ، والتمتع بالأمن والأمان التي نادت بها المواثيق والأعراف الدولية ، فبعد انهيار جدار برلين .. وانتهاءاً بسياسة التميز العنصري في جنوب إفريقيا بدأ المسلسل الإسرائيلي ، القديم الجديد في استعباد الناس ، وتركعيهم في زمن انتهت فيه العبودية والرق ، ليستيقظ الفلسطينيون على واقعٍ جديد من التهويد والمصادرة، نكبة جديدة تضاف الى سجل نكباتهم المتتالية ، ليجدوا أنفسهم هم وما يملكون محاصرون داخل أسوار وأسلاك شائكة ، لم يبقِ لهم شيئا سوى البقاء على قيد الحياة مسلوبي الحرية والإرادة .. داخل ( كنتونات ) مغلقة مقطعة الأوصال !! .
كثيرا ما تتردد كلمة إرهاب !! فهي تطلقُ جزافاً ، ولا ندرِ مَن الذي يَملك حق توصيف الإرهاب أو المخول بتحديد مفهومه ، إن إقامة جدار فصل إنما هو ممارسة إرهابية كاملة ، لأنها تدمر الحياة الفلسطينية ، وتشرذمها وتوزعها كما يرى المحتل ويشتهي ، اليس تشريد البشر وتدمير الأرض وما عليها قمة الإرهاب !؟.
إننا عندما نستمع إلى المسؤولين الأمريكيين نراهم يتحدثون عن إرهاب ويتجاهلون آخر !! ، وهو ما يجعل للمسألة وجوهاً خطرة وظالمة تُضرُ بطرف وتميز آخر، فأتعجب لهذه الازدواجية الظالمة !



قصة جدار الفصل العنصري الذي شرع الإسرائيليون في بنائه في السادس عشر من شهر يونيو/حزيران 2002م بعد مربع الفشل الذي أصاب عملية "السور الواقي"، تلك التي وُضعَ لها شعار ضرب البنية التحية للإرهاب !! ، حسب الادعاء الإسرائيلي.
ومنذ ذلك التاريخ بدأت الجرافات الاسرائيليه والترسانة العسكرية المجنونة ، تصب غضبها على الأرض الفلسطينية لتدمر كروما خضراء ، وأرضا كنا نزرعها ، وتتجاهل حباتَ عرقٍ سالت في سبيل أن نبقى نحن والأرض ، لهذا فقد أقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي هذا الجدار الذي يتلوى كالأفعى داخل الأرض الفلسطينية ، لم يستثنِ أي شيء على الأرض الا وطاله الدمار .


فكرة العزل قديمه حديثه ..
ارتبطت فكرة العزل أو "الفصل" بالذهنية الامنيه الاسرائيليه ، وبعقلية الساسة الاسرائيلين وهي في الأصل فكرة قديمة وردت على لسان ( بن غوريون ) منذ تأسيس الدولة العبرية، ومنذ ذلك التاريخ ، والقاده العسكريون الإسرائيليون يواصلون تهويد الأراضي الفلسطينية ظنا منهم أن الأسوار قد تحميهم من الهجمات الفدائية الفلسطينية ، وقد خرجت الفكرة الشيطانية الى العلن مع بداية العام 2002 م ، فلاقت دعما أمريكيا وصمت دوليا غليظا !! فعلت ما فعلته أنياب الجرافات الاسرائيليه ، فدمرت وخربت ، ولوثت كل ما هو جميل على هذه الأرض الطاهرة .
مواصفات الجدار:
منذ اليوم الأول لخروج الفكرة الشيطانية الى العلن .. تقوم إسرائيل ببناء الجدار على الأراضي الفلسطينية داخل الضفة الغربية وليس على طول الخط الأخضر بحسب الادعاء الإسرائيلي ، فالجدار تعددت أشكاله ، وامتداداته ، فقد تم التخطيط له من قِبَلِ عقولٍ تَمَرّست بالدهاء ، وابتكارِ كل ما هو قبيح !! لذلك لم تنتج الا هذا الشكل القبيح من الفصل العنصري ، يبلغ عرضه من 80 إلى 100 متر مكونة كالتالي:


1/ أسلاك شائكة .



2/ خندق يصل عمقه أربعة أمتار وعرضه أيضا نفس الحجم " وهو يهدف لمنع مرور المركبات والمشاة ".



3/طريق للدوريات.


4/ طريق ترابية مغطاة بالرمال لكشف الأثر.



5/ سياج كهربائي مع جدار إسمنتي يصل ارتفاعه ثمانية أمتار.





6/ طريق معبد مزدوج لتسيير دوريات المراقبة.


7/ أبراج مراقبة مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار.



كما عمد الإسرائيليون إلى تثبيت أسحلة ورشاشات بالجدار ذات مناظير عبارة عن كاميرات تلفزيونية صغيرة يمكن التحكم فيها من مواقع للمراقبة عن بعد.

خطورة جدار الفصل:

يعد جدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل حاليا أخطر المخططات الاستيطانية التي تهدف الى تهويد فلسطين منذ عام 1967، ووفقا لتقارير فلسطينية ، ولجان الدفاع عن الأراضي ومواجهة الاستيطان فان إسرائيل ضمت أكثر من 10% من الأراضي المحتلة عام 1967 م والتي من الممكن ان تشكل حدود الدولة الفلسطينية التي نصت عليها اتفاقيات السلام الموقعة ، وبذلك يكون الجدار قد أضاف إلى حدود إسرائيل ، أراضٍ أكُثرَ خصوبة ، وغنىً بالمياه وهي المناطق التي تحاذي السهل الساحلي ، وتضم العديد من الأحواض المائية الغزيرة في الضفة الغربية ، لكن الاعتداءات والأطماع الاسرائيليه لم تتوقف عند هذا الحد ففي كل يوم تجري الحكومة الاسرائيليه تعديلات على مسار الجدار الأمر الذي يجعله يمتد في عمق أراضي الفلسطينيين بمعنى إضافة الآف الدونمات من الأرض للعمق الإسرائيلي .
نتج عن هذا التعدي على الأراضي الفلسطينية العديد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية السيئة على الفلسطينيين، كان أبرزها تهجير مئات العائلات الفلسطينية بالقوة ، إضافة لحصار عدد من القرى والبلدات الفلسطينية بين الجدار والخط الأخضر، بجانب عزل عدد آخر من تلك القرى في صورة "كانتونات" وهي تلك المحصورة بين هذا الجدار وما يسمى بـ "جدار العمق" الذي يبنى إلى الشرق منه ، وتظهر نتائج الجدار العنصري فيما يلي :

(1)- القطاع الزراعي



أكثر القطاعات تأثراً هو القطاع الزراعي حيث دمر الجدار الآف الدونمات من الأرض الزراعية، واقتلعت الجرافات الاسرائيليه ملايين الأشجار المثمرة ، التي أصبح أصحابها بلا عمل ، بعد أن نهبت أرضهم ودمرت أشجارهم ، الأمر الذي جعلهم ينضمون إلى الآلاف المؤلفة من جيوش العاطلين عن العمل .

2) – البيئة

إن اقتلاع الأشجار بشكل همجي والذي زاد عن مليون شجرة مثمرة ، وتدمير الأرض الزراعية والاف الدونمات من الدفيئات ، أدى الى الحاق الأذى والأضرار بالبيئة الفلسطينية من تلوث الهواء والضوضاء ، والناحية الجمالية ، وسيؤدي إلى تعرية الأرض والتربة بشكل كبير، والى انسياب المياه السطحية التي سوف تؤثر على الأحواض المائية الجوفية .

3)- الوضع الاقتصادي

إن عمليات التجريف والتدمير التي طالت الأراضي الزراعية ، وتدمير المنشات الزراعية الأخرى ، أدت إلى زيادة جيش البطالة في نسبة السكان ، بالاضافة الى 35 % من تعداد السكان كانوا يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق لهم ، ولم يكن القطاع الزراعي وحده المتضرر من هذه العملية التدميريه ، فالعديد من مشاريع البنية التحتية الصناعية والاقتصادية قد دمرت ، مما أدى إلى هروب رأس المال العامل في هذا القطاع لخارج المدن ، أو الهجرة الى خارج فلسطين .


4- أثره على الحياة الاجتماعية :



هدفت خطة الفصل العنصرية الاسرائيليه من وراء إقامة الجدار ، الى إحداث خلخلة في النسيج الاجتماعي الفلسطيني الذي يقوم على أساس الترابط والتكافل ، بقطع التواصل الجغرافي بين المدن والقرى والبلدات الفلسطينية ، لذلك فقد وقعت العديد من التجمعات السكانية الفلسطينية خلف الجدار وبالتالي فان سكانها لن يستطيعوا الدخول والخروج منها الا بتصاريح خاصة ، يحصلون عليها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في أوقات محدده ، وان أي شخص من خارج هذه التجمعات المحاصرة لن يستطع الدخول الا بموجب تصريح خاص في أوقات محدده ، الأمر الذي يجعلُ جميع الفلسطينيين في هذه التجمعات يقبعون داخل سجن كبير ، يرتبط بمزاج الجنود الواقفين على بوابات بلداتهم الحديدية ، التي أصبحت تفتح وتغلق بأمر من الاحتلال ، وهذا الأمر انعكس على علاقات المواطنين الفلسطينيين بعضهم ببعض مما يجعله عاملاً أساسيا في الحد من علاقات التواصل الاجتماعية والاقتصادية بل وحتى الثقافية ، اضافه الى حرمانهم من الخدمات الطبية والتعليمية ، وأظهر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن 80.1% من الأسر الواقعة غرب الجدار الفاصل والتي بلغ عددها 195 أسرة يقيمون غرب الجدار من العينة التي أجري المسح عليها، والتي بلغت 890 أسرة متضررة، هذه الأسر الـ"195" تواجه عوائق كبيرة في الحركة والتنقل، كما أنها انفصلت عن الخدمات الطبية في مراكز المدن، وضعف دخلها الشهري الذي أصبح غير كاف للحاجيات اليومية الأساسية .

وقد اثر هذا العزل العنصري على حياة الفلسطينيين الذي حولها الى جحيم لا يطاق ، وجعل من حياتهم أمراً مستحيلا ، فقد أدت هذه السياسة الى تراجع في الخدمات الصحية والتعليمية ، كما توفيَ مئات الاطفال وكبار السن والنساء الحوامل ، نتيجة لعدم تمكنهم من الوصول الى أماكن العلاج بسب البوابات الاسرائيليه التي تغلق بها مداخل تجمعاتهم .



وللإسرائيليين هدف بعيد المدى لاقامة هذا الجدار الذي يرمي الى إلى قطع التواصل الفلسطيني وتفكيك أوصال الدولة الفلسطينية القادمة في حال تم التوصل الى اتفاقية سلام اسرائيليه فلسطينية ، وفرض سياسة الكنتونات المغلقة على الفلسطينيين بهذا الشكل وتحويلها ( 3 كنتونات ) شمال ،وسط ،جنوب ، قطع التواصل السكاني فيما بينها، من الناحية الأخرى ، فقد خلق تواصلا استيطانيا للمستوطنات المقامة داخل أراضي الضفة الغربية ، مما جعلها تحظى بتواصل بينها وبين الكيان الإسرائيلي حيث تم ربطها معا من خلال شبكة طرق حديثة وسريعة على حساب الأرض الفلسطينية ، كما جعلها تتمتع ببنيه تحتيه وشبكة امان متطورة جدا وشاملة .


الموقف الدولي والقانوني من بناء جدار الفصل العنصري

منذ البدايات الأولى لإقامة جدار الفصل العنصري ظهرت العديد من المؤسسات الدولية والحقوقية التي طالبت إسرائيل بالتوقف التام عن بناء الجدار ، وبينت ان إقامته بهذا الشكل وبهذه الطريقة اللانسانية يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان في العصر الحديث ، وقد كان من ابرز تلك المؤسسات الدولية محكمة العدل الدولية التي انعقدت في ( لاهاي ) ففي المداولات التي عقدتها المحكمة ، والتي ناقشت خلالها إقامة جدار الفصل العنصري المقام على الأرض الفلسطينية ، من جميع جوانبه ، وما يلحق من أذى بحياة الفلسطينيين في مختلف المجالات ، فقد كانت فتواها الفصل أن ( الجدار ينافي القانون الدولي وبالتالي هو غير قانوني ) ، إعلان المحكمة هذا يأتي بالرغم من الضغوطات التي مارستها إسرائيل، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على المحكمة، مؤكدة على الانتهاكات التي يمثلها الجدار للحقوق الفلسطينية وللقانون الدولي .
فتوى محكمة العدل الدولية رقم 131 الصادر في التاسع من تموز 2004 جاء في 72 صفحة، وتضمن 163 بندا تناولت الحيثيات والمرجعيات القانونية كما تناول بالتفاصيل التبعات القانونية المترتبة على بناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة . الرأي الاستشاري الصادر عن المحكمة الذي نص على : -
( أ إنشاء الجدار الذي تقيمه إسرائيل، كقوة احتلال، في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل القدس الشرقية وما حولها، وما يسانده من نظام يتناقض مع القانون الدولي . ( التصويت 14 مقابل1).
ب إسرائيل ملزمة بإنهاء خروقاتها للقانون الدولي، كما انها ملزمة بوقف اعمال بناء الجدار الذي يتم بناؤه في الاراضي الفلسطينية المحتلة من الآن فصاعدا، بما في ذلك داخل القدس الشرقية وما حولها، كما انها ملزمة من الآن فصاعدا بهدم البناء الذي تمت إقامته، كما ان عليها ان تتراجع او تبطل جميع القوانين والتعليمات المتعلقة بها. طبقا للبند 151 من هذا الرأي " ( التصويت 14 مقابل 1)
ج- إسرائيل ملزمة بإصلاح جميع الاضرار التي تسبب بها بناء الجدار في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما ف ذلك داخل القدس الشرقية وما حولها ( التصويت 14 مقابل 1) .
د- على جميع الدول ان تلتزم بعدم الاعتراف بالوضع غير الشرعي المترتب على بناء الجدار، وبعدم تقديم أي دعم او مساعدة للإبقاء على الوضع الذي خلقه بناء الجدار. جميع الدول الاطراف في اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب 1949 يقع عليهم اضافة إلى ذلك عند احترامهم
لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي الانساني بضمان خضوع إسرائيل للقانون الدولي كما هو منصوص عليه في الاتفاقية. (التصويت 13 مقابل 2 ) .
هـ- على الامم المتحدة وخاصة الجمعية العمومية ومجلس الامن ان ينظروا في اتخاذ الاجراءات الاضافية اللازمة لإنهاء الوضع غير القانوني الناتج عن بناء الجدار وما سانده من نظام، آخذه بالحسبان استحقاق هذا الرأي الاستشاري. (التصويت 14 مقابل مقابل 1 ) ( 1 ) .
* الموقف الدولي

أجمع المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، على إدانة بناء جدار الفصل العنصري، وجاءت أكثر الانتقادات من دول الاتحاد الأوروبي، وذلك لأن الأوربيين لهم تجربة سابقة مع سور برلين، بالإضافة إلى كون دول الاتحاد الأوروبي أكثر تفهماً للمعاناة الفلسطينية والآثار المأساوية المترتبة على بناء الجدار وتحديداً على مستقبل عملية السلام، في الشرق الأوسط والتي تطمح أوروبا، أن يكون لها دور بارز فيها .(2)

موقف الأمم المتحدة

( انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى منطقة الشرق الأوسط "تيري رودلارسن" إسرائيل بشدة لمواصلتها بناء جدار الفصل العنصري قائلاً "من حق إسرائيل أن تبني جداراً على أرضها، لكن ليس على أراضي الآخرين، الجدار في مساره الحالي يفصل بين قرى فلسطينية، يفصل بين التلاميذ ومدارسهم"[13]

وأفاد تقرير للأمم المتحدة نشر في جنيف في 30/9/2003، أن قيام إسرائيل ببناء "سياج أمني" على طول الضفة الغربية، سينطوي على ضم قسم من الأراضي الفلسطينية، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة .

وهذه الوثيقة التي أعدها "جون دوغارد " الخبير الجنوب أفريقي مقرر الأمم المتحدة الخاص، حول حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إثر مهمة قام بها في نهاية حزيران 2003 وهي موجهة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وأشار التقرير إلى أن هذا الجدار سيؤدي إلى إلحاق أقسام كبرى من الضفة الغربية بينها مستوطنات يهودية أقيمت في الضفة الغربية بالأراضي الاسرائيلية وخلص إلى أن الوقائع تشير بقوة إلى أن إسرائيل مصممة على خلق وضع ميداني يعادل ضماً بحكم الأمر الواقع، وأضاف التقرير أن ضماً من هذا النوع الذي يعتبر غزواً بموجب القانون الدولي، يحظره ميثاق الأمم المتحدة، ومعاهدة جنيف الرابعة، المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب .

ويبقى القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22/10/2003 من أهم قرارات الأمم المتحدة، فيما يخص بناء جدار الفصل العنصري.

وفي وقت لاحق وتحديداً يوم الاثنين الموافق 8/12/2003، صوتت الجمعية العمومية للأمم المتحدة لصالح قرار يطالب محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا بالفصل فيما إذا كانت إسرائيل ملزمة قانوناً بهدم الجدار، وصدر هذا القرار بأغلبية 90 صوتاً ضد 8 أصوات وامتناع 74 صوتاً، وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل ممن صوتوا ضد القرار، أما دول الاتحاد الأوروبي، وشركاؤه فكانوا ممن امتنعوا عن التصويت ) ( 3) .

موقف المنظمات الدولية
منظمة العفو الدولية

( أكدت منظمة العفو الدولية أن بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري، يعمق التأثير الاقتصادي المعوق للقيود الصارمة التي تفرضها على تنقل الفلسطينيين وفي تقريرها الأخير بعنوان "إسرائيل والأراضي المحتلة ـ العيش تحت الحصار" أكدت المنظمة أن 60% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين يومياً، كما أن معدل البطالة يقترب من 50%، وأضافت أن النسب المرتفعة للبطالة والفقر، ونقص التغذية والمشاكل الصحية التي تصيب الفلسطينيين ليست مشكلة إنسانية فقط، بل نتيجة مباشرة للقيود التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ... وقال التقرير أن الجدار الإسرائيلي، وهو سياج الكتروني يعلوه سلك شائك في معظم المناطق، وجدار إسمنتي في مناطق أخرى له عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة على أكثر من 200 ألف فلسطيني، وأضافت أن هذا الجدار يعزل عشرات من القرى الفلسطينية عن باقي الضفة الغربية، وعن أراضيها الزراعية، وقالت "دوناتيلا روفيرا " وهي مندوبة بمنظمة العفو الدولية، رأست فريق البحث بشأن هذا التقرير :"لو بنوا هذا الجدار على خط ما قبل حرب عام 1967، لما كان أمامنا شئ نقوله عنه "ولكنهم يبنونه داخل الأراضي المحتلة، ويعزل المجتمعات الفلسطينية" ) ( 4)

منظمة هيومن رايتس - ووتش

( دعت المنظمة الأمريكية المدافعة عن حقوق الانسان، الإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات مالية على إسرائيل لاستمرارها في بناء جدار الفصل العنصري، وفي رسالة وجهتها إلى الرئيس الأمريكي "جورج بوش" طلبت المنظمة فرض عقوبات على إسرائيل لبنائها هذا الجدار الذي يحاصر عشرات الآلاف من الأشخاص، وقال "جوستورك" أحد مسؤولي المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن بوش "يجب أن يتأكد من أن الحكومة الأمريكية تفعل ما بوسعها لمنع هذه الانتهاكات للقانون الدولي معتبراً أن "حسم كلفة البناء من قيمة الضمانات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة سيشكل مبادرة جيدة ) ( 5 )

وهل حقا يحقق الجدار المزعوم الأمن لإسرائيل ؟

ظهرت العديد من الأصوات داخل المجتمع الإسرائيلي وخصوصا من داخل المؤسسة الامنيه الاسرائيليه ، والتي رأت ان الجدار لن يوفر الأمن المزعوم لإسرائيل ، وهناك من اسماه هذا الجدار بجدار الوهم." بالرغم من الحماس الشديد الذي تبديه المؤسسة الأمنية الصهيونية لإقامة هذا الجدار فإن هناك من قادة الجيش ، والأجهزة الاستخباراتية المتقاعدين مَنّ حذروا من أن هذه الخطوة تعد خروجاً عن المألوف في التخطيط العسكري الصهيوني ، ( الجنرال آمنون ليبكن شاحاك - رئيس أركان الجيش الصهيوني الأسبق الذي يؤيد إقامة الجدار- يقول: "إن على المؤرخين العسكريين أن يشيروا إلى أن قرار شارون وحكومته يجب أن يشار إليه كسابقة، ليس لأن هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها إسرائيل على القيام بهذه الخطوة، بل لأنها المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش عن عجزه عن توفير الأمن لسكان الدولة، ويغطي عجزه بالتحمس لإقامة هذا الجدار" القناة الأولى في التلفزة الإسرائيلية بتاريخ (14-6-2002) ( 6 ) .
لم يكن الجدار حاجزا يمنع العمليات الاستشهادية فالعديد من العمليات الفدائية نفذت في العمق الإسرائيلي حتى بعد إقامته ، وهو لن يكون في يوم من الأيام عاملا مساعدا على توفير الأمان لإسرائيل ، ولا حتى السلام المزعوم ، لكن على الرغم من هذه الانتقادات فإن الأغلبية الساحقة في إسرائيل تؤيد إقامة الجدار، ( حيث يرى أكثر من خمسة وثمانين بالمائة من الصهاينة أن هناك احتمالا أن تؤدي إقامة الجدار إلى تحسين الأوضاع الأمنية في دولة الكيان بشكل ملحوظ. ويقول للقناة الثانية في التلفزة الإسرائيلية: إن سكان المستوطنات الحدودية الواقعة إلى الغرب من الخط الأخضر - وهو يشير إلى العمال الذين بدأوا العمل في إقامة الجدار: "ليس مهما ما يقوله هؤلاء المنافقون، يمكنهم أن يطلقوا على المشروع أي وصف يختارون، لكن المهم بالنسبة لنا أن يوفر هذا الجدار الحد الأقصى من الأمن ) . ( 7)
وقد ظهرت أصوات عديدة أخرى من قادة الجيش أعلنت وعلى الملأ ان سياسة الفصل تهدف الى معاقبة الفلسطينيين ، ( وعلى الرغم من كل الاعتبارات التي يضعها أصحاب المواقف المختلفة من إقامة الجدار داخل الحلبة السياسية الصهيونية، فإن هناك شكوكا جدية حول الجدوى الأمنية من إقامة هذا الجدار. ويقول الجنرال ( يوم طوف ساميا ) ، الذي تولى في السابق منصب قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال: "إن على المتحمسين لإقامة الجدار أن يفكروا مليا قبل التعبير عن حماسهم لهذه الفكرة"، ويضيف ساميا أن الفدائيين الفلسطينيين استطاعوا في السابق تجاوز جدران أكثر إحكاما من الجدار الذي تعكف إسرائيل على إقامته.) (8)
ويبدو أن الأهداف المعلنة ليست أمنيه وإنما تحمل بين طياتها جذور العنصرية الصهيونية المقيتة ، والمتمثلة بسجن الفلسطينيين داخل تجمعاتهم بهدف التهجير القهري لهم وجعلهم يتركون أرضهم طوعا ، ويهاجرون .
من خلال المعطيات المشار اليها فان الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل حاليا يتنافى مع ابسط مبادئ حقوق الإنسان ، التي تنادي بالحرية ، والعدل والمساواة بين البشر ، باختلاف أجناسهم وأعراقهم ، والفصل العنصري الحديث هو امتداد للمشروع الاستعماري لطرد السكان من أراضيهم .. هذا ما يحدث بالضبط على الأرض الفلسطينية المحتلة حيث يتم استخدام القوة للاستيلاء على الأرض .
ما يمارس من سياسات قمعية مبرمجة في المناطق الفلسطينية المحتلة تتناقض بصورة جوهرية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في ظل الاحتلال، وهو يمثل انتهاكاً لحقوق الفلسطينيين السياسية والمدنية والإنسانية حيث ان سياسة الفصل العنصري تنتهك حق الفلسطينيين في حرية الحركة، العمل، التعليم ، الصحة الغذاء والماء، كما ينتهك حقوقهم في الهوية وما ينفذ من سياسة إسرائيليه إنما هي عقاب جماعي لجميع الفلسطينيين وهذه السياسة ، هي سياسة متناقضة مع المواثيق الدولية وتمس مساً فظاً المعاهدات الدولية التي وقعت عليها إسرائيل كونها باعتبارها عضو في الأمم المتحدة .
وبالعودة إلى سجل إسرائيل الحافل بانتهاك القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة يساندها في ذلك الولايات المتحدة بالتصويت ضد أي قرار يصدر عن الأمم المتحدة ، وفتوى محكمة العدل الدولية واضح بهذا الخصوص ان استمرار إسرائيل في بناء الجدار أو الإبقاء عليه يعتبر خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني ، وعلى المجتمع الدول أن يستيقظ من سباته العميق ويدعو لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها ، إذ لا بد من الضغط على المجتمع الدولي ليتخذ إجراءات وخطوات عملية تؤدي إلى تنفيذ فتوى المحكمة
وبعد القرارات التي صدرت عن محكمة العدل الدولية في لاهاي ، والإدانة الدولية من قِبلِ المؤسسات الدولية التي تهتم بكرامة الإنسان وحريته تبقى أسأله تحتاج إجابات ملحة : هل يأخذ المجتمع الدولي قرارات صارمة بحق إسرائيل ، كونها أول من يخرق حقوق الإنسان في العالم ؟ وهل يتجه نحو جهد دولي مركّز لفرض حل شامل وعادل ودائم في فلسطين ، وإنقاذ المواطن والأرض الفلسطينيين من سياسة إسرائيل التدميرية ؟
.............................

التوثيق
(1) الجدار جدار الفصل العنصر ، دراسه الاثار والنتائج ، مكتب محافظ محافظة قلقيلية 2004 م
(2) من مركز المعلومات الوطني الفلسطيني على الرابط
http://www.pnic.gov.ps/arabic/palest...reactions.html
(3) المصدر السابق
(4) المصدر السابق
(5)المصدر السابق
(6) إسلام اون لاين
http://www.islamonline.net/arabic/po...rticle20.shtml
(7) المصدر السابق
(8) المصدر السابق

هامش :

أرقام تستحق القراءة واستخلاص العبر
• سيصل طول الجدار حال اكتماله قرابة 730كم ، وحسب خارطة الاحتلال نفسه ، فالجدار سينهب حوالي 46% من أراضي الضفة الغربية منها 10% ستعزل غرب الجدار من كافة محافظات الضفة الغربية ولا تشمل هذه النسبة أراضي القدس التي تشكل 4% من الضفة ، وفي الأغوار ستتم عزل 28.5% من أراضيها أما حسب خطة العزل الحالية أو في حال إقامة الجدار الشرقي وما يتبقى سيكون موزعا بين طرق التفافية والمستوطنات المتبقية وسط الضفة الغربية وتبلغ نسبة الأراضي التي ستصادرها 3.5% .
• يلتف الجدار في الضفة الغربية ليضم 74 مستوطنه يسكنها 367646 مستوطن في الجهة الغربية منه ، في حين يبقى الى الشرق منه 74 مستوطنه يسكنها 56354 مستوطن .
• سيؤدي الجدار الى عزل 92 تجمعا سكانيا تضم 360999 نسمه موزعين كما يلي :
1- قرى معزولة بين مستوطنات وطرق التفافية وتضم 349679 نسمه .
2- قرى معزولة ومهدده بالترحيل 6305 نسمه
3- قرى معزولة بين الجدار والخط الأخضر وتضم 5015 نسمه .
• حتى سبتمبر 2006 م أكملت سلطات الاحتلال 60% من الجدار حول الضفة الغربية أي ما يعادل 400 كم ، في حين يبقى منه 13 % قيد الإنشاء .
• سيصل عدد المعابر المرتبطة بالجدار الى 34 معبرا ثلاث معابر رئيسيه ، وهي ( قلنديا ، القبه ، زعتره ) بالاضافه الى 9 معبراً منها ثلاث معابر تجاريه لتبادل السلع والمنتجات ، أما الباقي فهو مخصص للسيارات والعمال .
• يتصل بالجدار سلسلة من الأنفاق وتصل بين المعازل الفلسطينية الصغيرة ، يبلغ عددها 48 نفقا ، تربط بين حوالي 22 معزولا صغيرا ، وتقع ضمن حدود المغازل الرئيسية الثلاث
• 1270 كم من الطرق الاستيطانية تم أو سيتم إنشاؤها لربط المستوطنات والكتل الاستيطانية بدأت سلطات الاحتلال بها منذ العام 1983 م .
• تقيم قوات الاحتلال الإسرائيلي 528 حاجزاً عسكريا داخل حدود الكنتونات .
• يتصل بالجيتو الإسرائيلي موانع عسكرية أخرى مثل الخنادق والسواتر الترابية وعوائق حديديه تقوم قوات الاحتلال بإغلاقها بين الحين والأخر .

( الأرقام والمعلومات أعلاه تم الحصول عليها من نشرة خاصة – أوقفوا الجدار – تصدر عن الحملة الشعبية الفلسطينية لمقاومة جدار الفصل العنصري )



#سامح_عوده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب يطلُ من شرفةٍ عاليةٍ
- المغتصبه !!
- بوس الواوا !!
- شموع منتصف الليل
- أصل فكرة حقوق الإنسان وإطارها الفلسفي
- هل حقا القدس عروس عروبتنا ؟
- أزمة قيادات أم تصحر !!!
- طفوله ماسوره واحلام مبتوره
- اغتيال الذاكره
- ليلة شتاء مجنونة
- الدكتور !!!
- لعن الله الفتنة !!
- نقطة ضوء ....... أمريكيا والإرهاب
- كل عام والوطن بالف خير
- عندما يكون من الموت فلسفة
- حرب المهزومين


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامح عوده - فصل امني ام فصل عنصري ؟