أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - قاسم حسين صالح - مظفر النواب














المزيد.....

مظفر النواب


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 11:27
المحور: حقوق الانسان
    


كنت محظوظا أن أكون أصغر سجين بين خمسة كبار بالعمر والسياسة " منهم الدكتور مكرم الطالباني وزير الري في السبعينات " تضمنا غرفة " بالحقيقة مخزن " في القلعة الخامسة بسجن بغداد المركزي . وكان السجناء السياسيون في سجون العراق الذين تستدعيهم المجالس العرفية ببغداد أيام حكم البعث الفاشي الأول " 963 " يأتون الى " قلعتنا " هذه ، يقيمون فيها الى حين تستدعيهم تلك المجالس .
وفي عصر أحد الأيام ناداني عريف السجن ..أبو سكينة : " عمو...جايكم ضيف من نكرة السلمان."
كان شابا طويل القامة أسمر بلون خاص ظننت أنه أفغاني أو هندي . قدّم نفسه وقال : مظفر النواب .
تسمّرت عيناي بوجهه ، وامتزجت ارتعاشة الفرح بدهشة المفاجأة .. بأمنية كنت أحلم بها وها أنا أراها أمامي حقيقة واقفة !. سحبته من يمينه اليّ وقبلّته .. وكانت تلك القبلة أطعم من قبلّة حبيبة !. فنحن شباب الجنوب ، بخاصة شباب الشطرة وسوق الشيوخ ، كنا نحمل مظفرا في قلوبنا ، ونتبارى بحفظ قصائده . وكنت أظمّن مقاطع منها في رسائلي التي أبعث بها الى " حبيبة " مراهقتي موحيا لها وكأنها لي ، الى أن أخجلتني يوما بملاحظة منها تقول : " حبيبي ..تره هذا الشعر مو ألك ..لمظفر النواب ".
يالمظفر ، حتى الصبايا في مدينتنا يحفظن أشعاره !.
كانت سهرتنا في ذلك " المخزن " تبدأ منتصف الليل . وسألني ما اذا كنت سمعت أغنية " أنت عمري " . ما كان يدري أننا قي القلعة الخامسة كنا معزولين عن العالم لولا الشرطة ! الذين كانوا يأتون لنا بالأخبار والسجائر وبرتقال " محقون بعرق عراقي " لسجين عادي " رائع " سرق قاصة الخضيري بالبصرة وصار صديقا لنا لدرجة أنه حين أكمل حفر نفق من القلعة " في باب المعظم " الى الشارع ، عرض على اثنين منّا الهرب معه ، وكنا نفعلها لولا أن وشى به أحد أفراد عصابته فوضعوه بزنزانة انفرادية وعذبوه ولم يعترف علينا !.
لم أكن قد سمعت " أنت عمري " فقال إنها آخر أغنية لأم كلثوم . وبدأ يعزف ..بلسانه كما لو كان أمهر عازف عود !. وانطلق صوته : " رجعوني عينيك لأيام ..." . وجادت العين بالدمع . فصوته الرخيم وبحته الشجية وعزفه المدهش تمنحك فرصة ممتعة لدموع تغسل بها هموم روحك ، فكيف اذا كان الفاشست ذبحوا وطنك وشووا بالنار خيرة أبنائه وأودعوك القلعة الخامسة ؟!.
ومظفر ، ابن العائلة الأرستقراطية ،اختار حياة المشّقة والمهالك والسجون في ( 43) سنة لم يحني بها قامته الباسقة . وكان له أن يعيش حياة بذخ وترف ولهو لو قبل أن يكون شاعر " السلطان " كما فعل شعراء كبار . لكنه ولّد ليكون : " حمد وريحان وصويحب وحجّام...." فكان أكثر عطاء من جيفارا التي تفتخر به الدولة . فلماذا لا يقام له تكريم رسمي ؟.
أذكر أن المرحوم علي الوردي أقاموا له حفل تكريم وهو على فراش المرض فكلّف ابنه أن ينقل للحاضرين بيتا واحدا من الشعر لا غير : " جاءت وحياض الموت مترعة وجادت بوصل حيث لا ينفع الوصل " فهل أن الدولة تنتظر موت مظفر لتقوم بعدها بما سيعدّ إسقاط فرض ، ويهزج حينها المثقفون : " مظفر من يموت أقلامنا أتداعى " !؟ .
إن على الدولة واجب أن تكرّم رموزها الابداعية وهم أحياء ، ليهنأ المبدع قبل رحيله بسيكولوجية الشعور بحسن الختام و"تحقيق الذات " التي تمثل قمة هرم الحاجات عند المبدع . أليس مناسبا أن نسمّي شارعا أو ساحة في بغداد ، أو قاعة في وزارة الثقافة مثلا باسم مظفر النواب ؟. أم أن التقدميين ومن كانوا شيوعيين (كانوا!) يبقون ليس لهم حصة في هذا الوطن حتى ولا في الذاكرة ، برغم أنهم بين شهدائه هم الأكثر في القافلة؟!.
أ.د. قاسم حسين صالح
رئيس الجمعية النفسية العراقية



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة موضوعاً شعرياً في الابداع العربي - مشاعر وجدانية قدمت ...


المزيد.....




- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - قاسم حسين صالح - مظفر النواب