أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - وجيهة الحويدر - السعوديون بأرض.. ولكن بلا وطن - 1















المزيد.....

السعوديون بأرض.. ولكن بلا وطن - 1


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1881 - 2007 / 4 / 10 - 11:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


منذ نشأة الدولة السعودية في الثلاثينات على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وإلى اليوم، والسعوديون يعيشون بين مطرقة العروبة وسندان الإسلام. العروبة والإسلام كانا ومازالا عبئان ثقيلان على عاتق أفراد الشعب السعودي وكأن السعوديين هم العرب والمسلمون الوحيدون على هذه الأرض. أصبح العروبة والإسلام هما وطن السعوديين الحميم الذي يلمهم في كنفه ويشعرهم بالقبول والانتماء.

شعب الجزيرة العربية غالبيته رعوي/ ريفي التركيبة، مازالت تنتشر بين أفراده الطباع البدوية القديمة مثل الحماس والنخوة والشهامة والسخاء، لذلك عُرف عنه المبالغة في تعامله مع قضايا الأمة العربية والإسلامية. فهو مرات كثيرة يكون سخياً إلى حد السذاجة والبلاهة، وأحياناً مندلق العواطف إلى حد الغباء والجنون. التطرف من أهم سمات معظم أفراده، ينعكس بشكل واضح على سلوكياتهم ويظهر في مواقفهم الحادة تجاه ما يجري على الساحة السياسية، العربية منها والإسلامية.

ليس إجحافاً أو جزافاً أن يـُطلق على الشعب السعودي إنه شعب بلا وطن. وليست مبالغة أن العروبة والإسلام هما اللذان يمدان السعوديين البسطاء بمشاعر الوطنية والانتماء. في نهاية الأربعينيات حيث لم يتعرف السعوديون على وطنهم الوليد الجديد بعد، اختطفت منهم مشاعرهم وأحاسيسهم، ووجهت إلى قضايا أخرى غير قضايا وطنهم. فبعد الهزائم التي تكبدتها الأمة العربية مع اسرائيل، أصبح الشعب السعودي لا يرى ولا يعرف ولا يحلم ولا يفكر ولا يتمنى سوى تحرير فلسطين. في الستينيات والسبعينيات بعد أن تشكلت حركة فتح ومن بعدها الجبهة الشعبية، أصبحت القضية الفلسطنيية هي القضية المركزية والهَم الوحيد للشعب السعودي الجاهل الذي لا يكاد أفراده يفكون الخط ويحصلون على تعليمهم الأساسي. صاروا يرددون شعارات لا يفقهونها، أهمها "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة." ظلت حملات جمع الأموال تحت مسمى "ريال فلسطين" لسنوات طويلة من أجل تحرير الأرض. أيضاً جميع المناسبات التى أقيمت في المدارس وفي الجامعات في تلك الفترة كانت من أجل فلسطين فقط. كانت مشاعر صغار السعوديين في تلك السنوات موجهة إلى أرض يعرفون أنها تـُدعى فلسطين وأن عاصمتها تـُسمى القدس. كانت كأنها "أرض الميعاد" بالنسبة لهم. وطن يتمنون ليل نهار أن يزوروه ويتنعموا بخيراته لأن وطنهم الحقيقي لم يكن في الصورة أبداً. لا أناشيد ولا احتفالات ولا مهرجانات للوطن الأم، كلها كانت لفلسطين الحبيبة، كما كان يـُطلق عليها.

في الستينات زُجَّ الشباب السعودي في حرب ليست بحربه، هي الأخرى، في اليمن، سُحقوا في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل. قاتل السعوديون ببسالة بجانب اليمن الشمالي لا لشيء، سوى لدحض اليمن الجنوبي الذي كان متحالفاً مع المد الناصري.

بينما كان السعوديون يُـستنزفون من أجل تحقيق أحلام في أراض ليست بأراضيهم، أتى عام 1975 وبدأت بيارق حرب لبنان تُـحلق في الأفق، واتجهت الأعناق السعودية إلى تلك الأرض العربية المجروحة بأيدي أهلها. فتهيجت المشاعر وجُندت الأنفس للذهاب للقتال، خاصة بعد أن اجتاحت اسرائيل لبنان في بداية الثمانينات وصارت طرفاً في تلك الحرب. لم يهدأ أحد أبداً طوال خمسة عشر عاماً، تدخلت الحكومة السعودية لفك النزاعات على أرض لبنان، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من فصائل لبنانية وفلسطينية، وتم التوصل إلى "اتفاقية الطائف" في عام 1989م لحل الأزمة، حيث تكفلت الحكومة السعودية بالعبء الأكبر لإعمار لبنان. ودخلنا الثمانينات على احتلال الجنوب اللبناني، ثم دقت طبول الحرب العراقية الإيرانية، وفي الوقت نفسه بدأت حملات محاربة الزحف الشيوعي في أفغانستان. هُيجت مشاعر الشعب السعودي المغفل المستغفل من جديد وجُمعت التبرعات التي قُدرت ملايين الدولارات، وبدأت تـُوجه نزعة الشهامة العروبية لحماية العروبة المحفوفة بالأخطار من المد الفارسي، وإلى الذود عن الإسلام المهدد من قبل الشيوعيين. قامت الدنيا ولم تقعد، ومرة أخرى جُيش السعوديين وتأججت اهتماماتهم تجاه العروبة والإسلام، بينما بقي وطنهم وحيداً مهملاً يعاني من جميع براثن الجهل والتخلف والانحطاط. هدروا الأموال الطائلة في حرب صدام حسين التي استنزفتهم لثماني سنوات عجاف، لحماية البوابة الشرقية للعرب كما كان يقال آنذاك! وتبدد كل شيء كسراب ماء في صحراء قاحلة. حرب صدام حسين على ايران التهمت اليابس والأخضر في المنطقة خاصة في السعودية. أوَلم يكن الأجدر بالسعوديين أن يلتفتوا لوطنهم ويهتموا بإصلاحه؟ وأن يعالجوا قضاياهم المعلقة منذ عقود طويلة!؟ لا.. لم يفعلوا ذلك قط، لأنهم شعب بلا وطن، فوطنهم العروبة والإسلام، فهم لم يتربوا قط على أن يحملوا مشاعر وطنية حميمية ناحية أرضهم. لا يفقهون ماذا تعني الوطنية مع انها تـُدرس للصغار كمنهج طوال المرحلة الابتدائية. كان الوطن لدى السعوديين ومازال مجرد اسم وأرض وعلم أخضر يرفرف في السماء.

طوال الثمانينات وبداية التسعينات كان السعوديون يرسلون أموالهم وأبناءهم إلى معسكرات في بلدان لا يعرفونها ولا تعرفهم كباكستان والشيشان والسودان وأفغانستان من أجل الذود عن الإسلام ومناصرة أهله. وبدأ الاستغفال بكل أصنافه. زُهقت أرواح شباب سعوديين للدفاع عن أرض غريبة عنهم ووطن ليس بوطنهم، فخاضوا معارك وقـُتلوا من أجل مدن لا ينتمون إليها لا من قريب ولا من بعيد.

في التسعينات لم تنتهِ هموم العروبة، فقد هبت رياح تحرير الكويت من قبضة صدام حسين. استقبل السعوديون الكويتيين في ديارهم، وأعانوهم على محنتهم، وساندوهم إلى أن عادت لهم أرضهم. من بعدها رحلوا الكويتيون وبقي السعوديون بمشاعرهم التائهة عن وطنهم. كانت حالة مؤلمة على السعوديين أن يحملوا أحاسيس مبعثرة هنا وهناك بدون هدف محدد أو معنى، لذلك فرضت ما سُمي "بالصحوة الدينية" نفسها على الساحة السعودية من منتصف التسعينات حتى دخول الألفية الثالثة. اتجهوا بأنفسهم إلى صوامع ومساجد وحلقات دينية مكثفة وحملات تخريب وحرق المحلات ومطاردة الناس ومضايقتهم، ومكافحة ما سموه بالفساد في الاماكن العامة. كل ذلك حدث من أجل التنفيس والبحث عن انتماء، وفي الوقت عينه ظلت مشاعر العروبة تعلو وتهبط في قلوبهم الخاوية، على حسب ما يجري في المدن الفلسطينية ولبنان ومصر والجزائر والصومال والسودان.

في عام 2001م دق ناقوس الوطنية لأول مرة في أفئدة السعوديين بعد جريمة 11 سبتمبر في نيويورك. استيقظ السعوديون على أنفسهم، وانكشفت أمام أعينهم حقائق بشعة ومخيفة. رأوا أنهم بالفعل كانوا نياماً غارقين في سبات طويل من الاستغفال العميق والبلاهة المستفحلة. تيقنوا أنهم شعب أضاع الغالي والنفيس، وتغرب عن وطنه من أجل حماية العروبة والإسلام وكأن الله ألزمه وحده بتلك المهمة. أدركوا أن ما يُسمى بوطن لهم يقبع في الحضيض في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة. لا حريات فردية، ولا حقوق للإنسان، ولا قوانين تحمي كرامة المواطن وآدميته، ولا مؤسسات مدنية، ولا خدمات صحية أو تعليمية جيدة، ولا مكان فيه للثقافة والفنون والإبداع، ولا حرية للقيام ببحوث علمية في جامعاته ومؤسساته التربوية، ولا مجال فيه للصناعة أو الاختراع . وجدوا أنفسهم أكثر شعب عربي تفشت فيه الأمراض الاجتماعية والنفسية بكل أصنافها، وأكثر شعب يمقت الآخر ويسحق أقلياته، وأكثر شعب يحتقر النساء ويقلل من شأنهن، وأكثر شعب استخدم التكنولوجيا لأغراض رجعية ولترسيخ موروث مترهل منتهي الصلاحية. أدركوا أن الكثيرين منهم قد تحولوا إلى اناس فاسدين إدارياً ومادياً وأخلاقياً، وانهم يعيشون فقط لتلبية غرائزهم الجسدية وكأنهم بهائم، فلا ثمة شيء في وطنهم لإنعاش الروح، أو لتأجيج العقل أو لتعزيز الكرامة واحترام الذات. أوضاعهم مريرة وسيئة وأنظمة البلد قاسية جداً، والمتنفعون في المؤسسات السياسية والدينية والاجتماعية يزاودون على هذا الحال البائس ويحاربون الإصلاح بشتى السبل، بينما بقي السعوديون الشرفاء الأمناء الصادقون عاجزين عن أن يصنعوا وطناً حميمياً لهم يسعدون به ويسعد بهم.... وللحديث بقية...



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل العام اللامع في فضاء نسائنا المعتم
- دنيا مريم!
- عريضة للسعوديين النبلاء فقط
- كيف عصي الدمع علينا؟
- رجل اختزل نفسه في عضوه!
- لنبدأ عامنا الجديد بتعيين سفيرة سعودية في واشنطن
- انا اخشى...
- إلى متى ستنتظرن يا سعوديات؟؟
- لا سلام دائم بدون عدالة حقيقية
- حذاء حُسين
- وماذا عن سجينات -غوانتانامو العرب-؟؟
- اكتبي نصا مستخدمة لغتك الخاصة...
- حكايتي مع -عراقي في باريس-
- قمقمي أحلى بدونك
- بغايا العرب
- لو قُدِرَ لمَن أحببت!
- أريد
- عجائب سبع من بلدان العرب
- -حُرمة-
- ذكور برخص القمامة والتراب


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - وجيهة الحويدر - السعوديون بأرض.. ولكن بلا وطن - 1