أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - باسم علي خريسان - السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وفلسفة ما بعد الحداثة















المزيد.....

السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وفلسفة ما بعد الحداثة


باسم علي خريسان

الحوار المتمدن-العدد: 1881 - 2007 / 4 / 10 - 11:29
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تتحرك السياسة الخارجية لكل دولة من دول العالم وفق نهج معين ،يمثل الإطار الذي يحكم حركتها ويدفع بها نحو تحقيق أهدافها .هذا الإطار هو بمثابة المرجعية الفكرية لتلك الدول . والولايات المتحدة الأمريكية لها مرجعية تحدد سلوكها وسبلها وأساليبها في تحقيق أهدافها وتصريف شوؤنها الخارجية .والمستقرئ للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية منذ اكثر من عقد سوف يراها آخذت بالانتقال التدريجي من سياسة خارجية تستند على الحداثة فكرا وإطار، الى ما بعد الحداثة كفكر وإطار جديد لهذه الحركة .هذا التحول نجده أخذ بالبروز بصورة اكبر وأسرع منذ تفكك المنظومة الاشتراكية والانتقال من المجتمع الصناعي الى مجتمع ما بعد الصناعي ودخول العالم الى مرحلة العولمة والثورة الصناعية الثالثة ،والتي كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولى الداخلة فيها وقائدة لها في نفس الوقت. هذا التحول في الأطر المرجعية سوف نجده قد احدث تأثير واضحا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يجد المتتبع لهذه السياسة ، سياسة خارجية جديدة في أهدافها وأساليبها تتميز عن تلك السياسة التي عرفها العالم عن الولايات المتحدة الأمريكية ، فإذا كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تقوم على العقلانية والموضوعية والعلمانية والانتظام في حركتها في العقود السابقة ،نجدها أخذت تهجر هذه الأسس التي كانت تستند عليها واتجهت بدلا من ذلك نحو أسس جديدة اكثر قدرة على تحقيق أهدافها ، هذه الأسس أكثرها مناقض للأسس السابقة . فإذا كانت العقلانية حاضرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في سني الحرب البارة ، والتي حالت دون اندفاع الولايات المتحدة الأمريكية نحو المواجهة المباشرة مع الاتحاد السوفيتي السابق ، نجد ان اللاعقلانية هي السمة الأولى للسياسة الخارجية الأمريكية منذ اكثر من عقد ، فهذه السياسة لا يجد فيها الباحث الكثير من العقلانية وان كانت تدعي التعقل في سلوكها او الاستناد الى الحساب العقلاني في تصريف شؤونها بالشكل الذي يخدم مصالحها ومصالح المجتمع العالمي ، لكنها تناقض نفسها بنفسها، ففي الوقت الذي تؤكد فيه على الدعوة الى اقامة نظام دولي جديد أساسه السلام والأمن العالمي، ويقوم على المشاركة العالمية في تحقيق السلم والأمن العالمي ، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية وأدخلت معها العالم في العديد من الحروب من حرب الخليج الثانية الى لحرب في يوغسلافية ومن الحرب ضد الإرهاب التي بداءة في أفغانستان الى حرب ضد الإرهاب لا تعرف حدودها . هذا بالإضافة الى العديد من الحروب الإقليمية الاخرى التي للولايات لمتحدة الأمريكية دورا فيها بصورة مباشرة او غير مباشرة . هذا مما يدفع بناء الى القول ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تحولت من سياسة تقوم على العقلانية والحد من الحروب الى سياسة خارجية تقوم على اللاعقلانية وتجعل الحرب وسيلتها المفتوحة في تحقيق أهدافها . ولنا في مسألة المحافظة على البيئة دليل اخر على عدم عقلانية السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية فهي تدعو المجتمع الدولي الى ضرورة المحافظ على البيئة ، في حين نراها تذهب الى غير ذلك من خلال انسحابها من معاهدة ((كيوته)) الخاصة بالبيئة، وهذه اللا عقلانية برزت جليا في رفض الولايات المتحد ة الأمريكية التوقيع على معاهدة الدولية بشان الحد من انتشار الألغام ، وذهبها وهي الدولة الكثر دعو ة لنبذ العنصرية في العالم ،لتمارس ضغوط كبيرة على مؤتمر ((دوربا)) لمكافحة العنصرية للحيلولة دون صدور قرار يدين (إسرائيل) ، هذه الشواهد وغيره تشير الى ابتعاد السياسة الخارجية الأمريكية عن العقلانية ودخولها الى مرحلة اللا عقلانية .
أما السمة الاخرى للسياسة الخارجية الأمريكية هي صفة عدم الانتظام والتغيير السريع والواسع ، فهي لا تقوم على نهج واحد فهي متعددة ومتشابكة كثير التغيير فهي تبدو للناظر بانها سياسة فوضوية ، هذا ما جعل العديد من المحللين يجدون صعوبة في الوقوف على اتجاهات وسبل السياسة الخارجية الأمريكية وبالتالي تبرز الصعوبة في تحديد الكيفية المطلوبة للتعامل معها، واذا ما تركنا هذه السمة ، فأننا سوف نرى بانها تتصف بسمة ثالثة، وهي التاكيد على سقوط النهائيات فالشي يبد ولا ينتهي فالنظام الدولي الجديد بداء ولكنه لم يتشكل بصورته النهائية بعد ولا تعرف ما هي حدوده و أثاره ومعطياته ، والحرب ضد الإرهاب بداءة في أفغانستان ولا تعرف متى تنتهي ولا الى أين هي سائرة ، هذا ما يعطي السياسة لخارجية الأمريكية الكثير من الضبابية ، ليؤكد بذلك على حدوث تحول في مرجعية سياسة الخارجية الأمريكية ،أي تحولها من الارتكاز على الحداثة الى ما بعد الحداثة .
أما السمة الرابعة للسياسة الخارجية الأمريكية ،فهي التاكيد على التفكيكي ، حيث نجد اتجاه كبير في السياسة الخارجية الأمريكية يقوم على تفكيكي كل ما هو قائم والقيام بعملية اعادة التركيب بالشكل الذي يخدم مصالحها، فالدعوة الى اقامة نظام عالمي جديد هي دعوة تنطوي على فعل تفكيك للنظام الدولي القائم ومن ثم اعادة تركيبه وفقا للرؤية الأمريكية و بالشكل الذي يخدم المصالح الأمريكية ، وعملية التفكيك هذه لاتقف عند ذلك بل تمتد الى المحيط العالمي بأسره ، حيث هناك تفكيك للبنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة التي تقوم عليه دول وشعوب العالم ،فالولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تعزيز الصراعات الاثنية والثقافية الداخلية في العديد من دول العالم من اجل تفكيكها بالشكل الذي يخدم مصالحها كما هو في البلقان وفي غيره من مناطق العالم . كما أنها على المستوى الدولي تعمل على تفكيك التوازنات الدولية القائمة ومن القيام بعادة تشكيلها بالشكل الذي يخدم مصالحها ،أما في جانب الاقتصادي فالولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تفكيك النظام الاقتصادي السابق الذي كان قائم في عهد المنظومة الاشتراكية والدفع بالنظام الاقتصادي الدولي بقوة نحو النظام الرأسمالي الذي يقوم على الآليات السوق الحرة ، وما يعزز من ذلك العديد من الأزمات الاقتصادية التي أخذت تجتاح العالم في العقد الاخير من القرن العشرين ،والتي تؤكد على مرور العالم بمرحلة جديد تختلف في الالياتها ومعطيتها وتجلياتها عن المراحل التي سبقتها، أما في المجال الثقافي فالسياسة الخارجية الأمريكية أخذت تؤكد على اعادة هيكلة النظام الثقافي العالمي من نظام يقوم على الصراع الأيديولوجي الى نظام ثقافي يقوم الصراع الحضاري بين الشعوب وما يجسد ذلك الطروحات الأمريكية بشن الصراع بين الحضارات ، هذه السياسة التفكيكية هي جزءا اساس من الاتجاه التفكيكي لما بعد الحداثة .
هذه السمات السابقة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تشر لنا عملية تحول مهمة حدثت في العقل الأمريكي بصورة عامه وبالعقل السياسي بصورة خاصة، فأثرت بالتالي في السلوك السياسي الخارجي الأمريكي ، لذلك تبدو الحاجة ملحة اليوم لعملية مراجعة فكرية لما بعد الحداثة للوقوف عليه ولمعرفة طبيعتها وطرق التعامل معها ومدى تأثيرها في السلوك السياسي الأمريكي ، وذلك لنا العالم يدخل الى مرحلة تاريخية جديدة يتطلب التعامل معها وفقا أسس ومعطيات جديدة غير تلك التي كانت سابقا ، فالعقل الذي يبقى يفكر وفقا مرجعية فكرية غريبة عن واقعة لايمكنه فهم ما يجري وسوف تكون استنتاجاته بعيد عن الحقيقة ويسود حوار الطرشان بينه وبين العقل الاخرى الذي سار في نهج فكري وليد الواقع ومعطيته الجديدة ، واخيرا لا يسعنا الا القول ان هنالك ولده جديدة تحدث في عالم الشمال تمس جميع نواحي الحياة على كوكب الأرض وان بقائنا بعيد عنها وعن دراستها يمثل نكسه كبير لنا وللأجيال الجديدة.



#باسم_علي_خريسان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الأمريكية وإشكالية فائض القوة


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - باسم علي خريسان - السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وفلسفة ما بعد الحداثة