أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكرد والترك 3-1















المزيد.....

مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكرد والترك 3-1


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 03:09
المحور: القضية الكردية
    


ج) من الممكن إقامة روابط الوصل بين الهيلينية والكرد عن طريق الحثيين. إذ من المعلوم أن الحثيين من الشعوب الجبلية المجاورة والمنتشرة نحو داخل بلاد الأناضول التي يقطنها الهوريون، كفرع مُتَأَتٍّ من الشعب المسمى بـ(نموذج الكردي البدائي - بروتو – كرد) الأقرب إلى ميزوبوتاميا العليا، أثناء انتشار الحضارة السومرية في تلك الأراضي. أما اعتبارهم مزيجاً هجيناً من القبائل البربرية الآتية من الشمال، وأفراداً في الحضارة المحلية المستقرة؛ فيُعَدُّ التعبير العلمي الأقرب إلى الصحة. وقد بُرهِن على قرابة الآريين والهوريين لغوياً وثقافياً. اتسعت الإمبراطورية الحثية التي كانت (هاتوشاش Hattuşaş) مركزها، حتى سواحل بحر إيجه في الفترة ما بين 1700 – 1200 ق.م، لتشكل طروادة التي تتميز بكونها أقصى نقطة فيها، دولة المدينة بامتيازات أكثر. أي أن الحثيين هم أول قوة زرعت بذور الحضارة على سواحل بحر إيجه. وفي أعوام 1200 ق.م. قامت الجماعات المسماة بـ"أقوام البحار" وعلى رأسها قوات القبائل الهيلينية، بالشروع بمرحلة تأسيس الإمارات من جديد – بالتكاتف مع الآتين من المضائق – في أماكن سكن الحثيين الذين تبعثرت كياناتهم المركزية تحت ضغط غزوات الآشوريين – من الجنوب – الممثِّلين الأخيرين للحضارة السومرية. وبينما تشكلت كيانات سياسية أكثر مركزية في الغرب، والمسماة بـ"فريغيا، ليديا، كاريا، ليكيا"، ظهر الميتانيون على مسرح التاريخ في ميزوبوتاميا الوسطى وأماكن سكن الهوريين، كفرع آخر من فروع "الكردي البدائي" (بروتو – كرد). وعندما تبعثرت وتشتتت كياناتهم المركزية إلى جانب الحثيين على يد الآشوريين، بدأت الحضارة الأورارتية التي كانت تتخذ من "وان" مركزاً لها (900 – 600 ق.م) بالظهور والتطور. ولأول مرة يلاحَظ وجود المواجهات المباشرة والتأثر المتبادل مع الهيلينيين في عهد الأورارتيين.

بينما عمل الهيلينيون على إدراج كل جماعات الشعوب القاطنة في غرب بلاد الأناضول في مرحلة الصهر والانحلال، لم يستطيعوا إبداء قوة التأثير نفسها في حياة القبائل – العشائر الكردية. ويعود الفضل البارز في ذلك إلى تأسيسها التكوينات النيوليتية الأولى التي تمتد جذورها إلى ماضٍ سحيق يجاور أعوام 10000 ق.م، وبالتالي بلوغها إلى البذرة الثقافية السليمة المنيعة. ولربما لا نجد أي شعب آخر في التاريخ، عاش الثقافة النيوليتية بأعمق درجاتها وأطول فتراتها لهذه الدرجة في الأماكن التي سكنها الكرد. وللتتضاريس الجبلية الوعرة أيضاً دورها الهام في ذلك. من هذا المنطلق، لم تتمكن الأقوام الإسكيتية المتدفقة من الشمال، ولا القبائل السامية وقوات الحضارة السومرية الآتية من الجنوب، ولا أصحاب الأصول الهيلينية الزاحفة من الغرب؛ من الاستيلاء كلياً على التضاريس والثقافة الكردية أو بسط نفوذها على البنى الثقافية هناك. وقد سجَّل الكرد مسافات ملحوظة نحو الوحدة الاجتماعية والسياسية على مستويات رفيعة مع الأورارتيين والكونفدرالية الميدية المتأسسة في الفترة اللاحقة لهم. أكثر الحُقَب التي تركت بصماتها على الهيلينيين هي فترات تماسّهم مع الميديين واحتكاكهم بهم. ووصل الأمر إلى درجة شكلت فيها كل الظواهر ذات الأصل الميدي، أهم عناصر الثقافة الهيلينية وأبرزها. إن علاقة البطل "ثيسيوس Thessus" - الذي يُذكر اسمه في ميثيولوجيا تأسيس مدينة أثينا - مع ميديا، أمر ضارب للنظر وغريب عجيب. هذا وما يحُلُّ بـ"ميديا" في أسفار الأرغنوطيين أيضاً، يحث المرء على التمعن فيها ملياً. ورغم عدم إبراز ظاهرة "ميديا" كمصطلح حسب مستلزمات اللغة الميثيولوجية، إلا أنه من الواضح أن المقصود هنا مضموناً هو قوة الميديين، أكثر من أن يكون الهيلينيين أنفسهم. إن علاقة الثقافة الهيلينية بالحثيين، الهوريين، الميتانيين، الأورارتيين والميديين، موضوعٌ يستحق البحث والتدقيق.

أما فيما يتعلق بعلاقتها مع البارثيين فهي، وكما يتم التنويه إليه بكثرة في تاريخ هيرودوت، تتجلى بشكل ملموس في العلاقة الميدية. وكون الميديين جيران الهيلينيين، فإن ذلك يشكل عاملاً مؤثراً هاماً. ويعد طراز تحليل الإسكندر للتناقضات الهيلينية – الميدية – البارثية، تجربة نفيسة في يومنا الراهن، وتستحق التفحص واستخلاص الدروس منها. ذلك أنها وُفِّقَتْ في دمج وتهجين الثقافتين وتشكيل تركيبة جديدة تاريخية منهما. ونادراً ما نصادف في التاريخ مثالاً آخر أحرز النجاح ولفت الأنظار لهذه الدرجة في جميعة الثقافة الشرقية – الغربية تلك.

وفي الأراضي التي عاشت عليها أغلبية الكرد، نلاحظ وجود ثلاثة كيانات سياسية وثقافية مميزة حافظت على وجودها قروناً عديدة من بعد السلافكوسيين. الأولى هي كوماغانا التي اتخذت من "ساموسات" – على حدود آديمان الحالية – مركزاً لها، والثانية هي آبغار ومركزها هو أورفا، والثالثة هي الكيان الموجود في شمالي سوريا، والعائد إلى بالميرا (تدمر). وقد عاشت هذه الكيانات أوج ازدهارها الثقافي في سنوات 250 ق.م- 250 م على وجه التقريب. وتعد هذه الحقبة التاريخية التي تمتد 500 عاماً، أكثر الفترات التي تداخلت فيها الثقافات كلها، وأثرت اللغات والثقافات في بعضها وتأثرت بأغنى الأشكال بحيث لم يقتصر ذلك على القيم المادية فحسب، بل تعداه ليشمل تبادل القيم المعنوية أيضاً والأديان والآلهة والأفكار على أوسع النطاقات. بمعنى آخر، إنها كانت بحق، فترة عولمة وتكوُّر. وما المسيحية والعدد الهائل من المذاهب الصوفية (الباطنية geneostik) وتعاليم "ماني Mani" الملفتة للنظر، سوى ثمرة من ثمار هذه المرحلة. فالمانوية، التي تعد التعاليم الدينية الأكثر تقدماً ورفعة في عصرها، تتسم بأنها تيار كوني يتحدى التمييز الروماني - الساساني القائم. وقد ولدت المانوية في أراضي نهري دجلة – الفرات الوسطى، لتنجح بعد ذلك في الانتشار في الجهات الأربعة من العالم وإبداء القدرة والعزم الوطيد في توسعها.

في حين غدت الهيلينية تفقد جوهرها مع المسيحية، نراها تقطع مسافات ملحوظة وتدخل مرحلة جديدة مع ازدهار الإمبراطورية البيزنطية. وقد تمخض انهيار مرحلة حكم سلالة البارثيين في إيران واستلام سلالة الساسانيين مقاليد الحكم بدلاً منها، عن إشعال فتيل الاشتباكات الشرقية – الغربية وتأجيجها مجدداً. هذه المرحلة من الاشتباكات التي استمرت ما بين سنوات 200 – 640 م، ألحقت الخسائر الفادحة بالطرفين على السواء. أما بالنسبة للكرد الذين يعيشون في قلب هذه الساحات التي تشهد الحرب، فكانت مرحلة تشتت وتردٍ. فالفتوحات العربية – الإسلامية المتتالية، والصراعات البيزنطية – المسيحية، حوَّلَت كل بلاد الأناضول وميزوبوتاميا العليا إلى ساحة حرب وجهاد لا يخمد. هذه الفترة هي نفسها العصور الوسطى التي شهدت العبور من حضارة المجتمع العبودي – الطبقي إلى حضارة المجتمع الإقطاعي – الطبقي. وأُسدِل بذلك ستار غليظ على التقسيم الشرقي – الغربي بإضفاء العداوات الدينية عليه. وتَرَكَ التبادلُ الثقافي مكانه، ليحل محله الاغتراب المتأصل باضطراد. واكتسبت مصطلحات "الكافر، الغاور gavur" معاني معينة، وتعالت جدران الإقطاعية الغليظة بين الشعوب المتجاورة. وتحولت الهجمات الإسلامية على البيزنطيين في عهد الأمويين والعباسيين العرب، إلى وسيلة لتكريس نمط الحياة الجديدة، عبر مصطلحات "الجهاد الأكبر" أو "الجهاد المقدس".

أما البيزنطيون فيجهدون بكل إصرار وعناد لحماية ميراث روما. ومع اندحار الساسانيين فُتحت أبواب إيران وآسيا الوسطى برمتها على الإسلام، ليتحول بذلك التقسيم الشرقي – الغربي إلى تقسيم غليظ وفظ باسم المسيحية – الإسلام. والشعوب المنقسمة فيما بينها بعد ما كانت حتى الأمس القريب على صداقة ووئام مع بعضها، رأت نفسها في مواجهة بعضها البعض بعداوات دينية ومذهبية. فالقوى الإقطاعية أَقحَمت الشعوب في عداوات لا طائل منها ولا معنى لها. ونجحت بالتالي في حماية مصالحها في كنف أنظمة السلطنة الجديدة، وعلى أسس أيديولوجية وسياسية منيعة. وأكبر الخسائر وأفدحها في هذه المرحلة لحقت بالكرد المعتنقين للإسلام من جهة، وبالروم الذين هم بالأصل من الهيلينيين الماكثين في بلاد الأناضول، وبالآشوريين والأرمن المعتنقين للمسيحية من جهة ثانية.

هذه الحروب الدينية تركت تلك الشعوب وجهاً لوجه أمام وهن وتشرذم ثقافي متفاقم لتنحل رغماً عنها في بوتقة الحكام المهيمنين. وإذا ما أضفنا إليها الحروب الصليبية المبتدئة في أواخر القرن الحادي عشر بعد الميلاد، نجد أن الأوضاع وصلت درجة لا نفاذ منها. أما بالنسبة للحكام العرب الذين تشق عليهم الأمور وتزيد صعوبة، فحاولوا التأمين على منزلتهم بإيلاء القيادات العسكرية العديدة مسؤولية إدارة الإمارات الكردية والتركية الإقطاعية، ليحتموا هم بها ويأتمنوا تحت لوائها. هكذا أصبحت إمارة صلاح الدين الأيوبي الكردية والإمارة السلجوقية التركية، تشكلان القوة الأساسية المدافعة عن الإسلام والمحافظة عليه تجاه هجمات البيزنطيين والصليبيين والمغول.

وبات الهيلينيون يشكلون عنصراً غريباً لا يخطر على بال الكرد. وترك التداخل والاندماج المعمّر قروناً عديدة، مكانَه لعداوة قائمة على نحو اغتراب ديني. واستلم الأتراك مهمة حماية الإسلام ونشره حتى داخل بلاد الأناضول. ودخلت الأنساب والسلالات التركية كأجيال تتسع أكثر فأكثر لتُفرِّق بين الكرد والروم



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكر ...
- مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكر ...
- مرافعة اثينا الفصل الاول مغامرة اوربا ونهاية مرحلة 2-1
- مرافعة اثينا الفصل الاول مغامرة اوربا ونهاية مرحلة 1-1
- مرافعة أثينا
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثا ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثا ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثا ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثا ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الاو ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الاو ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...


المزيد.....




- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكرد والترك 3-1