أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل السلطات الثلاث في العراق في غيبوبة تامة؟















المزيد.....

هل السلطات الثلاث في العراق في غيبوبة تامة؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 11:00
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


التقى في أعقاب ثورة العشرين في القرن الماضي شعلان أبو الجون, وهو أحد قادة ثورة العشرين, بالحاكم البريطاني في العراق حينذاك, وجرى بينهم الحوار القصير والمعبر التالي:
الحاكم البريطاني: ماذا تريد يا شيخ أكثر من هذا, صار عندكم حكومة عراقية.
أجاب الشيخ بسخرية لاذعة: نعم يا محفوظ, حكومة عراقية لكنها ترطن!
وكان المقصود أنها حكومة لا تتحدث بالمصالح العراقية بل بمصالح الأجنبي حينذاك. والرطانة باللغة معروفة, إذ كان هنا بمعناها السياسي.
ولكن لو تصورنا حواراً يجرى اليوم بين أي عراقية أو عراقي وبين أي قائد أمريكي أو بريطاني في العراق, فكيف سيكون مضمون هذا الحوار؟
القائد الأمريكي أو البريطاني في العراق: ماذا تريدون أكثر من ذلك, فقد أزحنا عن صدوركم الدكتاتور صدام حسين وأرسلناه إلى الجحيم, وأصبحت لديكم حكومة عراقية وحياة ديمقراطية.
تجيب مواطنة أو يجيب مواطن عراقي: نعم يا طويل العمر: خلصنا من صدام حسين ولدينا حكومة عراقية وعندنا ديمقراطية, ولكن كلاهما يرطن, وأي رطانة!
لا يحتاج المواطن إلى تحليل ما يقصد هنا بالرطانة, فهي صارخة إلى حد غير معهود ونجده في كل خطوة من خطوات العراق الراهن. فبعد أربع سنوات ما تزال الملفات بيد الولايات المتحدة الأمريكية وارتبع عدد هذه القوات, والجيش ما يزال لم يستكمل عدده وعدته, وكذا الشرطة والأمن .., وكلها مخترقة, وبنية الحكومة طائفية سياسية حتى النخاع, وأغلب الأحزاب مبتلاة به مثل وقبل حكومتها, والفساد يعم البلاد من أقصاه إلى أقصاه ويهلك العباد, والبطالة تزيد عن 60% من القوى القادرة على العمل, والخدمات غائبة كلية عن مختلف المدن والأحياء العراقية في بغداد والبصرة والناصرية والعمارة والديوانية ...الخ, والقذارة والمستنقعات المائية تذكرنا بمدينة البندقية مع اختلاف في الشكل والمضمون الحضاريين, والموت يومي متفاقم, وغالبية الرؤوس المعممة, أياً كان شكل العمامة, إذ أن أصحابها يصولون ويجولون ولكنهم يخفون ما يخفون تحت العمائم من مآسي تقتل الحق وتبكي أين حقي! أما مجلس النواب العراقي فاسم على غير مسمى حيث يمكن أن ينطبق عليه قول الشاعر
علم ودستور ومجلس أمة كل عن المعنى الصحيح محرف
فالعلم لا زال بعثياً دموياً, والدستور لا زال طائفياً مجحفاً, ومجلس الأمة ينسى مهماته ومشغول بالتفتيش عن حقوق ومكتسبات وامتيازات إضافية في مجتمع فقد كل الحقوق والامتيازات, ومشغول بتكريس الطائفية في غالبيته وبعيد عن إدراك عمق الأزمة التي تواجه الدولة والمجتمع. انشغل المجلس النيابي قبل فترة يناقش كيف يسمي المهاجرين قسراً إلى خارج العراق بغير كلمة المهاجرين, إذ فيها حرج له وللحكومة وللنظام السياسي الديني الطائفي السائد في العراق. كانت الهجرة مفهومة في زمن النظام المقبور, ولكن لا يمكن فهم الهجرة بعد سقوط الصنم. ولكن أليست الطائفية السائدة والمليشيات المسلحة الفاعلة والقتل على الهوية الدينية والمذهبية والنهب والسلب لأموال الدولة والاختطاف والابتزاز للأفراد والعائلات وغياب الديمقراطية الحقيقية والحرية الفردية الفعلية والبطالة والجوع والتهميش, أليس كل ذلك وغيره من بين الأسباب الكافية لمزيد من الهجرة لا للمثقفين فحسب, بل ولمزيد من البشر العراقي؟ أذهبوا إلى الشام وعمان لتروا العائلة الصابئية المندائية التي هجرت قسراً وسلبت أموالها المنقولة وغير المنقولة وقتل الكثير من أفرادها, زورا قبر السيدة زينب في الشام لتجدوا العائلات المسلمة الشيعية التي هربت من جحيم المليشيات السنية والتكفيريين, زورا سوريا والأردن والقاهرة لتلتقوا بمزيد من العائلات المسلمة السنية التي أجبرت على الهجرة من مناطقها خشية الموت على أيدي المليشيات الشيعية المسلحة. أذهبوا إلى عواصم ومدن أوروبية وأمريكية واسترالية ونيوزيلندية وباكستانية أخرى لتجدوا المسيحيين من كلدان وآشوريين وسريان هم أيضاً اضطروا إلى الهجرة لمحاربتهم في أرزاقهم وفرض ما يشبه العقاب الجماعي ضدهم بشأن العباءة والعمل وما على ذلك! زورا مكاتب الجنسية لتجدوا العائلات الكردية الفيلية التي هجرت قسراً من قبل النظام المقبور منذ العام 1968 وأسقطت جنسيتها غدراً, تعاني اليوم من مؤسسات ترفض إعادة جنسيتها لها وتعيش على هامش الحياة وتضطر على التفكير بالعودة إلى حياة الهجرة قسراً!
البعض يتحدث عن المنجزات الكبيرة التي تحققت في العراق بحيث تبدو الصورة العراقية وكأن الشعب يعيش في رفاهية يحسد عليها, وخلق من العراق ما يشبه المثل الشعبي القائل (الهور مرك والزور خواشيك), في حين لا الهور مرك ولا الزور خواشيك في العراق, بل بؤس وفاقة وحرمان وطائفية قاتلة (الزور هو المجداف والمرك هو المرقة, والخواشيك هي الملاعق).
والقضاء العراقي, ولا أتحدث هنا عن كل أفراده, بل عنه كمؤسسة, يعاني هو الآخر من ذات الأمراض التي تعاني منها السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية, فالذي لا يملك فيتامين "نقود" وفيتامين "علاقات" طاقيته مثقوبة وسفينته غارقة لا محالة والويل له.
لم يكن فينا من يفكر في أن يكون له مثل هذا العراق, وليس فينا من سعى لإقامة مثل هذا العراق البائس الراهن حين كنا نناضل ضد الدكتاتورية الصدامية أو قبل ذاك ضد الملكية الإقطاعية, ولكن, هل ما زرع فينا منذ ألاف ومئات وعشرات السنين بقي حياً يعمل فينا حتى الآن ويرسم صورة حياتنا الراهنة؟ هل زُرع الاستبداد في نفوسنا وعقولنا, ثم نجده اليوم بصيغة ما في كل فرد وحزب فينا؟ هل الفردية والهيمنة والذاتية ورفض الآخر فكراً وجسداً, هل أصبحت الواحدية مطلقة تشكل جزءاً من أخلاقياتنا وممارساتنا اليومية؟ لقد امتلأ الكأس وفاض بالغضب واللعنة والتمرد على ما يجري في العراق. هل نسمح بمرور الجراد الأصفر ليأكل الزرع والضرع؟ لا ينبغي أن لا نستكين لهذا الطاعون الطائفي اللعين أن ينتصر في عراق القرن الحادي والعشرين, ينبغي أن ننتصر عليه ونمنع شروره ونتصدى لأبطاله ممن يميزون بين الفلسفة الديمقراطية والآليات الديمقراطية والتي لا تعني سوى وأد الديمقراطية والحرية الفردية وسيادة الدكتاتورية في البلاد, سواء أكانت تحت واجهة دينية أم طائفية أم غيرهما.
أشعر تماماً بأن السلطات الثلاث في غيبوبة تامة وفي اغتراب حقيقي عن المجتمع العراقي عن الإنسان المهمش والضعيف, عن المثقف الديمقراطي, عن الفقير والجائع. هل نحن دولة قائمة لخدمة بعض الأغنياء الفاسدين وجمهرة من المعممين غير المتنورين ممن يأكلون السحت الحرام؟ هل عدنا إلى الوراء واستعادت المقولة التالية جوهرها: أتتركون حمير الله وتركبون الشمندفر (القطار), أتتركون ماء النهر وتشربون النامليت (المشروبات الغازية)؟ هذا ما كنا نسمعه في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين من البعض المعروف لنا جميعاً! وبقي في ذاكرتي منذ ذلك الحين.
نيسان/أبريل 2007 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء صحفي بين صحيفة آلاي آزادي الأسبوعية والدكتور كاظم حبيب
- حول مشروع القانون الجديد لحقوق وامتيازات مجلس النواب!
- !مشروع قانون اجتثاث البعث والعملية السياسية في العراق
- هل من قرع متواصل لطبول الحرب في منطقة الشرق الأوسط؟
- القمة العربية ومشكلات المنطقة؟
- ندوة لندن ومشروع قانون النفط العراقي الجديد؟
- هل مجازر الأنفال ضد الشعب الكردي تشكل جزءاً من جرائم الإبادة ...
- هل بدأ الإرهابيون القتلة يستخدمون خزينهم الاحتياطي في القتل؟
- نحو معالجة جادة ومدنية للمشكلة الأمازيغية في الدول المغاربية
- هل يمكن اعتبار مؤتمر بغداد خطوة إيجابية على الطريق الصحيح؟
- واقع المرأة في المجتمع العراقي وضرورات التغيير
- هل يتعلم المستبدون من دروس من سبقهم في الاستبداد؟ السودان نم ...
- ما الجديد في الدبلوماسية الأمريكية حول العراق؟
- هل من علاقة بين قناة الجزيرة والقاعدة؟
- هل المظاهرات هي الطريق لتصحيح خطأ ما في العراق؟
- هل من تنسيق بين الخطة الأمنية وعملية المصالحة الوطنية؟
- من المستفيد من فشل الخطة الأمنية والمصالحة السياسية في العرا ...
- كلمة إنصاف مطلوبة بحق الأستاذ الدكتور سّيار الجميل
- رسالة الدكتور أكرم الحكيم إلى الدكتور كاظم حبيب وجواب الأخير ...
- رسالة مفتوحة من كاظم حبيب إلى السيد حبيب الصدر


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل السلطات الثلاث في العراق في غيبوبة تامة؟