أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - إوعوا تقولوا للشعب إن الأرض تدور















المزيد.....

إوعوا تقولوا للشعب إن الأرض تدور


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1877 - 2007 / 4 / 6 - 11:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


برنامج (القاهرة اليوم) الذي يقدمه عمرو أديب على قناة اليوم- إحدى قنوات شبكة أوربت- أقدم على خطوة يستحق عليها التحية، فقد عرض نقاشا حول كلمة (العلمانية) استضاف فيه فيلسوفين كبيرين هما الدكتور مراد وهبة والدكتور عاطف العراقي، أدار عمرو أديب النقاش بطريقة تختلف عما عودنا عليه.. فرغم كونه بالفعل خفيف الظل إلا أنه عودنا أن (يبالغ في الاستظراف) في كثير من الأحيان.. لكنه هذه المرة لم يفعلها.. بل بدا صادقا وهو يحاول أن يستحث ضيفيه على مزيد من (التبسيط) لذلك المفهوم الفلسفي الحائر في عالمنا العربي.. بلا استظراف هذه المرة لكن دون أن يفقد خفة ظله (العفوية)، الضيفان كانت لهما وجهتا نظر مختلفتان.. الدكتور مراد وهبة يرى أن العرب مهما قاوموا نهج العلمانية فسوف يفرضها عليهم التطور الطبيعي لا محالة وإن كان ذلك يحتاج زمنا طويلا.. والدكتور عاطف العراقي يرى أن العلمانية لن تجد لها سبيلا ذات يوم في حياة العرب الغارقين- بطبيعتهم- في (عالم المطلقات) ويفضل بدلا من مصطلح العلمانية كلمة (التنوير)، المشاهدون الذين اتصلوا بالبرنامج لم يقولوا شيئا مفاجئا.. فهذه الكلمة تصيب العربي بالذعر أينما ووقتما قيلت! أما ما هي العلمانية ولماذا تصيب العربي بهذا (الهلع) فتلك قصة العرب التاريخية! العلمانية هي من العالم بفتح العين وليست من العلم بكسر العين، وهي اسم لواحدة من الفلسفات التي تضع للإنسان منهجا في رؤيته لنفسه ووجوده وعالمه.. وتطبيقها (العملي) الأشهر في المجتمعات هو (فصل الدين عن السياسة)، كلا الفيلسوفين وغيرهما من الفلاسفة أيضا.. يتفقون على أن السبب في هذا (الفصل) حسب الرؤية العلمانية هو أن الدين يقدم للبشر (حقائق مطلقة).. مطلقة أي غير قابلة للتغير دائما وأبدا.. بينما السياسة هي تفاعل البشر مع واقع نسبي.. (واقع متغير).. وإسقاط الثابت المطلق على النسبي المتغير يعيق التقدم والتطور. هذه المفاهيم الصعبة كانت دائما موضوعا (ثقافيا نخبويا).. أي يتناقش فيه المثقفون.. لم تكن ذات يوم موضوعا للنقاش- على قدر علمي- بين المتجمعين حول الشيشة في المقاهي أو بين ربات البيوت أو مع أكياس الفشار أمام التليفزيون! لذلك قد يكون طرحها للنقاش على التليفزيون أمرا غريبا.. فالتليفزيون ليس وسيلة تثقيف نخبوي إنما هو وسيلة صنع وتوجيه (رأي عام)، لكن رغم غرابة الموضوع (بالنسبة لنقاش تليفزيوني) فإنه خطوة جيدة.. فجماهير ذلك الرأي العام نفسه هي من تقاوم التطبيق العلماني للعلاقة بين الدين والسياسة.. دون أن تقصد أو تعي بشكل مباشر كلمة العلمانية ذاتها، الأسئلة الكثيرة التي يطرحها هذا الأمر هو لماذا تقاوم تلك الجماهير أو لماذا يقاوم الناس فصل الدين عن السياسة؟ وهل نحن العرب فقط من نقاوم ذلك؟ ولماذا إذا سمع الناس كلمة العلمانية ينفرون منها بهذا الهلع ويصدون عنها بلا تفكير؟ وهل العلمانية هي شيء سيء؟ وما هو البديل.. أو قل كيف هي حياتنا بدونها.. بل كيف هي حياة الآخرين الذين أخذوا بها؟ وهل من الضروري أن يكون كل الناس علمانيين؟ وهل الآخرون الذين طبقت العلمانية في مجتمعاتهم هم بالضرورة علمانيون أو يعون أنهم علمانيون؟ إلى آخره من تساؤلات يطرحها الجدل والسجال الذي يدور في العالم العربي منذ بداية القرن العشرين.. حينما بدأ محمد عبده في إثارة تلك التساؤلات.. لكن تساؤلاته التي كانت تبشر ببدء (عصر نهضة عربي) تم بترها.. فانتهى عصر (التهضة المبتورة) هذا إلى أن انتصر أصحاب الثبات على أصحاب النسبي المتغير، ربما يكون السؤال الأهم هو: من المسئول إذن عن (إخافة) العربي من فصل الدين عن السياسة؟ هل هي (طبيعة فيه) أن يخاف من الانطلاق في عالمه المتغير بدون ثقل (الحقائق المطلقة) أم هناك (يعقوب) هو المسئول لغرض في نفسه عن إخافتهم من الفصل بين الدين والسياسة؟ أهمية السؤال أن إجابته تحدد أين يكمن العائق الذي يحول دون أن تنطلق مجتمعاتنا في عالمها المتغير غير مثقلة بتلك الحقائق المطلقة.. بالطبع ليس هذا اليعقوب إلا (المشايخ) ومن يتبعهم!.. فهؤلاء هم وعلى مدى قرن منذ تساؤلات محمد عبده من راحوا (يحذرون) الناس من فصل الدين عن السياسة.. وسيسوا الدين أو دينوا السياسة كي تبقى لهم تلك (الغنيمة التاريخية) ينتفعون منها مالا ونفوذا وحكما وسطوة على العقول.. فمصيرهم إذا فصل الدين عن السياسة سيكون انزواءً في دور العبادة بعيدا عن الحكم والنفوذ الذي تتعلق به أفئدتهم! لهذا يستمر الصراع دائرا لا بين دعاة العلمانية والناس إنما بينهم وبين المشايخ، ولأن الدين متجذر في نفس العربي فإن مهمة المشايخ تكون أسهل في السيطرة عليهم.. بينما مهمة العلماني الذي يطالب بفصل الدين عن السياسة هي دائما مهمة أصعب.. وفي كتابه (تحولات الفكر والسياسة في مصر ومحيطها العربي في القرن العشرين) يقول المفكر البحريني دكتور محمد الأنصاري إن:" فريق المفكرين العلمانيين انهزم هزيمة منكرة أمام الرأي العام"، وما الرأي العام هذا إلا الناس الذين يميلون للمشايخ وينفرون من المفكرين! لكن هكذا كان الصراع أيضا في (عصر نهضة أوروبا الذي لم يبتر) بين دعاة العلمانية والبابوات.. كان هؤلاء البابوات يمارسون على العلمانيين الأوائل أبشع أشكال العنف التي سميت (محاكم التفتيش).. حتى يحتفظون بامتيازات الثروة والحكم التي تتيحها إخافة الناس من الله! بعض العلمانيين كان يتحداهم ويدفع الثمن.. وبعضهم كان يترك الأمر للمستقبل خوفا من البطش دون أن ينجو من البطش بالضرورة! الدكتور مراد وهبة حكى قصة عن كوبرنيكوس الذي اكتشف أن الأرض تدور لكن الكنيسة حينها كانت تقتل وتحرق وتسحل من يقول بدوران الأرض.. فكان أن قال الرجل لتلامذته (إوعوا تقولوا للشعب إن الأرض تدور)! لكن رغم ذلك سمع الناس فغضبوا وأحرقوا داره! لكن الواقع.. متغير! لهذا صدق الدكتور مراد وهبة حينما قال إن العرب سيأتي عليهم يوم يقبلون فيه ولو بعد زمن بفصل الدين عن السياسة أو المطلق عن المتغير.. فبعد كوبرنيكوس بزمن طويل جاء غاليليو وقال بدوران الأرض فأرادت الكنيسة عقابه إلا إذا (تاب)! ولكبر سنه أشفق عليه أصحابه فنصحوه أن يعلن توبته في حضرة البابا.. وكانت طقوس التوبة حينها تلزم من يريد إعلان توبته أن يركع على الأرض ويضع رأسه على طاولة صغيرة أمامها كرسي عال يجلس عليه البابا.. ركع العالم الجليل غاليليو أمام الطاولة وكان متألما حزينا أنه سينطق بعكس الحقيقة العلمية.. قالها.. قال إنه نادم على القول بدوران الأرض.. فمنحه البابا العفو.. لكن غاليليو وهو ينهض وفي لحظة مواجهة تاريخية ستظل مثالا حيا في التاريخ على أن الواقع متغير.. ركل الطاولة بغضب وقال القولة الأشهر في تاريخ الإنسانية.. قال وهو يركل طاولة التوبة: ومع ذلك فهي تدور!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرارة بطعم النفط: عضة كلب أمير
- خراب يا مصر (2): خليني في حالي!
- قناة الحوار وتساؤلات عن التمويل وهموم الناس في البرامج
- خراب يا مصر!
- غضب المصريين على الفيلم الإسرائيلي أخطأ الطريق
- !يعني أفلح القوم عندما ولوا أمرهم ذكرا
- التفاوت الطبقي في مصر مشروع انفجار
- شوية هموم بتوع كل يوم
- دستوركم يا اسيادنا
- عبدالكريم نبيل سليمان مثالا: الشغف بقتل المختلفين في مجتمع م ...
- إنقاذ المصريين من الهيافة
- فتيات هالة وفساتين هيفاء
- يا فرحة العادلي برجالته في الشرطة وفي التليفزيون
- برلمانيون لكن ظرفاء
- القصة الكاملة لما أثير حول فيلم الجزيرة الوثائقي عن التعذيب ...
- إقالة مبارك بخمسين قرشا
- الفضائيات تتحول إلى أحزاب سياسية، وجريمة تبديد أموال النفط
- معارك إعلامية بسبب الحجاب تخفي السبب الحقيقي للصراع
- موريتانيا مرة أخرى: الغضب من الحقيقة هو سر التخلف الحضاري في ...
- العصيان الفكري ورقة أخيرة مع عائلة مبارك


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - إوعوا تقولوا للشعب إن الأرض تدور