|
جارات فضوليات !
ابراهيم جابر ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1906 - 2007 / 5 / 5 - 11:23
المحور:
الادب والفن
لي صديق كلما زرته وضغطت على جرس الباب كنت اسمع ضجيجاً خلف باب الشقة المقابلة ؛ وحين سألته مرة عن ذلك ضحك طويلاً وقال : جارتنا تجيء راكضة لتنظر من العين السحرية لتعرف من زوارنا ، وتتناوب على " العين المتلصصة " مع اولادها وبناتها ! لم أفاجأ ، لنا جارة كذلك .. قلت له ، ولي عمّة كلما زارتنا تستدرج أطفالي في السؤال عن راتبي ، وان كنت قد أخذت قرضا اضافيا ، وكم بقي من أقساط السيارة ، وهل زوجتي حامل ؟ وإن كانت الاجابة بـ " لا " فما هو المانع .. و " عسى ما شرّ ؟ " !! ثمة عائلات كاملة تقتات كل ليلة على اخبار الجيران : ماذا طبخوا ؟ أين خرجوا ؟ لماذا تشاجروا ؟ ويتراهن الأولاد إن كانت ثلاجتهم " شارب " أم " دايو " ! ويحسم الأب الجدل بأن يكلف " البنت الوسطى " بأن تستطلع نوع الثلاجة غداً !! بعض الناس تحسهم يقرفصون على كتفك للتأكد من المتحدث على الطرف الآخر ، ويفتعلون التجهم إن تجهمت أو يجاملونك بضحكة إن ضحكت ... ثم لا يملكون انفسهم فيسألون بتردد : ( خير .. مين كان معك ؟ ) ! واذا أجبتهم فهم يتشجعون للسؤال التالي ، كأنما صاروا طرفاً في المكالمة : ( آه .. عن جد ؟.. شو كان بدّو ؟ ) ! الناس كلها تتذمر من هذا الفضول ، ولكنها تمارسه بتلذذ ، فالمريض الذي يقرر له الطبيب أن ينام في المستشفى ؛ وبمجرد أن يدخل الغرفة ، وقبل أن يحضروا له باكيت الفاين وزجاجة الماء ،وقبل أن يتمدد على سريره ، يتوجه بالسؤال للمريض الذي بجانبه : ( سلامات .. انشالله بسيطة ؟ شو اللي صاير معك ؟ ) ! والمرأة الفضولية تحرص أن تعرف علامات أولاد الجيران قبل علامات ابنها ، والسائق الذي يقف لك يسألك مباشرة عن السائق الذي اعتذر لك : ( ماله .. ليش ما أخذك ؟ ) ! أما الجارة الجديدة فلا تنتظر حتى تنزل أثاثك كاملاً للبيت الجديد ، وتتسلل من بين العمال لتسأل زوجتك وعيناها تتفقدان غرفة النوم قبل تركيبها : ( عدم المؤاخذه .. شكلو اكبر منك .. قصدي ابو .. البركه ابو ايش اسمه ؟ .. شكلو اكبر منك ؟ ) !! والذين يستخدمون الباصات لتنقلاتهم يستطيعون أن يقصّوا عليك أطرف القصص عن فضول الركاب ، ومحاولات تدخلهم في خصوصيات بعض ... في كل صغيرة وكبيرة ! فاذا أخرجت من جيبك معاملة رسمية سيتطوع الجالس بجانبك لقراءتها ؛ وقد تفاجأ به ينبهك الى ان الموظف نسي أن يختمها لك ، ويضيف : " انزل هلا قبل ما تبعد .. وارجعله خلّه يختمها " ! اذا كنت ضجراً فسينصحك بالاسترخاء واذا كنت مسترخيا فسيتهمك بأنك بلا هموم واذا كنت مهموماً فأنت من وجهة نظره نكد ولا تستجيب لـ "مشروع صداقته " !! وقد تسمع ضحكاً قادماُ من كرسيٍ خلفك فتكتشف أن راكباً وراءك يشاركك الفرجة على البوم الصور الذي بين يديك ! وإن تحدثت هاتفياً وانفعلت فجارك في المقعد سيتدخل بقوله ان " الأمور مش مستاهلة " وان كنت بصدد شراء شيء فسيقترح عليك أن تغير " الماركه " لأنه جرّبها ولم تعمر طويلاً ! أما في معرض للملابس ؛ مكتظ بالقطع والمقاسات والألوان ، فجرّب أن تنظر خلفك ... مباشرة ستجد متسوقاً ينتظر أن تعيد القطعة التي بيدك ليلتقطها ، وهو مستعد أن ينتظر لربع ساعة أحياناً متشاغلاً بأنه يتحدث على الموبايل ... لكنه في الحقيقة تجاهل كل محتويات المعرض ويريد أن يعاين القطعة التي لفتت انتباهك ! في ( المول ) تقف امام رف المعلبات ، ثمة عشرة انواع من ( التونة ) : تونة مغربية واخرى اسبانية وثالثة تونسية ، بعضها بالزيت واخرى بالزيت النباتي وثالثة بالماء المملح ، واحدة خشنة واخرى ناعمة وواحدة بالبهارات وواحدة بالمخللات ... لكن امرأة فضولية تقف بفضول غريب تنتظر أن تختطف العلبة التي بيدك لتعرف ما الذي كنت واقفاً تقرأه على العلبة ! ... ... ... في المرة الأخيرة ... حين زرت صاحبي حرصت أن تكون في فمي قطعة علكة كبيرة ، وقبل أن أقرع الجرس كنت وضعتها على " العين الفضولية " لباب الشقة المقابلة !
#ابراهيم_جابر_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من سرق الحجاب ؟
-
في 8 آذار ... عن أم في العراق !
-
الراقصة والشيخ والشاعر !
-
ايميل الى اطوار بهجت في ذكراها الاولى
-
لقميص خفيف على بحر - غزة - !
-
بنادق مخزية
-
حروب ايران
-
هل - الظواهري - فعلاً الرجل الثاني ؟!
المزيد.....
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|