تحيا ذكرى ميلاد زكي خيري بحيوية افكاره ورسوخ ثقته بقدرات الشعب العراقي والبشرية

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1875 - 2007 / 4 / 4 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

امدتني رفقتنا لمدة ثلاثين عاما ونيف وما زالت تمدني بحيوية افكار زكي خيري المتفتحة دائما للتطور ولسبر اغوار الجديد في جميع المجالات العلمية والفكرية ، ورسوخ ثقته بقدرات شعبنا، رغم كل ما عاناه ويعانيه، فضلا عن ثقته بقدرات البشرية رغم كل ما تعرضت وتتعرض له من هجمات وحشية من قبل تجار الحروب بجميع اسلحتهم العسكرية المبيدة للبشر واسلحتهم الايديولوجية المشوهة لطبيعتهم الانسانية واسلحتهم الارهابية القاتلة لطموحات البشرية بالرعب واليأس . وإذ تطبع كل كتاباتي بهذه الثقة والحيوية التي استمدها من رفقتنا المستمرة رغم رحيله، يملأني الاعتزاز لان كتاباتي تذكر الناقدين بما اتميز به، وهو انني زوجة المناضل الشيوعي العراقي الكبير زكي خيري. فهذه الميزة التي امدتني بكل الثقة بقدرات شعبنا على تحرير نفسه والمساهمة في تحرير البشرية حددت اولى واجباتي بل هدف حياتي هو تعزيز هذه الثقة بقدرات شعبنا وقدرات البشرية، لدى كل عراقي لكي يطلق طاقاته الفكرية والعملية بمختلف اشكال النضال ضد الاحتلال وجميع ادواته العسكرية والارهابية والايديولوجية ولا سيما الطائفية ضمانا اساسيا لتحرير وطننا واسعاد شعبنا. فهذه الثقة تتحدى اخطر اسلحة اعداء البشرية وهي الرعب واليأس ، وتقديم المثل لشعوب العالم بقدرته على مواجهة اعتى اعداء البشرية :الامبريالية الامريكية. وإذ فخر زكي خيري دائما بامجاد شعبنا التاريخية وتجاربه في مقاومة الامبريالية وادواتها سواء في ظل النظام الملكي الرجعي التابع للامبريالية البريطانية او النظام الدكتاتوري التابع للامبريالية الامريكية ، فذلك ليستخلص التجارب التي تخدم استراتيجية الحزب الشيوعي العراقي وتاكتيكاته لمواجهة متطلبات مرحلة التحرر الوطني . فالى جانب عمله على تطوير جميع وسائل الكفاح الجماهيري، دعم بكل قواه الكفاح المسلح الذي خاضته فصائل الانصار ضد النظام الدكتاتوري وناضل من اجل ربط نضالها ضد النظام الدكتاتوري بنضالها ضد اجتياح القوات الايرانية لبعض مواقعها في كردستان، فضلا عن توسيع مجال نضالها الى مناطق العراق الاخرى لدعم انتفاضة اذار /1991. واني اذ استعيد مواقفه تلك المنطلقة من متطلبات مرحلة التحرر الوطني تلك تجعلني اشد تمسكا بالاستراتيجية الماركسية لمرحلة التحرر الوطني التي تمسك بها زكي خيري في ظل الانظمة التابعة ، لاسيما وقد اعادتنا الدكتاتورية الى مرحلة الاحتلال المباشر، وما يتطلبه من ممارسة كل وسائل واساليب الكفاح التي مارسها شعبنا ، بل وجميع الشعوب التي عانت وتعاني من الاحتلال . فلم يتحرر أي شعب من شعوب العالم بما فيه شعبنا من الاحتلال الا بممارسة جميع اشكال الكفاح ولاسيما الكفاح المسلح. ومرة اخرى اثبت شعبنا جدارته بالثقة بقدراته ووعيه واعتزازه بتجاربه فاطلق مقاومته العفوية لقوات الاحتلال، رغم غياب القيادة السياسية. واستطاعت هذه المقاومة باسناد نضالات جماهير شعبنا المتنوعة ضد الاحتلال وجميع ادواته، ان تكبد قوات الاحتلال الخسائر الفادحة والتضحيات الجسيمة واستطاعت ان ترغم قوات الاحتلال على الكشف عن حقيقة اهدافه من حربه واحتلاله العراق وتعري كل ادعاءاته بالتحرير والديموقراطية وحقوق الانسان ، وبذلك استطاعت ان تكسب تضامن جميع قوى البشرية الحية وان تطوروسائل واساليب كفاحها ضد العدو المشترك : العولمة الراسمالية وقطبها الاكبر الامبريالية الامريكية. ولكن لايمكن لاية مقاومة تفتقر الى القيادة السياسية الثورية ان تحمي انتصاراتها دع عنك تطويرها لاسيما وقد نشأت بشكل عفوي وضمت الكثير من القوى الوطنية الى جانب الكثير من القوى الطامحة لاستعادة نظامها الدكتاتوري الذي اوصل شعبنا الى هذا المنحدر، او العناصر الاجرامية التي تسخر طاقاتها للمنظمات الارهابية او قوات الاحتلال لقاء المال. كما لايمكنها كسب ثقة شعبها ودعمه لها ليحميها ويمدها بالدماء الجديدة، اذا لم تستطع تطوير قيادة سياسية تصوغ برنامجها الوطني الديموقراطي بالربط بين مقاومة الاحتلال وبين حرصها على بناء النظام الديموقراطي الذي يفتح الطريق الى مستقبل ارحب . فالجماهير ليست على استعداد لتقديم التضحيات الغالية من اجل اقامة نظام تقوده قوات مسلحة لاتملك برنامجا ولا رصيدا ديموقراطيا يعزز ثقة الجماهير بها، تحسبامن ان يكون نظاما دكتاتوريا جديدا يعيد المآسي والكوارث التي يعانيها شعبنا بصور واوجه جديدة.. وفي كل هذا تتحمل كل القوى السياسية الوطنية المسؤولية التاريخية: اولاعن تخلفها في قيادة جميع وسائل واساليب مقاومة الاحتلال وثانيا لانها ساهمت بحرمان المقاومة الوطنية التي شكلها شعبنا، بناء على سليقته الثورية وتجاربه التاريخية، من القيادة السياسية ، باتهامها بالارهاب والخلط بين اعمالها الموجهة ضد قوات الاحتلال والاعمال الارهابية التي تنظمها وتمولها وتحميها قوات الاحتلال لتشويه سمعة المقاومة اولا ولادامة احتلالها ثانيا بادعائه حماية العالم والشعب العراقي من الارهاب، وثالثا تضليل الجماهير بتبني استراتيجيات مضللة والتستير على العدو الرئيس واستبداله بادواته ، بل والتوسل بقواته لتحرير شعبنا تارة من الارهاب واخرى من الطائفية، وبالانتظار السلبي الذي استمر اربع سنوات وفسح المجال لقوات الاحتلال لانجاز مخططاتها للهيمنة العسكرية والاقتصادية والسياسية على مقدرات شعبنا ولآماد طويلة. دون ان تحاول على الاقل تبني بعض فصائل المقاومة الوطنية او تقديم فصائل جديدة تكون مثالا يحتذى للفصائل الاخرى. ولا يعفي القوى السياسية الوطنية من مسؤوليتها التاريخية عما تقوم به المقاومة من اخطاء وتتعرض له من اتهامات ووسائل ترهيب واغراء. فالقوى السياسيةهي المسؤولة عن تحديد استراتيجية مرحلة التحرر الوطني وهدفها الرئيس التحرر من الاحتلال وهي المسؤولة عن صياغة وسائل واساليب الكفاح التي تفترض الربط بين الاساليب السلمية والمسلحة فضلا عن صياغة البرنامج الوطني الديموقراطي، وتنشره بين الجماهير بما فيها جماهير المقاومة لكي تتسلح به. وكلي ثقة بقدرة شعبنا على تكوين هذه القيادة السياسية لشعبنا عامة وللمقاومة الوطنية خاصة ، بل ان استمرار المقاومة الوطنية المسلحة والسلمية وتصاعدها الذي يتجسد بتعاظم خسائر قوات الاحتلال وتعجله في تشريع قانون النفط والغاز وسط اجراءات تثير ادانات العالم والشعب الامريكي بما تكبده للشعب العراقي من خسائر بالارواح فاقت بكثافتها خسائر الحروب الكبرى، وتتناقض مع مطالباتها الملحة ولاسيما سحب قوات الاحتلال. فقد تزايدت قوات الاحتلال واساليبها الوحشية ضد الشعب العراقي بحجة الخطة الامنية . وتتصاعد نضالات الجماهير ولاسيما العمالية والنسوية وتتطور اساليب ووسائل كفاحها، وتبرز مختلف القوى السياسية الثورية التي تحاول كسب ثقة الجماهير بقيادة نضالاتها والتعلم منها. وفي خضم هذا النضال المتنوع والمتنامي ربى شعبنا قياداته السياسية السابقة، التي كان لها دورها الطليعي في معاركه التاريخية، ويربي القيادات الحالية والمستقبلية، ضمانا لتحرره ومساهمة في تحرير البشرية.
كما امدتني فرحة زكي خيري بتزامن ذكرى ميلاده في 12/نيسان/ مع ذكرى صعود اول رائد فضاء الى رحاب الكون ، بسعة الافق الذي يتمتع به زكي خيري . فقد اعتبر رحلة الرائد السوفيتي يوري غاغارين الى الفضاء اول بشير للبشرية بلا محدودية وجودها وامكانياتها وما عليها الا ان تتحرر من علاقات الانتاج الراسمالية التي تكبل طاقاتها وتفكيرها ، بل ووجودها . واذ تسهم اقطاب العولمة الراسمالية اليوم في تطوير علوم الفضاء وسبل ووسائل ارتياده فذلك لتسخيره لخدمة مصالحها ولاسيما في تنافسها مع بعضها على مناطق ووسائل النفوذ ، وما يتضمنه ذلك من مخاطر على مصير البشرية في تحويل الفضاء ميدانا لسباق التسلح. ويتطلب ذلك الربط بين النضال الوطني في مقاومة الاحتلال والحروب بالنضال من اجل نزع السلاح ليس على الارض فقط بل وفي الفضاء ايضا ، فضلا عن تحميل علماء الفضاء وشغيلته المسؤولية التاريخية في تحرير البشرية من هذه المخاطر و توجيه كل طاقاتهم وابداعاتهم بما يخدم البشرية وتوسيع افاق ومجالات حيويتها.
ولرسوخ ثقة زكي خيري بقدرات البشرية ليس فقط على تجاوز انتكاساتها بل وتحويلها الى منطلقات لانتصارات جديدة، اثرها البالغ في رسوخ ثقتي بقدرات البشرية على التحرر وبناء المستقبل الزاهر لاجيالها المقبلة. ولم اشعر حتى يومنا هذا بانغلاق الافق امامي واتمنى ان افتحه امام كل عراقي بل وامام كل انسان. . لم يصب زكي خيري بخيبة امل صاعقة اثر انهيار الاتحاد السوفيتي وترهل الحركة الشيوعية العالمية، كما كان يتوقع الكثير من معارفه على اعتبار انه سيشعر وهو الذي كرس كل حياته لخدمة الحركة الشيوعية العراقية والعالمية بانهيار كل اماله واحلامه. فقد انطلق منذ اليوم الاول للكارثة لدراسة اسباب الكارثة وسبل الخروج منها مستعينا بالكتب الماركسية وبالمسيرة التي قطعتها الحركة الشيوعية العالمية وتجربتها الكبرى في بناء الاتحاد السوفيتي كاول تجربة اشتراكية استطاعت ان تستمر سبعين عاما بكل انجازاتها الوطنية والعالمية واخطائها النظرية والعملية، التي عايشها وقدم الكثير من التاييد والنقد لها. وكتب الكثير في تحليل اسباب ذلك وسبل خروج البشرية من هذه الكارثة والانطلاق نحو بناء حركة شيوعية جديدة تتسلح بالنظرية الماركسية الثورية المتطورة وفقا لمتطلبات العصر، الذي اصبح اكثر من أي عصر مضى بامس الحاجة الى الحركة الشيوعية الوطنية والعالمية . وحتى تعيد الشعوب وعموم البشرية اعادة بناء حركتها الشيوعية ، التي بانت بوادرها في جميع انحاء العالم، ستبقى انجازات الشعوب بما فيها انجازات شعبنا والشعب الفلسطيني واللبناني، وتضحياتهم تراوح وتتكرر مآسيهم حتى يتوصلوا من خلال تجاربهم الى بناء قياتهم السياسية على الاسس الماركسية العلمية المتطورة.
وهاهو شعبنا يغذ السير رغم هول الصعاب وهاهو الشعب الفلسطيني ومنذ اكثر من قرن يقدم التضحيات وينضج قيادات وتترهل املا بتكوين القيادة المسلحة بالنظرية الثورية التي تحميها من الترهل والمساومات على الاهداف الرئيسية ..وهاهو الشعب اللبناني يراوح في صراع لاتحله انصاف الحلول املا في ان يدفع شيوعيه للقيام بدورهم الطليعي في قيادة الصراع وحله، بدلا من المراوحة والاجهاد وما يخلفه من يأس واحباط .
وهكذا يحيا عيد ميلاد زكي خيري السادس والتسعين، في 12/4/2007 بافكاره الحية وثقته الراسخة بقدرة الشعوب وعموم البشرية على تحقيق تحررها وبناء مستقبلها.
في 4/4/2007

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات