أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - طلاق














المزيد.....

طلاق


سعيدة لاشكر

الحوار المتمدن-العدد: 1874 - 2007 / 4 / 3 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


عاشت حياتها هانئة بما تجود به عليها الحياة, لم تكن قط تفكر لماذا لم أكن كذا ولماذا لم أحصل على كذا, كانت قانعة, راضية بنصيبها القليل, أملها الوحيد في الحياة الهدوء وطموحها الهدوء وأمنيتها أن تعيش في هدوء.

عندما انقطعت عن التعليم في سن مبكرة لم تحاول التمرد أو حتى اقناع دويها بل استمرت في حياتها وكأن شيئا لم يكن, ثم عندما تزوجت زيجة تقليدية مدبرة لم تقف وقفة مع نفسها ولم تقل لماذا أنا؟ بل استمرت في الحياة ثم بعدها أنجبت, أصبحت ربة بيت وأغرقت نفسها في الواجبات والأعمال المنزلية, وعندما أصبح ما تقوم به اليوم تعيده في الغد بكل حدافيره ويتكرر يوميا ملل في ملل لم تتدمر ولم تحاول التغيير من عاداتها وأعمالها المعتادة.

وهكذا انغمست في الحياة فأغرقتها من رأسها حتى أخمص قدميها بأفراحها وأحزانها, ولم تكن المصائب توثر فيها رغم تواليها بل حين تراها تظن أنها لا تهتم ولاتلقي بالا لشيء, كانت صلبة وتميل أكثر في وصفها بالامبالاة, هي من أولئك الأشخاص الغامضين, لن تعرف أبدا فيما تفكر وما يجول في خاطرها لن تعرف ما بداخلها وحتى لو أنها تتمزق من الداخل فلن تبدي شيئا وبالتالي لن تلاحظ معاناتها لأن ملامحها جامدة دائما.

فواصلت حياتها وقنعت بها الى أن جاء يوم تعقدت فيه الأمور مع زوجها وحصلت على الطلاق, فأصبحت أمام المجتمع امرأة مطلقة ولم يكتفي القدر الذي أمنت به كثيرا وقنعت بأسواره الحديدية المحيطة بها بل أكثر من ذلك حرمت من أطفالها فلذات أكبادها ومنحت الوصاية للوالد.

فباتت وكأنها الكأس التي امتلأت وفاضت عن آخرها, حاولت أن تعيش وكأن شيئا لم يكن كما هي سياستها في الحياة, أن ترمي همومها وراء ظهرها تجعلها من الماضي وتبدأ من جديد, لكنها لم تستطيع, ولن تستطيع أن تسير للأمام دون أن تتلفت للخلف حيت العائلة, الأطفال, الهدوء, دون أن تتلفت للانسانة البسيطة الطامحة للهدوء, تلك الانسانة التي خلفتها وراءها وأجبرها المجتمع والحياة أن تتوه عنها وسط زحام المشاكل والهموم, لم تستطع أن تنتظرها لأن ركب الحياة لا يتوقف فسارت دونها , لم يمهلها المجتمع أن تلملم أشلاءها المبعثرة فتخلت عنها.

سرقت منها الحياة, سرقت منها راحة البال, وأصبحت انسانة أخرى غريبة عنها, غريبة عن نفسها غريبة عن ذاتها, غريبة في منزلها وغريبة في مجتمعها. لم تنفعها طيبتها في الحياة لم تنفعها لامبالاتها لم تنفعها سعة خاطرها ورضاها بكل ما تجود به عليها الحياة دون نقاش, والآن تلوم نفسها على شيء واحد, تلومه لأنها لم تدافع عن حياتها لم تختر ما تريده وتتمرد على مالا تريده, تلومه لأنها تركت نفسها تهوي في فجوة عميقة ليس لها قاع أي أنها لن تستطيع العودة كما كانت ولن تستطيع أن ترتطم بالأرض فتصرخ وترتاح.

كل هذا سبب لها شرخ كبير في حياتها, جرح عميق نزف كثيرا ولن يجعله شيء يتوقف عن النزيف ويندمل الا الأيام, كثرة الأيام وطول الأيام. لكن رغم هذا ستستمر في حياتها لكن ليس كأن شيئا لم يكن بل لأنها مجبرة على أن تستمر, ولن يكون الآن أملها وطموحها الهدوء لا, بل ستطالب بالكتير كل ما حرمت منه ستجاهد وتناضل لتحصل عليه وستعتبر كل هذا الألم والحزن والنزيف والعذاب مجرد تجربة تستفيد فيها من أخطائها بحيت لا تكررها في المستقبل. أما سياستها الجديدة فهي ما لا يقتلها يقويها, وعسى أن لا يكون الأوان قد فاتها.



#سعيدة_لاشكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا صديقي لا تجابه الأخطار من أجلي
- قاسية هي آلام الأيام
- دمعة أمل
- أحلام اليوم ذهبت مع رياح الأمس
- عفوا سيدتي خدلتني غيرت الحروف بعثرت المفاهيم وأتلفت المعاني
- امرأة وسط دروب الحياة الطويلة
- طفح الكيل
- تبكي الشموع
- قضاة أنتم ومجرمين
- عجلة الأحزان
- حرية السندباد
- فجوة
- مبادئ امرأة أمام تقاليد مجتمع _شعر_
- شعر_سيدة قصر_
- شعر_طائر بلا جناح _
- شاطئ النسيان _شعر_
- يا غائبا خلف أشجار الصنوبر
- درب الهموم_شعر_
- -شعر -تهمتك أنك امرأة في محكمة الرجال
- شعر _ إنساني


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - طلاق