أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي لهروشي - ليكون الغرض من إحياء الأمازيغية هو الدفاع عن الإنسانية والهوية والتغيير وليس خدمة الملكية الاستبدادية بالمغرب ، بتكريسها للجهل و التخلف















المزيد.....


ليكون الغرض من إحياء الأمازيغية هو الدفاع عن الإنسانية والهوية والتغيير وليس خدمة الملكية الاستبدادية بالمغرب ، بتكريسها للجهل و التخلف


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 1873 - 2007 / 4 / 2 - 12:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


لقد ظل الأمازيغ كشعب مستبد عبر العصور أوفياء للغتهم المنقولة أبا عن جد عبر النطق و الكلام والتواصل، ولتراثهم الغني ، منه الرقص و الغناء واللباس ، ولصناعتهم التقليدية التي اجتاحت العالم كالزربية اليدوية والفراش والغطاء الصوفي الواقي من الثلج و البرد ، والجلباب وكل ما ينتج من مادة الصوف ، وذلك لارتباطهم المباشر بالعيش في الجبال والاعتماد على الرعي وتربية المواشي ، و الفلاحة وهو ما فرض عليهم ولوج عالم التجارة عبر بيعهم لمنتوجاتهم الصناعية ، إلا أن هذا الوفاء ، إلى جانب التهميش والإقصاء الممنهج في حقهم من قبل السلطة الدخيلة الحاكمة ، قد عملا على إبعادهم وتخلفهم عن الركب الحضاري، وعن التقلبات السلبية أو الإيجابية التي يعرفها العالم المتقدم ، فلا يعقل أن يظل الشعب الأصيل صامتا ، مكتوف الأيدي عاجز عن مواجهة الظلم و الطغيان الذي يلاحقه ويطارده في أرضه وحقله وبيته ووطنه ، راضيا بصمته عن الجبروت الذي يمارسه عليه النظام الحاكم ، المهيمن عبر سياسة المساجد ، والزوايا والأساطير والخرافات ، فعمل بذلك على نشر الأمية و الجهل و التخلف وسط الشعب الأمازيغي الأصيل ، بتشجيعه لمزاولة الرقص ، والغناء والسهر و السمر والمرح ، لألا يهتم بالتعليم والتعلم والدراسة و المعرفة التي تعني فيما تعنيه الوعي واليقظة ، وما يليه من المطالبة بتحرير البلاد والعباد من هيمنة الحاكم الطاغي، ونسج علاقة القرب و الجوار مع الأوروبيين بكونهم الجيران الأقرب من المغرب وشمال إفريقيا عوض العرب والمسلمين ، وهذا الأمر لا يعني مطالبة الشعب الأمازيغي بالتخلي عن تراثه حتى وإن كان رقصا ، وإنما حثه على أن لا يتخذ ذلك الرقص و الغناء كمهنة مهينة له ، وحرفة للاسترزاق بوطنه الأصلي لأن ذلك يسيء للأمازيغ كشعب و للأمازيغية كهوية ، بعدما يخدم ذلك مصلحة الملكية الحاكمة المستبدة التي تسخر الأمين من الأمازيغ لتحقيق أهدافها الشريرة ، كأن تتظاهر أمام العالم بأن الأمازيغ يمارسون حقوقهم وأنشطتهم ، لكن هل يحق لهم تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية مثلا ؟ وهنا تكمن الفاجعة عندما يظهر الأمازيغ وكأنهم متجاهلين لأصولهم ، و لهويتهم الإثنية والعرقية والقبلية ، منشغلين بالرقص ، ضالين عن الأهداف السياسية المستقبلية .
إن التراث أمانة تتناقلها الأجيال فيما بينها على أساس أن يحسن الجميع عملية نقلها ، وهو الأصالة والعرق والنسب ، والهوية والانتماء ، وهو معرض للإتلاف والذوبان والموت ، والفناء و النهاية إذا بني على أسس غير صلبة ، أو منحت مسؤولية نقله للأجيال الصاعدة إلى أشخاص خونة غير مسئولين ، وسلم مفتاح خزينته لجيل ضعيف ، قد يتعرض للاستيلاء ، والاستلاب من قبل الثقافات الأخرى المحاربة له ، لأن أطماع الاحتلال و الغزو ، والفاتحين لا تعتمد على السلاح وحده ، وإنما يمارسون حربهم على جميع الواجهات والأصعدة ، وبكل الأساليب لتحريف كل شيء بدءا من الثقافة ، والسياسة والتاريخ ، والحضارة والاقتصاد ، ويظل شمال إفريقيا نظرا لموقعه الاستراتيجي كمنفذ لكل الغزاة والفاتحين ، وكنقطة حساسة يتجاذبها الأقوياء من الطرفين ، مما يفرض على المنطقة الاختيار في تعاملها على أسس الشركة والحوار والتواصل والتبادل و الاحترام بين عالم من العلمين: عالم التخلف و الرجعية والانتقام حيث هيمنة الروحيات على الحياة اليومية للمواطن الأمازيغي الأصيل ، وتيهه في عالم ميتا فزيقي خيالي... وبين عالم مادي متقدم وعلماني تسوده الحرية والديمقراطية والعدل ، والحقوق و الواجبات ، و المساواة في العلم والمعرفة والعيش وأمور الحياة الدنيا بين المواطنين تحت حكم القانون الذي لا يظلم أحدا ، ولما كان لا بد من الانبطاح بمنطق القوة لعالم من بين هذين العالمي المتناقضين ، والمتصارعين والمتجادبين لشعب شمال إفريقيا ، فإن هذا الأخير وقع ضحية تحت ضغط وهيمنة عالم التخلف و الرجعية ، وهو الأمر الذي عرقل ولا يزال يعرقل تقدم الشعب الأمازيغي ، وجعله بعيدا عن الانتماء للوحدة الأوروبية التي يفرضها عليه القرب الجغرافي ، ويمليها الوضع السياسي على الجميع ، وبالتالي فإن المتطفلين على التراث الأمازيغي إنما يزيدون من شساعة الهوة بين الجارين المتقاربين ، بين كل من شمال إفريقيا ، و جنوب أوروبا التي ترى من خلال ما يعرض عبر الإعلام باسم هذا الشعب مواصفات ثابتة للتخلف ،الذي يقدمه إعلام الملكية القمعي المسلط من خلال تنظيمه لتلك السهرات التي تتخللها الرقصات ، فيحوله بذلك إلى شعب مماثل لشعب "الزولو " الذي لا يزال يعيش في ممارسات وظروف ما قبل التاريخ إن التراث كما هو معروف لدى الجميع هو الإرث الإنساني و الحضاري الذي تخلفه الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة و المتعاقبة على هذه الحياة ، وبهذا الكون الذي نحن مجرد نزلاءه لمدة قصيرة من العمر ، إلا أن هذا التراث قد يكون مختلفا من شعب لأخر ومن قبيلة لأخرى ، من حيث الموضوع ، وطريقة العرض واللباس ، فيكون إما صناعة يدوية ، أو عبادة روحية ، أو ثقافة غنائية كالشعر والغناء ، أو رقصة رياضية بدنية ،أو حكايات ترفيهية يتم حكيها عبر الحلقات بالأسواق و بالأماكن التي تستقطب أكبر عدد من الناس ، بالاعتماد على أشكال مسرحية فردية أو جماعية ، أو باستخدام الحيوانات كالحمار والقرد والأفاعي ... ويبقى بذلك تراثا إنسانيا تتداوله الأجيال فيما بينها ، إلا أنه مهما كانت الاختلافات في ذلك ، فإن الهدف واحد متجلي في كيفية كسب لقمة العيش من خلال ممارسة وتفعيل ذلك التراث المتوارث عن جيل لآخر ، لأن صعوبة الحياة ، وضغطها على الإنسان عبر متطلباتها التي لا تنقطع ، هي التي جعلته يبتكر كل السبل والحيل من أجل البقاء حيا على قيد الحياة دون أن يستسلم للموت عبر السغب و الجوع ، وقد ظل ذلك التراث متوارثا منذ العصور الحجرية و المتحجرة الغابرة التي تحسب بالقرون من الزمن ، لما كانت الأمراض والأوبئة والحروب فتاكة للإنسان ، وللحيوان، وللطبيعة الكونية بلا رحمة ، فساد بذلك الإنسان بقوته وجشعه وغدره للإنسان الضعيف ، للهيمنة على ماله وبلاده ودينه وملته ، فكانت الكنيسة صاحبة القرار الأول و الأخير في تجويع أو إشباع الإنسان ، وبذلك قتله أو إحياءه ، وهي لا تؤمن آنذاك إلا بمنطق ضرورة الخضوع والخنوع لطاعتها ، بتركيع الجميع و انضباطهم لقانونها الذي يعلى ولا يعلى عليه ، قصد توسعها عبر جغرافية هذا الكون ، ومن تم كان الأمازيغيون عرضة لإعصار الكنيسة بشمال إفريقيا عبر حدود الدولة الأمازيغية الممتدة من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى - بوركينا فاصو- جنوبا ومن المغرب الأقصى غربا إلى مصر شرقا، وهو إعصار متمثل في غزوها من طرف كل من الوندان والفينيقيين و الرومان والإسلاميين من الفاتحين كل على حدى ، ولم يفلح أحدهم في تحقيق أطماعه باستمالته للأمازيغ ، وتحريفهم عن لغتهم وعن تراثهم وثقافتهم بعدما تمكنوا من الفرار بأرواحهم وأبنائهم إلى الجبال هروبا من وحشية الغزاة والفاتحين ، لتمكنهم من مواصلتهم للمقاومة ، ومواجهتهم لترسانة الغزاة العسكرية الضخمة ، وهذا المناخ الجبلي الوعر قد منحهم المزيد من الصبر والقوة ، والعزم والإرادة ، والعناد ، والكرم والصلابة ، ورفضهم الذوبان في عادات ودين وثقافة الأخر من الغزاة ، وهي نفس المواصفات التي يتقاسمها الأمازيغيون بشمال إفريقيا مع كل ساكنة الجبال بالعالم كالأفغان ، والباكستان ، والأكراد ، والإكوادور ، وبوليفيا وغجر المكسيك... وغيرهم ممن يتحدون قسوة الطبيعة ، ويظل القاسم المشترك بين هذه الشعوب هو التشابه فيما بينهم فيزيولوجيا وسيكولوجيا وأخلاقيا ، رغم أن تراثهم يختلف من شعب لأخر حسب العادات , و المنطقة واللغة والقبيلة ، و يبقى من كل هذا شرف وسمعة وكرامة العائلة والقبيلة لدى هؤلاء فوق كل اعتبار، بعيدا عما يدعيه الدين والملة والعقيدة التي لا تزال تحاول بقدر إمكانها مسح ذاكرة هذه الشعوب عامة و الأمازيغية منها على الخصوص ، وكأن هذا الشعب كان متوحشا قبل الفتوحات الإسلامية
فخلال كل تلك القرون وما عرفتها من كوارث إنسانية ناتجة عن الغزو والفتوحات وبأساليب وحشية ، تخللها القهر ، والقمع والقتل والتشريد ، والعذاب ، والتنكيل بالشرف والكرامة ، وكل أشكال الإقصاء والميز والعنصرية ، فإن ذلك لم يثني تلك الشعوب عن عزمها في البقاء والاحتفاظ على عاداتهم الأصلية وكرامتهم وعزتهم ، وتراثهم ، وأصلهم، وعرقهم ولغتهم التي تنتقل من جيل لأخر شفاهيا عبر النطق و الكلام ، والسمع والتواصل والممارسة اليومية ، كما هو شأن اللغة الأمازيغية المعروفة بخط " تيفيناغ " وهو الخط الممنوع استعماله بشمال إفريقيا من قبل الأنظمة المهيمنة والمحتلة لها حتى حدود الآن ، إذ يمنع على الأمازيغ تسمية أطفالهم بأسماء أمازيغية غير عربية ، ولا يحق لهم تعلُم وتدريس لغتهم الأمازيغية وهي قمة العنصرية والميز
لقد تعرض الأمازيغ لكل أنواع الغزو من قبل الديانتين المسيحية والإسلامية ، وعبر مختلف المراحل التاريخية ، ففشلت الكنيسة في هيمنتها المطلقة على أمازيغ شمال إفريقيا لكونها اعتمدت منطق القوة والغرور في قضاءها التام عن جذور هذا الشعب الذي لا يُقهر، ثم جاء دور الفتوحات الإسلامية التي أحرقت الأخضر و اليابس ، وأغرقت شمال إفريقيا في بحر من الدماء ، عبر مراحل غزوها سبع مرات للمنطقة ، فلم تفلح هذه الفتوحات إلا عندما حاول المسلمون من العرب نهج سياسة المصاهرة ، والتفاوض والليونة مع الأمازيغ ، وهو ما جعل الإسلام يظل كدين يتدين به بعض الأمازيغ بشمال إفريقيا حتى حدود الآن، بعدما حل المسجد محل الكنيسة بقيادة المسلمين الذين كانت لهم نية الهيمنة والتوسع ، في مجابهتهم للكنيسة التي كانت تقود الحرب الصليبية ، فحصل أن تمكن المسلمون من الهيمنة على شمال إفريقيا ، بسيطرتهم على الأرض و الإنسان و الحيوان والعقل بإيديولوجية دينية فرقت الدنيا إلى خير وشر ، و الآخرة إلى جنة ونار، وما بينهما الرحمان والميزان ، الذي يقر بنزول السيف على رقبة كل مخالف لهذه الشريعة المسيطرة على البلاد والعباد ، منذ زمن الفتوحات، وبما أن شمال إفريقيا هو البوابة الاستراتيجية للهيمنة على القارة بكاملها ، فإنه كان من سوء حض السكان الأمازيغ بهذه البوابة أن يكونوا أول من يتصدى للغزاة والفاتحين والطامعين والطامحين لتحقيق أحلامهم ، في الهيمنة والسيطرة والتوسع ، و بما أن لكل حدث إيجابيته وسلبياته ، فإنه من سلبيات الغزاة مطاردة الأمازيغ ومحاصرتهم في مختلف قمم جبال شمال إفريقيا وطرد بعضهم عبر الصحراء من المعروفين بالطوارق ، والعمل على طمس هويتهم ومسح ذاكرتهم ، وتاريخهم ، والقضاء على لغتهم ومعتقداتهم ، وخطهم اللغوي والكتابي المعروف ب : " تيفيناغ " كما تبقى الإيجابيات من ذلك الغزو هي الخبرة التي اكتسبها الشعب الأمازيغي في فن القتال والمواجهة ، وممارسة فنون الحرب وهو ما جعل الغزاة أو الفاتحين يتكبدون خسائر فادحة في العتاد والأرواح ، كما أن شراسة الأمازيغ في القتال و المواجهة هي التي جعلت الغزاة و منهم الرومان الذين سموا هذا الشعب المقاتل بالبربر، وهي كلمة تستعمل للقدح، يراد منها نعت هذا الشعب بالمتوحش ، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الفتوحات الإسلامية بالمنطقة التي تكررت سبع مرات ، لتطويع هذا الشعب وفق عناد المسلمين والعرب منهم ، وما أدراك ما سبع مرات ، نظرا لما تخلفه الحرب من ويلات ، ومآسي وقتل وترحيل ، وتشريد وإبادة جماعية وفردية ، وتجويع للرجال والنساء والأطفال والصبيان ، فتاريخ عقبة بن نافع وكُسيلة وصولا حتى طارق بن زياد ، لا يخفى على أحد سوى من تعمد ذلك إما قاصدا أو جاهلا ، وما شعب الطوارق المرتحل والمشرد حتى حدود الآن في صحاري إفريقيا إلا تعبيرا واضحا ، وفضح مبين ، يعري جرائم الغزو والفتوحات ، والكوارث التي تعرضت لها الإنسانية المغلوبة على أمرها عامة ، و الأمازيغ بشمال إفريقيا خاصة الهدف منها السطو والسيطرة ، والهيمنة على أموالهم ، وأرضهم وخيرات وثروات بلادهم ، والقضاء على تاريخهم وثقافتهم ولغتهم ، عبر تحكم الغزاة والفاتحين في السلطة والمال، فإذا كانت أمريكا الآن و القوة الصهيونية العظمى تغزو وتحارب وتقاتل على جميع الأصعدة السياسية ، والعسكرية ، والاقتصادية و الثقافية لممارسة هيمنتها المطلقة على العالم الضعيف ، والقضاء على تراث وتاريخ وأمجاد هذه الشعوب المستضعفة ، عبر العولمة وشعارات رنانة تحت كذبة وتسويق الديمقراطية و الحرية والعدل و المساواة إلى باقي أنحاء العالم ... فإن ذلك لم يختلف بكثير عما مارسته الكنيسة الأوروبية خلال القرون الماضية في حربها الصليبية ، تحت ذريعة تحرير الإنسان من التخلف والجوع ... وهو نفس الشيء ونفس التكتيك الذي اعتمده الإسلاميون في زمن الفتوحات مدعين تحرير الإنسان من الجهل و التخلف ، ونشر العدل و المساواة والقضاء على العبودية ، ونصر الحق،عبر فرض اعتناق الإسلام الذي يعتبرونه دين التحرر والإخاء والسلم والسلام... لكن هل هذه هي الأغراض الحقيقية التي تم فيها غزو الشعوب المستضعفة من قبل الأقوياء ؟
إن الواقع العيني ، والحقيقة الملموسة ليست كذلك كلما تمعن المتأمل ، والمتألم النظر في أحوال سكان شمال إفريقيا المحكومين من قبل سلط مسلطة استعمارية بلغة الحديد والنار، حيث الطغيان والديكتاتورية والعبودية والاستعباد اللامتناهي ، والظلم والقهر والإقصاء ، والتهميش والحرمان ، والميز العنصري بكل أنواعه ، وهي مآسي تسببت فيها أقلية لقيطة لا أصل لها، متخبطة في الازدواجية حيث تميل إلى الكفة المنتصرة ، تارة تنسب نفسها إلى الشعب الأمازيغي الأصلي كلما لمست منه القوة والتحرك لكونه يشكل الأغلبية ، وتارة تصير عربية مسلمة من آل البيت كلما مال ميزان القوة و السيطرة لهؤلاء ، وهي في الواقع يهودية باطنيا وعربية ظاهريا ، فيظل الهدف من تذبذبها هذا مرتبطا بمدى مصالحها النفعية لدى الأخر، وبهذا النفاق تمكنت من الهيمنة على السلطة والمال والجاه ، للعيش في الرفاهية والرخاء على حساب خيرات ، ومجهودات ، وثروات بلاد الغير من الأصليين الذين يشكلون الأغلبية الساحقة ، والعيب المحسوب على هذا الشعب الأصيل أنه ممزق على نفسه ، منقسم إلى قبائل وعشائر لا تتواصل ، ولا تتعارف فيما بينها ، ولا تمتلك الجرأة لانتقاد الدين والملة ، بمحاسبتها لمرحلة الغزو والفتوحات ، بعدما فرض عليها الحكام الطغاة من الدخلاء منطق " فرق تسود " المعمول به بشمال إفريقيا ، فصار بذلك الأمازيغ بكل من المغرب و الجزائر وليبيا وتونس والطوارق أينما وجدوا ممزقين ، ومشتتين ، يواجه كل واحد منهم همومه ، ومعاناته اليومية ، وأحزانه وأشجانه وحده ، تحت حكم طاغي، بعيد كل البعد عن الشعور بالأخر، في غياب التضامن و التواصل، والتعاون والتشاور، لتحقيق وحدة يتم من خلالها مواجهة الطغاة من الدخلاء من الحكام ، وتحقيق وحدة شمال إفريقيا ، وإعادتها بمثابة بلاد واحدة يتعايش فيها الجميع كما كانت من قبل ، لينعم فيها أهلها في الرخاء ، والسلم و السلام ، عبر حكم علماني يضع المنطقة في نفس الكفة ، إلى جانب الدول الأوروبية والأمريكية في التحرر والديمقراطية والانعتاق
إن الانفجارات التي تتعرض لها مختلف مناطق العالم ناتج بالأساس عن ممارسة الأقوياء من المهيمنين على السلطة بالقوة والمال والجبروت ، حيث يقهرون الشعوب التي تبحث بدورها عن كل طرق الانتقام ، مستهدفة كل المتحالفين ، والمتعاونين و المساندين ، والمؤيدين من الأمريكيين أو الأوروبيين أو الأستراليين للطغاة والحكام الديكتاتورين بمختلف المجتمعات المتخلفة عن الركب الحضاري ، فيبقى السلاح الوحيد لدى الشعوب المقهورة هو المقاومة ، و المواجهة للعمل على فضح وزعزعة الأنظمة الديكتاتورية ، و ضرب مصالح كل المتعاونين معهم في السر والعلن ، وقد وجد في الديانة الإسلامية ما يقنع نفسيا عن تلك المقاومة ، وفق منطق الشهادة والاستشهاد ، بمعادلة الجنة والجحيم ، وهي مواجهة مبنية على إيديولوجية مقنعة ، تختلط فيها العاطفة ، والملة والدين والعقيدة ، والإيمان ، ورفض ملذات الدنيا الأزلية مقابل قبول ملذات الآخرة الأبدية ، وهي نفس القناعة التي حرضت المسلمون قديما لغزو شمال إفريقيا وقتل وتشريد شعوبها بذريعة تحريرها من التخلف ، لكن الهدف الحقيقي وراء ذلك الغزو الوحشي هو مسح هوية ، وتراث ، ولغة وتاريخ وثقافة شعبها الأمازيغي ، مما يستوجب الآن عاجلا وليس آجلا على كل من يدعي دفاعه عن حقوق الإنسان ، استحضار المنطق الإنساني ، والعقل ،و الضمير للاعتذار و التعويض لكل الشعوب المقهورة والمستضعفة ، ممن تعرضوا للغزو و الفتوحات ، و التكفير عن جرائم الغزاة والفاتحين بالعمل على إبعاد الحكام الطغاة على حكمهم لهذه الشعوب ، لتحريرها من بطشهم وطغيانهم ، وهو أقل ما يمكن القيام به من قبل الغرب ، والمسلمين بجد وبمصداقية لا تدخل فيها الحسابات الاستعمارية القديمة ، وذلك هو المخرج الوحيد لاستعادة الثقة المفتقدة بين الغرب كدول تمتلك القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية ، وشعوب المجتمعات الجنوبية المقموعة ، وهو الطريق الوحيد لتحقيق استقرار العالم
إن التراث الإنساني بشكل عام ، والتراث الأمازيغي بشكل خاص يعتبر كنزا لا مثيل له ، والاحتفاظ عليه وإحيائه أمانة على عنق الجميع بهدف التوعية ، والتطور ، والتسيس حتى يساهم هذا التراث في التغيير ، وليس كما هو الحاصل الآن حيث استعمال التراث الأمازيغي للمزيد من نشر التخلف ، والجهل و الأمية ، و الانحراف ... فالتراث بمثابة طفل برئ من مسؤولية الجميع تقديم له يد العون للنمو ، والرعاية و الحفاظ عليه ، بشكل إيجابي يغري الجميع للانتماء إليه ، وليس التهرب منه عندما ينظر إليه بسلبية وقدح ، كما أراد النظام الحاكم له ذلك ، بهدف القضاء عليه ومحوه وإقبار كل من ينتمي إليه ، وما تحريك الحاكم الطاغي للأمين وتجنيده للعاطلين للقيام بإحياء سهرات أمازيغية يتخللها الرقص و الميوعة إلا هدفا يسيء للأمازيغ و للأمازيغية . كما على الجميع أن يعرف أن الأمازيغيون في حفلاتهم ، وأنشطتهم الغنائية لا يعتمدون على الرقص فقط ، وهز الأرداف كما يعتقد البعض ، بل هم يتبادلون الأشعار، عبر إنشادهم للآبيات الشعرية ، والصراع في تمرير المعاني والخطابات حول مواضيع مختلفة ، عبر المقامات الشعرية و الأغاني التي تصل أحيانا حد الشتم ، والقذف ،لكنها بطريقة أدبية شعرية غنائية
علي لهروشي
مواطن مغربي مع وقف التنفيذ
أمستردا هولندا
0031618797058
[email protected]
..





#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- جلسات الاستماع لضحايا الاعتقال السياسي بالمغرب مجرد دعايات ت ...
- البيعة قمة الاستبداد بالمغرب
- المغرب وسياسة الأبارتايد
- الصحراء الغربية بين طموحات الشعب الصحراوي وتخاذل النظام المل ...
- المغرب مجرد تجمع بشري لا علاقة له بمفهوم الدولة
- أسباب ظهور الخلايا الجهادية حاليا ، و الحركات الثورية مستقبل ...
- لبنان ليس هو الحريري ، والحريري ليس هو لبنان فمن ينقذ شعب لب ...
- نداء تاريخي للدعوة لتأسيس الجبهة الثورية الديمقراطية الأمازي ...


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي لهروشي - ليكون الغرض من إحياء الأمازيغية هو الدفاع عن الإنسانية والهوية والتغيير وليس خدمة الملكية الاستبدادية بالمغرب ، بتكريسها للجهل و التخلف