أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟ - مهدي النجار - المازق الطائفي في العراق















المزيد.....

المازق الطائفي في العراق


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1871 - 2007 / 3 / 31 - 11:40
المحور: ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟
    


(نقد القائلين بالتوازنات الطائفية)
إن الأنعطافة التأريخية التي هزت العراق بعدّ التاسع من نيسان 2003 وما أحدثته الحرب من إسقاط كامل لنظام أستبداي أستطال لبضعة عقود ، أحدثت أسقاط وتهديم للمفاصل العسكرية والسرية العملاقة وبعثرة عشوائية لكل إلانجازات الانتاجية والمدنية وهتك تام للقوانين والانظمة وبالتالي كشف هذا الحدث المدوي عن أزمة كامنة يعيشها العراق . أزمة ليست في النظام فحسب من حيث هو مأزوم بطبيعته ، بتكوينه ، وبمرتكزاته وثقافته وقيمه ، إنما أيضا كشف عن أزمة مجتمعية عميقة يعيشها المجتمع العراقي نفسه سرعان ما تمخضت عن أنفجار طائفي دموي عمّ العراق كله ، لذا فهذه الواقعة (أي الانفجار الطائفي ) تحيلنا الى مهمة رئيسية ، هي ليست النظر الى هذا الانفجار من حيث هو نتيجة لحدث حربي ضخم "الاحتلال" بل ينبغي النظر إليه بأنه أنفجار حانت ظروف تفجره وأنبثق من خلال تراكمات وتخزينات داخل الجسد العراقي أبتدأت من القرون الوسطى وحتى يومنا هذا ، فليس من الراجح الحديث بمختلف الوسائل عن الاحتلال والقول بأنه هو الذي صنع هذا التأجيج الطائفي وفجره الى مستواه الدموي المتوحش (رغم كونه من العوامل المهمة) ونتجاهل مشمئزين المشكلة بل المعضلة الطائفية بأمتداداتها التأريخية .
لا شك أن الحديث عن الطائفية كواقعة تأريخية لايبعدنا عن القرف والاستحياء من الحديث بالمنطق الطائفي ، وكم نتمنى أن يتمتع العراق بضرب من الاندماج الديني والمذهبي يفتح أفقا أرحب لأنطلاق الحداثة والتطور ولكن أذا لم يكن الواقع الاجتماعي على مزاجنا من ناحية الاندماج والتصالح المذهبي ، أي اذا كان المجتمع مصابا بضرب من الهوس الطائفي ، فهل يعني هذا ان نلوي اعناقنا عن هذا الواقع ونترك صراعاته تلعب بها الطائفيات والطائفيون ؟!

ان تحديث الدولة والمجتمع في العراق حيث تشكل الان تصفية الطائفية صلبها ، ليست مجرد تصفية راسب معيق من الرواسب الوسطوية (من القرون الوسطى ) بل تشكل الشرط الذي لابد منه للسير نحو الحداثة . صحيح ان التكسير الطائفي (او الاثني ) لم يتواجد في العراق فحسب أنما يشمل أغلب المجتمعات الاسلامية ، فلو حدث ما حدث من انهيار لمرتكزات الدولة وتدمير لأليات المجتمع التقليدية في اي بلد من البلدان الاسلامية (كما حدث في العراق ) لرأينا النموذج العراقي قد ظهر فيها كما هو مدفوع الان في حالته القصوى ، ألا ان ما يخفف بعض الشيء (أ ويغطي ) من عوامل التفجر الطائفي (او الاثني ) هو القبضة التقليدية القوية لأنظمة هذه البلدان ، لذا فبناء الدولة في العراق على اساس الموازنات والمحاصصات ليست هي التي تصفي العفن الطائفي أنما أجتثاث الجذر الطائفي وحده على الاغلب هو الذي يفتح الطريق أمام بناء مجتمع ودولة حديثين . أن بناء الدولة الحديثة وتحديث المجتمع العراقي يواجهان طريقا مسدودا ، والطائفية هي بالاساس أحد العوامل الحاسمة التي تسد هذا الطريق . ومن هنا فأن القضاء على الطائفية يشكل مفتاح الحداثة وشرطها المسبق ورافعتها الاساسية .
* * *
من المعلوم ان الديمقراطية أصبحت واحدة من أساسيات تطور المجتمعات وأندراجها في مسارات الحداثة ، الا أن تحريف الديمقراطية بأتجاهات طائفية (محاصصات ) هو الذي جعل الديمقراطية شوهاء وعاجزة عن أعطاء مؤشرات سليمة عن تطوير بنية العراق السياسية والاجتماعية والثقافية تطورا حقيقيا ، فهي ليست ديمقراطية مجتمع مختلف مذهبيا تتحاور طوائفه وتتفاهم في مناخ يدفع بخط التطور الى الامام ، بل هي صراعات طوائفية تتصارع فيما بينها عاكسة تناقضات وأوهام مصالح قياداتها في الكسب السياسي وتحصيل الغنائم ، أضافة الى تصاعد الهلع الذي أصاب أنظمة الجوار (بل ألانظمة الاسلامية على العموم ) من البدء بالتجربة العراقية والتخوف من نجاحها ومن ثم أمتدادها وأتساعها ، فهي نموذج حديث لأول مرة يكسر السياق التاريخي التقليدي الطويل (تاريخ الاستبداد السياسي ) ويضعضع مرتكزاته بعنف ، على هذا الاساس من التصارع والتغالب ظهرت الديمقراطية في العراق مخصية أذ صبت الصراع في مجار لاتؤدي الى التقدم .وسيان التصاع الطائفي او التشارك الطائفي ، كلاهما اوقف ويوقف وسيوقف تحول العراق الى وطن ديمقراطي متحضر ، لأن الصراع الطائفي يستنفذ طاقات العراق ويهدر ثرواته ، والتشارك (او التحاصص )الطائفي يجعل العراق وليمة تقتسمها الزعامات المذهبية التقليدية ، ناهيك عن ان الناس في ظل الهويات الطائفية ذات النزوع التعصبي يفقدون صفاتهم كأفراد أحرار ويفقدون صفاتهم كمواطنين ، أذ أن الفرد يعرف حق المعرفة أين توجد مراكز السلطة الحقيقية القادرة على حمايته وعلى توفير الامتيازات والمكاسب والمنافع له ، ولهذا يقبل بالتجنيد الطائفي حتى ولو كان في صبواته الدفينة يقف الى جانب الفرد الحر .

* * *
ان القائلين ، سواء من هذه الطائفة او تلك ، بأن تصالحا طائفيا قيد التحقيق وأنه يتقدم ويتكامل عن طريق التوازنات والمحاصصات ، انما يفرطون في تفاؤلهم ، بل يتوهمون ، لأن المعضلة الطائفية التي يتخبط بها العراق منذ التاسع من نيسان 2003 ستبقى حتى أمد منظور بلا حل ،اذا تم فحصها ومعالجتها بذلك التصور الطائفي الذي يتجلى بعدة وجوه :
فالوجه السياسي يتعلق بتخصيص الطوائف بمناصب ثابتة في السلطة التنفيذية والتشريعية كرئاسة الوزراء للشيعة ورئاسة مجلس النواب للسنة وتوزيع الحقائب الوزارية على عدد من الطوائف بنسب متفاوتة حسب حجم الحكومة وأعضائها .
ويتعلق الوجه الاداري بتوزيع المناصب في الادارات والمؤسسات والمصالح العامة من أعلى رتبة الى ادناها أنصبة تكاد تكون ثابتة او ارثية على الطوائف بنسب كتلك التي تتبع في توزيع الحقائب الوزارية .
ويتعلق الوجه التشريعي بمنح الطوائف حق التشريع في حقوق عدة أهمها الاحوال الشخصية كألارث والنفقة والوصايا والزواج وأصول المحاكمات لدى المحاكم الدينية .
ويتعلق الوجه الاقتصادي ليس فقط بالاوقاف بل ايضا بأنشاء المؤسسات الصناعية والتجارية التي تحاول كل طائفة وقف التوظيف فيها والافادة من خدماتها على أبناء طائفتها دون الطوائف الاخرى قدر ما تستطيع .
ويتعلق الوجه التربوي التعليمي بأخضاع المناهج والكتب لأعتبارات طائفية او سلطة الطوائف أكثر مما تخضع لمتطلبات الصالح التربوي العام والاعتبارات الوطنية الجامعة .
ويشترك في اكثر من وجه قيام الاحزاب السياسية الطائفية التي تحولت مع الوقت الى جيوش تقف بوجه الحريات الخاصة والعامة وبوجه الدولة ومؤسساتها وتهدم الاسس الديمقراطية وتحول دون التناظم المجتمعي حيلولة خطيرة .

* * *
أن المطالبات والمناشدات الملحة من لدن الحركات او الاحزاب المذهبية من اجل :"نبذ الطائفية" / "التصالح الطائفي" / "التشارك الطائفي " / "التوازن الطائفي " / .....الخ حتى أذ ضمرت نوايا حسنة واتصفت بكونها خطوات ايجابية ولكنها تؤجل فرصة الخروج التام من المأزق الطائفي التي تدعو الى تاسيس دولة فوق الطوائف تقف موقفا حياديا من الدين ومن المذهب . وهذا يعني :


1- عدم التمييز من قبل الدولة بين الاديان او المذاهب فلا تفاضل بينهم في معاملتها بل تساوي بينهم في الاحترام والحماية .
2- ليس للدولة ان تميز بين مواطن من هذا الدين (او المذهب ) وبين آخر في تعاملها معهم ،فلا تفرق بينهم عند تولي الوظائف او المهمات .
3- ليس للدولة ان تتدخل (خاصة عبر قنوات التلفاز واجهزة الامن ) في شؤون الدين (او المذهب ) وليس للدين (او المذهب ) ان يتدخل في شؤون الدولة ، فعلى الدولة ان ترضى بأن تنظم الاديان (او المذاهب ) أمورها ومؤسساتها كما تشاء شرط ان لايؤدي ذلك الى الاخلال بحريات الغير وحقوقهم وبالنظام العام والاداب العامة والسلام الوطني .
4- على الدولة ان تسن قوانينها على اساس شامل لجميع المواطنين ووفقا لمصالحهم المشتركة العامة .


على تلكم الاساسات يمكن سحب الشرعية الطائفية السياسية لتحل محلها الشرعية الوطنية وتلغي صفات الفرد الطائفي لتحل محلها صفات الفرد المواطن الحر ، وهذا معناه في نفس الوقت يعطي للطائفة مكانتها الدينية الحقيقية والمرموقة ويعززها لدى ابنائها الذين من حقهم الاعتزاز بهوياتهم الطائفية والانتماء لها كما هو من حق ابناء كل الطوائف الاخرى، وبذا نعتقد يستطيع العراق ان يرد ّللعقل والحوار أعتبارهما ويصير وطنا معافى تسكنه الحرية والحب .



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاهد من ازمنة التزوير الثقافي
- الطبري :الاسطورة والتاريخ
- / كتاب شهر اذار/ كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- القيم الذكورية في الذهنية الاسلامية
- اليهودي في الذهنية الاسلامية
- الكيانات السياسية والمعاطف الماكرة
- الف ليلة وليلة والحقبة الكسولة
- الحداثة ومازق الهويات
- السلطة في التاريخ الاسلامي
- التدين الاسطوري قبل الاسلام
- الاسلام بين ثقافتين:العنف والتسامح
- مذكرات غابرييل غارسيا ماركيز
- الصخب وثقافة العولمة
- الوقائع المزورة والام الحلاج
- النداءت المضيئة لرقي الانسان
- عن ماذا يكتب المثقفون
- جدليات ابن خلدون
- لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم
- الدستور والتمويه الثقافي
- رسالة في التسامح


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟ - مهدي النجار - المازق الطائفي في العراق