أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - زفرات يارا .. ياسمينها الذي يقلب الميزان














المزيد.....

زفرات يارا .. ياسمينها الذي يقلب الميزان


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1872 - 2007 / 4 / 1 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


( أنا
فراغ عابث بتفاصيله
مشغول بأغراض ٍ
يذروها ثم يعيد ترتيبها .
مشغول بطقسه التشريني الذي
لا يجيد سوى اقتراف الهطول . )


الفراغ المزدحم كتجسيد للاجدوى , الفظاعة التي تكونها الحياة في الفعل الذي تؤكد به قانون السواء , السواء الذي لا ندري من أي انحياز جاء والى أي اختلاف سينتمي , كمقدمة للقتل . الكائن البشري متدثرا ً بما استبطنه من تجربة تفيد أن الخواء سيّد خطوط النهاية , هو ما يمكنني قراءته في المقطع السابق . وحينما تكون الكاتبة ( يارا عمران ) في العشرين من العمر فلا بدّ من التوقف عند هذه المقدرة العالية على صوغ الإحساس والتحرك اليقظ في مساحة الاحتكاك مع العالم دون مواربة أو مخاتلة :

( لست شيئا ً / لست سوى بعضا ً / منكسر على بعضه ِ )

وهذا البعض الذي يعي موقعه وحجمه , يعي أيضا ً راهنية تماسكه وابتعاده عن الفصام في منطقة من العالم ليست أكثر من مصح نفسي جماعي . ووعي الاغتراب عن الذات يأتي هنا بصياغتة الجمالية التي تشير إلى مجاراة التجربة لا انتهاكها , عيشها لا تصوّرها , الاكتواء بنارها لا افتراضها :

( أكاد أن أسقط من نفسي / إذ أتعثر بما هو أثقل من أن أعبرة / وأخف من أن يحملني )

وفي جحيم الاغتراب واللاانتماء ننشغل بالصدى , نؤخذ بالتكرار الذي هو يومنا وأسبوعنا وطريقة مشينا واحتفاؤنا وخياناتنا وقبلاتنا , وفي غمرة التكرار والتناسخ يمضي الجميل , الحقيقي , الرائع , دون أن ننتبه إلى الذي يمرّ :
( كأنما انشغالنا الدائم بالصدى / يلهينا عن روعة الأشياء )

وفي حالة اللاتعيّن يحضر الآخر , الآخر الملتبس , الذي يحضر كموضوع يؤكد الذات ويمنحها وعيها بذاتها , ولكنّه وعي سلبي مرتهن للموضوع . ومرّة يحضر الآخر كانعكاس للذات في مرآة ٍ مفترضة .
والذكر الحاضر في كل تجربة أنثوية ( على تباينات واختلافات هذا الحضور ) نجده هنا غائما ً متواريا ً لا يمكن الاستدلال عليه بما يخصّه , بل بكون الكاتبة أنثى :

( وجهك / وجهي / قريبان دون التقاء / كأن هذه اللحظة هي الأبد / ..... /
كنا كنافذتين / لا يربط بينهما / لا يفصل بينهما / سوى ثقل الهواء . )

وماهية الآخر الذكر لا تتحدّد , كمعشوق أو حبيب , عبر إعلانات الحب والرغبة والشوق وما إلى هنالك من مفردات القاموس الغرامي الذي اعتدنا عليه في الشعر العربي , ونكاد لا نعثر على مفردة حب أو حبيب في أي واحد من نصوص ( يارا ) رغم الحميمية الطافحة التي تتبدى في علاقتها بهذا الآخر :

( لحزنك َ / موجع’ المرايا / لحزنك َ / يحيك’ للأشياء ِ أثوابا ً من ماء ٍ / فتغدو / أخفّ وأعذب َ / لحزنك َ ينطق’ الأسماء َ / فيجعلها شيئا ً آخر / شيء لم تكنه’ أبدا ...... )

وتارة يتبدى خالقا ً , مغيّرا ً , كليّ التأثير , وهي حياة أولى , صلصال يتشهى الانعتاق لا على مثال ٍ , بل بمشيئة الجنون وارتباكه :

( أصعد / اصعد قليلا ً إلى حلمي / وانبش أفكاري / كوحش ٍ صغير / اصعد يا جنوني / ..... / ضع كلّ آنية مكانها / لا / لتخترع أنت الأمكنة / ولتزل الأغطية القديمة عن مفاصلي .. )

تجربة جديرة بالتمعن والاهتمام . هذا ما يمكن قوله , بعيدا ً عن الإشارة إلى مناطق الضعف التي أصابت بعضا ً من النصوص التي أنتجتها ( يارا ) والتي ستكون موضوع نقاش مستقل في مرة قادمة .
ما كتبته مجرّد تحية إلى ذات تجاهد من أجل تلمّس حدودها , تلك المجاهدة التي تستحق الثناء , في عالم لا يكفّ عن الاستباحة .

من نصوص ( يارا) :

اصعد يا جنوني


اصعد .
اصعد قليلا ً إلى حلمي
وانبش أفكاري َ
كوحش ٍ صغير .
اصعد يا جنوني
وأزح من ذاكرتي
كلّ من لم يعجبك َ
من العشّاق .
ضع كلّ آنية ٍ مكانها .
لا .
لتخترع الأمكنة .
ولتزل الأغطية َ القديمة َ عن مفاصلي ,
عن حواسي .
لتخترع الحاسّة السابعة َ ,
أو ربّما العاشرة َ .
واسكب في عيني
قليلا ً من شمس ٍ
أنت تختارها .

اعبث بأنفاسي .
أعد الهواء إلى مكانه ِ .
وفوق َ كلّ الركام ِ
أجلس قليلا ً .
خذ سيجارة ً كسلا ً .
أشعل قصيدة ً ,
وأطفئها على شفتي .. !!
وامح بها
تاريخا ً
اختطّه’ القدر’ ,
والغرباء ,
من قبلات ٍ
عابرة .

أخاف’ انشغال َ يديك


أخاف’ انشغال َ يديك َ .
فدع ِ السوسن َ الجبلي َ
يوّشي وحدته’
بأنامل ِ الرخام .
ودع جراحي َ
ترفو جراحها
بكسل ِ العينين ِ اللتين ِ
لا تجيدان ِ الغرق َ إلا
في الغمام ِ ,
في الثنايا الأرجوانية ِ لظهر ٍ
خارج ٍ من معركة ِ البياض ِ
منتصر ٍ
غارق ٍ في البللور .

أخاف’ انشغال َ يديك َ
فأرح عيني
من مراقبة ِ أصابعك َ المتحوّلة ِ
تارة ً إلى سكين ٍ
وأخرى إلى غيمة ٍ
وأطوارا ً إلى ماء .
ودعهما .
دع عيني تنامان ِ .
ولينعم البنفسج النبيل بحزنه ِ .
ولتبك ِ السماء .


فراغ عابث بتفاصبله


أنا
فراغ عابث بتفاصيله
مشغول بأغراض ٍ
يذروها ثم يعيد ترتيبها .
مشغول بطقسه التشريني الذي
لا يجيد سوى اقتراف الهطول .
لست شيئا ً .
لست سوى بعض
منكسر على بعضه .
أكاد أسقط عن نفسي
إذ أتعثر بما هو أثقل من أن أعبره
وأخف من أن يحملني .
ولكن أنت يا حلمي
وجعي
أنت مداعبة الفضول
للمسامات النائمة تحت جلدي
ويدك التي تمتدّ لتذّهب صباحاتي الناعسة
يدك التي تعطي لكل شيء أبعاده
يدك التي إن أومأت
انتفض الهواء
واغتسل الكلام بماء الكلام
وأنا
أنا من قلت كن
فلم يكن من شيء
سوى الضجيج
والفوضى التي تجتاحني
إذ يمرّ طيفك
في الجوار .





#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انعطافة أولى كمداراة لنظرتك المشجّعة
- / من غطاء للرأس الى حَجر على الارادة /الحجاب
- ثقب أسود
- العماء البهي
- بما فاض عن الأصابع والكأس
- حيث ما من عابر يمضي
- عويل / مقطع طولي في سرسر العاطفة
- بين بَيَاضَين
- صائد الغربان
- الجزء الذي يسقط سهوا ً عن قصد
- أب روحي جدّا ً
- زائدة’ ذاكرتي الدوديّة
- لا تحشو في جيبيك َ الريح
- يصير ذهبا ً
- فضيحة عينيّ
- الاغواء الذي أضحك السيّدة
- في ذلك الممر الضيّق
- حيث’ في طرطوس
- الشعر على نعش الانشاء - فرات اسبر في : خدعة الغامض
- ( الشعر اذ يقيم خارج النص - انتصار سليمان في( أبشرك َ بي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - زفرات يارا .. ياسمينها الذي يقلب الميزان