أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني عشر















المزيد.....

الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني عشر


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1868 - 2007 / 3 / 28 - 11:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كما رأينا فيما سبق إهتم إنجلس كثيرا بالقضايا ذات الصلة بالعلوم و التاريخ و تكلم كثيرا عن فظاظة المفاهيم عند علماء الطبيعيات المعاصرين ، و اعتبرها متحجرة و عن نظراتهم الميتافيزيقية المنافية للدياليكتيك المادي حيث تخلطون بين النسبية و الدياليكتيك ، و يتضح ذلك فيما رأيناه عند ماخ الذي حاول انطلاقا من الأحاسيس تكوين العناصر الفيزيائية ، و من العناصر نفسها ينسج كلاما فارغا بعيدا عن الدياليكتيك المادي القصد منه الدعاية للمثالية ضد المادية ، حيث الكمونيين الذين يعتبرون من المثاليين المتطرفين يعتنقون آراءه إذ يجدون فيها لذتهم في معارضة المادية ، فقيام ماخ من استنتاج الأحاسيس من حركة المادة مناقض تماما لمادية ديدرو الذي دحض أقوال الماديين المبتدلين الذين يقولون إن الدماغ يفرز الأفكار كأي عضو من أعضاء الجسم الذي يفرز مادة ، و يتجاهل ماخ استنتاجات ماركس و إنجلس كما يتجاهل استنتاجات هيكل و فويرباخ مثله في ذلك مثل باقي الأساتذة المدرسين للفلسفة الرسمية .
و لتزيين وجه أفيناريوس و ترويج أفكاره المثالية يقول عنه بوغدانوف :"إن الفلسفة المثالية كانت نقطة الإنطلاقة في تطور نظرات ماخ في حين أن التلوين الواقعي كان السمة المميزة منذ باديء بدء بالنسبة لآفيناريوس "، و يقول لينين عن بوغدانوف أنه صدق أقوال ماخ في مؤلفه "تحليل الأحاسيس" لأن ما أكد عليه مناقض تماما للحقيقة إذ أن مثالية أفيناريوس تظهر حقا في مؤلفه هذا ، و قد اعترف هو نفسه بذلك لاحقا حيث يعترف للجميع بانطلاقته المثالية و يقر بأن الإحساس هو الوحيد الذي يمكن اعتباره موجودا مما يتناقض مع وجود الجوهر ، و قوله بالأحاسيس مستقلة كالقول بوجود الأفكار بدون دماغ و ينعت لينين فلسفته بالنصف"مادية تاريخيا طبيعيا" ، حيث لا يعتبر الإحساس الصلة المباشر للإدراك مع العالم الخارجي ، مع الواقع ، من خلال تحويل طاقة التهييج الخارجي إلى واقع الوعي ، عكس ما يقول به أفيناريوس إذ يضع الإحساس حاجزا و ليس صلة بالعالم الخارجي و يفصل بذلك الوعي عن الواقع ، و بذلك يعيد ما قاله بركلي منذ زمن بعيد ، و نجد زعماء هذا التيار بإنجلترا كارل بيرسون الذي يقر بموافقته على آراء ماخ و بفرنسا نجد دوهيم و هينري بوانكاره الفزيائيين .
و ينتقل لينين لدراسة آراء ماخ و أفيناريوس من خلال محاولتهما لإصلاح نظراتهما محاولين تكميل فلسفة ماركس بالماخية ، معتبران نفسهما اكتشفا "عناصر العالم" مما جعلهما يشكلان ثائيا في مجال الفلسفة المثالية الحديثة ، و ركزا على اعتبار "العناصر" التي يساويانها مع الأحاسيس التي أقراها فيما قيل و استبدلا "الإحساس" ب"العنصر" في حالة الأجسام في العلوم الطبيعية مع استبدال الوظائف ، باستعمال "الإحساس" فيما هو نفسي و "العنصر" فيما هو فيزيائي حيث ينطلقان من "الإحساس" محاولان إصلاح ما أفسده باستعمال "العنصر" ، الذي لا يصلح لذلك إذ إن منطلقاتهما مثالية تتجاهل الطبيعة باعتبارها الأسبق و هما يحاولان بعث التضاد في الوقت الذي يجهلانها جهلا تاما ، لآن المادة ليست مرهونة بالإحساس باعتبارها الأولى و الوعي و الإحساس و الفكر نتاج أعلى للمادة منظمة بشكل خاص ، و ماخ و أفيناريوس يحاولان إبراز المادية في آرائهما عبر إدماج ما يسميانه "العنصر" لكن دون التخلص من المثالية العمياء التي تلاحقهما ، معتقدان أنهما يخلصان نظرتهما "الأحادية الجانب" من هذه الأحادية "المثالية الذاتية"، إذ من الصعب جدا الهروب من المنطلقات الأساسية لآرائهما و هي عندهما مثالية ، و تعويضها بعملية بسيطة تتجلى في تعويض "الإحساس" ب"العنصر" ، و يقول بتسولدت الماخي إن الأحاسيس ليست هي عناصر العالم حيث الأحاسيس تعني شيئا ذاتيا.
و يستمر الفيلسوفان المثاليان في تناقضاتهما المضطربة بين القول بالإحساس و نفيه بالقول بالعنصر في اضطراب بين القول بالفيزيائي و القول بالنفسي ، معتمدين العناصر في مجال الفيزياء و الأحاسيس في مجال النفس دون أن يستطيعا الخروج من تناقضاتهما ، و هم في تحليلاتهما الفارغة لا يعلمون أن منطلقاتهما الفلسفية خاطئة خاصة عندما يحاولان فصل ما لا يمكن الفصل بينه و هو المادة و الفكر و الصلة بينهما و هو الإحساس ، و هما في عملهما هذا يقومان بقلب الأشياء على عقبها دون إدراك أن فلسفتهما المثالية هي في الأصل خاطئة ، و هما في محاولاتهما لدحض المادية الدياليكتيكية الماركسية إنما يحاولون ما لا يمكن دحضه بالأساليب المثالية الذاتية ، إذ كيف يعقل اعتبار الأحاسيس هي المنطلقات و هي الأصل بينما المادة هي لا شيء متجاهلين خلاصات المادية الدياليكتيكية الماركسية التي أعطت إجابات مستوفية حول العلاقة الجدلية بين المادة و الفكر ، بين الواقع و الإدراك ، و في تناقضاتهما يعتقدون أنهما اكتشفا شيئا جديدا الذي هو "العنصر" في محاولة فاشلة لتصحيح مفهوم "الإحساس" الذي لا يستطيعون التخلص منه ، محاولان الفصل بينهما في آن واحد بخلق عالمين منفصلين لهما و الفصل بين الأشياء و الأجسام و بين الأحاسيس و الذكريات لكن في عجز تام عن الفصل الحقيقي و العلاقة الحقيقية بين ما هو فيزيائي و ما هو نفسي .
و في اعتراضه على بليخانوف يقول بوغدانوف أنه لا يعتبر نفسه ماخيا في الفلسفة إذ أخذ منه فقط عملية فصل ما هو فيزيائي عما هو نفسي و تبعيتهما للتجربة ، و يقول لينين عن قوله هذا أنه ينسى أنه أخذ منه جوهره الخاطيء معتقدا أنه باستطاعته التخلص من منطلقاته المثالية الذاتية ، و كذلك هو حال كل نقاد المذهب التجريبي حيث لا يفهم بوغدانوف أنه يشترك مع الماخيين الذين يشركهم فيما هو أساسي ، في منطلقاتهم و هو عدم قدرته على فهم مضمون المادية الدياليكتيكية الماركسية ، و هو يحاول إصلاح آرائه و يقول :" إن صورة الإنسان الواقف أمامي التي تعطيني إياها البصر مباشرة هي الإحساس " ، و لكنه يضرب نظرته هذه بشبثه بالماخية إذ يقول إن "عناصر" التجربة محايدة حيال الفيزيائي و النفسي ، و كتب فيما بعد يقول :"إن عناصر التجربة النفسية ، كما أوضحت الفلسفة الوضعية الحديثة ، متماثلة مع عناصر كل تجربة على العموم ، كما هو مماثل مع عناصر التجربة الفيزيائية" ، و هو يضع التماثلية بين "عناصر التجربة الفيزيائية" و الأحاسيس ، بين العالم الخارجي ، الواقع ، المادة و الأحاسيس مما يجعله يقع في منظور بركلي ، حيث لا علاقة له مع الفلسفة الوضعية الحديثة إذ يقول بتماثل الفيزيائي مع الأحاسيس .
و يرد عليه لينين بقوله كذلك هو شأن جميع الماخيين حيث انحراف ماخ بفلسفته إنحرافا تاما عن "العلوم الطبيعية المعاصرة" و بوغدانوف لا يفقه آراء ماخ و أفيناريوس ذات الأبعاد المثالية الذاتية ، و لم يستطع بوغدانوف معرفة أسس فلسفتهما المثالية ، و لم يعرف أنهما حاولا تمرير المادة في آرائهما المثالية و الكل على علم أنهما فيلسوفان مثاليات و الكل يشهد على ذلك في كل المطبوعات الفلسفية ، و هو يحاول الميل نحو المادية من خلال المذهب النقدي التجريبي كباقي النقاد الماخيين الذين يستعملون مصطلح "الواقعية" كما استعملها أفيناريوس في كتابه "واقعية مطلقة"، هذا المصطلح الذي يستعمل لإبراز التضاد مع المثالية و الذي تم تشويهه من طرف الوضعيين ، لهذا يرى لينين إعتماد مفهوم "المادية" الذي وضعه إنجلس للتمييز عن مصطلح "الواقعية" الذي تم تلويثه . و يقول لينين في هذا الصدد : "يقول أوسكار إيفالد ، الذي وضع كتابا عن "أفيناريوس بوصفه مؤسس المذهب النقدي التجريبي" ، إن هذه الفلسفة تتضمن في آن واحد عناصر ـ لا بالمعنى الماخي لكلمة"عنصر" بل بمعناها الإنساني ـ مثالية و "واقعية" ـ و كان ينبغي القول مادية ـ متناقضة ".
لقد رأينا كيف قام لينين بدحض المذهب النقدي التجريبي ذو الأسس المثالية الذاتية الذي حاول من خلاله الماخيين العصف باستنتاجات المذهب الماركسي ، خاصة منها الديالكتيك المادي الذي يريدون أن يتجاوزوه معتمين في ذلك على استغلال العلوم الطبيعية بشكل فج ، و حاول ماخ و أفيناريوس الخوض في مجال المعرفة على مستوى العلوم الطبيعية من أجل إسقاط إستنتاجات التجربة في هذا المجال على مستوى النفس ، و لكن عدم قدرتهما على فهم العلاقة بين الأحاسيس و الأشياء جعلهما يتخبطان في تناقضات المثالية الذاتية ، فجهلهما بأسس المادة الدياليكتيكية الماركسية على مستوى الحركة جعلهما لا يدركان الصلة بين المادة و الفكر ، و هم بذلك يجهلان مبدأ التناقض داخل الحركة التي وضع أسسها كل من ماركس و إنجلس و جاء لينين ليعطي لمفهوم المادة بعدا أشمل حيث يعتبرها : "المادة مقولة فلسفية للإشارة إلى الواقع الموضوعي " ، و قد استخلص هذا المفهوم خلال نضاله المعرفي ضد الماخيين حيث استطاع تطوير المذهب الماركسي من أجل معرفة العالم معرفة علمية من خلال نضاله ضد المثالية الذاتية و ضد اللاعرفانية ، و أوضح كيف أن الدياليكتيك هو نظرية المعرفة الماركسية مما ساعده في استنتاجاته حول النفس التي اعتبرها ذات البعد المادي و يقول : "إن الأحاسيس هي صورة ذاتية عن العالم الموضوعي " ، فإذا كانت مرحلة ماركس و إنجلس مرحلة تطور المفهوم المادي للتاريخ و التياليكتيك المادي فإن لينين إستطاع تطوير النظرية الدياليكتيكية على مستوى المعرفة و الدفاع عن الفلسفة المادية الماركسية في ظل هجوم المثالية الذاتية على المذهب الماركسي .

تارودانت في : 26 مارس 2007



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الحادي عشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء العاشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء التاسع
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثامن
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء السابع
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء السادس
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الخامس
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الرابع
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثالث
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الأول
- الماركسية اللينينية و دحض الفكر البورجوازي و الماركسي التحري ...
- الماركسية اللينينية و دحض الفكر البورجوازي و الماركسي التحري ...
- الماركسية اللينينية و دحض الفكر البورجوازي و الماركسي التحري ...
- الماركسية اللينينية و دحض الفكر البورجوازي و الماركسي التحري ...
- الماركسية اللينينية و دحض الفكر البورجوازي و الماركسي التحري ...
- الماركسية اللينينية و دحض الفكر البورجوازي و الماركسي التحري ...
- ثقافة الحجاب من حجز المرأة بالبيت إلى توظيف الحجاب أيديولوجي ...
- تطور الحركة الإجتماعية الإحتجاجية بتماسينت بالريف بالمغرب
- حتى لا تعيد المقاومة العراقية تجارب حركة التحرر الوطني في ال ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني عشر