|
التوافق الإجتماعي والتكيف الإجتماعي وجهان لعملتين مختلفتين
لبنى الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 1865 - 2007 / 3 / 25 - 11:48
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كثير ما نذكر في أحاديثنا مصطلحي التوافق والتكيف على أنهما وجهان لعملة واحدة ، وهو أمر لا يتفق مع الحقيقة العلمية لهذين المصطلحين ، فالتوافق هو رضا الشخص عن ذاته ، وقناعته نحو الشيء المنجز عن رغبة وقصد مسبقين .. وهو تطابق مع الذات الإنسانية بشكل كبير ن وفيه يكون الفرد صادقا مع نفسه والآخرين في تصرفاته وسلوكه ، ويعيش بتناسق مع المجتمع الذي يكون فيه . أما التكيف ، فهو اندماج الفرد ضمن بيئة ( مادية أو نفسية أو معنوية ) مختلفة عن بيئته الأصلية ، ويطلب منه التقيد والتكيف مع هذه البيئة ، سواء بعامل خارجي ، كالأفراد والقوانين والأنظمة ، أو بعامل داخلي ، وهو دافعية الفرد الى الاندماج والتأقلم مع الوضع الجديد كأمر واقع . والتوافق يسير دائما باتجاه إيجابي واحد موحد نحو الأمام وشدته تختلف من فرد لآخر ، إلا أن التكيف قد يسير باتجاه إيجابي أو سلبي ، ولكي تكون عملية التكيف ناجحة ، تحددت بعدد من العوامل التي قد تسهم في زيادة التكيف لدى الأفراد ، منها : · العوامل البيئية الفيزيائية ( الطبيعية ) ونقصد بها عوامل الطبيعة المشابهة للبيئة الجغرافية والمناخية التي أتى منها الفرد ،حيث يشعر الفرد بمدى التقارب في عناصر البيئة السابقة والبيئة الحالية ، مما يزيد من توافقه مع البيئة الجديدة. ونجد كثير من الأفراد ، بحكم الظروف المختلفة ، ممن يعيشون في بيئات غير بيئاتهم ، يعانون من أمراض نفسية خفية وعضوية ظاهرية ، كشعور الفرد بآلام في الأمعاء أو المفاصل أو غيرها ، .. إذ أن الحالة النفسية تثير هرمونات الجسم وتساعدها على الإفراز ، مما يحدث خللا بيولوجيا يظهر على الجسم ، فكلما كانت البيئة الجديدة مشابهة للبيئة القديمة ، كانت عملية التكيف أسهل وذات ضرر قليل على تكيف الفرد . ** الحالة الاقتصادية تعد الحالة الاقتصادية سببا مهما في زيادة التكيف الاجتماعي أو نقصه ، فالأشخاص المقتدرون ماديا وذوي الدخل الثابت المؤمّن ،يزداد لديهم التكيف مع البيئة الجديدة ، ويقل عند الأشخاص الذين يعانون من الضائقة المالية . ويلعب عامل المقارنة بين الماضي والحاضر دورا مهما في توسيع فجوة التكيف الاجتماعي ، فقد يكون لشخص قد عاش في زمن ماضي ن بأحوال مادية جيدة ، وانقلب الوضع الحالي ، بضياع هذا الركن المهم من أركان التكيف الاجتماعي . *** الحالة العلمية والثقافية من الطبيعي أن تؤثر ثقافة الشخص على مستوى تكيفه ، وذلك لعدة عوامل منها 1- إستخدام التفكير المنطقي ووضع الحلول المناسبة لزيادة التكيف وزيادة دافع التوافق ، بزيادة النجاحات التي يحرزها في البيئة الجديدة . 2- إلا أننا نجد في بعض الحالات ، تفوق المستويات التعليمية الأدنى في التكيف وقد يرجع السبب في ذلك الى أن عملية التعليم صعبة وشاقة وتحتاج الى الجهد والمال والتركيز المتواصل ، كما أن الشخص المتعلم تعليما عاليا ،لا يرضى بأقل من العمل في مجال تخصصه ، وقد لا يتناسب ذلك في ظل بيئات جديدة ، سواء كانت هذه البيئات متقدمة أو متدنية ، ففي الحالتين يصعب عليه الأندماج في مثل هذه المجتمعات ، إذ أن نسبة اندماج الفرد المتعلم مع البيئة الجديدة تكون أكثر من الفرد غير المتعلم أو قليل التعليم . **** الرغبات والميول تلعب الرغبات والميول دورا مهما في تكيف الفرد اجتماعيا ، فالشخص الذي يميل الى الموسيقى ، يستمتع بها في كل مكان وفي كل زمان ، وعلى مختلف أنواعها ، كما أن الرغبة في العيش والتقدم والنظرة نحو الأمام ، دافع داخلي يساعد في تنمية الرغبة وتحقيقها . ***** العادات والتقاليد كثيرا ما تلعب العوامل الاجتماعية والموروث الاجتماعي للفرد دورا مهما في زيادة تكيفه نحو المجتمع الجديد الذي ينتمي اليه ، فالفرد لا يخرج من مجتمع لأخر ، دون ان يحمل هذه العادات والتقاليد بشكل مباشر او غير مباشر معه ، وهي أدوات مهمة تساعد الفرد أو تحطمه أثناء تكيفه في البيئة الجديدة ، فالأشخاص المتطرفون في أفكارهم ، يصعب عليهم الاندماج في مجتمع يرونه مثالا سيئا ، فهم لا يرون الجيد منه بل يركزون على الجانب السيء منه ، وهذا الشخص يكون في باطنه شخص ضعيف متشائم ، لا توجد لديه رغبة في المعرفة والمحاولة الحقة لاكتساب الخبرات الاجتماعية المختلفة . لذا فأن التكيف الاجتماعي عملية صعبة وسهلة في نفس الوقت وتحتاج لإنجازها الى خطة عمل وقناعة عالية ورغبة في التغيير وتوافق مع الذات والنفس ، فالشخص الذي لديه رضا وقناعة نحو نفسه وذاته ، يستطيع أن يقهر التكيف الاجتماعي السلبي له وتكون لديه القدرة على تكوين بدايات عديدة جديدة في حياته المستمرة .
#لبنى_الجادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغافل عن الشيء لا يدركه
-
تكوين المفاهيم عند الأطفال
-
شخصيات متعددات في أنسان واحد
المزيد.....
-
فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
-
الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
-
طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
-
آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات
...
-
RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
-
نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
-
البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا
...
-
إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد
...
-
تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس
...
-
مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|