أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله العباسي - فلا نامت أعين الجبناء: كاسترو... نصف قرن من الصمود في وجه أميركا















المزيد.....

فلا نامت أعين الجبناء: كاسترو... نصف قرن من الصمود في وجه أميركا


عبدالله العباسي

الحوار المتمدن-العدد: 562 - 2003 / 8 / 13 - 02:08
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


 - الوسط 

 
يقال ان رجلا كان شديد الخوف من الموت ما دفعه خوفه أن يسأل عن سبب وفاة كل شخص في البلد، فسأل عن صاحب جنازة كان الناس في طريقهم لمواراتها، فقيل: مات لأنه سقط من الدور الثاني للمنزل فحمد ربه أنه يسكن في الدور الأول، وسأل عن وفاة شخص آخر فقيل له انه توفي بسبب لسعة الكهرباء، فحمد ربه أنه يسكن في بيت من دون كهرباء، وسأل عن وفاة شخص ثالث، فقيل: مات بسبب التخمة، فحمد الله أنه جعله فقيرا لا يجد قوت يومه، وفي يوم كان جالسا كعادته أمام بيته فمرت جنازة فسأل ما سبب الوفاة؟ فقيل له: "مات حتف أنفه" من دون أي سبب، فسقط في يده فلم يعرف بعد ذلك كيف يجنب نفسه الموت مادام الإنسان يموت حتف أنفه.
هذه الحكاية تذكرني هذه الأيام بالاحتفالات التي تقام في كوبا لمرور خمسين عاما على نجاح الثورة الاشتراكية في جزيرة كوبا على يد كاسترو وجماعته وكلنا يعرف من هو كاسترو ذلك الثائر الذي اعتقل مع 129 من زملائه الثوار أيام حكم الدكتاتور باتستا عذب منهم "50" حتى الموت بينما تمكن كاسترو أن ينجح في الدفاع عن نفسه كمحام أمام القضاء وخصوصا أن الناس قد تعاطفت معه، وظلت كلمته تدوي في آذان الناس وتوزع في كل مكان عندما قال في المحكمة "لا أخشى السجن كما لا أخشى غضب الطاغية التعيس، لقد أصدر حكما بإدانتي... لا يهمني فالتاريخ هو الذي سيغفر لي".
وقد تم الإفراج عنه وعن بقية زملائه بعد 22 شهرا، فلم ييأسوا بل عادوا إلى نضالهم في حرب العصابات حتى أطاحوا بالدكتاتور باتستا في يناير 1959م.
وها هو كاسترو يبلغ من العمر 77 عاما وعمر ثورته 50 عاما وتقع بلاده على بعد بضع عشرات من الأميال من أقوى دولة رأسمالية وأكثرها طغيانا، وقد قامت المخابرات المركزية الأميركية بأكثر من 300 محاولة لقتله، وها هو يكاد يموت حتف نفسه بسبب كبر سنه ما يذكرك بقول القائد العربي خالد بن الوليد وهو يموت على فراشه عندما قال عبارته المشهورة: "لقد دخلت أكثر من مئة غزوة وليس في بدني مكان يخلو من طعنة رمح أو ضربة سيف، وكنت أتمنى أن أموت شهيدا في إحدى تلك الغزوات، وها أنا أموت على فراشي فلا نامت أعين الجبناء".
ترى ما رد القيادات العربية على استمرار الثورة الكوبية حتى اليوم؟
ترى ما رد القيادات العربية التي تنتفض خوفا على نفسها لمجرد كلمة يقولها جورج بوش ضدهم؟
ترى ماذا يقول القادة العرب عن التحدي الكبير الذي تقوم به قيادة كوريا الشمالية للولايات المتحدة الأميركية؟
ترى لماذا لا يخاف أولئك وهم وحدهم الذين ينتفضون خوفا؟
والغريب أن القيادات العربية قيادات مسلمة ومن بين ثوابتها الدينية أن الإنسان لا يموت إلا في يومه المحدد ومع ذلك فهم وحدهم من دون غيرهم يرتعشون من غضب شارون ويتعاملون معه سرا وعلنا على حساب الشعب الفلسطيني بينما شارون نفسه ينتفض خوفا من المقاومة على رغم كل ما يفعله من إجرام من خلال ما يملك من أسلحة وعلى رغم الدعم الأميركي له ان من يحترم نفسه يحترمه الآخرون... وهذا ما يجعل الولايات المتحدة تتحدث مع قادة كوريا الشمالية بأدب واحترام ومن دون أي تحد.
إن الأنظمة العربية قادرة على أن تقف الموقف نفسه بل وأكثر أنفة وتحد لأن إمكاناتها وثرواتها هم بحاجة إليها أكثر من حاجتهم إلى بلدان فقيرة وبائسة مثل كوريا وكوبا وغيرها.
إن الآلية التي تجعل أنظمتنا العربية محترمة وقوية لا تأتي إلا من خلال أخذ الشرعية من خلال التفاهم مع شعوبها.
إن هذه الآلية سهلة للغاية تتركز في آليات مساعدة أخرى أهمها:
- وضع حد لأجهزة الأمن التي تفرض القمع على هذه الشعوب وبدء مصالحة وطنية حقيقية خالية من السيناريوهات.
- وضع حد لأشكال الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.
- وضع دساتير تحفظ حقوق شعوبها إلى جانب حقوقها كقيادات.
- إخلاء السجون التي تزيد أعداها في كل دولة عربية على أعداد المدارس ودور الثقافة.
- إنهاء مرحلة الشك بين السلطة والمثقف العربي حتى لا تجعل كل جهة تترقب الجهة الأخرى.
وهناك آليات أخرى تتبع ذلك، وما فعله جلالة ملك البلاد نموذج طيب ليكون عربونا صادقا لإعادة ثقة المواطن بالقيادة وصحيح أن طموح المواطن البحريني لم يتحقق بالشكل المطلوب ويعترف جلالة الملك بذلك ويرى أن هذه الإصلاحات هي الخطوات الأولى لكن الذي يجعل الإنسان البحريني يحس أن هناك وضعا مغايرا جدا مقارنة بالماضي بعد إصلاحات الملك تلك الندوات الساخنة التي تقام في البحرين عن التجنيس السياسي وغيره من الموضوعات الأخرى وحشد آلاف الناس من دون أن يمس أحدهم سوءا، إن مثل هذا العمل وحده شاهد إثبات حقيقي في أننا نعيش مرحلة جديدة وأن الشعب لن يقبل بالتراجع مهما بلغت التضحية، كما أن جلالة الملك نفسه يدرك أنه لا مجال للتراجع في دولة يحضر شعبه ندوة بأعداد تصل إلى أكثر من عشرة آلاف مواطن.
وفي اعتقادي المتواضع أن جلالة الملك يعرف ذلك قبل غيره ويدرك ذلك أكثر من غيره ويصر على التقدم ومواصلة المسيرة أكثر من غيره ولا يجب أن يلقى باللوم في كل شيء عليه فمملكة البحرين على رغم المسيرة الإصلاحية إلا أن هناك أجهزة تقليدية ما زالت تلعب دورها في تحجيم طموحات المواطنين إن لم نقل طموحات جلالة الملك نفسه.
ولهذا فإن الظروف مواتية لتستعيد الأنظمة العربية احترامها وهيبتها وشعورها بالقوة لو اعتمدت على شعوبها وأنهت أزمة الثقة التي بين الطرفين وتمكنت في البدء بإطلاق الحريات وخلق الشفافية المطلوبة وإغلاق السجون كعربون أو كخطوة أولى لإعادة الثقة بين القيادة والشعب.
إن من حسن حظ الأنظمة العربية أنها تعيش وسط شعوب لا تطمح في إسقاط النظام بل تطمح فقط في تصحيح النظام مع أنها عاشت من المآسي والمعاناة خلال القرن الماضي ما يجعلها تعيش أزمة ثقة حقيقية، لكن من حسن حظ الأنظمة العربية مرة أخرى أن شعوبها لا تثق حتى في غيرهم من أصحاب الشعارات التي تزدحم بهم شوارع البلاد العربية من المثقفين العرب التقليديين الذين أثبتوا صحة المثل القائل: "رحم الله الحجاج عن ابنه"، فقد جرب الشعب العربي أشكالا أخرى من الأنظمة مثل نظام البعث العربي الاشتراكي بقيادة صدام حسين فعرف أن التمسك بمجنونه الحالي والتشبث به خير ألف مرة من الدخول في تجربة جديدة لا يعرف عواقبها إلا الله وحده سبحانه وتعالى.
ها هو الرئيس الكوبي يقف شامخا يتحدث إلى شعبه بكل كلمات التحدي ضد القيادة الأميركية بعد خمسين عاما من محاولة تغيير نظامه والقضاء شخصيا عليه من دون أن يصاب هو أو بلده بأذى، الشعب الكوبي يعيش هذه الأيام أفراح نجاح ثورته قبل أكثر من نصف قرن وتثبيت دعائم الفكر الاشتراكي أمام النظام الرأسمالي الأميركي من دون أي خوف عكس بعض الأنظمة العربية التي سقطت فور سقوط النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي لأنه لم يكن يعتمد على قاعدة شعبية مثل كوبا.
ويبدو أن جينات القيادات العربية ضعيفة بطبيعتها سواء كانت أنظمة تقليدية أم اشتراكية.
فمثلما نجد أن الأنظمة العربية التقليدية ترتعد مفاصلها مع كل كلمة يقولها جورج بوش، سقط النظام الاشتراكي في عدن ولم يصمد مثل كوبا... طوبى للشجعان الذين يتحدون الولايات المتحدة وطوبى لكاسترو وثورته.

 



#عبدالله_العباسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله العباسي - فلا نامت أعين الجبناء: كاسترو... نصف قرن من الصمود في وجه أميركا