أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبد الرحيم الوالي - الحركة الأمازيغية بالمغرب: وليدة الديموقراطية أم بذرة الطائفية؟















المزيد.....

الحركة الأمازيغية بالمغرب: وليدة الديموقراطية أم بذرة الطائفية؟


عبد الرحيم الوالي

الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:47
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


تطرح الحركة الأمازيغية المغربية، في الوقت الراهن، جملة من المطالب على الساحة. و إذا كان بعض هذه المطالب يبدو مقبولا وعادلا مثل دسترة اللغة الأمازيغية فإن مطالب أخرى، مثل تعميم التعليم باللغة الأمازيغية، أو مناداة بعض أقطاب الحركة ب"طرد العربية و الإسلام من المغرب"، تدعو إلى التساؤل عما إذا كان بروز الحركة الأمازيغية في الراهن المغربي ثمرة من ثمار الانفتاح و الديموقراطية أم بذرة من بذور الطائفية و الشوفينية؟
قبل أي محاولة للإجابة عن هذا التساؤل لا بد أن نقول إن ما نذهب إليه في هذا المقال لا يقف بتاتا ضد التعدد الثقافي في المغرب. بل إنه، بالعكس، ينطلق من الحرص على هذا التعدد و ضرورة العمل على إثرائه حتى يكون بدوره رافدا من روافد الإغناء و الإثراء للوحدة الوطنية المغربية.
إذا كانت الحركة الأمازيغية قد جاءت أساساً للمطالبة بالاعتراف بالثقافة الأمازيغية كرافد من روافد الهوية المغربية فمعنى ذلك، منطقياً و موضوعياً، أنها تعترف بوجود روافد أخرى لهذه الهوية عليها أن تتفاعل و تتكامل معها لا أن تسعى إلى محوها و إلغائها. غير أننا نرى اليوم نزعات متطرفة في صفوف الحركة الأمازيغية المغربية تردد على الملأ أن "المغرب أمازيغي بكامله" و أن "المغاربة كلهم أمازيغ" و أنهم تعرضوا ل"التعريب القسري" منذ دخول العرب والإسلام إلى المغرب قبل ما يزيد عن 1300 سنة.
أطروحة "التعريب القسري" هذه ليست، في الواقع، متماسكة و لا تقوم على أي أساس. فلا يوجد مصدر تاريخي واحد ذكر أن المغرب سبق و أن عرف محاولات لفرض العربية لغةً لجميع السكان. و الدليل على ذلك أن الأمازيغ احتفظوا بلغتهم و تقاليدهم و نمط عيشهم و تراثهم الغنائي و الموسيقي إلى يومنا هذا. و أكثر من هذا فالتاريخ يثبت أن عددا من القبائل العربية التي استقرت بالمغرب قد تحولت إلى قبائل ناطقة بالأمازيغية و تخلت عن العربية. كما أن قبائل أخرى أمازيغية تخلت عن الأمازيغية و أصبحت ناطقة بالعربية. و حتى إذا كان الأمازيغ المغاربة قد تصدوا للحملات العسكرية التي قادها العرب تحت يافطة الفتح الإسلامي، و قاوموا بعد ذلك الولاة العرب الذين نصبتهم الإمبراطورية الإسلامية في العهد الأموي و تمردوا عليهم و قتلوهم، فإنهم لم ينزعجوا من وفود قبائل عربية للاستقرار في المغرب. بل إنهم استقبلوا الخوارج العرب الهاربين من اضطهاد السنة العرب في المشرق، و اعتنقوا فكرهم الذي لم يكن يسند الخلافة لآل البيت مثل الفكر السني أو الشيعي، و وجدوا فيه فكراً ملائماً لهويتهم كمسلمين غير عرب و ليسوا، طبعاً، من "آل البيت". و كل المهتمين بالتاريخ يعرفون تاريخ الإمارات الخارجية في المغرب والذي تعايش فيه العرب و الأمازيغ و أجناس أخرى.
أما الادعاء بأن "كل المغاربة أمازيغ" فهو ادعاء متهافت. ذلك أنه في المغرب يلتقي العنصر الأوروبي و العربي و الأمازيغي و القوقازي و الإفريقي و العبري و غير ذلك من الأجناس. فهل الزنوج الذين يعيشون في مناطق شاسعة من جنوب المغرب أمازيغ؟ و هل قبائل الرحامنة المنحدرة من قبائل بني معقل العربية أمازيغ؟ و هل الأندلسيون المنتشرون في فاس و مناطق أخرى من شمال المغرب أمازيغ أيضاً؟ و هل اليهود المغاربة أيضا أمازيغ؟ لا نعتقد أن عاقلاً يمكن أن يقول بذلك. و كل مَنْ يدعو إلى فرض الأمازيغية لغةً لكل هذه المكونات الإثنية فهو يدعو إلى "التمزيغ القسري" بدعوى مقاومة "التعريب القسري".
و الأخطر من هذا هو الدعوة إلى تعميم التعليم باللغة الأمازيغية (و لا نقول تعليم الأمازيغية) على سائر السكان. فكأن دعاة ذلك لا يدركون أن المغرب يواجه أصلاً مشاكل كبيرة في سياسته التعليمية ساهم التعريب في تفاقمها بشكل كبير. و نعني هنا تعريب المواد العلمية من رياضيات و فيزياء و كيمياء و طبيعيات في المرحلة الثانوية و ما قبلها ليفاجأ طلبة الشعب العلمية في الجامعات بأن التدريس يتم باللغة الفرنسية لا بالعربية. و هذا قد خلق مشكلاً كبيرا لم تتخلص منه البلاد حتى الآن. فكيف إذا انضاف "التمزيغ" إلى التعريب؟
نعم، من حق الأمازيغ ـ إن أرادوا ذلك ـ أن يكون لهم نظام تعليمي بلغتهم. و من حق الراغبين في تعلم الأمازيغية أو في تلقي المعارف بواسطتها، حتى و إن لم يكونوا أمازيغ، أن يفعلوا ذلك. لكن من حق المغاربة العرب أن يكون لهم تعليم بلغتهم العربية. و من حق كل مغربي ـ إن لم نقل من واجبه ـ أن يعرف العربية و الأمازيغية معاً.
إن التطرف يخلق، بالضرورة، تطرفا مقابلا. و في المواجهة بين هذا و ذاك قد تضيع على المغرب فرصة بناء ثقافته الوطنية المنفتحة التي يجد فيها كل مكون مكانه، و التي تكون مندمجة تماماً في الثقافة الإنسانية الكبرى القائمة على الديموقراطية و التعدد و الحرية و تعزيز مساحات التكامل بين كل المكونات. فالعالم يسير بخطى حثيثة نحو قيم كونية مشتركة بين جميع شعوب الأرض. و نحن على مسافة زمنية قريبة من انطلاق العمل بالغلاف المعلوماتي للأرض (Infosphère) الذي سيخلق ثورة رقمية داخل الثورة الرقمية نفسها، و سيكثف التواصل الإنساني عامة بدرجة لا يمكن تصورها، و سوف يسهم دون شك إسهاما كبيرا في إعطاء معنى جديد لمفهوم الهوية نفسه، الذي سيصبح مرتبطاً بالثقافة الكونية الكبرى أكثر من ارتباطه بأي ثقافة محلية صغرى.
ضمن هذه الثقافة الكونية الكبرى لا مكان للنزعات الانغلاقية و لا لأي شكل من أشكال التعصب و الشوفينية. و لا بد من إعادة صياغة مفهومي الهوية و الأصالة من حيث أن الهوية لم تعد تنبني على إقامة حدود فاصلة صارمة بين الذات و الآخر، و من حيث أن الأصالة لم يعد بإمكانها أن تتأسس على الفصل الحاسم و الصارم بين "الأصيل" و "الدخيل".
بهذا المعنى فالثقافة الأمازيغية نفسُها اليوم في المغرب هي، بالضرورة، مزيج من كل الثقافات التي عبرت المغرب عبر التاريخ بمكوناتها الأمازيغية الصرفة، و الرومانية، و العربية، و الأفريقية، و الغربية، و غير ذلك. و بفعل كل هذه القرون من الانصهار بين جميع هذه المكونات ـ و غيرها! ـ من الصعب جدا (إن لم يكن من المستحيل) التمييز داخل الثقافة الأمازيغية نفسها بين ما هو "أصيل" و ما هو "دخيل".
إن القبائل الأمازيغية التي استعربت قد حملت، بكل تأكيد، عناصر ثقافتها إلى اللغة الجديدة التي أصبحت ناطقة بها. و نفس الشيء فعلته القبائل العربية التي استمزغت، ناهيك عن كون المكونين العربي و الأمازيغي قد تفاعلا و تمازجا مع باقي المكونات الأفريقية و الآسيوية و الأندلسية و الأوروبية ضمن ثقافة مغربية تتميز بالثراء و التنوع و هي مؤهلة، من ثمة، للاندماج و الإسهام الفاعل و الواعي في بناء الثقافة الكونية الكبرى التي تقوم أولا و أخيرا على التعدد في المشارب الثقافية و الحضارية، و على حماية هذا التعدد والتنوع لا على إلغائهما.
و عندما يشهر بعض المتطرفين في صفوف الحركة الأمازيغية المغربية دعواهم بفرض اللغة الأمازيغية على غير الأمازيغ من سكان المغرب فهم يعطون الذرائع لمتطرفين آخرين ضمن التيار القومي العربي. أما عندما يدعون إلى "طرد الإسلام" فالأمر أدهى و أمر. و كل هذا، في آخر المحصلة، يفتح الباب أمام قوى التخلف و أمام لوبيات المصالح لمقاومة التحديث و العصرنة و بناء المجتمع الديموقراطي الحداثي عبر إدخال البلاد و العباد في مشاحنات عرقية و طائفية هي أصلاً في غنى عنها. و إذا كان المغاربة، في الثلاثينيات من القرن العشرين، قد رفضوا الظهير البربري الذي سعت سلطات الحماية الفرنسية من خلاله إلى التفريق بين العرب و الأمازيغ فالأكيد أنهم لن يقبلوا، في مستهل الألفية الثالثة، ب"ظهير بربري" جديد.



#عبد_الرحيم_الوالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة -الليبرالية- بالمغرب: نحو مقاربة نقدية
- الإرهاب و الدواب
- تفجير الدار البيضاء الأخير: هل كان عملية عَرَضِيةً بالفعل؟
- شهادة من قلب الحدث: هذه بعض أسباب الإرهاب بالدار البيضاء


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبد الرحيم الوالي - الحركة الأمازيغية بالمغرب: وليدة الديموقراطية أم بذرة الطائفية؟