أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - لأجل أمومة حرة... وسعيدة















المزيد.....

لأجل أمومة حرة... وسعيدة


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 02:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تغتني وتتغنى بأسمى العواطف وأنبلها , تحمل أجمل المشاعر وأصدقها . عاطفة غريزية تسكنها منذ التكوين , تحملها بين حناياها وخلاياها , لتهبها فيما بعد لصغارها دفئاً وثقة وأماناً , لحظة تصبح أماً .
فمنذ اللحظات الأولى , تحلم , تناجي هذا الكامن في أحشائها , تهبه الحياة بكل أبعادها.
أولم يراه القلب قبل العين ؟1 فهو حقاً مهجة الروح , وبهجة الدنيا وزينتها , وأمل الغد الآتي . استمراراً لها يحمل مزاياها مثلما يحمل مورثاتها .
وعندما يبصر النور يحتل كل ثواني عمرها , بكل الحب والحنان تحيطه وترعاه , تفرح لابتسامته ومناغاته , تعتصر ألماً وتبكي لوجعه ومرضه , حتى تخالها هي المريضة , تنسى ذاتها وما حولها إلاه , وكأنها ما خلقت إلاَ لأجله . تحرم نفسها اللقمة لتطعمها له , وكأنها ليست بحاجة للغذاء , تجعله رفيق سريرها خشية خوفه من ابتعادها عنه حتى أثناء نومه .! , وكأنها بلا رفيق ولا حاجة للراحة معه . تمارس أمومتها متناهية العطاء والحنان بكل خلجاتها , وتصر على تلك الأمومة حتى بعد أن يكبر ويصبح بمقدوره الاستغناء جزئياً أو كلياً عن تلك الرعاية , وكأنها لا تريد لذاك الحبل السري أن ينقطع بينهما . تؤكد على أمومتها بكل أبعادها الغريزية والاجتماعية . وهذا ما يبعدها عن الذات والحياة , ويجعلها متقوقعة في إطار تلك الأمومة اللاصحيحة بهذا الشكل . لأنها بذلك تفرز جملة من الأمور غير المقبولة والسليمة لها ولأبنائها . إذ أنها :
- تخلق أبناءً اتكاليين باعتمادهم الكلي عليها في تسيير شؤونهم واحتياجاتهم .
- شعورهم بالاضطراب وفقدان الآمان إذا ما اضطرت للابتعاد عنهم ( مرض , واجب اجتماعي) لعدم إعدادهم لهكذا ظرف .
- تحرمهم من تعزيز استقلاليتهم وبناء شخصية حقيقية واثقة بذاتها مدى الحياة , لتصبح هي محور تلك الشخصية ومرتكزها في كل توجه لاحق مهم .
- تأسرهم بقصد أو بدون قصد بإطار الواجب والعرفان بالجميل أو البر , لأنها كرست حياتها كلياً لأجلهم – خصوصاً في حال عدم وجود الأب – وهذا ما يعيق توجهاتهم العملية والنفسية كي لا يشعروا بالإثم . هذا على صعيد الأبناء . أما على صعيدها الشخصي فإنها :
- تحرم نفسها وزوجها من ممارسة الحياة بشكلها الطبيعي عندما تلغي إنسانيتها وأنوثتها , وإحساسها بالآخر .
- تلغي ذاتها بإلغاء خصوصياتها وحياتها العلمية والاجتماعية , متقوقعة في إطار أمومتها فقط , وهذا ما يبعدها عن الآخرين والتفاعل معهم ومع الحياة .
صحيح أن وجود الأم ولا أحد سواها ضروري جداً للطفل في سنواته الأولى تحديداً , لأجل تكوين وبناء شخصيته بشكل لائق , ولكن بحدود معينة , وليس بشكل مبالغ فيه. إذ عليها ومنذ صغره أن تترك له فسحة من الحرية يعبر فيها عن ذاته ( النوم , الأكل وحيداً , ...) وأن تساعده للاعتماد على نفسه في بعض شؤونه الخاصة , وتشعره أن لها الحق في الحياة بكل أبعادها , مثلما له حق رعايتها . وذلك حتى تتمكن من تنشئته بالشكل الصحيح والسليم . فمن قال أن حرمان الأم نفسها من الغذاء لتقدمه لأبنائها منتهى الحنان , بالعكس , لأنها بذلك تؤذي صحتها الجسدية والنفسية , وتجعلها عرضة للأمراض والوهن , وهذا ما يعيق قيامها بواجباتها تجاه هؤلاء الأطفال . ثم عندما تبتعد بشكل أو بآخر عن مشاركة زوجها ووالد أطفالها الحياة بشكل صحيح فهي تؤثر بشكل غير مباشر على صحتها وسويتها النفسية في التعامل مع ذاتها , والتواصل مع زوجها , وهذا من شأنه أن يخلق مشاكل بينهما دون معرفة السبب أحياناً , وهو في الحقيقة هذا الوضع الذي تعيشه , لأنه لم يعد هناك توازن حقيقي وصحيح في علاقتهما , وهذا أيضاً يؤثر سلباً على الأولاد الذين تلغي كل شيء من أجلهم نفسياً واجتماعياً.
وأيضاً يجعلها هذا الوضع، لا سيما إذا كانت في السابق تمتلك اهتمامات ومواهب فنية أو أدبية أو ما شابه , وتلغيها لمجرد قدوم طفل , يجعلها مضطربة , قلقة , لأنها بشكل لا شعوري قد فقدت إحدى أسس شخصيتها , وربما تشعر بفراغ داخلي قد لا تعرف مصدره أحياناً , ولكنه في الحقيقة إلغاء هذا الجانب المهم من ذاتها , وهو ما يترك أثره السلبي على علاقتها بأبنائها وزوجها ومحيطها الاجتماعي ككل .
لقد ساهمت بعض وسائل الإعلام والمسلسلات بشكل غير مباشر بإعطاء صورة غير صحيحة للأمومة السليمة والحقيقية , عندما صورتها لنا نبعاً فياضاً من الحنان لا ينضب , ونكران للذات والآخر . وهذا ما جعل بعض الأبناء أو المحيط الاجتماعي يستهجن اهتمام بعض الأمهات بعملهن الوظيفي أو المهني أو هواياتهن , لأن هذه الأم بنظرهم تهمل واجباتها مقابل عملها , وربما يستهجن وجود أم تمارس أمومتها بشكل عقلاني ومنطقي عندما تعطي كل ذي حق حقه , لها ولأولادها , والذين تجعلهم يعتمدون على أنفسهم في القيام بواجباتهم الخاصة , بحيث تخلق منهم أبناء جديرين بالحياة بكل أبعادها وميادينها , دون إغفال حقها في ممارسة حياتها الشخصية مع تنظيم الوقت , إذ يعتبرونها مقصرة , أنانية , وغير حنون .
إن الحنان الأمومي الصحيح والسوي هو في تلك النفحات النفسية التي تمنحها الأم لشخصية قوية مستقلة وحرة لأبنائها مستقبلاً دون شعور منهم بالذنب إن ابتعدوا عنها بحكم متطلبات الحياة .
فالأمومة التقليدية بهذا العطاء اللامتناهي من قبل الأم أول ما يترك أثره وفجيعته عليها بالذات أولاً , لأنها لم تكن تعدُ نفسها وأولادها للحياة القادمة , وبأنهم حتماً سيتركونها يوماً ليبدؤوا حياتهم بعيداً عنها وهذا أمر طبيعي . لكنها ترفض ذلك ضمنياً وتحزن , وقد تصاب بحالة من الاكتئاب لهذا الانفصال ولانقطاع الحبل السري الذي جاهدت كي لا ينقطع , متجاهلة حقهم في الحياة , حتى لو كان هذا الانفصال لصالحهم . وتفاجأ بكثير من القضايا التي تؤرقها لابتعادهم وانشغالهم عنها لتأسيس حياة وأسر جديدة . كما قد تعتبرهم ناكرين للجميل . وهذا مرده عدم ممارستها لأمومتها بشكلها المنطقي والعقلاني , وإلاَ لكانت سعيدة , واعتبرت أن هذا الشيء الطبيعي والمنطقي في الحياة .
فالأمومة الحقيقية والصحيحة , هي واجب حب، ومهمة إنسانية وتربوية تختارها الأنثى لبناء مجتمع سليم معافى نفسياً وأخلاقياً , ولاستمرارية الحياة بشكلها الجميل والراقي , لا أن تُحمل أبناءها وزر تقوقعها في بوتقة أمومة مرضية وغير سوية .
صحيح أننا في مجتمع يتصف بالتكافل الاجتماعي , والروابط الأسرية المتينة , ولكن ليس للحد الذي نلغي فيه شخصية وحرية أبناءنا , وحقهم الطبيعي في الحياة وفق منظورهم هم , لا منظورنا نحن , والحجة أننا تعبنا وربينا وكبرنا .!!
من هنا تأتي ضرورة أن تكون الأم عاملة ومنتجة , بحيث لا تكون مستقبلاً عبئاً حتى على أبنائها . مما قد يشعرها بالضيق والحزن , ويشعر البناء بالتقصير الدائم تجاهها , خصوصاً أننا في زمن اقتصادي بالغ التعقيد , بحيث لا يستطيع الابن تأمين مستلزمات أسرته إلاَ بشق النفس , فكيف والأمر مع إحساسه بالتقصير تجاه والديه .
لذا علينا نحن الأمهات أن نمتلك قدراً كافياً من بعد النظر وتنظيم الوقت , وإعطاء كل شيء حقه في الحياة , حتى نجنب أنفسنا أولاً وأبناءنا لاحقاً القلق والحزن والحاجة. وأن نترك لأولادنا حرية العيش كما يرغبون .



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة- إلى أرضٍ لا نستطيع مغادرتها... إلى أمي...
- الحجاب.. اغتيال للعقل والأخلاق والطفولة
- آذار احتفالية أنثوية


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - لأجل أمومة حرة... وسعيدة