|
الحرب والجياع وحب السلطة
سلام فضيل
الحوار المتمدن-العدد: 1860 - 2007 / 3 / 20 - 12:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل اكثر من عشر سنوات توصلت الادارتين في مدينة اربيل والسلمانية الى اتفاق حول تقاسم موارد الكمارك التي تاتي من المعبر الحدودي مع تركيا ‘ وكانت التقارير التي نشرت آنذاك قد قدرت دخل المعبر مع تركيا با كثر من مليون دولار شهريا ‘ وكانت كل هذه الاموال تذهب الى ادارة مدينة اربيل لعدة سنوات قبل الاتفاق‘ يضاف اليها حصة اموال النفط مقابل الغذاء التي تشرف على ايصالها الامم المتحدة ‘ اضافة لذلك مساعدات المنظمات الانسانية . وبعد شن الحرب وسقوط النظام القمعي البائد الذي غادر المدينة منذ العام 1991 بعد الانتافضة ‘ حتى ان الناس يقولون ان النظام سقط في خمسة عشر محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر ‘ والثلاثة الاخر لم يصلها اي تغير لا في الادارة ولا في المؤسسات القائمة ‘ بل بعد السقوط تضاعف دخل المدينة والاقليم كله عشرات المرات ‘ حسب تاكيد المسؤولين الحاكمين طوال السبعة عشر سنة ‘دون تغير حتى على مستوى العائلة في وظائف المؤسسات‘ واكثر المدن استفادة من هذا الدخل المرتفع هي مدينة اربيل ‘ لكثرة المؤسسات الموجودة فيها . لكن مع كل هذا وبعد اربع سنوات على شن الحرب على العراق ‘ وتدميره كدولة وليس اسقاط النظام الدموي وبناء الديمقراطية والرفاه للمجتمع‘ كانت اي الدولة متساوية مع افضل دول الجوار ‘ (كدولة وليس نظام القمع سبب الدمار والحرب ) ‘ وقد ظهر تقريرين يوم ا السبت والاحد الماضي اي 17-3-و18-3-2007اعدتهم مراسلة القناة الهولندية الاولى( نيكولي )‘ من مدينة اربيل يظهر ما يعيشه غالبية الشعب وهي تعتبر محايدة . ركز التقرير الاول على الناس القادمين من بعض المدن التي تعيش القتل اليومي ‘ وكانوا قلة وجميعا من الشباب ‘ واغلبهم من ذات المهن التي يحتاج العراق عشرات الآلاف ‘منها ‘ لسد حاجته ‘ وهي الطب والهندسة ‘ وكان ممن التقتهم القناة ‘ سيدة ‘ تحمل في عينيها كل انكسار الكون وحزنه ‘ بالرغم من محاولتها ‘ اخفاء شيئ منه وهي امام الكامرا ‘ ولكن كلمات الالم تظهره رغما عنها . حيث قالت لم نكن نتصور ان يصل بنا الحال الى هذه الدرجة من القسوة ‘ حيث لم نستطيع ان نحصل على عمل ونحن اطباء ومهندسين ‘ وكنا نعمل حتى بعد شن الحرب ‘ فما بالك بغيرنا ؟‘ ارتفاع الاسعار جنوني ‘ وها نحن ننتظر الصيف كي نتمكن من النوم في الطرقات ‘ لان ايجار البيوت صار ترفا لامثالنا لانقوى على التفكير فيه هنا في اربيل ! . اما التقرير الثاني يوم 18-3-2007- نشرة الثامنة مساء ‘ فقد جال في احياء الفقراء المعدمين والتي لا تختلف عن مدينة الصدر ‘ والديوانية والسماوة اوخمسة ميل والحيانية وحي الحسين في البصرة ! حيث كان المشهد هو نفسة لو لم تقل انها في مدينة اربيل ‘ سيارات تمتد الى اكثر من كيلو متر رجل معدم هده التعب وهو يدفع بسارته لتصل محطة الوقود ‘ بيوت متهالكة تكاد ان تسقط ‘ بعضها مغطى بالصفيح ‘ نهر جاري من المياه الاسنة ‘ اكوام من النفايات ‘ اطفال مثل جما ل كل اطفال العالم ‘ يضحكون وهم يرشقون بعضهم بالمياه الاسنة ‘ ويركضون الى النفايات يبعثرونها على الارض ‘ ثم يقذفوها نحو السماء ويتدحرجون الى احدى الجهات كي لا تسقط فوق رؤسهم . ينهضون بسرعة ‘ يركوضون بمرح وهم حفاة ‘ والهواء يطوح بثيابهم البالية الممزقة ‘باتجاه نسوة قادمات يسرن باتجاههم ‘ نصف حافيات ‘ وجوة زادها الحزن سحرا وجمالا وملامح ثائرات ‘ احداهن ترتدي عبائة تثبتها فوق رائسها بعد ان كادت تفلت . يتوقف كل شيئ بمكانه ‘ النساء وهن وسط الشارع والاطفال يركضون باتجاههن مبتسمين وعلى يمين النساء نهر المياه الاسنة سريع الجريان والنفايات ‘ والشارع بلا نهاية ‘ محاط بالبيوت المتهالكة ‘ يتسع اكثر كلما ابتعد النظر ‘ وضوء النهار يظهر حتى ريش الطيور المتطاير في الهواء كان الشمس كانت ساطعة ولكنها لاتظهر في الصورة الظاهرة . اذا كان هذا حال اهم مدينة في الاقليم الذي لم تصله الحرب ودخلها يعادل موارد دولة ‘ من بلاد الشام وليس من افريقيا ؟ ولم تصلها الحرب بل الشركات فقط ‘ وفرضت قيود واجراءت شديدة على من يدخلها من سكان المدن الاخرى خوفا على تعكير صفوها ورفاه اهلها ؟ فما هو حال المدن التي تجول في شوارعها الدبابات وصواريخ الطائرات الحربية ‘ والارهاب الوحشي المتشوق لحور العين وخمر الجنة ؟ ونظام المحاصصة ؟ كل الناس الاسوياء من كل الالوان والاديان يقولون ‘ ان الحرب لاتنتج سوى الدمار والفساد وتشويه صورة الانسان كانسان ‘ قبل الدين والحق والاخلاق . ان من اختار الحرب وتحدث عن استقبال الورود وان كانت غير متوفرة في اغلب مدن العراق ‘ هم لايقلون بؤسا وانانية عن النظام البائد .
#سلام_فضيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في القصور يفكرون غير ما يفكرون في الاكواخ
-
هذه ليست حماية لتشجيع الفساد ولكن !
-
العيب ليس في حجابها بل الثقافة التي تسقيها
-
اموال العراقيين هي التي تسرق وليس اموالنا ..العراقيين لم يكن
...
-
حب السلطة يعريهم
-
الحرية اولى خطوات البناء
-
يكذب من يتحدث عن العدالة والحرية وسط الغابة
-
موظفين اقطاب المحاصصة في البرلمان يقفون مع قتلة الاطفال والن
...
-
الاجساد تتشابه عندما يمزقها الرصاص وتترك عارية تغازل السماء
-
صراع النفوذ والمال والسلطة وضحاياه المعدمين
-
هل يمكن لامة رموزها قتلة الاطفال والعمال وتدعي المحبة والتسا
...
-
ثلاثة ملايين شهيد وسجين سياسي حقوقهم اقل مما يحصل عليه احد ا
...
-
خطة بوش وما قالته شده
-
انتم وكل الحكومة موجودين هنا بفضل وحماية الامريكان وعليكم ان
...
-
صدام يحكم حبيب تغريد بالاعدام بعد ان اخذه منها لحربه المجنون
...
-
صدام وضحاياه الابرياء اطفالا ونساء
-
مثلما الارهابين لايمثلون إلا ذاتهم.. فأن صدام القاتل ومن حاو
...
-
وزراء المحاصصة يستعرضون انجازاتهم وسط المنطقة الخضراء !؟
-
مدينة النجف وكذبة التسليم يؤكدها قتلاها
-
الحرية تحفظ النجاح وتعلمنا تجاوز الفشل
المزيد.....
-
أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع
...
-
فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب
...
-
بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي
...
-
شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته
...
-
علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط
...
-
-تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
-
-ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك
...
-
روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
-
-نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
-
الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|