أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثانية 2-1















المزيد.....

من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثانية 2-1


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1857 - 2007 / 3 / 17 - 07:23
المحور: القضية الكردية
    


إن موقفي من تاريخ الحضارة، نظراً لعلاقته بالموضوع الكردي الذي تجري محاكمتي بسببه وارتباط ذلك بالقضية الكردية، إذا لم يتم تحديد مكان الكرد في تاريخ الحضارة بشكل صحيح، يستحيل استيعاب قضاياهم بشكل صحيح أيضاً، وقد استطعت تحليل تاريخ الكرد حتى ولو كان ذلك بخطوطه العريضة، فالكرد يأتون في مقدمة الشعوب التي خلقت الحضارة النيوليتية، وحتى لو حدث تفرع الشعوب بعد ذلك فإن المجموعات الأثنية الأصيلة هي الجذور التي تعتمد عليها الشعوب، وبهذا الجانب فإن دورهم مؤكد وبارز في تطوير الثورة النيوليتية والمجتمع الزراعي وتربية الحيوان، فكل علوم الآثار و الأعراق والجغرافية تؤكد صحة هذا الدور، وأكبر مساهمة للشعب الكردي في التاريخ هو بقاؤه على شكل مجتمع زراعي ومربياً للحيوانات على مدى خمسة عشر آلف سنة تقريباً منذ ميلاده وإلى يومنا هذا بشكل مستمر، وهذا هو السبب الذي جعل هذا المجتمع مستمراً في الظروف النيوليتية عبر كل مراحل تاريخ الحضارة.
إن التاريخ يدل على ان الشعوب والثقافات التي تحيا شكلاً اجتماعياً من الأعماق ولفترة طويلة لا يمكن أن تكون مركزاً للأشكال الاجتماعية التي تأتي بعدها ولا تقوم باحتضانها، ولا تعترف بالفرصة للجديد نظراً للتأثير الكثيف الذي تحياه للمجتمع القديم، بينما يتطور المجتمع الجديد كطرح مضاد للمجتمع القديم في الأماكن والظروف التي تشهد أضعف تأثير للنظام القديم، وسوء حظ الكرد هو أنهم عاشوا النيوليتية من الأعماق ولأطول فترة، فالزراعة وتربية الحيوان على مدى آلاف السنين هي التي حددت عالم الكرد بشكل رئيسي، وهذه الحقيقة في نفس الوقت تأتي بمعنى الاغتراب عن مجتمع المدينة، والعيش على شكل عشائر، فالكرد الذين لعبوا دور الحاضن لمجتمع المدينة السومرية كانوا في علاقة واشتباك دائم معه منذ ميلاده، وأمام تزايد قوة مجتمع المدنية في وقت قصير، فتح المجال أمام التفوق العسكري حينها لجأ الكرد إلى الجبال أي منذ خمسة آلاف سنة ليصبحوا حسب التسمية السومرية اما هوريون "شعب التلال المرتفعة" أو كوتيين "شعب الجبال المرتفعة "، حتى يتمكنوا من حماية وجودهم، ولم يجدوا الفرصة لأي شكل آخر من التطور بسهولة، ففي مواجهة الاعتداءات والغزوات من الجهات الأربع عليهم، لم يكن أمامهم سوى الانسحاب إلى النقاط الوعرة جداً على شكل وحدات عشائرية صغيرة كي يتمكنوا من الحفاظ على وجودهم، ولم يجدوا الفرصة لأجل التحول إلى مجتمع متمدن بقواهم الذاتية فيما عدا بعض الأوضاع الاستثنائية وبشكل محدود، حيث كان يتعرض لاحتلال جديد بعد فترة قصيرة وكأن ذلك قدرهم.
إن هذه الحقيقة تفسر لنا سبب بقاء الكرد على شكل وحدات عشائرية ضيقة ولكنها قوية، وسبب عدم تطور حياتهم الاجتماعية كثيراً، وفي نفس الوقت سبب عدم معايشتهم للفرز الطبقي في داخلهم، باستثناء شريحة ضيقة من المتواطئين والعملاء، حيث يتحقق الفرز الطبقي كظاهرة قادمة من الخارج، سواء لدى الطبقة الفوقية المتواطئة العميلة أو الطبقة التحتية المسحوقة المستغلة، حيث تتكون هاتان الطبقتان في ظروف الحضارة الغريبة، وهذا هو السبب أيضاً في عدم قدرتهم على تطوير لغتهم وثقافتهم نظراً لسياسة الصهر والتذويب الكبيرة التي تطبق عليهم، أما إذا نظرنا إلى الحقيقة التاريخية بصورة أقرب نرى أن وضع لا يمثل الهيمنة الخارجية تماماً كما لا يمثل السيادة الداخلية تماماً، فكلما اتجهنا نحو الخارج نرى أن الصهر والذوبان يفعل فعله، وكلما توجهنا نحو الداخل نرى أكثر أشكال القبائل تخلفاً والوحدات العشائرية والأسرية التي تحيا التجريد، والابتعاد عن الحضارة تماماً، أي يعيشون التهميش وبناء عليه وضعاً اجتماعياً خطيراً، وهذا يشبه وضع العجوز القابلة التي أولدت البشرية، وتقبع في الزاوية ولا يمكن فهم شيء من لغتها ومن الواضح أن هذا وضع ظالم وغير مفهوم لا يمكن القبول به.
أما إذا تناولنا الموضوع من زاوية أخرى مختلفة، أي من زاوية أبعاد الدين والأخلاق ، نرى أن المجتمع الكردي هو الذي يتضمن مفاهيم القداسة والذنوب واللعنة في أحشائه لتقوم بتحديد ظروفه الاجتماعية، فالقداسة تعتمد على أول الإنجازات التي قدمها هذا المجتمع للبشرية على شكل الحبوب والثمار والحيوانات المدجنة، والقدسية التي يتميز بها الخبز والشراب والحليب ترمز إلى هذا الجانب من حقيقة القداسة، لدرجة أننا لا نستطيع إنكار وجود القدسية في مورثات الكرد بشكل متوارث، وحيوية هذه القداسة في حياتهم، ولكن هذه حقيقة بقيت مخفية ولا تستطيع أن تعبر عن نفسها تماماً، أما الذنوب لدى الكرد فهي ناجمة عن عدم قدرتهم الحفاظ على هذه المقدسات كما يجب، وبناءً عليه فإن امتلاك كل هذه المقدسات دون أن يستطيع تحقيق مجتمع حر ليكون لائقاً بها، يجعل المجتمع كله مذنباً، أي أنه شعور بالذنب على شكل جماعي شامل، أما الدين لدى الكرد فلا يهدف إلى الطهارة من الذنوب، بل يحقق لهم التستر عليها، وهذا أمر يتعلق بكون كل الأديان القادمة بعد الربة الأم التي سادت في ظروف المجتمع النيوليتي وثقافتها هي أديان ومعتقدات خارجية المنشأ، وذلك هو السبب الأساسي في هذا الوضع.
تلك الأديان وآلهتها التي أصبحت وسيلة للاستعمار والانتشار بالنسبة للمجتمعات الأخرى قامت بتخريب الجوهر والوعي والمعتقدات الموجودة لدى الكرد، وتركتهم في وضع متخلف جداً على الصعيد الفكري والعاطفي، وأصبحوا غير قادرين على إنتاج المشاعر والأفكار الخلاقة التي تعتمد عليها ظروف حياتهم، وتسفر عن الفقر المُدقع على الصعيد المادي والمعنوي، أما الشعور باللعنة فهو الرد الأخلاقي على كل حركات الاحتلال والاستيلاء والهدم والنهب على مدى التاريخ الطويل، وهذا يشكل أكبر شعور بالذنب على الصعيد الديني أيضاً، فلا يوجد أي مجتمع تعرض لكل هذا الاحتلال والاستيلاء والهدم على مدى تاريخه بهذا الشكل المتداخل وبهذه الاستمرارية، ولهذا فإن الكرد هم الذين تعرضوا إلى اللعنات أكثر من غيرهم، وأصبحوا شعباً بلا حظ ومستقبل، وحُكِم عليه بالألم والظلمة، وهذه اللعنة حدثت على يد كل أشكال الحضارات ومن طرف أفضل قواها، وأسفرت عن الكوارث على مدى قرون طويلة وعلى شكل موجات حتى وصلت إلى يومنا هذا حيث لازال تأثيرها قائماً. إن الآلام الناجمة عن كون الكرد مجتمعاً ملعوناً، والظلام الناجم عن هذا الوضع جعلت المجتمع خجولاً، وهذه الحقائق هي التي ترسم لنا صورة تعبر عن مأساة القداسة والشعور بالذنب واللعنة لدى الكرد.
إن تنوير القضية الكردية من الأهداف الأساسية لمرافعتي، فالقضية الكردية أكثر من أن تكون قضية وطنية بالمعنى الضيق، هي قضية إنسانية كبيرة يتطلب تحليلها من كل الجوانب التاريخية والاجتماعية، فهي لا تشبه القضايا الوطنية التي تشكلت حول السوق الوطنية وتطورت في أحضان النظام الرأسمالي قط، والأسس التاريخية والاجتماعية لها لم تعطِ الفرصة لمثل هذا التشكل، فهي قضية ذات مزايا وخصوصيات ولدت ونشأت مع تطور وتصاعد المجتمع الطبقي إلى جوارها كالمثال السومري، ويمكننا القول بأن المجتمع الكردي تأثر بشكل مباشر وأكثر من أي مجتمع آخر بالأنظمة العبودية والإقطاعية، بل يمكن القول أن كل الحضارات التي تأسست وتطورت في الشرق الأوسط، فتحت المجال أمام قضايا وتعقيدات عميقة في الموضوع الكردي، فكل الإمبراطوريات التي وُجدت مثل السومريين والبابليين والآشوريين والحثيين والإغريق والرومان والبيزنطيين والبرس والساسانيين والإمبراطورية الإسلامية، حولت الجغرافيا الكردية إلى ساحة حرب، أما الرد الكردي على تلك القوى، فقد كان على شكل الانسحاب إلى أعماق الجبال على شكل مجموعات عشائرية وقبلية صغيرة، لتستطيع حماية وجودها على أساس الدفاع عن الذات، أما بالنسبة لأولئك الذين بقوا في السهول فقد تعرضوا للانصهار ضمن ثقافة المهيمنين والمستعمرين، وآلو إلى وضع فقدان شخصيتهم، والصفة الموجودة لدى الطبقة الفوقية هي " القادم هو سيدي والذاهب هو الباشا"، وهي خصوصية متوارثة من هذا الوضع وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من شخصيتهم.
في ظل هذه الظروف نرى أن القضية الكردية غير قادرة على الارتقاء إلى مستوى قضية سياسية، فكل ما قام به الكرد هو أنهم حاولوا المحافظة على وجودهم الفيزيائي في مواجهة كل هذا الاحتلال والاستعمار الظالم، فحماية الوجود الفيزيائي في ظروف التهديدات التي تصل إلى درجة الإبادة، أصبح الهدف والمسؤولية الأولى للمجتمع الكردي، وبدلاً من القيام بحملة سياسية وثقافية لأجل النجاح، كانت كل جهودهم منصبة على العمل لأجل أن لا يخرجوا من كونهم مجتمعاً، ورغم أنهم كانوا عشائر مختلفة وقبائل وحتى عائلات صغيرة استطاعت الصمود والبقاء، فهم كانوا شاكرون يحمدون ربهم ويعتبرون ذلك نجاحاً، لأن الوضع الأسوأ من ذلك هو ان يخرجوا من كونهم مجتمعاً، أو يتعرضوا للإبادة العرقية، فالثنائية الكامنة هنا هي إما البقاء الفيزيائي أو الانتهاء والزوال، أما المصطلحات والسياسة والتحول إلى تنظيم سياسي وتحقيق التحرر السياسي والثقافي فهو وضع محدود جداً، ولم يحدث مثل هذه التطورات إلا في الظروف القائمة في يومنا هذا، أما الأمر الأشد خطورة فهو العمل على إخراج الأكراد من شخصيتهم من خلال سياسات الصهر والإرغام حتى ولو لم يصل ذلك إلى درجة الإبادة الفيزيائية، وهذا هو الجانب الأكثر خصوصية الذي يواجهنا باستمرار على مدى التاريخ، فالكرد يمكن أن يعبّروا عن تطلعاتهم بعد أن يُثبتوا وجودهم أولاً كمسألة أساسية للحرية.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثا ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الاو ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الاو ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- تسعون بالمائة من المجتمع التركي حلفائنا الطبيعيين - حوار اوج ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...


المزيد.....




- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الخاتمة الثانية 2-1