أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد نجيب الشابي - هل توجد قضية للمرأة اليوم؟ وفي صورة الإيجاب ما هي هذه القضية؟ ولماذا تطرحها المعارضة كأحد الشروط المسبقة للعمل المشترك؟















المزيد.....

هل توجد قضية للمرأة اليوم؟ وفي صورة الإيجاب ما هي هذه القضية؟ ولماذا تطرحها المعارضة كأحد الشروط المسبقة للعمل المشترك؟


أحمد نجيب الشابي

الحوار المتمدن-العدد: 1854 - 2007 / 3 / 14 - 11:32
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


التطور التاريخي لقضية المرأة في تونس:

برزت قضية المرأة في تونس كما في سائر بلدان العالم العربي والإسلامي مع مطلع القرن الماضي تحت تأثير الاحتكاك بالغرب وكواحدة من قضايا الإصلاح، إلى جانب الإصلاح الديني وإصلاح التعليم والنظم السياسية.

وبرز الطاهر الحداد في ثلاثينات القرن الماضي كرائد لحركة تحرير المرأة في بلادنا ولاقت أفكاره التحررية معارضة قوية من رجال الدين المحافظين وعدم استحسان من الحركة السياسية الحديثة التي رأت عدم تعريض الوحدة الوطنية إلى انشقاقات سابقة لأوانها وأجلت النظر في مثل هذه القضايا الخلافية إلى ما بعد الاستقلال.

وجدير بالملاحظة أن القوى المحافظة التي عارضت الحداد من أمثال الشيخ محمد صالح بن مراد لم تجاف العمل الإصلاحي بل بعثت ابنته بشيرة بن مراد "اتحادا إسلاميا للمرأة التونسية" عمل على تعبئة التراث في ميدان المساواة بين الجنسين وأثـَرُ شهيرات النساء في الإسلام ليدفع بالمرأة التونسية إلى الانخراط في الحياة الاجتماعية فأسس "الاتحاد" مدرسة للفتيات ونظم الملتقيات جمع فيها الأموال لإرساء بعثات جامعية إلى الخارج وساند نشر العلم والتعليم وانخرط في العمل الوطني من أجل الاستقلال. وشكل الاتحاد الإسلامي للمرأة التونسية أهم تنظيم نسائي حتى الاستقلال. كما عمل الحزب الحر الدستوري الجديد من جهته على بعث حركة نسائية تونسية لم تعرف الانتشار والتأثير إلا بعد نيل الاستقلال وبالاستناد على إمكانيات الدولة الوطنية. وكان إصدار مجلة الأحوال الشخصية من أول إنجازات الدولة الوطنية الجديدة التي أدخلت إصلاحا جذريا على وضع المرأة فمنعت تعدد الزوجات وجعلت من تراضي الزوجين أساسا لعقد الزواج وأخضعت الطلاق إلى نظر المحاكم واعترفت التشريعات الجديدة بالحقوق السياسية للمرأة ومنها حق الانتخاب وعملت على نشر تعليم البنات وفرض الاختلاط بين الجنسين في المدارس وقاومت الحجاب ودعت إلى السفور.

وعلى الرغم من اعتماد الدولة على الوسائل القسرية في سن هذه التشريعات ودفع هذا التطور فإن هذه الإصلاحات لم تأت مسقطة على المجتمع بل جاءت في سياق تطور طويل وتحت تأثير الاحتكاك الثقافي والاجتماعي بالغرب وخاصة منها الدولة المستعمرة كما اندرج في سياق التطور العام الذي عرفته المنطقة. وتجدر الملاحظة أيضا إلى أن هذه الإصلاحات لم تطرح في تعارض مع تعاليم الدين الإسلامي بل استهدفت القوى الدينية المحافظة وقدمت نفسها كإحدى القراءات الممكنة للإسلام.

وبعد نصف قرن من انطلاق هذه المسيرة يمكن القول بأن تونس تتميز اليوم بحالة من التقدم في ميدان تحرير المرأة والاعتراف بحقوقها المدنية والسياسية. فنسبة تعليم البنات تساوي اليوم نسبة تمدرس البنين بل أن نسبة الطالبات فاقت نسبة الذكور من طلاب الجامعات واقتحمت المرأة جميع حقول العمل والنشاط وتكاد لم تبق مهنة خارجة عن ميدان تدخلها فاحتلت المرأة موقعها في الإدارة والتعليم والطب والقضاء والمحاماة والأمن والجيش وقيادة الطائرات الخ... كما تحسنت نسبة مشاركة المرأة في الحياة العامة ولئن ظلت دون مستوى الرجال كما هو الحال في أغلب دول العالم إن لم نقل كلها. ما هو واقع المرأة اليوم؟

ولما كان العمل الإنساني مبني على النقصان ومهما كانت الجهود المبذولة على مدى نصف قرن مضى فإن الحياة الاجتماعية لازالت تشكو من عديد المظاهر لعدم المساواة بين الجنسين والتي تتجلى خاصة:

- في ارتفاع نسبة الأمية بين النساء قياسا إلى مستواها بين الرجال.
- في تدني مستوى الأجور عند النساء بمعدل 14% حسب آخر تقدير للبنك الدولي ويرتفع هذا المعدل إلى 18% في القطاع الخاص.
- هشاشة عمل المرأة التي تتصدر الأعمال المتدنية المهارة وذات الأجور البخسة والمعرضة للبطالة بسبب اشتداد المنافسة الدولية في القطاعات التي تشغل النساء كقطاع النسيج.
- تفشي البطالة بين النساء وانخفاض نسبتهن من القوة العاملة إذ يخرج ثلاثة أرباع النساء عن تعداد القوة العاملة في بلادنا.
- انفراد المرأة بالعمل المنزلي وبتربية الأبناء بما في ذلك المرأة العاملة التي ترهقها ازدواجية المسؤوليات.
- ضعف نسبة مشاركة المرأة في مراكز القرار سواء كان ذلك في الجمعيات الأهلية والسياسية أو المجالس النيابية أو الدوائر الحكومية والمؤسسات الاقتصادية الكبرى. كما تعاني المرأة من نظرة دونية ظلت تلاحقها في البيت وموطن العمل والشارع جراء ثقافة ذكورية لا زالت متأصلة بالرغم من فعل التعليم وانفتاح المجتمع على العالم (وسائل الاتصال الحديثة ووجود جالية تونسية في الخارج واستقبال ملايين السياح سنويا).

على المستوى التشريعي وعلى الرغم من الجهد المتواصل لإلغاء مظاهر التمييز بين الجنسين في القانون فإن التشريعات لازالت تتطلب مزيدا من التحسين والتدقيق لاستئصال بقايا هذا التمييز.

قضية اجتماعية أم إيديولوجية؟

إن الموضوعية تقتضي الإقرار بأن الإسلام سوى بين المرأة والرجل من حيث أنها إنسان كامل يتحمل مسؤولية أعماله لكنه ميز الرجل في بعض المجالات الاجتماعية والأدلة على هذه المســاواة الأساسية وهذا التمييز واضحة في القرآن والأحاديث النبوي.

كما أن الموضوعية تقتضي الإقرار بأن المرأة عانت من التمييز الشيء الكثير في عصور الانحطاط فحجبت في البيوت ونالها الظلم والطغيان وكرس الفقهاء وضعها الدوني حتى غدا اعتقادا سائدا طوال القرون.

والموضوعية تقتضي الإقرار أيضا بأن حركة الإصلاح اعتمدت منذ منتصف القرن التاسع عشر على ما تضمنه الموروث من اعتراف بإنسانية المرأة ليطالبوا بمراجعة وضعها والاعتراف بحقوقها الاجتماعية وإشراكها في الأعمال والحياة العامة. وقد لعب المصلحون دورا هاما في إسناد حركة تحرر المرأة وتهيئة المجتمع روحيا وثقافيا لتقبلها.

ومع نهاية الستينات ومطلع السبعينات وبتأثير من التيارات الوهابية والإخوانية وفي ردة فعل على التوجهات التحديثية للسلطة ظهرت تيارات تنادي برفض أحكام مجلة الأحوال الشخصية والعودة إلى الشريعة الإسلامية للحفاظ على العلاقات الأسرية التقليدية. وغذت هذه التيارات خوفا في الأوساط التحديثية على ما تحقق من مكاسب في ميدان تحرر المرأة.

لكن المطلع على الأدبيات المبكرة للحركة الإسلامية التونسية (النصف الأول من الثمانينات) يدرك بلا عناء بأن ردود الفعل وقع تصحيحها في اتجاه تحرري يقر بحقوق المرأة وبمكتسباتها الاجتماعية. كما أن المراقب للظواهر الاجتماعية يدرك أن حركات الإسلام السياسي وخاصة في تونس لم تطرح البتة حجب المرأة وإخراجها من الحياة الاجتماعية والاكتفاء بالنسبة إليها بالحد الأدنى من التعليم وإنما قاومت هذه الدعوات وعملت على إقحام المرأة فعليا في مختلف مجالات النشاط الاجتماعي ولم يكن الحجاب الذي عملت هذه الحركات على ترويجه سوى المسوغ لهذا الإقحام.

إن مجمل هذه الاعتبارات تجعلنا نجزم بأن اعتبار الدين ككل والحركات الإسلامية برمتها معادية لقضية تحرر المرأة مجاف للواقع الثقافي والاجتماعي وللتطور التاريخي وهو طرح يوظف في الواقع قضية المرأة للوصول إلى هدف إيديولوجي ينادي بفصل الدين عن الدولة.

ومع أن المقام لا يتسع لمناقشة مسألة العلمانية في ما هو خاص بالتاريخ الديني والسياسي للبلدان الغربية (وجود هيئة كنيسة تنطق بالحقيقة الدينية إلى جانب الدولة ووجود رجال دين متميزين عن الناس العاديين والتفريق بين المجال الدنيوي والمجال الأخروي، الحروب الدينية للقرن السادس عشر إلخ...) وفي ما هو كوني يتلخص، حسب رأيي، في إقرار حرية المعتقد ومبدأ المواطنة الذي لا يميز بين المواطنين بسبب عقائدهم الدينية واعتبار الهيئة التشريعية لا هيئة علماء الدين مصدرا للتشريع فإن الواقع الروحي للمجتمعات الإسلامية وتاريخها الحضاري (غياب مؤسسة كنسية، وتعدد المذاهب وتعايشها بناء على حق الاجتهاد إلخ...) يثبت أن الإصلاح الديني كان ولا يزال خير مدخل لتأصيل التحديث وإقرار السلم الاجتماعية. وهذا الإقرار لا يقلل في شيء من حق الآخرين في معالجة قضايا التحديث من منظارهم الخاص ولا من دورهم في دفع حركية التحديث لكن الواقعية (وليس الذرائع السياسية) لا تفيد ماضيا أو حاضرا أنهم لعبوا أو باستطاعتهم أن يلعبوا دورا مؤثرا في تحرير المرأة والقضاء على مظاهر التمييز بينها وبين الرجل.

لماذا تطرح حركة 18 أكتوبر قضية المرأة على رأس جدول أعمالها؟

لقد تعطلت الحياة الثقافية مع تعطل الحياة السياسية منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي ولم يساعد القمع والاستئصال الذي نزل بحركة النهضة من قيام حوار مفتوح معها حول أمهات القضايا الاجتماعية وحل الاغتراب والاستئصال المذهبي محل الحوار بين الفرقاء السياسيين. واليوم وبعد أن اعترف الجميع بقصور الحلول الأمنية وعقم الاستئصال في معالجة الظواهر الثقافية والاجتماعية والسياسية وبعد أن اقتنع العديد من الفاعلين السياسيين بأن طريق الانتقال إلى الديمقراطية يمر عبر تكتيل قوى الإصلاح السياسي بمختلف مشاربها الفكرية والثقافية وبعد أن أيقن الجميع بأن استقرار الديمقراطية يقتضي وفاقا اجتماعيا عاما حول أسسها ولما كانت الديمقراطية تتجاوز كونها آلية لحكم الأغلبية بل هي آلية للحد من حكمها وحماية حقوق الفرد والأقليات ولما كانت المساواة من القيم الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية.

(*) أفكار أساسية من مداخلة بعنوان "قضية المرأة في تونس" للأستاذ أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي.




#أحمد_نجيب_الشابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد نجيب الشابي - هل توجد قضية للمرأة اليوم؟ وفي صورة الإيجاب ما هي هذه القضية؟ ولماذا تطرحها المعارضة كأحد الشروط المسبقة للعمل المشترك؟