أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - بلير والنغمات النشاز















المزيد.....

بلير والنغمات النشاز


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 13:00
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الباحث والروائي طارق علي من مواليد الباكستان، أمضى دراساته العليا في جامعة أوكسفورد، وكان أحد قادة حركة معارضة الحرب الفيتنامية، له العديد من المؤلفات في الرواية والدراسات. ومن أهم رواياته: «تحت ظلال شجرة الرمّان»، عن عرب الأندلس، ومن دراساته: «بوش في بابل»، «إعادة استعمار العراق» و«تصادم الأصوليات» و«آل نهرو وآل غاندي: سلالات هندية».
هذا الكتاب عن حقبة توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني، هو قبل كل شيء عن «النهج الليبرالي الجديد» وعمّا أسماه بلير نفسه بـ «الطريق الثالث» الذي يأخذ من الرأسمالية والاشتراكية «أفضل ما فيهما».
وضمن هذا الإطار يحاول طارق علي أن يبيّن كيف أن الأشكال المتعددة لمكافحة الإرهاب، خاصة ما جرى الإعلان عنه بعد التفجيرات الإرهابية التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن في شهر يوليو من عام 2005 إنما تنضوي كلها - أي أشكال مكافحة الإرهاب ـ في إطار المنطق الليبرالي الجديد.
وضمن نفس النهج أيضا من التحليل يرى طارق علي في السياسة الخارجية لتوني بلير استمرارية، إنما بأشكال أخرى، للسياسة التي كان نظام مارغريت تاتشر قد أرسى أسسها، وهذا يصح على الاحتلال العسكري للعراق كما يصح في الدعم، دون أي تحفظ، للقرارات وللمواقف التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية، أو ما يسميه المؤلف بـ «الجري خلف واشنطن»، كما جاء في عنوان أحد الفصول.
كذلك يحاول المؤلف أن يكشف عن (الاستمرارية) بين أشكال التدخل العسكري الشرسة أو ممارسة التعذيب، من جهة، وبين استغلال القطاع السمعي ـ البصري العام والتشكيك بالحريات الفردية الأساسية، من جهة أخرى، بل ويتم التأكيد أن بريطانيا قد أصبحت في ظل حكومة توني بلير «أكثر تسلّطا مما كانت عليه أثناء عهد المحافظين».
ذلك أن بلير، وبالاعتماد على ما يعطيه له الدستور ـ ولو غير المكتوب ـ من سلطات في تعيين كبار الموظفين «طوّر نظاما رئاسيا تقريبا حيث كان يتم تنسيق كل شيء من مكتبه ومن قبل مستشارين لم يكن قد جرى انتخابهم وليسوا مسؤولين أمام أحد».
ويشرح المؤلف بإسهاب كيف أن هذه «النزعة التسلطية» لنظام توني بلير قد ظهرت بوضوح في احتقاره الشديد للعدالة وإعاقة مسيرتها الطبيعية وفي هجماته المتكررة ضد الحريات المدنية ومناوراته المتكررة الرامية إلى الحط من قيمة الإذاعة البريطانية المعروفة ـ بي.بي.سي ـ وضد الصحافة الموصوفة بأنها «ليبرالية» بل وطالت (النزعة التسلطية) حزب العمال البريطاني نفسه الذي جرى اعتباره بمثابة (مؤسسة تقتل الفكر وتمنع الاختلاف).
وكان على الذين يحيطون بتوني بلير ـ ممن كانوا قريبين من المبادئ الاشتراكية إلى هذه الدرجة أو تلك ـ أن ينضووا بسرعة تحت راية «إيديولوجية التبادل التجاري الحر» وأسلوب الحياة «ما بعد الحداثي» وأن يقبلوا بـ «موت الإيديولوجيات» ويشير المؤلف إلى أن أولئك الذين رفضوا (الانصياع) و(الطاعة) في التلفزيون جرت «إقالتهم» من مناصبهم.
ويعيد طارق علي التفجيرات التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن يوم 7 يوليو 2005 إلى الحرب التي دخلها توني بلير في العراق. ويشير إلى قيام أجهزة الشرطة البريطانية بعد أسبوعين فقط من تلك التفجيرات بقتل عامل كهرباء برازيلي شاب كان في طريقه إلى عمله على أساس أنه من «الإرهابيين» بينما تبيّن أنه لا علاقة له بالإرهاب ولا يحزنون.
وهذا ما يخرج منه المؤلف بالقول: «هذه الاعتداءات، والتصعيد نحو حرب لا نهاية لها في الشرق الأوسط، يدلّ على منعطف في الثقافة السياسية البريطانية»، ثم يتساءل: «كم من الناخبين العماليين الذين احتفلوا في صباح ذات يوم من شهر مايو 1997 - بانتصار حزب العمال آنذاك في الانتخابات التشريعية ـ كانوا قد تصوروا مثل هذا السيناريو؟».
لكن الأمر الأكثر صعوبة في تصور ما آلت إليه سياسة توني بلير يراه المؤلف في «نزعته العسكرية المتطرفة». وكان بلير قد اختار بعد وصوله إلى السلطة أن يجعل من العراق «إطار أعماله العسكرية الأولى». ويوم ذاك جرى إطلاق 415 صاروخ بأقل من 70 ساعة مما أعلن بداية حملة قصف لم تتوقف عمليا حتى عملية «الحرية للعراق» وهذا ما يعلّق عليه المؤلف بالقول: «هذه هي التسمية نصف السريالية ونصف الساخرة التي جرى اختيارها للاحتلال العسكري للعراق عام 2003».
وينقل المؤلف في هذا السياق عن جوناثان بويل مدير مكتب توني بلير قوله عام 1997 لكريستوفر ماير، السفير الجديد آنذاك لبريطانيا في واشنطن، شرحه مفتاح السياسة الخارجية التي ينبغي اتباعها بالقول: مهمتك هي أن تلتصق بمؤخرة واشنطن ولا تتحرك من مكانك بعد ذلك، وما يتم تأكيده في هذا الكتاب هو أن بلير ظل «وفيّا» باستمرار لهذه الإستراتيجية. وهكذا لم يتردد في إعلان ولائه لكلينتون عندما كان هذا الأخير في خضم قضية «مونيكا لوينسكي» الشهيرة.
ويشير المؤلف في هذا السياق أيضا إلى مذكرة سرّية تعود لتاريخ 23 يوليو 2002 ونشرتها الصنداي تايمز خلال شهر مايو من عام 2005 وهي تدل بوضوح إلى الأكاذيب والدعاية التي جرى وضعها من أجل استغلال الرأي العام. وقد كان القائدان يعرفان منذ البداية أنه لم يكن لدى العراق أسلحة دمار شامل، حسب تعبير طارق علي.
وبعد أن يشرح المؤلف بأشكال كثير واقع (التبعية) التي عرفتها السياسة الخارجية لبريطانيا في ظل توني بلير، للنهج الذي اختارته الإدارة الأميركية لبيل كلينتون وبعده لجورج دبليو بوش، يرى أن بلير قد استفاد من «النظام البرلماني» البريطاني ومن الدعم الإعلامي الكبير ليظل مدة طويلة دون أن يتأثر بـ «انخفاض شعبية سياسته». ولم يتردد بعض أنصاره من القول بأنه «من المضحك الاعتقاد أن مسألة السياسة الخارجية يمكن أن تؤدي إلى إجراء انتخابات مبكرة».
لكن، ورغم هذه «الثقة بالنفس»، ذلك هو الذي حصل. ذلك أن «بلاغة المزايدة التي استخدمها بلير ووزراؤه من أجل دعم واشنطن وسياستها الحربية في الشرق الأوسط كلفتهم انفضاض الملايين عنهم». كما يقول المؤلف ثم يضيف سماعه الكثيرين يرددون القول واحدا تلو الآخر: «كنت أؤيد سياسته وأعجب ببلاغته (...) ثم كانت هناك قضية العراق. لقد كذب، وسوف لن أسامحه أبدا». كانت تلك هي «القطرات» الأولى التي أثارت موجة من الغضب والاحتجاجات.
ويفرد المؤلف فصلا كاملا للحديث عن دور الإعلام البريطاني في دعم السياسة الخارجية لتوني بلير وخاصة فيما يتعلق بالحرب الأخيرة ضد العراق، وتتم الإشارة أولا إلى أن أغلبية «بارونات» الصحافة الانجليزية، وعلى رأسهم روبرت مردوخ واللورد روتمير وريشارد ديموند والأخوين باركلي، كانوا جميعهم من مؤيدي الحرب. وهذا يعني أن «التايمز وصانداي تايمز وذا صن، والدايلي ميل» والكثير غيرها من الصحف والدوريات كانت هي الأخرى مؤيدة للحرب.
هكذا عندما قدّم بلير «الملف الشائك لأسلحة الدمار الشامل» في العراق كتبت صحيفة «الغارديان» افتتاحية تحدثت فيها عن أن بلير مثّل: «الشجاعة والرصانة والهدوء واستعرض الحجج واحدة بعد أخرى» بل ورغم أن التغطية التي قامت بها صحيفة «الاندبندنت» للحرب كانت نقدية عامة، فإنها قد كتبت قبل أيام فقط من بداية الحرب في إحدى افتتاحياتها ما مفاده: «لقد أظهر بلير، خلال الأيام الأخيرة، بنفس الوقت أنه أحد رجال السياسة الكبار في البلاد وزعيم الأمة الذي نحتاج إليه في هذا الوقت العصيب». باختصار أظهر الصحافيون البريطانيون عامة أنهم «مطيعون».
وبعد أن يكرّس طارق علي فصلا قصيرا لما يسميه عملية «قتل سياسي» للشاب البرازيلي، ابن الـ27 عاما، «جان شارل دومينيز» من قبل أجهزة الأمن البريطانية وبشكل «متعمّد» وتقديمه كإرهابي شارك في تفجيرات يوليو 2005، يخصص المؤلف الفصل الأخير من الكتاب لـ «الحرب ضد الحريات المدنية» ليؤكد أن فترة حكومة بلير قد عرفت ممارسات «لا تشرّف العدالة البريطانية» وليس أقلها فداحة «السجن دون محاكمة لأجانب بتهمة الانتماء إلى حركات إرهابية» و«محاولات منع محاكمات بوجود لجنة محلفين» و«محاكمات جديدة لأشخاص أُعلنت براءتهم»، و«خروقات» أخرى كثيرة للحريات المدنية.
وفي المحصلة يصل طارق إلى القول: «علينا أن نقول بصراحة، أن السلام سيكون مستحيلا طالما أنه - أي توني بلير- أو أمثاله سيبقون في السلطة» لكن هذا لا يمنع واقع أن «الموديل» البريطاني «البليري» يجد أصداء كبيرة لدى العديد من القوى الأوروبية الحاكمة أو التي تتطلع إلى الحكم.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكرة التآمر في معرض المُلهِمين
- ناصر ووهم العروبة
- نخبة القادة الإداريين
- اللطخة
- إبن عربي
- الى عشرينية
- كيف يمكن أن تكون وزيرا في بلد ديمقراطي..؟
- عندما غنينا الشهيد بشار رشيد
- الفاشية الأوربية
- ماوتسي تونغ
- الليبرالية والديمقراطية
- فن الحياة
- عالم المافيات
- ستالين الطيب
- التلفزيون والإنزال الثقافي الأميركي
- اليوناني الرائي
- لماذا يقتتلون في الشرق الأوسط..؟
- تهافت الديمقراطيات الصناعية
- موسوعة التنوير..غيرت مسار التأريخ
- من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - بلير والنغمات النشاز