أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عادل المأمون - رحلتي مع سيف علي















المزيد.....

رحلتي مع سيف علي


عادل المأمون

الحوار المتمدن-العدد: 1843 - 2007 / 3 / 3 - 08:45
المحور: حقوق الانسان
    


من اين ابدأ فكل الحكايات تبدأ من بغداد وتنتهي بالفواجع. من مكتب السفريات في المنصور سأبدأ رحلتي مع السيوف عابرا طريق بري يبدأ من بغداد وينتهي بالخوف , طريق بغداد التنف ( الوليد) راحلاً الى دمشق لغرض من اولياته التشبث بالحياة التي بدأت شمسها بالغروب ظناً مني وانا الصغير اني استطيع أيقاف الشمس. في مكتب السفريات وجدت سيارة (جمسي) قد حجزتها عائلة وتبحث عن من يشاركها في اجرة السيارة والرحلة وكنت انا من اختاره القدر ليشارك تلك العائلة الهاربة من مرارة تهديدات الموت إلى حياة الغربة التي قد تكون اشد من الموت نفسه. قال لي السائق قبل ان نتفق يا اخي قل لي من اي طائفة انت؟ ( يعني شيعي لو سني) قلت له وما الفرق عندك؟ قال الفرق ليس عندي بل في الطريق. قلت له وماذا في الطريق ؟ قال لي إن عرف المجاهدون انك شيعي سيقطعونك إرباً . قلت له ولماذا ؟ قال هكذا ولا تطيل الكلام اجبني بسرعة , قلت له انا سني , فأستغرب قائلا شكلك ينم على انك من مدينة الصدر . فأجبته بان لي اقارب هناك قد اكون ورثت بعض الجينات منهم , قال لي المهم ياأبن العم انت الذي ستتحمل مسؤؤلية نفسك ان وقع المحظور في الطريق . قلت له انا ذاهب الى الشام لغرض العلاج وان كان القدر يريد ان يخلصني من نفقاته فهذا شيء حسن. افضل الموت في الطريق فهو اسهل بكثير من الموت على سريرٍ المرض . هذه هبة بالنسبة لي فسر بنا ايها القائد فالعمر واحد والرب واحد. ضحك وقال اذن توكلنا.لم يتسلل الخوف الى قلبي من كلام السائق فلطالما كنت اتعاطى التعامل مع المجهول دون خوف . في الصباح غادرنا بغداد و لم يكن بحوزتي سوى حقيبة صغيرة حوت همومي قبل ان تحوي امتعتي . جلست أنا في الامام بمحاذات السائق واخذت العائلة التي لااعرفها ما تبقى من المقاعد. كانوا يحملون امتعة كثيرة تدل على انهم سيطيلون عن بغداد الغياب بعد ان دب شعور الخوف في انفسهم من كثرة التهديد والارتياب في طريقنا نحو المجهول الذي يؤدي إلى الموت ان كان الجو غائما. او إلى دمشق ان شابه الصفاء. سألت السائق مستغربا عن عدم وجود جهاز كاسيت (مسجل) في السيارة. قال والله يااخي انا قمت بفكه خوفا من سيطرات المجاهدين كما يسميهم هو. قلت له ولماذا اهو ممنوع ايضا؟ قال لي في احد المرات اوقفتنا سيطرة للمجاهدين فوجدوا عند احد اصحابنا السواق كاسيت للمطربة اللبنانيه اليسا . فأنزلوه من السيارة وكسروا رأسه بمؤاخرات البنادق . قلت له إلى هذا الحد ؟ قال لي اجل وكذلك يفعلون. ومنذ ذلك الوقت وانا مستغني عن جهاز الكاسيت (ابردلي راسي) قلت له فعلت ما هو اريح لك بالا واخف وبالا. لكن انا اريد ان تحدثني عن عواقب الطريق وما رأيته خلال سفراتك المتكررة. قال لي لن اذكر لك سوى حادثة واحدة وانت احكم . في رحلتي السابقة الى دمشق كنت اقل عائلة مسيحية تتكون من خمسة افراد رجل كبير في السن وأمرأتان وبنت في العاشرة من عمرها وطفل. وفي الطريق كان المجاهدون قد نصبوا سيطرة واوقفوا السيارات. ولما وصل الدور الينا انزلوا العائلة وكان السبب في ذلك ان الفتاة ذات العاشرة من عمرها لم تكن متحجبة . فقرروا ان يعاقبوها بأن يصبوا على رأسها زيت محركات السيارات غير ابهين بما قدمته العائلة من توسلات . وانهم من الطائفة المسيحية. فقال لهم الامير نحن نحترم دينكم فكان يجب عليكم احترام ديننا . قالوا له انها لم تزل طفلة فأجاب ان لم تصمتوا ساقطع رؤوسكم واكون خلصت العالم من كفرة مثلكم يا عبدة الصليب. سكب المجاهدون على الفتاة ذات العشر سنوات ما توفر لديهم من زيت المحركات, قلت انا بأنفعال شديد أي جهاد هذا؟ إن من يفعل هذا الفعل تهون عليه امه واخته. انها لعنة بل طعنة بل خراب. الا شلت يمين كل مختالٍ في الارض لعين. قلت هذا وعم الصمت في ارجاء السيارة. كان الطريق طويلا لكنني استعنت بكتاب الفيلسوف الانكليزي كولن ولسن (المعقول والا معقول في الادب الحديث) على ضجر الطريق وتركت للسائق وللعائلة اطراف الحديث .كان الطريق هذه المرة سالكة خالية من المطبات الجهادية الحالكة واخيرا وصلنا الى اخر نقطة عراقية وفي منتصف الليل كنا في دمشق الشام تلك العروس الجميلة ما احلاها وما احلى صباياها. وشاءت الاقدار ان يكون بأنتظاري اعز اصدقائي الذين تعذر علي رؤيتهم في العراق فاختاروا لنا منفى للقاء خارج عتبات الوطن الغارق بالدم والفتنة. كانا صديقاي وابناء منطقتي التي احبها كثيرا واقدس ترابها فكيف تراني اليوم في دمشق اقابل ابنائها . استقبلاني بالقبل والترحيب صديقي الشاعر كمال حماده وصديقي الاخر محمد العبيجل الذي كا يطيب لي ان ادعوه حاظنة الادب الانكليزي اذ هو مختص به وقررت ان اقيم لديهم في شقة قد استأجروها في وسط الشام .وفي الليلة الاولى نمت حال وصولي الى الشقة مبددا بالنوم اعباء طريق يشوبه عزرائيل . وفي الليلة التالية قرر اصدقائي الاحتفال بنشوى اللقاء بعد فراق دام اكثر من سنة بعد حصار ضربه اناس تورطوا فلم يجدوا غير محاربة ابناء عمومتهم من خيار. كانت السهرة في احد نوادي دمشق الليله اختاروا لنا طاولة امام المسرح الذي عج بالغانيات وكنت انا مبهور اذ انني نسيت مظاهر الصخب المفرحة في خضم مظاهر الصخب المفجعه في بغداد. قدموا لي افخر انواع الخمر. كان كمال رجلا كريما جدا وهذا الكرم ليس بغريب على اهل الضلوعية الذين تنافسوا عليه طيلة حياتهم. قال لي كمال اود ان اسمع قصيدة من شعرك فنهض من مكانه وعاد بعد برهة وقال لي استعد لكي تلقي علينا قصيدة سينادي عليك عريف الحفل الان وما ان سمع الحاضرون اسم الشاعر العراقي عادل المأمون حتى بدأوا بالتصفيق والصفير وانا اعرف ان اكثرهم لايعرفني لكن كان اكثرهم من العراقيون واستأثرهم كلمة العراقي. وهنا قمت انا والقيت قصيدة يقول مطلعها
قلبي تنخره دوده
بلدي تابوت من دم
هناك طفلة تندب اباها
تندب حلما قد راواها
وهنا مشنقةٌ طال مداها
بحبال الدين الكاذب مشدوده
قلبي تنخره دوده
وهنا علا الصفير والتصفيق اكملت قصيدتي ونزلت من المسرح وبعد وهلة قامت ادارة النادي بمزايدة على سيف وكان يشبه سيف الامام علي كرم الله وجهه او عليه السلام لافرق عندي . اصر صديقي الشاعر كمال حماده ان يزايد عليه بأسمي حتى اشتراه في النهايه وقدمه لي قائلا هذا هديتي اليك. كان السيف فضي ومعمول بطريقه جيدة وحينما نظرت اليه تذكرت فلم الرسالة وقول الحمزة (سيف علي اول سيف في الاسلام) كنت مولع بذلك السيف وببطولات صاحبه. وضعه كمال امامي. وذهب قال لي صديقي الاخر(العبيجل) اين ستتوارى به ايها المسكين في طريق عودتك الى بغداد وقالها بلهحة اهل الضلوعية ( شيوصلك اياه بغداد يمتواري) .بعدها بقليل جائت غانية ووقفت امام طاولتي وقالت لي اريد ان اطلب منك طلب قلت لها تفضلي قالت اني ارغب في تقبيلك ان قبلت . قلت لها وما المانع فنحنت كحمامة وقبلتني وقالت لي الله يحفظك اني كلش تأثرت بكلماتك فأنا عراقية من بغداد. ثم ذهبت وبعدها جائت اخرى متعرية اكثر من الاولى وقالت لي اريد منك طلب. فقلت في نفسي ان كانت الاولى طلبت مني قبلة فهذه اكيد ستطلب مضاجعتي. ولكن كان الامر غير ذلك بالمرة اذ انها طلبت ان تمسك بالسيف . فقلت لها تفضلي فأخذت السيف وصعدت الى المسرح ترقص به وهنا ثار من كان موجود من اخواننا العراقيين الشيعة اذ اتو ا الي وقالوا لي كيف تسمح لعاهرة ان تحمل سيف الامام . فقلت لهم انه ليس سيف الامام بل يشبهه . قالوا وان يكن . فأحسست انني تطاولت على مشاعرهم فقمت من فوري واخذته منها واعدته الى الطاوله وسألتها لماذا فعلتي هكذا انك قلتي لي انا اريد ان امسك به فقط لقد احرجتني. وقالت لي انا اسفه ولكن جماعة كويتية الاصل اعطوني مبلغ من المال كي افعل ذلك.فقلت في نفسي متحيرا من امر البشر. كلتيهما عاهرتين ولكن شتان بين اثنتين. جاء كمال وجلس قربي ثم قال وهو ينظر الى السيف . ما رأيك به اسطورة اليس كذلك؟ قلت له نعم ولكن اكثر الاساطير تنتهي عادةً بكارثة. ففكرت في نفسي كيف سأعبر به الى بغداد انه سيف ذو الفقار واذا حظي به احد المدعين بالجهاد قد يصنع من رأسي ذو الفقار اخر بنفس السيف. واطلت النظر اليه وتذكرت المعركة التي خاضها الامام علي ضد جيش معاويه وعمرو بن العاص. تذكرت حادثة المواجهه تلك اذ خرج الامام علي قائلا هل من مبارز. فقال معاوية ابن ابي سفيان لعمر ابن العاص اخرج له انت يابن العاص
فضحك عمر بن العاص وكان من دهاة العرب مثل معاويه . ما اراك الا اردت قتلي يا ابا يزيد فانت تعرف ان ما احدا بارز علي وعاد سالما . وهنا قررت العودة مع السيف حتى وان لم اعد بالمرة.


انتهت


كل ما كتبت وما اكتب
اهديه لها
لعلها يوما تراني
وان كنت ادري حد اليقين
بأنها لن تراني



#عادل_المأمون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلامي
- عراقي من السرطان يشكو... دمشق تركله... وفي الاردن على ركبتيه ...
- الى سهى
- حكايات
- أنا العراق
- اميطي اللثام
- عجوز النعش
- مزبلة الفنون الجميلة
- ارفع رأسك انت عراقي
- دجلة حبيبتي... عادل المأمون
- وهن العظمُ يابغداد
- اتركونا وارحلوا
- دم النبي
- منتجعات.....بغداد الطب العدلي
- عرسان في ليلة القتلة
- ضاقت بنا فضائاتك يا وطني
- عمر.... عمر ما تجي وياي


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عادل المأمون - رحلتي مع سيف علي