أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - آذار احتفالية أنثوية















المزيد.....

آذار احتفالية أنثوية


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 07:00
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أغنية تتردد أصداؤها في آفاق الروح والوجدان الاجتماعي والذاتي... حلم يتغلغل عميقاً في مخيلة الذكر منذ أن يعي ذاته وجنسه... حلم يحمَله أرق العبارات وأروع الصفات. صورة لا يستطيع فنان تخيل بهاءها وألقها في روح الرجل، ولا شعوره كلما ارتحل في عالم الوجد والشوق للآخر. والشعر العربي يزخر بقصائد لا عدد لها مما يتغنى بحب المرأة ومجانينها الكثر من قيس إلى عنترة، إلى كثير عزة، وصولاً إلى نزار قباني. وقبل هذا وذاك، تتربع الأم مرتبة القداسة الإلهية في الأعراف الاجتماعية والدينية. مناسبات وأعياد تُقام على شرفها، من عيد المرأة إلى عيد الأم، وهذا يعكس المكانة التي تشغلها المرأة في الحياة الوجدانية للبشرية عموماً. قضيتها تحتل مكان الصدارة في خطط التنمية الحكومية – الاجتماعية والسياسية، وهي أيضاً من الأولويات في أجندة الجمعيات الأهلية والنسائية ونشاطاتها. مهمة يُطلب من الجميع تبنيها والعمل على إنجاحها، في ذات الوقت الذي يبتعد عنها واضعوها أثناء الممارسة الفعلية للحياة داخل الأسرة والمجتمع في كثير من المواقع والأحيان، وترفضها على الغالب معظم البيئات، وحتى صاحبة الشأن- المرأة- بحكم التربية والموروث القيمي الديني- الاجتماعي.
هي قضية المرأة وحقها في الحياة، ووضعها القانوني والاجتماعي من حيث علاقتها بالرجل من جهة، والمجتمع من جهة أخرى، إضافة إلى علاقتها بذاتها ونظرتها لنفسها... فهل وصلت المرأة فعلاً إلى وضعها الصحيح والطبيعي في المجتمع في زمنٍ ينادي بمساواتها بالرجل..؟ وهل تخطى المجتمع بكل فعالياته مسألة ممارسة العنف والتمييز ضد المرأة بكل ألونه وطرائقه..؟ هل تجاوز الرجل عقده الداخلية والمجتمعية في نظرته ومعاملته للمرأة بكل حالات صلتها به..؟ والأهم من كل هذا، هل تجاوزت المرأة ضعفها واستكانتها اللذين تشكلا عبر موروث تربوي- ديني اجتماعي..؟ هل ابتعدت عن نظرتها الدونية لذاتها، وبأنها تابع للرجل لا تستطيع القيام بمهامها بعيداً عنه..؟
صحيح أن المرأة منذ منتصف القرن العشرين قد حظيت بمواقع هامة في الحياة السياسية والثقافية، وساهمت فعلاً في عملية التنمية، لكنها بقيت مقيدة في مواقع صنع القرار بسبب الموروث من ناحية، وعدم فاعليتها الذاتية من ناحية أخرى، لأنها تمارس عملها وسلطتها الرسمية من منظور ذكوري، وأيضاً بسبب نسبة تمثيلها الضئيلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي لا تتجاوز12% ولا يغيب عن ذهننا أن المجتمع، والذي يفرز ممثليه في تلك السلطات وبضمنها السلطة القانونية، يقف من قضية المرأة موقفاً متبايناً نتيجة موروث اجتماعي ترسخ عبر مئات السنين لصالح الرجل. وكذلك المؤسسات والجمعيات الأهلية والمنتديات التي تعقد لمناقشة قضايا المرأة ومشكلاتها، تبقي على الغالب أنشطتها وعملها في إطار التنظير والمسوحات الممسوخة وغير الواقعية في معظم الأحيان، أو التي تكون مقتصرة على شريحة معينة من المجتمع، وهذه الشريحة لا تُعنى كثيراً بهذه القضايا لأنها، إما غير مؤمنة بما يُطرح عليها، أو غير مستعدة لهذا النضال لما تمتلكه من إمكانات الحياة المحترمة.
لا أنكر اهتمام بعض هذه الجمعيات ونشاطاتها، إلاَ أن أكثرها غير متابعة لما تطرحه من إشكاليات ومعوقات للوصول بقضية المرأة إلى حيز التحقيق. إذ إن العديد من أنواع العنف والاضطهاد الاجتماعي الذي تعانيه المرأة مازال ساري المفعول في حياتنا الأسرية، كالعنف الجسدي والنفسي والجنسي، وما زال قانون العقوبات والأحوال الشخصية يزخر بالكثير من المواد التي تكرس ذلك الاضطهاد: من جرائم الشرف، إلى تعدد الزوجات، إلى الطلاق التعسفي، إلى عدم تمكين المرأة منح جنسيتها لأولادها.... وغيرها الكثير الذي لا يتعامل مع المرأة إلاَ على أنها مواطن من الدرجة الثانية أو أدنى من حيث التراتبية الاجتماعية والقانونية.
أية احتفالية هذه، وما زال الشرف والمرأة مترادفتان متلازمتان في مجتمعاتنا العربية منذ أقدم العصور وفي كل الأدبيات والكتب والأشعار..؟
ما هو شرف المرأة..؟ وما معياره..؟ هل هو معيار ثابت في القوانين والأعراف الاجتماعية..؟ ومن ذا الذي يضع معاييره..؟ وكيف يتم التعامل معه اجتماعياً وقانونياً..؟ هل يتم التعامل من منظور العدالة الاجتماعية والإنسانية، أم من خلال نظرة دونية للمرأة باعتبارها مصدر كل إغواء، وسبب كل جريمة وبلاء كما يراها البعض..؟
هل نعد ما تتعرض له المرأة داخل الأسرة والمجتمع من إهانات من الرجل بكل حالاته شرفاً..؟! هل تزويج الفتاة بغير إرادتها أو رغماً عنها شرف..؟ ثمَ، هل المتاجرة بزواج الفتاة، وخاصة القاصر بهدف المال والجاه والنفوذ..شرف..؟ وأيضاً، هل ما نقرأه في صحفنا المحلية والرسمية من متاجرة الأب والزوج بنسائه من أجل المال شرف..؟
هل الشرف حالة فردية وخاصة جداً، أم هي صفة وحالة مجتمعية عامة، لا سيما في مجتمعاتنا..؟
أية احتفالية هذه ، وأي شرف هذا الذي يقع دائماً بين سندان القانون ومطرقة المجتمع إن هي حاولت الدفاع عن شرفها ضد نهم الرجل وجوعه الجنسي، واستغلاله لظروفها القاسية في بعض الأحيان التي تضطرها للعمل من أجل إعالة نفسها وأطفالها..؟ فإن هي وافقته على نزواته، واستسهلت طرق الحصول على لقمة عيشها وأطفالها، وقعت تحت مطرقة المجتمع التي لا ترحم، وإن هي قتلته للحفاظ على شرفها، وقعت بين مطرقة المجتمع وسندان القانون الذي يحكم عليها بالإجرام والسجن، ولا يغفر لها صونها لذلك الشرف..! ولا يمنحها العذر المخفف الذي يمنحه للرجل في حال ارتكبت جريمة مشابهة- الشرف- بحق الرجل عندما تراه في ذات الوضعية التي يراها بها وتستوجب قتلها صوناً لشرفه الرفيع من الأذى..!
فلماذا لا تعدل المواد(548-239- 240- 241- 242) من قانون العقوبات السوري الذي يفتح أفقاً رحباً لاستمرار هذه الجرائم والممارسات المشينة بحق الإنسانية عامة، والمرأة خاصة، ولا سيما أن هناك دولاً تجاوزتنا في هذا المجال من تأكيد معاقبة المجرم، وخصوصاً الزوج" تونس".
أية احتفالية، وأي شرف هذا الذي يهان تحت وقع المادة رقم/508/ من قانون العقوبات الذي يسقط حق الملاحقة بجرم الاغتصاب إن أقدم الجاني على الزواج بمن اغتصبها، وذلك من أجل فراره من العقوبة بالأشغال الشاقة مدة/15/ عاماً وفق المادة/489/ من القانون المذكور. ومن أجل تجنيب الفتاة وأهلها الفضيحة، فهم يرضخون لمثل هذا الزواج الذي أعتقد أن أمده قصير على أرض الواقع، وبالتالي الخاسر الأول والأخير هو الفتاة التي تخسر سمعتها ، وفرصة زواج طبيعي دون إكراه لتلافي الفضيحة. فهل هذا هو العدل والإنصاف بحق المرأة من قانون يُفترض به حماية الضعفاء والمرأة منهم..؟ ولماذا يُبقي القانون على هذه المادة التي تشجع على جرائم الاغتصاب، مادامت عقوبتها بسيطة تنتهي بعقد زواج يمكن فسخه أو طلاق الزوجة بكل بساطة، وربما بتهمة الزوج للزوجة بسوء الأخلاق..؟!!!
أيضاً، هل نستطيع تجاهل العنف الروحي الذي يصيب نفسية المرأة وكرامتها عندما يُفاخر الزوج بتعدد علاقاته النسائية متجاهلاً ألمها، عامداً إهانتها، متعللاً بسلبيتها في علاقتها معه في بعض الحالات متناسياً دور التربية المحافظة والمزدوجة تجاه الفتاة في مجتمعنا ، وبأنها تُهيئ منذ بلوغها للتيقظ والتوثب من الرجل دائماً من أجل حفاظها على شرفها وعدم التفريط به، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تُعَد الفتاة بشكل متناقض تماماً مع ما حملناها إياه من مفردات الشرف عندما تحين ساعة زواجها ممن اختاره الأهل. أليس هذا تناقضاً تعيشه الفتاة، وتعانيه المرأة عموماً في حياتها الزوجية مما قد يخلق أزمات نفسية عميقة عند المرأة في علاقتها بالرجل، وهذا ما يؤهل لخلافات زوجية عميقة قد تؤدي إما لزواج الرجل من امرأة أخرى، وبتأييد ربما من أهل الزوجة الأولى بحجة أنها لم تستطع القيام بواجباتها الزوجية على أكمل وجه، لذا فهي تستحق هذا العقاب" الضرة" وربما تقود هذه الأزمات والخلافات إلى الطلاق وتفكك الأسرة وضياع الأطفال بالدرجة الأولى، ومن ثمَ خسارة المرأة لحياتها الاجتماعية السوية بحكم أنها " مطلقة" وما أدراك ما المطلقة في مجتمعنا! أليست صيداً ثميناً وسهلاً، ورخيصاً بنظر الرخيصين.؟!
هل تمكنا من تربية أبنائنا التربية الجنسية السليمة التي تعرفهم بذاتهم وبشخصياتهم معرفة علمية صحيحة( ذكوراً وإناثاً ) ليتمكن كل منهما من الوصول للآخر والتعامل معه تعاملاً سوياً وإنسانياً وحضارياً، بحيث نجنبهم الكثير من عقدنا التي نسقطها عليهم وخصوصاً" الجنسية" إضافة إلى التخفيف من حدة المشاكل التي قد تصادفهم في حياتهم عموماً، والزوجية خصوصاً..؟
ثمَ لنتطرق لموضوع البطالة التي طال شبحها معظم فئات المجتمع رجالاً ونساء، متناسين أهمية العامل الاقتصادي في حياة الفرد، وخصوصاً المرأة التي نطالبها دائماً بالعمل والتحرر الاقتصادي لتتمكن من الاستقلالية وإثبات الذات مبتعدة عن تبعيتها للرجل، عملاً بمقولة الطهطاوي: " إن عمل المرأة يقربها من العفة الاجتماعية." فهل تفاقم ظاهرة البطالة في مجتمع يعيش في الألفية الثالثة شرفاً يتوج رؤوس المسؤولين عن تفشي هذه الظاهرة..؟
فكم من المنتديات وورشات العمل أُقيمت من اجل تمكين المرأة من حقوقها( العلم، العمل، المساواة، والعيش الكريم الآمن.) ومن أجل إنصافها قانونياً..؟ وكم من الشعارات التي رُفعت وطُرحت من أجل رفع الحيف والظلم الذي يلحق بالمرأة بسبب بعض القوانين والتشريعات التي لا يمكن المساس بها بحجة أنها من روح التشريع الإسلامي..؟! أيُ تشريع هذا الذي قام عندما كان المجتمع قبلياً يعيش على الرعي والتجارة وأسلوب بسيط في الحياة والمتطلبات..؟
كم هو جميل ورائع أن يُحتفل بعيد من تشكل نصف المجتمعات الإنسانية، وتمنح البشرية أجيالاً ترفد الحياة بتجدد سرمدي، وتعطي الحضارة مقومات وجودها واستمرارها الأبدي.
فهل نالت المرأة كل ما تصبو إليه من طموحات وآمال في أن تكون شريكاً حقيقياً للرجل في صياغة الحياة بكل أبعادها..؟؟



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام السجينات في مراسم خميس العهد ...
- السعودية رئيسا للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة عام 2025
- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - آذار احتفالية أنثوية