أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي















المزيد.....

النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 1839 - 2007 / 2 / 27 - 13:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تدرب العقل البشري منذ نشوء التقسيمات العبودية على الفصل بين العام والخاص، بين السياسي والشخصي، بين قوانين الدولة وقوانين العائلة والزواج والنسب.
لأن التقسيمات العبودية فرقت بين البشر على أساس الجنس والطبقة والدين، أصبحت التفرقة هي الاساس والاصل، رغم أنها فرعية وثانوية، فرضتها النظم السياسية العبودية، الاقطاعية، الرأسمالية الحديثة، وما بعد الحديثة.
تقوم هذه الانظمة على الفلسفة العبودية ذاتها التي سيطرت على العقل البشري على مدى القرون، تدعمها مبادئ تؤكد التفرقة، حسب مبدأ «فرق تسد» المبدأ الذي اعتنقه مفكرو الاستعمار الأوروبي ثم الاستعمار الاميركي في هذا القرن الواحد والعشرين.
هذا يفسر لنا سبب تصاعد تسييس الدين في بلاد العالم، شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوبا، بما فيها بلادنا العربية، يعتمد جورج بوش (الابن) مثل ابيه على تدعيم التيارات المسيحية الأصولية داخل الولايات المتحدة الأميركية، ويستغلها لإشعال الحروب العسكرية والاقتصادية في العالم.
أما علاقة جورج بوش (الاب والابن) بالتيارات الاسلامية الاصولية فهي معروفة منذ بداية الثمانينات من القرن العشرين، فقد شجعت الحكومة الاميركية تنظيم «القاعدة» وأسامة بن لادن، والشباب من مختلف البلاد العربية والاسلامية (بما فيها مصر)، وقامت بتجنيدهم في حرب افغانستان لضرب الشيوعية والاتحاد السوفياتي.
وفي عصر السادات تم تشجيع هذه التيارات الدينية الأصولية لضرب القوى الاشتراكية في مصر ومنها الناصريون والشيوعيون وغيرهم من المعادين للسياسة الاميركية والاسرائيلية في المنطقة العربية.
تحالف السادات مع جماعة «الاخوان المسلمين» في مصر خلال السبعينات من القرن العشرين، وجماعات اسلامية اخرى متفرعة منها، أو خارجة عليها، وتم له ما أراد، تحويل الاقتصاد المصري الى اقتصاد تابع لمصالح السوق الاميركية، ضرب الانتاج المصري المحلي الزراعي والصناعي، إحداث فتنة دينية بين المسلمين والاقباط في مصر، إطلاق الفكر الديني الاصولي في أجهزة الاعلام والتعليم، مع إطلاق حرية السوق الاميركية في غزو السوق المصرية بالبضائع الاستهلاكية من الكوكاكولا الى الفول المدمس، الذي اصبحت مصر تستورده من كاليفورنيا، بدلا من ان تنتجه محلياً، بالاضافة الى القمح والاغذية الرئيسية للشعب.
حدث في مصر ما يسمى «الأمركة والأسلمة» في آن واحد. انتشر الحجاب تحت سيطرة الفكر الديني الاصولي، وارتفعت نسبة ختان الإناث مع ارتفاع نسبة الحجاب.
إلا أن الحجاب والختان لم يمنعا المرأة من العمل بأجر خارج البيت لصالح الزوج أو الأب، ولا يمنعانها من تعلم اللغة الانكليزية وأعمال الكومبيوتر لتشتغل بأجور أكبر في الشركات الاميركية ووكلائها داخل مصر، ولا يمنعانها من ان تشتري من السوق أدوات الزينة الاميركية المستوردة، وأن تمشي فوق كعبين عاليين رفيعين تتأرجح وتهز ردفيها بهما، بل ترتدي البنطلون الجينز الاميركي الضيق.
في هذا العام 2007 زادت نسبة ختان الإناث في مصر الى 97.4 في المئة بعد أن هبطت خلال السنوات الماضية، أما نسبة المحجبات في مصر فيكفي أن تمشي في شوارع القاهرة لترى رؤوس النساء المحجبات من الأعمار كافة وكل الأشكال والموضات.
أصبح الفقر في بلاد العالم مؤنثا، لأن النساء في جميع الثقافات والاديان هن أقل رتبة من رجالهن، أما النساء الفقيرات فهن قاع المجتمع في أي بلد، وتضطر المرأة الفقيرة الى أن تبيع جسدها، وأن تبيع دمها ايضاً في سوق الدم، وأخيراً تبيع بويضاتها للبنوك التي تتاجر بها.
تلعب التكنولوجيا الجديدة في استغلال النساء الفقيرات أكثر وأكثر، وكان المفروض أن تساعد الاكتشافات العلمية الأخيرة على تحرير النساء والفقراء، إلا أن العلم يخضع للقوى السياسية والاقتصادية والعسكرية الحاكمة، وقد أدت الاكتشافات النووية الى المزيد من الحرب والقتل والاستغلال، وليس الى المزيد من السلام والحرية والعدل.
يوم الاثنين 19 شباط (فبراير) 2007، وأنا أقرأ جريدة «الديلي ميل» في غرفتي بالفندق في مدينة بروكسيل، رأيت عنواناً في الجريدة يبشر النساء الفقيرات في بريطانيا وأوروبا أن المرأة ستحصل على 250 جنيها استرلينيا مقابل بيع بويضة، وهو مبلغ قد يساعد الأم الفقيرة على تسديد نفقات أطفالها في المدارس، أو شراء الطعام لهم أو الملابس الشتوية الجديدة.
لا تحتاج المرأة الفقيرة الى بويضاتها، فهي مثقلة بالعمل الشاق لإطعام أطفالها، وليس لديها الجهد ولا الوقت للتفكير في أمور الجنس أو الحب أو غيرها من كماليات الحياة.
سيستفيد من ذلك الرجال من الطبقات العليا، المصابون بالعقم، أو المصابون بأمراض الشيخوخة والثراء، مثل مرض القلب وتصلب الشرايين وألزهايمر والباركينسون، والانفصام، وتورط العجائز من الرجال في حب البنات الصغيرات من عمر حفيداتهم، وهذا المرصد الاخير أصبح شائعا في بلاد العالم بعد أن تحسنت صحة الرجال، وأصبح الواحد منهم يعيش حتى التسعين أو المئة وأكثر، وازداد استخدام حبوب الفياغرا. وهناك بحوث علمية جديدة تسعى الى اكتشاف نوع آخر من الفياغرا للنساء العجائز، زوجات هؤلاء الرجال، حتى يمكن للزوجة العجوزة المهجورة أن تعوض عن حرمانها من خلال الشباب الفقراء العاطلين عن العمل.
قد يبدو لنا ذلك مقززا إلا أن العالم الرأسمالي الذكوري لا يؤمن إلا بالربح، وإن تضاعف القرف.
يعيش العالم الرأسمالي الذكوري على الضعفاء والفقراء والنساء، فالقوة هي التي تحكم وليس أي شيء آخر، وأكثر الفئات ضعفا هن البنات الصغيرات الفقيرات، اللواتي يتطلعن الى الحياة والحب والسعادة وكل شيء، إلا أن المجتمع من حولهن لا يعطيهن الفرصة، إلا بعد ان يسلب منهن أعز ما يملكن، ليس بكارتهن فقط، لكن حياتهن نفسها الغالية وصحتهن النفسية والعقلية.
هناك جيل من البنات المحطمات في بلاد العالم، شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، من جميع الثقافات والاديان، يعشن في ظل عالم رأسمالي ذكوري واحد، عالم يتاجر بمشاعرهن، يتاجر بأجسادهن وعقولهن، يتاجر بحاجتهن الملحة للحب والحنان، فيدفع بهن من دون رحمة الى السوق الحرة، (حرية الأقوى لاستغلال الاضعف) هناك دراسة علمية جديدة تكشف عن أن جيلا من البنات في بداية هذا القرن الواحد والعشرين، يتحطم نفسيا بسبب تجارة الجنس في العالم، والتجارة بالعواطف والحب.
هذه التجارة تحول الفتاة الصغيرة الى أداة جنسية في السوق الاستهلاكية، أصبحت البنات يتربين على استهلاك الصور الجنسية في أجهزة الإعلام وفي الافلام والفنون، أصبح العري الجسدي بديلا للفن العميق الجميل، اصبحت العلاقات العاطفية والجنسية المريضة هي السائدة.
تتدرب البنات على وسائل الإغراء في أغلب العائلات، حتى الأسر المتدينة، تدرب بناتها على اصطياد العريس، ويظن الأم أو الأب أن ابنتهما على قدر كبير من الجمال والجاذبية، بل كثيرا ما تفخر العائلات بقوة بناتهن على الجذب واصطياد العريس الناجح الثري.
انه عالمنا الرأسمالي الذكوري، القائم على تحويل النساء، خصوصاً الفقيرات، الى سلع متحركة في السوق المحلية والعالمية.
أما السوق الاخرى القائمة علي التجارة بالجنس (البغاء) فقد أصبحت من أكبر الاسواق في العالم غربا وشرقا، تقوم علي بيع البنات الفقيرات من البلاد الفقيرة في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية الى البلاد الثرية في اوروبا واميركا، هذه التجارة التي تقدر ارباحها سنويا بالبلايين، لا تزيد عنها الا أرباح التجارة بالأسلحة والمخدرات.
عالم قبيح يزداد قبحاً مع شراسة التجارة الرأسمالية، وشراسة الحرب العسكرية التي تشنها اميركا واسرائيل والدول الاوروبية على بلادنا وبلاد العالم.
والنساء الفقيرات في عالمنا هن القاع، وعبيد العبيد.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المراوغة في فكر النخب المصرية السائدة
- ما يستحيل أن نعرفه ما يستحيل البوح به ،
- حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال
- هل كانت سيمون دوبوفوار متحررة ؟!
- من هن أقوى نساء العالم ؟
- أنا أفكر، إذاً أنا لا أصلح رئيس دولة!
- برنامج الدكتورة نوال السعداوي الانتخابى فى الترشيح لرئاسة ال ...
- الحوار المبتور عن المرأة والدين والسياسة
- الطيران فى الحلم
- إجهاض الثورة
- ورقة لم تقدم في مؤتمر المرآة والإبداع
- الباحثة عن الحب - أوراقى حياتى : الجزء الثالث
- من مفكرتى السرية عام 1947
- تضامن النساء
- نوال السعداوي في أكثر حواراتها اثارة تقول لـ- ايلاف-:أنا اهم ...
- قضايا المرأة إذ تتجلى في النهاية شأناً سياسياً
- تحرير المرأة ما بين مسلسل قاسم أمين وخطاب كولن باول... حداثة ...
- كاتبة مصرية في نيويورك : عن بوش وبلير والرومانسية والفساد وا ...
- عالم جديد ممكن . علي منصة القضاء في المحكمة الشعبية العالمية ...
- نحو فلسفة إنسانية لإحياء الضمير ج2


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي