أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار السواد - اين ذهبت حكمة السعودية؟















المزيد.....

اين ذهبت حكمة السعودية؟


عمار السواد

الحوار المتمدن-العدد: 1837 - 2007 / 2 / 25 - 08:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اربع سنوات والدبلوماسية والسعودية تعيش تحديا كبيرا على المستوى العربي. فبعد الاضرار التي تلقتها هذه الدبلوماسية على المستوى العالمي بسبب تورط مواطنين سعوديين في تفجيرات ايلول واتهامات غربية للنظام التربوي والاجتماعي القائم في الخليج بانه يمثل مأزقا للامن العالمي، بعد كل ذلك واجهت الدولة السعودية عجزا واضحا امام تحدي القضية العراقية والتغييرات الجذرية التي شهدتها بعد سقوط نظام صدام حسين.
فالسعودية التي عرف عنها قدرتها على التعاطي بشيئ من المرونة مع اهم التحديات التي واجهت المنطقة منذ تأسيس دولة اسرائيل، ولجوئها المستمر الى سياسة الاعتدال في التعاطي مع اخطر القضايا المتصلة بالشأن القومي العربي وامن المنطقة، وقفت عاجزة امام التغييرات التي شهدها العراق، ما دفعها في نهاية المطاف الى خارج اللعبة الجارية في هذا البلد المجاور لها. ولم تتمكن من القيام باشياء مهمة عندما قررت الولوج الحذر الى معترك الصراع في هذا البلد.
لقد حذرت السعودية الادارة الامريكية من خطورة الاقدام على احتلال العراق، هذا صحيح، لكن تحذيرها لم يكن له اي اثر، وهنا تحديدا بدأت رداءة التعاطي في التعامل مع المسألة العراقية، وكأن ما يحدث في العراق امر لا يعنيها، فانتهى الامر عند التحذير، واضحت المؤسسة الدبلوماسية سلبية الى حد كبير امام كل ما يحدث، وكأنهم ارادوا القول للامريكان، لن نتدخل في انجاح ما حذرناكم منه. وخسرت في نهاية المطاف سمعتها لدى الاكثرية الجماهيرية في هذا البلد بعد ان اكتشف العراقيون وجود صلة بين العمليات الانتحارية التي ازهقت الالاف منهم وعدد من المؤسسات الدينية النافذة في الاراضي المقدسة.
مؤخرا، بدا الندم واضحا على سلوك الدبلوماسية السعودية، ونالت القضية العراقية مزيدا من اهتمام المؤسسة الرسمية هناك، لكن لم يكن الامر هذه المرة بحثا عن سبل انجاح الجهود المبذولة لتهدئة الامور في العراق، بل باندفاعات يحكمها قلق طائفي. قلق باتت المنطقة كلها مأزومة به. وعاد الجميع علمانيون واسلاميون الى خلفياتهم الطائفية للدخول في المعركة السياسية الاقليمية.
وانقسمت المواقف، بحسب المطلعين على الشأن الداخلي السعودي، الى قسمين، احدهما يدعو المضي قدما في المعركة الطائفية بالاعتماد على العداء الامريكي لايران وحزب الله، وبالاعتماد على الشد الطائفي من قبل السنة في العراق، وموقف آخر يسعى الى تهدئة التوتر السائد خوفا من انزلاق المنطقة الى انهيارات خطيرة قد تمس امن الخليج وسلامته، والاكتفاء بالضغوط السياسية للحصول على ما يمكن كسبه للسنة في العراق والابقاء على المكاسب الموجودة للسنة والموالين من المارونيين للسعودية في لبنان.
هذا التشاد اسهم في ارباك السياسة الخارجية السعودية، وقلل من مساحة التأثير السعودي، حتى في لبنان التي تعد من مناطق الاستثمار الاقتصادي السعودي الاساسية في الشرق الاوسط منذ مطلع التسعينات. ولم تتمكن الخارجية السعودية من مد جسور الثقة مع القوى الشيعية النافذة في لبنان، والحاكمة منذ عام 2003 في العراق. وقد كان للطائفية دور كبير في منع السعودية من القيام بمد تلك الجسور واللجوء الى احتواء الشيعة بطريقة تترك للسعودية مجالا كبيرا من التأثير في الداخل العراق، وتمنع من تقليص مساحات التأثير في لبنان. وبقيت المملكة عاجزة من المزج بين كونها الراعي الاهم للسنة في العالم وبين التفات الشيعة الى حقوقهم السياسية في كل من العراق ولبنان. ففي العراق اكتفت بالدور السلبي الذي قررت الوقوف عنده انطلاقا من موقفها الرافض لاي تدخل عسكري امريكي يغير الحكم في العراق، وتلميحات بالوقوف الى جانب طرف من اطراف الصراع العراقي، في ظل اشتراك مقاتلي السلفية الراديكالية وكثير منهم مواطنون سعوديون بمجازر كبيرة بين الشيعة العراقيين، وفي لبنان اندفعت السعودية، على خلاف عادتها في التعاطي الهادئ والحكيم مع التطورات، لاطلاق اشارات اشعرت الشيعة اللبنانيين بكل طبقاتهم وتوجهاتهم بان السعودية تقف مع اسرائيل ضدهم، ما ساهم في نهاية الامر بجعل السعودية من وجهة نظر العديد من اللبنانيين طرفا في الصراع الاقليمي الدائر في الداخل اللبناني، وقلل من امكانية لعبها دورا ابويا كالذي لعبته في اتفاق الطائف.
لست اشك من وجود ارادة داخل المؤسسة الرسمية في المملكة تسعى الى التعاطي بواقعية مع التطورات الجارية، وعدم الانجرار خلف المساعي الامريكية التي تستبطن احيانا تأجيج روح الصراع الطائفي في المنطقة، او خلف الاستجابة العكسية للسياسة الايرانية القائمة على اساسين ايدلوجي وطائفي. لكن هناك، في المقابل، مؤسسة دينية نافذة تحرم الدولة السعودية من التعاطي بتساو مع كل مكونات المنطقة، بل تدفعها باتجاه سياسة تخدم الخلفيات الطائفية للسعودية. وهذا ما يجعل المسؤولين المعتدلين طائفيا في السعودية محرجين وعاجزين عن القيام بدور ايجابي يخدم مصلحة المنطقة.
والا فان القوى السياسية الشيعية كان يمكن لكثير منها ان تقترب من وجهة النظر العربية، وان تستفيد الدول العربية منها لجعل العراق محصنا امام التوجهات الايرانية. ففي العراق يوجد نمطان من الاحزاب والتيارات الدينية الشيعية، فهناك قوى شيعية هي اساسا مرتبطة بايران ويصعب فك ارتباطها بنظام الجمهورية الاسلامية في ايران، وهناك قوى يكمن ارتباطها اساسا في التشابه المذهبي او الايدلوجي بين ايران والعراق. فما كان ينبغي للسياسة العربية، السعودية تحديدا، ان تتعامل بالطريقة المنفرة التي تعاملت معها، والتي ساعدت في دفع تلك القوى الدينية الشيعية، وبعض الليبراليين الشيعة، الى الارتماء بحضن ايران، او مغازلتها، او تعميق الارتباط بها، واعتبار الدولة الايرانية ظهيرا في اطار الصراع الجاري في المنطفة وعنصرا مساعدا للشيعة في العراق. بل هناك قوى شيعية هي، اصلا معارضة لنظام ولاية الفقيه في ايران، كحزب الدعوة والتيار الصدري وحزب الفضيلة والجماعات الشيعية التابعة لاية الله الشيرازي، اصبحت بسبب السياسة العربية الخرقاء تعتمد على بايران بشكل من الاشكال، وطبعا ايران سوف لن تضيع الفرص التي تعودت دول العالم العربي على اضاعتها. في حين تمكنت ايران من مد جسور الثقة مع تيارات سنية مهمة في فلسطين والمغرب العربي ومصر، مع احتواء كامل للمؤسسة الرسمية السورية.
ان الدور السعودي في المنطقة افتقر، في السنوات التي تلت احداث الحادي عشر من ايلول،الى استراتيجية تفي بمتطلبات التحولات الحاصلة بعد الاندفاعة الامريكية باتجاه تصعيد الازمات، وبروز المأزق الطائفي على الساحة العربية، وتراجع الاعتدال الديني. فعجزت السعودية عن وضع حد نهائي لتأثير السلفية الدينية، فهذا التيار سيبقى يثير المتاعب ما لم تقم الدولة في المملكة بايجاد كوابح حقيقية يقلل من خطره تربويا واجتماعيا، على داخلها وخارجها. ولم تتمكن السعودية من ايجاد التوازن المطلوب بحيث تتعامل مع ظهور الشيعة كقوة سياسية في بلدان عربية، خصوصا وان هذا الظهور له مبرراته الاجتماعية. والاهم من ذلك ما كان على السعودية ان تندفع لتصبح طرفا في صراعات المنطقة، وان تسحبها ايران الى التنافس الطائفي في المنطقة.
فهل نحن امام ذوبان لحكمة الدولة السعودية لحساب الركض وراء الصراعات الرخيصة؟



#عمار_السواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هو الهنا كما هو الهكم...
- قلبي معك يا مدينة الفقراء
- انه الشعر.. استبد بنا فجلعنا كلمات فاغرة!!
- الشهيد صدام حسين
- احمرار الصورة وانقطاع الصوت
- علاقات هامسة.. فوضى الجنس السري في مجتمع التحريم
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! .. الحلقة الأخيرة: في ال ...
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! ..الحلقة السادسة.. الدول ...
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! ..الحلقة الخامسة
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! ..الحلقة الرابعة
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم..الحلقة الثالثة
- جميعهم لوث التاريخ والقيم!.. الحلقة الثانية
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم!.. الحلقة الاولى
- شروع بالقتل..شبكة الاعلام بانتظار العلاج او الموت
- ارتدادات الاعلام العراقي..عودة وزير الاعلام
- تبعيث الليبرالية.. قراءة في بوادر خطاب ليبرالي مقلق
- شيعة العراق بين ايران وامريكا والعرب.. العودة الى العام 91


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار السواد - اين ذهبت حكمة السعودية؟