أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - الشعرُ والجمهور














المزيد.....

الشعرُ والجمهور


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1835 - 2007 / 2 / 23 - 12:08
المحور: الادب والفن
    


يبدو لي ، أحياناً ، أن عنواناً مثل " الشعر والجمهور " ، ملتبسٌ التباساً ما . وفي زعمي أن هذا العنوان يمثل استقطاباً : أي أنه يضع الشعر مقابل الجمهور ، أو يضع الجمهور مقابل الشعر . كأن الشعر والجمهور قطبانِ
ذوَي علاقةٍ هي السلْبُ تحديداً .
قد يرى راءٍ أن الحلّ ( إنْ سلّمْـنا بأننا إزاءَ سؤالٍ ) هو في " الشاعر الجماهيريّ " أو " الشعر الجماهيريّ " ،
والتعبيرانِ كلاهُما لا يتمتعان بالاحترام حتى من لَدُنِ القائلينَ بهما . فالتعبيرانِ يُنزلانِ الشعرَ ، باعتبارهِ فنّاً ، والجمهورَ ، باعتبارِه مستقبِلَ فنٍّ ، منزلةً دُنيا ، تتعارضُ أساساً ، ومسعى الفنّ في الارتقاء بالفنّ والبشرِ إلى الـمَقامِ الأرفع . كما أن الأمر يضعُنا ، ثانيةً ، في السياق الأمّـيّ ، لـثُنائية الفن للفن ، والفن للحياة .
ما الـمدخلُ الـمُتاحُ ، إذاً ؟
ازعُـمُ أن النصّ هو موضعُ الاجتهاد .
النصُّ الشعريّ هو الوسيلة والغايةُ . الأداة والهدف .
النصّ الشعريّ هو مُـتّـحَـدُ الإرسال والاستقبال .
النصّ الشعريّ هو المكتملُ بذاته ، المتضمِّــنُ ذواتِــه ، ما دَقَّ منها ، وما انتشـرَ .
النصّ الشعريّ هو الوحدةُ العُليا لدورةِ الفنّ .
والفنُّ ، ما كان يوماً ، بالمنفصلِ . بل ما كان له أن يغدو منفصلاً . إذْ أن ذلك المفترَضَ يعني الغيابَ .
*
قد كنتُ قلتُ إن النصّ الشعريّ هو المكتملُ بذاته ، المتضمِّــنُ ذواتِهِ ، ما دَقَّ منها ، وما انتشـرَ .
وأردتُ بذلك أن أشير إلى أن العملية الفنيةَ ( الدائرةَ السايكولوجية والفيزيقية للحظةِ الإبداعِ ) هي عمليةُ تصعيدٍ واحدةٌ ، بالرُّغمِ من تعقيدِها ، وليستْ ذاتَ قطبَينِ .
النصُّ لا تكتمل صيرورتُه إلاّ بالتلقِّــي .
إذاً ، هو متوجِّـهٌ منذ ميلادِهِ ، إلى مستقبِــلٍ ما . تماماً مثل ما يتوجّه الوليدُ إلى أُمِّــهِ ، أو مثل ما تتوجّـه
الأمُّ إلى الوليدِ .
*
الشاعرُ ، هو المستقبِل الأول لِما كتبَ ، هو .
الشاعرُ ، هو جمهورُهُ .
هو القاريء الجيّد للنصّ ، لأن النصَّ صناعتُــه . ولأنه يعرف ، على تفاوتٍ ، مدى ما كتبَ .
الشاعرُ ، وموضعُه من المسعى الفنيّ ، يحددان مدى النصّ المتاح .
كلّما اتّسعت الرؤيا ، غدا النصُّ أحَــدَّ مضاءً ، وأشـدَّ وميضاً .
ولسوف تلتهب الأكفُّ بالتصفيق !
إنّ ما يُحقِّقُ اتّساعَ الرؤيا ، متّصلٌ بالتكوين الثقافيّ /الاجتماعيّ للشاعر .
التكوين الثقافيّ ، في واقع الشعر العربي الراهن ، معضلٌ . أي أن بإمكان المرء القولَ إن التكوين الثقافيّ لِـمُعْظم
من ينشرون ما يشاؤون تسميته شعراً ، أهونُ من أن يساعدَ في تأهيلِ عارفٍ بالقراءة والكتابة . وبإمكاني الحديثُ عن أسماءَ كُرِّستْ في الراهن الشعري ، وهي عاجزةٌ عن الـمُضِيّ في قراءة نصٍّ مشكولٍ لأكثرَ من سطرٍ واحدٍ .
إنْ كانت اللغةُ ، الأداةَ ، وأنتَ غيرُ مَـعْـنِـيٍّ بها ، فمَن أتى بكَ إلى حارتِنا ؟
ثمّت ، إذاً ، عائقٌ أخلاقيّ ، متّصلٌ بأحقيّةِ الكتابة .
قومٌ كهؤلاء ، لا يؤخَذون مأخذَ الجِــدّ ، لأنهم ، هم ، أنفسَهُم ، انتأوا بأنفسهِم عن أخلاق الفن الصعبة .
هذا الخلل الأخلاقيّ سوف ينتجُ مستواه الاجتماعي ، حتماً :
الشعرَ اللاعَلاقة .
الشعرَ الـمُـنْـبَتّ .
شعرَ فترتِنا المظلمة ؛ مع أن هؤلاءِ القومَ الأُلى يكتبونه يحظَونَ بمباركةِ مدُنِ الضياء في الشمال الغريب .
الـمدنِ التي تجهلُ لغتَـتنا العربيةَ والناطقينَ بها .
المدنِ التي ليس فيها جمهورٌ ، للشعرِ عربياً .
*
أعودُ لأؤكِّدَ أن الشاعرَ هو جمهورُهُ .
وهو ، إذ يقسِّـمُ جسمَه في جسومٍ كثيرةٍ ، عارفٌ بما فعلَ ، وبما هو فاعلٌ بعد لحظةٍ ، آنَ تفارقُ القصيدةُ شفتَيهِ في ما يشبه التمتمة …
القصيدةُ ستكون أغنيةً أو نشيداً !
أمّا هو فحاضرٌ / غائبٌ …
وما أبهى الغياب !
*
في تجربتي الشخصية ( وهي عاديّـةٌ جداً ، ولا تصلُحُ مثالاً يُقتَدى ) ، لم أُسائلْ ، ولو مرّةً ، مبدأَ أنني لا أتمـلّقُ القاعة .
تَـمَـلُّقُ القاعةِ ، يعني احتقارَ أهلِها . يعني الحطَّ من شأنِهم باعتبارِهم سُذّجاً ، قليلي ثقافةٍ ومذاقٍ وإلمامٍ بالفن الشعري ّ .
دأبتُ على قراءة نصوصي الصعبةِ نوعاًما .
وكنتُ أراهنُ ، دوماً ، على حصافة الناس ، ورهافةِ تلقّـيهِم النصَّ الشعريّ .
ولم يكن رهاني الاستراتيجيّ خائباً ، يوماً .
كيف حدث ذلك ؟
أعني : من أين جاء هذا الرهان ؟
*
أرى أن الأمر متأتٍّ من منبعٍ فلسفيّ معيّن . من شِقشِـقةٍ ماركسيةٍ أتشدّقُ بها ، وأعتمدُها ، في عُمقِ النصّ .
الإنسانُ أثمنُ رأسمالٍ في العالَم !
فليكنِ الإنسانُ حاضراً في البدءِ ، كما في المنتهى …
لندن 19.12.2006



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرح دُمى Puppet Theater
- الخليفة ظِلُّ الله ، عبدبوش نوري المملوكي
- - المختارات- لها قصّتُها أيضاً …
- جوزيف كونراد في البَرّ اللاتينيّ
- العالَمُ كما لا نعرفُهُ
- مرةً أخرى : لِنَتَفادَ الحربَ الأهليةَ
- في العراق : ولايةُ الذمّيّ ، لا ولايةُ الفقيه
- تفكيك العراق العربي
- قصيدةٌ أخرى عن - باب سُليمان
- جحيم عبد العزيز الحكيم
- المماليك وأيامُهم الزائلة ...
- الجانب الآخر من الحدود
- مرحباً !
- الحمارُ الحَرونُ الذي بُلِيْنا به
- شكراً للشعب الأميركيّ !
- صدام حسين عميل منذ نعومه مخالبه
- هديّةٌ صباحيّة
- الشيوعي الأخير يقرأ أشعاراً في كندا
- الشيوعيّ الأخيرُ يعدِّلُ في النشيدِ الأممي ّ
- في البحر الكاريبيّ ، في يوم ٍما ...


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - الشعرُ والجمهور