أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر حسن أبودان - الأحزاب العراقية وعدم شرعية العملية الانتخابية















المزيد.....



الأحزاب العراقية وعدم شرعية العملية الانتخابية


منذر حسن أبودان

الحوار المتمدن-العدد: 1836 - 2007 / 2 / 24 - 10:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإنتخابات هي العملية السياسية القانونية التي يقوم المواطنون بواسطتها وبشكل دوري حسب القانون باختبار ممثلهم لإستلام مواقع تمثيله في إدارة الحياة العامة, وهو حق مقرر لكل مواطن من مواطني الدولة والذي بمقتضاه يعبر بحريه تامة عن أرائه واختباراته السياسية.
يعتبر التمثيل السياسي من الركائز الأساسية في النظام الديمقراطي، فإذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب، فإن هذا الشعب لا يمكنه أن يحكم نفسه بنفسه، وإنما لا بد له من ممثلين ينوبون عنه في سن القوانين ومراقبة تنفيذها والبت في الأمور المصيرية. ولكي نصف الاقتراع بأنه عام يتعين أن تكون هناك مساواة في مباشرة وممارسة هذا الحق , ويحكم فكرة المساواة المبادئ التالية :-
1- المساواة بين الأحزاب السياسية المختلفة سواء كانت دينية أو عرقية، وكذلك المساواة في المشاركة السياسية، والمساواة في الترشيح والانتخاب وحرية الوصول للمناصب التنفيذية والتشريعية .
ولما كانت الديمقراطية تحمل في طياتها معنى المواطنة والمساواة، فإنها تفترض أن المشاركين فيها يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات، ومن هنا فإن أي انتخابات حقيقية وصحيحة، لا بد أن تعكس قدرا معقولا من التمثيل المجتمعي يتناسب مع كافة الأطياف المكونة.
2-المساواة تكون أيضا علي مستوي الدوائر الانتخابية بمعني أن عدد من سيمثلون الدوائر, يكونون متساويين.
* شروط الانتخابات النزيهة الشرعية :-
أ- لا مشروعية لإنتخابات أو لعملية سياسية في ظل احتلال.
ب- عدم غياب قوي سياسية تعتبر مكوناً أساسياً من مكونات الشعب العراقي لأسباب موضوعية .
ج- ضرورة توافر أنظمة وقواعد تحكم إجراء العملية الانتخابية بشكل نزيه , وليس إتباع القواعد غير السليمة "كجعل الدولة دائرة انتخابية واحدة " فهو أسلوب غير عادل ولا منطقي، ولن يعكس حقيقة موازيين القوى السياسية.
د- أن الانتخابات تتعارض مع كل أشكال التدخل الإقليمي والدولي في شؤونه العملية الانتخابية.
أولا: الإعداد للعملية الانتخابية /
قبل الخوض في عملية الإعداد للانتخابات في عراق ما بعد الإحتلال ,لابد من الإشارة إلي الانتخابات التشريعية في عراق ما قبل الإحتلال , وذلك لمعرفة طبيعة التحول والتطور المنشود في العملية السياسية.
كانت انتخابات مارس 2000 هي أخر انتخابات برلمانية أجريت في عراق ما قبل الاحتلال وتنافس المرشحون في هذه الانتخابات غير متعددة المقاعد, حيث يصدر مرسوم جمهوري خاص بتعيين الأعضاءالثلاثين المتبقين كممثلين عن المحافظات الشمالية الثلاث "أربيل, ودهوك , والسليمانية" لتعذر إجراء انتخابات فيها, لتمتعها بقدر من الحكم الذاتي, منذ حرب الخليج عام 1991 .
علما بأن الغالبية العظمي من المرشحين أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم , لكن هناك عددا من المرشحين المستقلين الموالين للحزب وكان يجب أن تتوافر لدي الراغب في ترشيح نفسه لعضوية المجلس الوطني الشروط التي حددها " قانون المجلس الوطني " ومن بين هذه الشروط أن يكون المرشح مؤمنا بالاشتراكية وأن يثبت ولائه لمبادئ ثورة 1968.
ولكن بعد سقوط النظام البعثي, وفقا لما نص علية الدستور العراقي (المؤقت) فانه كان علي العراق أن يشهد تنظيم أول انتخابات فيه بعد سقوط نظام صدام حسين في موعد أقصاه نهاية يناير 2005, إلا أن شكوك كثيرة ظلت قائمة حول إمكانية إجراء الانتخابات في هذا التاريخ خاصة أن الوضع الأمني المتدهور في العراق والذي انعكس سلبا علي تنفيذ الإجراءات التحضيرية الضرورية ( إجراءات تسجيل الناخبين , تشكيل اللجان الانتخابية ) ,الأمر الذي أثار شكوك حقيقية حول جدوى الانتخابات ,وزاد من عمق هذه الأزمة الانقسامات التي سيطرت علي الأحزاب السياسية الممثلة بالسنة العرب الذين رفضوا المشاركة في الانتخابات, كما لم يتم السماح لأفراد القوات المسلحة أو الأعضاء البارزين السابقين في حزب البعث العربي الاشتراكي المشاركة في الانتخابات , بينما قررت أحزاب إسلامية وعلمانية المشاركة في الانتخابات , الأمر الذي انعكس علي نتيجة العملية الانتخابية ومن ثم علي مسار العملية السياسية.
ففي 30 يناير 2005 صوت العراقيون لاختيار 275 عضوا في الجمعية الوطنية , وقدمت الأحزاب السياسية قوائم بأسماء مرشحيهم الذين يجب أن يكونوا في الثلاثين من عمرهم على الأقل , بالإضافة إلي ضرورة وجود مرشحة من السيدات بين كل ثلاثة مرشحين, وعدد من يحق له الانتخاب نحو 14 مليون عراقي من داخل العراق, كما يشارك نحو ثلاثة ملايين عراقي يقيمون في الخارج في مراكز اقتراع أقيمت خصيصا لهم في 14 بلدا تمثل أكثر مراكز تجمعهم.
* نظام القائمة(الأغلبية)
نظام القائمة يختلف العمل به من دولة لآخري , ولكن العراق أخذ بنظام القائمة باعتباره نظام "الدائرة الواحدة " بمعني أن العراق دائرة انتخابية واحدة , فلم يسبق وأن أخذ العراق بهذا النظام , فقد كان العراق يقسم إلي عدة دوائر انتخابية( التمثيل النسبي) كل حزب أو فئة تحصل علي عدد من المقاعد الذي يتناسب مع عدد أصواتهم , والناخب يكون علي معرفة بمرشحة لحد ما.
فمن الصعب أن يكون نظام القائمة صالحا للحالة العراقية فمثلا كيف يخاطب مرشحا من مدينة الموصل في أقصي الشمال , ناخبا من البصرة أقصي الجنوب , حيث ان المطالب والاحتياجات مختلفة والنشاط الاقتصادي مختلف وربما كانت الثقافة مختلفة
ثانيأ: القوي السياسية المشاركة في الانتخابات العراقية
شاركت العديد من الأحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية , ودخل معظمها في تكتلات سياسية ( ائتلاف سياسي ) حيث بلغ عدد التكتلات السياسية التي تقدمت رسميا بقوائمها 70 قائمة منها 6 ائتلافات و 64 باسم أحزاب منفردة وبعض الشخصيات العراقية التي فضلت أن تدخل الانتخابات معتمدة على تاريخها في الحياة السياسية العراقية, في المقابل برزت التكتلات السياسية التي جمعت مجموعة الأحزاب والأفراد. ومن أبرز القوي السياسية المشاركة :
1- الائتلاف العراقي الموحد /
يعتبر هذا التحالف من ابرز الائتلافات العراقية التي خاضت العملية الانتخابية , وهو ائتلاف شيعي , مبارك من المرجع الشيعي الاعلي السيد السيستاني , الأمر الذي زاد من فرصها في الفوز في الانتخابات , وقد أثار الدعم الذي تلقته قائمة الائتلاف من المرجعية الدينية انتقادات الكثيرين , احتجاجا علي تدخل المرجعية في العملية السياسية , وعلي تخليه عن حياده بين أبناء الطائفة الشيعية الموزعين بين عدد كبير من القوائم .
ويضم الائتلاف 288 مرشحا يمثلون ستة عشر قوي سياسية . وهذا الائتلاف مدعومة من قبل إيران وعلي رأس الائتلاف مجلس الأعلى للثورة الإسلامية والذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم , وحزب الدعوة الإسلامي الشيعي والذي يتزعمه إبراهيم الجعفري , كما شارك احمد الجبلي زعيم حزب المؤتمر في هذا الائتلاف , وحزب الفضيلة الإسلامي بقيادة نديم الجابري , ومنظمة العمل الإسلامي . ويعتبر كل من الحكيم والجعفري من الأسماء البارزة في الساحة السياسية العراقية , حيث شاركا في مجلس الحكم الدوري المؤقت الذي أسسه" بريمر ".
ويشارك هذا الائتلاف بنحو 10% من القيادات الشيعية القريبة من الزعيم الشاب مقتدي الصدر , والملاحظ في هذه القائمة أنها تضم العديد من الأحزاب المدعومة من تنظيمات وحكومات من خارج العراق سواء من إيران أو واشنطن.
2- القائمة العراقية /
يضم هذا الائتلاف حزب الوفاق الوطني العراقي . وهي قائمة علمانية بقيادة رئيس الوزراء العراقي المعين من قبل الاحتلال " إياد علوي " . حيث يضم كذلك خمسة أحزاب علمانية أخري.
إذا يتميز ائتلاف علاوي بامتلاكه أهم وسائل الإعلام العراقية والتي تلعب دورا رئيسياً في الحرب الإعلامية , كما انه يحتكم علي الموارد المالية الطائله للدعاية الانتخابية , فضلا على أن علاوي يعتبر من أهم الشخصيات التي تدعمها قيادة الاحتلال الأمريكي وإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش.
وحسب البرنامج الذي يحاول إعلانه عبر حملاته الدعائية , فأنه يركز على الأمن والاستقرار والحرية كمبادئ متعطش لها الشعب العراقي,رغم أن السياسة التي يتبعها تخالف تلك المبادئ , فهو من أكثر الشخصياتالسياسية المطالبة باستمرار الوجود الأمريكية في العراق.
3- قائمة التحالف الكردستاني /
تعتبر القائمة الكردية من القوائم الرئيسية , لأنها تعبر عن قومية تحاول بكل السبل أثبات نفسها سياسيا من اجل هدف رئيس للأكراد وهو أقامة "إقليم كردستان شمال العراق" , ونظرا لكونها الخطوة السياسية الأهم التي تضم تمثيلا متوازنا لجميع القوي السياسية في العراق.
فقد تحالف الحزبين الكرديين الكبيرين ( الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطلباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني ).
كما تضم تسعة أحزاب كردية أخري منها " الاتحاد الإسلامي الكردستاني والحزب الشيوعي الكردستاني والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني وحزب كادحي كردستان " و عدد مرشحي القائمة 165 مرشحا .
وعلي الرغم من الخلافات بين الحزبين الكرديان الكبيران حول السيطرة علي شمال العراق , إلا أن هذه الانتخابات جمعتهما لخوض المعركة الانتخابية , باعتبار أن هذه الانتخابات الإختبار الأول من نوعه للمنافسة الحزبية والحصول علي مركز القوة في الدولة.
4- قائمة عراقيون /
وهي القائمة التي يقودها الرئيس المؤقت غازي الياور وتضم 80 مرشحا , و الياور أحد أبرز شيوخ قبائل شمر العربية المعروفة ولها امتدادات في بلدان عربية مجاورة، ويحظى بتأييد واسع من جميع الأطراف القومية والدينية والطائفية والسياسية في العراق.
5- قائمة اتحاد الشعب/
وتضم الحزب الشيوعي العراقي , وشخصيات أخري منهم زعيم الحزب حميد مجيد موسي ووزير الثقافة في الحكومة العراقية المؤقتة. وتضم القائمة 275 مرشحاً.
6- تجمع الديمقراطيين العراقيين/
يرأس قائمة تجمع الديمقراطيين العراقيين عدنان الباجه جى -- عضو مجلس الحكم السابق ,ووزيرالخارجية الأسبق – سني علماني- ومن بين مرشحيها وزير التخطيط في الحكومة المؤقتة مهدي الحافظ.
7- قائمة جبهة تركمان العراق/
وهي قائمة لأحزاب تركمانية , وتمثل الأقلية التركمانية , وهي القومية التالية في العراق من حيث العدد بعد العرب الأكراد.
الأحزاب المشاركة فيها هي حزب تركمن إيلي والحزب الوطني التركماني العراقية والحركة التركمانية العراقية والحركة الإسلامية لتركمان العراق, وتضم القائمة 63 مرشحاً.
* أبرز الظواهر الانتخابية ونتائجها : الناخبون العراقيون الذين لهم الحق في التصويت حوالي، 14.2 مليون ناخباً , ولكن الذي شارك في الانتخابات 8.011.450 ناخباً , بنسبة 58% من الناخبين المسجلين .ولقد سجل أدني مشاركة في المحافظات السنية العربية, حيث لا تتجوز 2% "محافظة الأنبار", ونسبة المشاركة 17% "محافظة صلاح الدين " نسبة المشاركة 25% (محافظة تكريت ) , الأمر الذي يحد من دورهم السياسي في العملية السياسية , حتى أن " قائمة عراقيون " التي يتزعمها الرئيس غازي الياور , والتي لم تفز سوي بخمسة مقاعد , أصبحت تعتبر أهم ممثل للسنة العرب في الجمعية الوطنية
من الملاحظ أن القوائم الفائزة اعتمدت بشكل أساسي علي تصويت ديني أو طائفي أو عشائري , الأمر الذي يوضح طبيعة المجتمع السياسي العراقي . حيث أن هذه الانتخابات سوف تمثل الفصل الأخير في حياة الأحزاب السياسية التي كان لها دور في المرحلة السابقة ,ومن أهم تلك القوي ( التجمع الديمقراطي المستقلين الذي يتزعمه عدنان الباجه جي , و(الحركة الملكية الدستورية) التي يرعاها الأمير علي بن الحسين , وهي أحزاب يغلب علي قاعدتها الجماهيرية الطابع السني.
وأهم ما تميزت به الأحزاب السياسية في هذه الانتخابات أنها لم تقدم برامج سياسية في الإصلاح وفي كيفية تجاوز المحنة العراقية العظمى التي خربت المدن والمنشآت وألحقت خسارات كبرى بالثروات المحلية التي تراكمت خلال عقود من الزمن
إن الانتخابات السياسية هي آلية من آليات العمل السياسي الديمقراطي، وهي تفترض وجود وطن مستقل، يتنافس مواطنوه على تأسيس أجهزة التدبير في أعلى مراكز السلطة، إنها فعل سياسي موصول بمجتمع المواطنين الذين يرتقون بوعيهم السياسي إلى درجة الثقافة، حيث تصبح الأعراق والمعتقدات الدينية والطائفية معبرة عن حالات مجتمع ما قبل السياسة ، إلا أن الانتخابات العراقية جرت في إطار ترسيخ النزعات الطائفية سواء بالاستناد إلى الإثنيات العرقية, أكراد و تركمان وعرب , أو بالإعتماد على مذاهب في تأويل العقيدة الإسلامية، السنة والشيعة.
ثالثاً : أسباب عدم شرعية العملية الانتخابية /
وهناك شبه أجماع بين الباحثين والخبراء السياسية حول غياب الغطاء الشرعي لهذه الانتخابات وهذا سيدفعنا للتساؤل ما المقصود بالشرعية الانتخابية وما هي أسباب عدم شرعية الانتخابات العراقية ؟ قبل الإجابة على هذا التساؤل لابد من الإشارة إلي دوافع وأهداف الإدارة الأمريكية للإصرار على إجراء الانتخابات العراقية, ومن هذه الأهداف:
1- تنصيب سلطة عراقية يمكن وصفها بالشرعية من قبل الولايات المتحدة وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها حكومية شرعية كنتيجة لانتخابات حرة ونزيهة ومن ثم فان لها صلاحية قانونية كاملة لاتخاذ أي قرار وتوقيع أي اتفاقية ذات طبيعة قانونية ملزمة طبقا للقانون الدولي .ومن أهم تلك الاتفاقيات العسكرية ,اتفاقية توافق بموجبها الحكومة الجديدة علي إقامة قواعد عسكرية أمريكية في العراق يقدر عددها "14" قاعدة رئيسيه تتوزع على مناطقه إستراتيجية .
2- وصول الاحتلال الأمريكي إلي مرحلة الأعباء والعجز في إيجاد حل عسكري لمشكلة المقاومة ومن ثم فان هذه الانتخابات أعطت له الغطاء الشرعي للقضاء على المقاومة.
3- خلق صراعات قومية وطائفية ودينية ,أن الاحتلال قد اعتمد منذ البدء على التمييز ألاثني – الطائفي في العراق ومحاولة إثارة الفتن على هذا الأساس خاصة أن الجماعات السياسية متباينة من حيث الأصول العرقية والمعتقدات الدينية .
شرعية الانتخابات يقصد به " هو إن لا يحول بين أي مواطن وبين صندوق الاقتراع أي حائل من قبل الجهة المشرفة على سير الانتخابات سواء بالإكراه أو بالتزوير .. الخ" وتصبح الانتخابات غير شرعية عندما يحول بين فئة من الناخبين وبين صناديق الاقتراع , ويمنعوا من ممارسة حقهم في الانتخاب أما إذا امتنعت فئة سياسية أو حزبية أو دينية عن الاشتراك في الانتخابات مع وجود أسباب موضوعية لهذا الرفض , فهذا يعني أن الانتخابات غير شرعية .
ومن هنا يمكن حصر مجموعة العوامل التي أدت إلي انعدام الشرعية في الانتخابات العراقية وهي:-
1- العملية الانتخابية في ظل الاحتلال الأمريكي .
أن الانتخابات العراقية لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية تفتقد الي الشرعية من وجهة نظر القانون الدولي لعدة أسباب:- من بينها , أنها تجري في ظل وجود الاحتلال الأمريكي .
حيث أكد أحد الخبراء القانونيين بأن القوات الأمريكية تعتبر قوات مرتزقة لأنها جاءت بهدف تقويض نظام سياسي دستوري قائم, بغض النظر عن توجهاته ,ولم تأت بهدف رد اعتداء وقع عليها حتى نقول أنها قوات احتلال , ووفق هذا التعريف للوجود العسكري في العراق , فأن أي انتخابات تتم في ظل وجود وبأشراف تلك القوات هي انتخابات غير شرعية وفقا لنصوص القانون الدولي , حتى لو صدر قرار من مجلس الأمن يبيح أجراء مثل هذه الانتخابات , لأنه قرار مجلس الأمن بهذا الخصوص باطل بطلانا مطلقا , حيث الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار مثل هذا القرار هي الجمعية العامة لأمم المتحدة من اجل السلام.والطعن في عدم مشروعية قرار مجلس الأمن يأتي من كون أثنين من أعضائه الدائمين أصحاب حق الفيتو هما اللذان يحتلان العراق وبالتالي لا يحق لهما وفقا للقانون الدولي أن يكون الخصم والحكم في أن واحد.
ويري أحد الخبراء السياسيين , أنه لم يحدث في تاريخ العلاقات الدولية أن أجريت انتخابات في بلد ما وهي تحت الاحتلال , إلا إذا كان هناك هدفا . وبالتالي فان هذه الانتخابات باطلة طبقا لكل الأعراف الدولية, فضلا عن نصوص القانون الدولي , وبالتالي لا يوجد أي ضوابط تجعل من هذه الانتخابات شرعية مطلقا , لان الإحتلال يهدف من وراء إجراء تلك الانتخابات أن يحول شكل الاحتلال "من احتلال عن طريق القوة إلي احتلال عن طريق الدعوة ".
و الإشراف الكامل يكون للأمم المتحدة علي كافة خطوات العملية الانتخابية , مع إعلان الاحتلال عن جدول زمني محدد للانسحاب , تتوقف علي ضوئه المقاومة عن القيام بعمليات عسكرية لتسمح لقوات دولية وعربية بديله , لكي تحل محل قوات الاحتلال والمساعدة في استقرار الأوضاع الأمنية وتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
إن الولايات المتحدة لا تستطيع تقديم نفسها للشعب العراقي في صورة المحتل الغاصب للبلاد وثرواته فالاحتلال هو الاحتلال , مهما حاولت أن تقوم بعمليات تجميل , من خلال بعض الإصلاحات التي تسعي إلي القيام بها علي أنها إجراءات لا تنبع من رغبة صادقة في الإصلاح, بل هي تدور في إطار أجندة مصالح خاصة , فان إضفاء الشرعية الوطنية علي أي حكومة عراقية يعطي في نفس الوقت القوة لآي اتفاقيات تعقدها مع قوات الاحتلال سواء كانت اتفاقيات " عسكرية, سياسية, اقتصادية ...الخ" وهذا ما ترغب به الولايات المتحدة .
2- العملية الانتخابية في ظل تدهور الوضع الأمني
على الرغم من المخاوف التي أبدتها بعض الأحزاب السياسية العلمانية والإسلامية على حد سواء أن تدفع الأوضاع الأمنية المتدهورة في العراق بالكثير من العراقيين إلي الامتناع عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية. وأثر ذلك على نجاح أول تجربة انتخابية في عراق ما بعد صدام حسين , وكانت فكرة تأجيل الانتخابات العامة في العراق التي طالب بها "17" حزبا سياسيا ومنظمة مدنية قد اصطدمت برفض الحكومة العراقية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمرجعيات الدينية الشيعية بالإضافة إلي رفض الولايات المتحدة التي تحتل العراق .
وقد زاد الجيش الأمريكي يوم الانتخابات عدد أفراد قواته من 135 ألف إلي 150 ألفا , تاركا الجزء الأكبر من مهمة تامين مراكز الاقتراع لقوات الأمن العراقية التي يشوبها الضعف, ولكن فترة الانتخابات شهدت العديد من الهجمات والتفجيرات الأمر الذي تسبب في إحجام الكثير من الناخبين في أربعة من محافظات العراق والتي تضم نحو ربع سكان البلاد من التصويت وتشمل تلك الأقاليم مدينتين من بين أكبر ثلاث مدن عراقية "بغداد, والموصل" إلي جانب مدنيتي الفلوجة وكريت , حيث كان هناك إقبال كبير في المناطقة الشيعية والكردية وانخفاض كبير في المناطقة السنة .وقد قام الاحتلال الأمريكي قبل الانتخابات بأشهر بحملة تطهير واسعة في العديد من المناطق العراقية بحثا عن العناصر البعثية , ليس فقط المسؤليين السابقين الـ"55" التي شملتهم " القائمة السوداء " ولكن أيضا أكثر من 3000 آخرين شملتهم " قائمة رمادية".
3- المقاطعة الحزبية للعملية الانتخابية
شككت هيئة علماء المسلمين في العراق بشرعية الانتخابات التي جرت في العراق , حيث قال الدكتور" محسن عبد الحميد" رئيس الحزب الإسلامي العراقي , الذي قاطع الانتخابات " أن حزبه لن يعترف بالمجلس التشريعي الجديد , لأنه الانتخابات قاصرة بدون السنة الذين يشكلون ثلث العراقيين" .
ويأتي هذا الموقف من الحزب الإسلامي بعد رفض الهيئة للمشاركة في الانتخابات , وذلك حتى يتجنب التعرض للعزلة في الأوساط التي يستمد منها جماهيريته وتأييده . وقد يفسر غياب أهل السنة ومقاطعتهم للانتخابات في أمرين :
1- هيئة علماء المسلمين الأقرب إلي رأي الشارع والأوسع تأثيراً لاعتمادها على شبكة واسعة من رجال الدين السنة والتي يتخلص موقفها من الاحتلال في , أن المشكلة ليست في مشاركة السنة أو عدم مشاركتهم في الحكم , فالمشكلة في الاحتلال " فالاحتلال إذا بقي موجودا فانه قد يقصي أهل ألسنه وأن أهل السنة لم تشارك في العملية السياسية طالما بقي الاحتلال".
2- على الرغم من وجود هيئة تجمع أهل السنة , فغياب برنامج سياسي واضح للسنة حول مستقبل العراق , فضلا عن غياب هياكل تنظيمية على غرار الهياكل التنظيمية الموجودة لدي الشيعة والأكراد وذلك يعود إلي :-
أ- غياب الثقافة الطائفية لدي أهل السنة العرب بسبب عدم تعرضهم لتحدي طائفي أو مذهبي على مر العصور
ب- حاول النظام البعثي توظيف السياسة الطائفية في بعض الأحداث , خاصة بعد حرب الخليج الثانية حيث اعتمد بشكل أساس في منظومته الأمنية على السنة العرب, واعتقاد أهل السنة بأن النظام البعثي هو الذراع الواقي لهم في العراقمما جعل من الصعب أنشاء تنظيم سياسي أوساطهم .
ج - جعلت منظومة القيم الاجتماعية والدينية من الشخصية العربية السنية في العراق صعبة التنظيم والإنقاذ , حيث لم يخضع أبناء الوسط والمناطق الغربية ( وهم في الغالب من السنة العرب لمنظومة الإقطاع كما خضع لها أبناء الجنوب.
5- التدخل الإقليمي في العملية الانتخابية
أن لكل دولة من دول الجوار العراقي له امتداد في داخل العراق من خلال طائفة أو أكثر , فإيران لها امتداد داخل بعض التيارات الشيعية إن لن يكن جميعها , فهي تساند تياراً ضد تيار أخر. وكذلك تركيا وعلاقتها الوثيقة بتركمان العراق وإعلانها صراحة أنها تحميهم ضد الآخرين , بل أن بعض الأحزاب التركمانية تعلن صراحة ولاءها لتركيا . وسوريا والأردن والسعودية وإمكانية وجود علاقات مع ما يصطلح علية( المثلث السني ). هذه الأوضاع تجعل من دول الجوار لعب أساسي يؤثر بكل تأكيد في مستقبل العراق السياسي وخاصة عندما أذيعت بعض القنوات الفضائية بأن أعداد كبيرة من الإيرانيين , دخلوا إلي العراق بوثائق مزيفه علي أنهم عراقيون , واندسوا وسط الشعب العراقي . خاصة أن دوائر الأحوال المدنية تم حرقها بسجلاتها في أيام التي أعقبت السقوط النظام.
6- آلية إجراء الانتخابات
لقد شاب الآلية القانونية للإجراء الانتخابات قدر من عدم الشرعية ومن أهمها:-
1-أن قانون إدارة الدولة في عراق صادر عن الحكم الأمريكي " بول بريمر " دون الأخذ برأي الشعب , وبدون مناقشة , وبدون وجود مجلس شرعي منتخب , والذي بطبعة يفرغ " قانون الانتخابات " الذي هو جزء من قانون إدارة الدولة " من مضمونه الايجابي.
2- الأخذ بنظام القائمة الذي تجري على أساس الانتخابات العامة العراقية سيسمح لإيصال شخصيات لا يرضي عنها الناخبين من خلاله عبر وضعها في قائمة واحدة مع شخصيات أخري , محببة إليهم , فتجد نفسها مضطرة لاختيار الفئتين معا.يعتبر ذلك بمثابة قيد وارد على حرية الناخب في اختياره لممثليه .
3- تزوير الانتخابات يعتبر من أحد العوامل التي تطعن بشرعية العملية الانتخابية , ويتضح ذلك في مناطق الانتخابات السنية تحديداً مناطق المعارك المستمرة مع الاحتلال, خصوصا أن الجيش العراقي ( الحرس الوطني) تشكلت نواته من ميلشيات شيعية , الذين يعتقدون أن أهل السنة من أنصار الرئيس العراقي السابق .
4- جري تخصيص 25 مراقبا من منظمة الأمم المتحدة الدولية وصل منهم 7 مراقبين فقط للعراق , ويأتي ذلك عندما حاول الأمين العام للأمم المتحدة تقليل الآمال المعقودة على لعب الأمم المتحدة دورا مركزيا في الانتخابات العراقية مؤكدا أن دور المنظمة يتركز في دعم السلطات العراقية وتقديم النصح لها خلال تنظيمها للانتخابات مضيف قائلا " أن الجهات العراقية المعنية هي المسئولة عن الانتخابات " .
علما بان الأمم المتحدة هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يمكن أن يكون بمقدورها الإشراف الكامل على العملية الانتخابية ولكن غياب عدد من المراقبين قد يفسرها المعارضون أنها نيه مبيته للتزوير , وهذا يذكرنا بدور الأمم المتحدة عندما أشرفت على انتخابات انفصال إقليم تيمور الشرقية ذي الأغلبية المسيحية عن اندونيسيا في أغسطس 2001 , قسمت هذا الاقيلم إلي 12 منطقة انتخابية وخصصت له ما بين 300 الي 400 مشرف , رغم إن هذا الإقليم مساحته لا تتعدي ربع مساحة بغداد مما يدفع البعض للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية في العراق.



#منذر_حسن_أبودان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب السياسة العراقية وإعادة بناء الدولة
- مخاطر المشروع الفيدرالي العراقي


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر حسن أبودان - الأحزاب العراقية وعدم شرعية العملية الانتخابية